تقرير حقوقي: كأس العالم في روسيا ممزوج بدماء المدنيين السوريين

بينهم 1761 طفلاً قتلوا منذ تدخلها العسكري

غلاف التقرير الحقوقي حول كأس العالم في روسيا التي أسهمت في قتل وتشريد السوريين
غلاف التقرير الحقوقي حول كأس العالم في روسيا التي أسهمت في قتل وتشريد السوريين
TT

تقرير حقوقي: كأس العالم في روسيا ممزوج بدماء المدنيين السوريين

غلاف التقرير الحقوقي حول كأس العالم في روسيا التي أسهمت في قتل وتشريد السوريين
غلاف التقرير الحقوقي حول كأس العالم في روسيا التي أسهمت في قتل وتشريد السوريين

أصدرت الشبكة السورية لحقوق الإنسان تقريراً بعنوان «كأس العالم في روسيا ممزوج بدماء 6133 مدنياً سورياً قتلتهم روسيا»، وثَّقت فيه حصيلة أبرز الانتهاكات التي نفَّذتها القوات الروسية منذ تدخلها العسكري في سوريا في 30 سبتمبر (أيلول) 2015.
وجاء في التَّقرير أنه في الوقت الذي كانت فيه روسيا تُشيِّدُ الملاعب والفنادق والمشافي في إطار تنظيمها فعاليات كأس العالم، كانت طائراتها على بعد آلاف الكيلومترات من العاصمة الروسية تُدمِّر وتَطحن عشرات الآلاف من أبناء الشعب السوري، وهي بذلك شريك أساسي للنظام السوري في انتهاكاته الجسيمة، كما أنها - أي القوات الروسية - مُنفِّذ لانتهاكات جسيمة ارتكبتها على نحو مباشر.
وأكد التقرير أنَّ كأس العالم في روسيا فرصة مناسبة لتذكير العالم بالفظائع التي ارتكبتها في سوريا، وأنَّ الشبكة السورية لحقوق الإنسان تمتلك قاعدة بيانات واسعة تفصيلية لجميع الحوادث، والضحايا الذين قتلتهم القوات الروسية مع مختلف التفاصيل، وكانَ من أفظع ما قامت به القوات الروسية، بحسب التقرير، الاستهداف المتعمَّد لكثير من المشافي عبر صواريخ موجَّهة، والاستخدام الموسَّع للذخائر العنقودية، ومسح بلدات كاملة من على الخريطة في منطقة الغوطة الشرقية عبر مئات الطلعات الجوية المتكررة لأسراب من الطائرات.
وحدَّد التقرير 3 نقاط رئيسية تبلور حولها دور روسيا في مجلس الأمن فيما يتعلق بالشأن السوري، حيث شاركت روسيا بصفتها دولة دائمة العضوية في مجلس الأمن، بتهديد السِّلم والأمن في سوريا عبر قصف وحشي لم يسبق له مثيل، من حيث كثافته وعشوائيته بدلاً من أن تقوم مع بقية أعضاء مجلس الأمن بحماية الشَّعب السوري من عمليات القتل اليومية التي نفَّذها النظام السوري في الأيام الأولى للحراك الشعبي.
ومن جانب آخر، فقد قامت روسيا باستخدام حق النَّقض (الفيتو) 12 مرة ضدَّ أي قرار يُدين أو يحاصر أو يطالب بمحاسبة النظام السوري، وهذا ما شكَّل له حصانة مطلقة، ودفعه إلى تصعيد أشكال وأنواع القتل والتعذيب والقصف ومختلف أنواع الانتهاكات.
من جهة أخرى، أكد التَّقرير أنَّ التَّدخل الروسي بهدف ضرب تنظيم داعش وجبهة النصرة كان مبرراً لجميع عمليات القتل والتدمير العشوائي، في حين أنَّ العنف الوحشي غير المسبوق، الذي مارسه النظام السوري وحليفاه الإيراني والروسي ضدَّ المجتمع السوري، كان المتسببَّ الأساسي في نشوء وتقوية تنظيم داعش، بحسب التقرير.
وقدَّم التقرير إحصائية تتحدث عن مقتل ما لا يقل عن 6133 مدنياً، بينهم 1761 طفلاً، و661 امرأة على يد القوات الروسية، إضافة إلى ارتكابها ما لا يقل عن 317 مجزرة. ووفقَ التقرير فقد تم توثيق ما لا يقل عن 939 حادثة اعتداء على مراكز حيوية مدنيَّة بينها 167 على منشآت طبية، و140 على مساجد، و55 على أسواق.
كما ذكر أنَّ القوات الروسية ساندت مساندة تمهيدية أو مباشرة قوات النظام السوري في 3 هجمات كيماوية. وكانت إحدى أكبر تداعيات العمليات العسكرية الروسية مع حليفيها النظامين السوري والإيراني تعريض ما لا يقل عن 2.5 مليون شخص للتَّشريد القسري.



