إسرائيل ترفض التعاون مع لجنة التحقيق الدولية في غزة

أقامت طاقم فحص داخلياً للتهرب من التزاماتها

TT

إسرائيل ترفض التعاون مع لجنة التحقيق الدولية في غزة

أعلنت الحكومة الإسرائيلية، أمس الاثنين، رفضها لقرار مجلس حقوق الإنسان التابع للأمم المتحدة، القاضي بتشكيل لجنة تحقيق في المجازر التي ارتكبتها ضد المدنيين المشاركين في مسيرات العودة في قطاع غزة. وللتملص من التزاماتها الدولية هذه، قررت تشكيل طاقم في الشرطة العسكرية الإسرائيلية يتولى مهمة فحص الأحداث.
وأوضح مصدر في مجلس حقوق الإنسان، أنه في حال إصرار إسرائيل على موقفها ومنع رجالها من الوصول إلى قطاع غزة عبر مطار تل أبيب، فإن المحققين التابعين للمجلس سيدخلون غزة بطرق أخرى (عن طريق مصر).
وقد تلقفت حركة حماس هذا الموقف، وردت عليه بالقول إن «رفض الاحتلال الإسرائيلي تشكيل لجنة تحقيق دولية بشأن مجزرة نقل السفارة التي ارتكبها في الذكرى السبعين لنكبة فلسطين، دليل على تورطه في جريمة حرب نفذها بحق السلميين الأبرياء». وقال المتحدث باسم حركة حماس، عبد اللطيف القانوع، في تصريح صحافي مقتضب، إن رفض الاحتلال تشكيل اللجنة يؤكد على وحشيته وإمعانه في قتل شعبنا وإرهابه، وضرب الاحتلال بعرض الحائط المؤسسات الدولية والأممية، واستخفافه بقراراتها.
وكان المجلس الأممي تبنى الجمعة الماضي، بتأييد 29 صوتاً ومعارضة اثنين وامتناع 14 عن التصويت، قراراً يدعو إلى إرسال لجنة دولية مستقلة بشكل طارئ، «للتحقيق في الانتهاكات وحالات سوء المعاملة المفترضة، بإطار الهجمات العسكرية التي نُفذت خلال المظاهرات المدنية الكبرى التي بدأت في 30 مارس (آذار) 2018 في غزة». وعبرت الخارجية الإسرائيلية عن موقف تل أبيب الرسمي، عبر بيان عممته على وسائل الإعلام، جاء فيه: «ترفض إسرائيل تماماً قرار مجلس حقوق الإنسان التابع للأمم المتحدة، تشكيل لجنة تحقيق بأحداث غزة». وزعمت أن قرار المجلس يثبت، مرة أخرى، أنه «هيئة ذات أغلبية تلقائية معادية لإسرائيل يسيطر عليها النفاق والعبث». قائلة إن «نتائج لجنة التحقيق التي قرر المجلس تشكيلها معروفة مسبقا، وهي تنعكس في صياغة القرار نفسه. ومن الواضح للجميع أن هدف المجلس ليس التحقيق في الحقيقة، بل انتهاك حق إسرائيل في الدفاع عن نفسها وتشويه صورتها».
المعروف أن إسرائيل كانت قد زعمت أنه من مجموع 62 فلسطينيا قتلوا، كان هناك 24 شخصا ينتمون بشكل أو بآخر لحركة حماس. ولكن نائب رئيس حركة حماس، صالح البردويل، راح يتباهى بأن 50 شخصا منهم ينتمون إلى حماس. فاستغلت إسرائيل هذا التصريح وراحت تبرر بذلك هجومها. وهي ترفض رفضا قاطعا أي ادعاء بأن قواتها الأمنية والعسكرية تعمل بشكل غير قانوني في تنفيذ مهمتها لما وصفته بـ«الدفاع عن حدود إسرائيل ومواطنيها».
وفي تبريرها للرفض والتملص من مسؤوليتها والتزاماتها الدولية، تذرعت إسرائيل بالقول: «لدى دولة إسرائيل نظام قانوني مستقل وعادل، وهو بدأ بالفعل في دراسة الأحداث في غزة، كما هو معتاد، وإسرائيل ترفض أي محاولة فرض آلية خارجية بدوافع سياسية غير لائقة».



إرغام تربويين في صنعاء على تلقي برامج تعبئة طائفية

مسؤولون تربويون في صنعاء يخضعون لتعبئة حوثية (إعلام حوثي)
مسؤولون تربويون في صنعاء يخضعون لتعبئة حوثية (إعلام حوثي)
TT

إرغام تربويين في صنعاء على تلقي برامج تعبئة طائفية

مسؤولون تربويون في صنعاء يخضعون لتعبئة حوثية (إعلام حوثي)
مسؤولون تربويون في صنعاء يخضعون لتعبئة حوثية (إعلام حوثي)

أوقفت الجماعة الحوثية عشرات القادة والمسؤولين التربويين في العاصمة المختطفة صنعاء عن العمل، وأحالتهم إلى المحاسبة تمهيداً لفصلهم من وظائفهم، بعد أن وجّهت إليهم تهماً برفض حضور ما تُسمى «برامج تدريبية» تُقيمها حالياً في صنعاء وتركّز على الاستماع إلى سلسلة محاضرات لزعيمها عبد الملك الحوثي.

وفي سياق سعي الجماعة لتعطيل ما تبقى من مؤسسات الدولة تحت سيطرتها، تحدّثت مصادر تربوية في صنعاء لـ«الشرق الأوسط»، عن إرغام الجماعة أكثر من 50 مسؤولاً وقيادياً تربوياً يشملون وكلاء قطاعات ومديري عموم في وزارة التعليم الحوثية على الخضوع لبرامج تعبوية تستمر 12 يوماً.

ملايين الأطفال في مناطق سيطرة الحوثيين عُرضة لغسل الأدمغة (رويترز)

وبموجب التعليمات، ألزمت الجماعة القادة التربويين بحضور البرنامج، في حين اتخذت إجراءات عقابية ضد المتغيبين، وكذا المنسحبون من البرنامج بعد انتهاء يومه الأول، لعدم قناعتهم بما يتمّ بثّه من برامج وأفكار طائفية.