الحوثيون والرد الإسرائيلي المرتقب... حذر وترتيبات وتمسك بالتصعيد

لهب ودخان في ميناء الحديدة الخاضع للحوثيين عقب غارات إسرائيلية (رويترز)
لهب ودخان في ميناء الحديدة الخاضع للحوثيين عقب غارات إسرائيلية (رويترز)
TT

الحوثيون والرد الإسرائيلي المرتقب... حذر وترتيبات وتمسك بالتصعيد

لهب ودخان في ميناء الحديدة الخاضع للحوثيين عقب غارات إسرائيلية (رويترز)
لهب ودخان في ميناء الحديدة الخاضع للحوثيين عقب غارات إسرائيلية (رويترز)

تتمسك الجماعة الحوثية بالتصعيد ضد إسرائيل على الرغم من الضربات العنيفة التي وجهتها الأخيرة لـ«حزب الله» اللبناني، إلا أن الكثير من المؤشرات يوحي بأن الجماعة لجأت إلى المزيد من الحذر خوفاً من مواجهة المصير نفسه، مع استمرار طموحها للحصول على مكاسب من جولة الصراع الحالية في المنطقة.

وشهد الأسبوعان الماضيان؛ أي بعد مقتل أمين عام «حزب الله» اللبناني حسن نصر الله، استمرار الجماعة في إطلاق صواريخها ومسيراتها باتجاه إسرائيل، لكن على فترات متقطعة، بالتزامن مع هجماتها ضد السفن التجارية في البحر الأحمر والمحيط الهندي، في حين اكتفت إسرائيل بعملية هجومية وحيدة ضد الحوثيين.

حريق قرب تل أبيب تسبب به صاروخ تبنى الحوثيون إطلاقه منتصف سبتمبر الماضي (أ.ف.ب)

وتعود آخر عملية حوثية ضد إسرائيل إلى السابع من الشهر الحالي، حين أعلنت الجماعة عن «تنفيذ عمليتين عسكريتين؛ الأولى استهدفت منطقة يافا بصاروخين باليستيين، والأخرى استهدفت منطقتي يافا وأم الرشراش بعدة طائرات مسيرة نوع (يافا) و(صماد4)»، وهو الهجوم الذي اعترفت إسرائيل بحدوثه بالتزامن مع هجمات أخرى من غزة ولبنان.

وبينما يذهب الكثير من المراقبين الغربيين، ومنهم مايك نايتس، وهو باحث في معهد واشنطن لسياسة الشرق الأدنى، إلى أن الجماعة الحوثية تبدو وكأن لا شيء قد أوقفها، يزعم الكثير من المتابعين والمراقبين لصراع المنطقة أن إيران تخلت عن أذرعها في المنطقة ضمن صفقة لتحقيق مكاسب في الملف النووي والعقوبات الاقتصادية.

وينفي الباحث الاقتصادي اليمني يوسف شمسان المقطري أن تكون هناك صفقة غربية مع إيران تلزمها بالتخلي عن أذرعها في المنطقة، ويرجح أن يكون ما يحدث لـ«حزب الله» اللبناني من ضربات عنيفة ناتجاً عن سوء تقدير إيران للموقف منذ البداية، وأن ما يجري حالياً هو مقدمة لانهيار منظومتها في المنطقة مجاناً.

وستخسر إيران بعد ذلك حتى التفاوض على ملفاتها الاقتصادية والأمنية والسياسية والنووية، بما فيها رفع العقوبات، وفقاً لما قاله المقطري لـ«الشرق الأوسط»، وبسبب خسائرها في محور المواجهة المباشرة مع إسرائيل في فلسطين ولبنان، فإنها ستبحث عن الربح في الملف اليمني الذي سيبقى عالقاً بين مطامع أميركا وتهديدات إيران، لتكون شروط التهدئة صفقة مع إسرائيل، وأخرى مع المجتمع الدولي.

عناصر من الشرطة الإسرائيلية في موقع انفجار طائرة مسيرة حوثية في يوليو الماضي (إ.ب.أ)

ويُبدي العديد من اليمنيين خشيتهم من أن تستغل الجماعة الحوثية مواجهتها مع تل أبيب لتحقيق المزيد من النفوذ، وفرض المزيد من الجبايات على السكان الذي يعيشون إحدى أسوأ الأزمات الإنسانية في العصر الحديث، إضافة إلى انتهازها الفرصة لتجنيد عشرات الآلاف من المقاتلين، خصوصاً من الأطفال، وفق ما دأبت عليه.

تعويض في اليمن

يرى المقطري، وهو باحث يمني متخصص في اقتصاد الحرب، أن هذه الصفقة ستسمح ببقاء الجماعة الحوثية عامل ابتزاز لدول الجوار في هذا الملف، ليدفع اليمنيون ثمن انهيار الوجود الإيراني في لبنان وسوريا، وبحث إيران عن تعويض خسائرها، والذي لن يكون متاحاً مع الانهيار الدراماتيكي المتسارع لـ«حزب الله»، والذي أفقدها قوة التفاوض في الوقت الحالي في ظل نشوة الانتصارات الإسرائيلية المتلاحقة.

ويعدّ الكثير من المتابعين الأراضي اليمنية الواقعة تحت سيطرة الجماعة الحوثية ساحة أثيرة لإيران لإعادة ترتيب وموضعة صفوف أذرعها في المنطقة، في حال استمرت مساعي إسرائيل نحو تصفية «حزب الله» وإنهاء نفوذه في لبنان.

لهب ودخان في ميناء الحديدة الخاضع للحوثيين عقب غارات إسرائيلية (رويترز)

وينبه الأكاديمي اليمني محمد الحميري، الباحث في العلاقات الدولية، إلى أن الفترات الزمنية المتباعدة بين الهجمات التي تنفذها الجماعة الحوثية ضد إسرائيل، لا تعني أنها تخلت عن المعركة؛ إذ إنها أعلنت عن مراحل متعددة ومتصاعدة من الهجمات، وتهديدها بالمزيد من المفاجآت والتصعيد.

وبحسب إجابات الحميري عن تساؤلات «الشرق الأوسط»، فإن مواجهة الجماعة الحوثية مع إسرائيل لا تقتصر على استغلال الموقف لصالحها دعائياً وإعلامياً، بل يتجاوز ذلك إلى إثبات وجودها وتعزيز نفوذها، خصوصاً أن الجماعة تثبت مع الوقت امتلاكها الكثير من القدرات التي لم تتمكن التحالفات الدولية من القضاء عليها، ما سيعزز من رغبتها في تحقيق المزيد من المكاسب.

وكان زعيم الجماعة الحوثية أعلن أن الهجوم الصاروخي الذي نفذته جماعته، منتصف الشهر الماضي، بصاروخ على تل أبيب، يأتي في إطار المرحلة الخامسة من التصعيد، متوعداً بالمزيد.

وأعلنت إسرائيل حينها عن إسقاط الصاروخ في منطقة بعيدة عن الأحياء السكنية، لكنها اعترفت بتسببه في حرائق واسعة، وتوعدت حينها على لسان رئيس وزرائها بنيامين نتنياهو الجماعة بدفع «ثمن باهظ»، مذكّراً إياها بالضربات على ميناء الحديدة في 20 يوليو (تموز) الماضي.

أولويات إسرائيل

توعدت إسرائيل الجماعة الحوثية أكثر من مرة، آخرها كان بعد مقتل نصر الله والهجوم الحوثي بصاروخ باليستي استهدف عاصمتها تل أبيب، وحينها أعلن الجيش الإسرائيلي أن وقت الجماعة سيأتي، واستهدف عقب ذلك التهديد بأقل من يوم منشآت عدة تحت سيطرة الجماعة، غالبيتها ذات طابع اقتصادي مدني، مثل محطات الوقود والكهرباء.

ويتوقع المحلل السياسي اليمني فارس البيل لـ«الشرق الأوسط» أن الجماعة الحوثية تسعى، من خلال هجماتها على إسرائيل، إلى إثبات استمرارها في معركتها المزعومة معها، بعد أن شعرت بضغوط من أنصارها نتيجة تراجع هجماتها ضد إسرائيل بعد استهداف الطيران الإسرائيلي ميناء الحديدة في يوليو الماضي، إلى جانب محاولة رد الدَّيْن لـ«حزب الله» الذي قدم لها الكثير من المساعدات والخبرات.

وينفي البيل أن تكون الجماعة الحوثية بصدد الدخول في مواجهة مباشرة مع إسرائيل، لكنها في موازاة ذلك تسعى لحفظ ماء وجه محور المقاومة أمام الضربات الإسرائيلية المتواصلة.

أنصار الحوثيين في حشد بصنعاء يندد بمقتل حسن نصر الله زعيم «حزب الله» اللبناني (أ.ف.ب)

وينوه الباحث اليمني صلاح علي صلاح، إلى أن هناك فرقاً بين إعلان الجماعة عن هجماتها، واعترافات إسرائيل بهذه الهجمات؛ فالأولى تتحدث عن امتلاكها صواريخ فرط صوتية، بينما تنفي الثانية وجود هذه الصواريخ مع الجماعة الحوثية، وهو ما يوحي بدخول المواجهة مرحلة الحرب التكنولوجية.

ويرجح صلاح في إفادته لـ«الشرق الأوسط» أن يتأخر الرد الإسرائيلي على الجماعة الحوثية إلى مرحلة ما من المواجهة مع أذرع إيران في المنطقة، بحسب أولويات إسرائيل التي لن تدع هجمات الجماعة عليها تمر دون انتقام.

فبحسب صلاح، لدى إسرائيل مهام منظورة في فلسطين وغزة ولبنان، قبل الانتقال إلى تصفية الجماعات الموالية لإيران والتابعة لها في سوريا، ثم الانتقال بعد ذلك للتعامل مع مثيلاتها في العراق، قبل أن تتجه فعلياً نحو اليمن، وذلك بحسب القرب الجغرافي، ما لم يحدث ما يستدعي تغيراً في هذا النهج.

واستبعد أن تكون العمليات الحوثية مجرد استعراض فقط، بل إن الجماعة تسعى فعلاً لمساندة «حزب الله» الذي قدم لها الكثير من الخدمات على المستوى اللوجيستي والخبرات التدريبية، إلى جانب الخدمات السياسية والإعلامية، فضلاً عن إدراكها أن إضعاف «حزب الله» سيؤثر عليها بالتبعية، وأن إسرائيل ستتفرغ للانتقام منها لاحقاً.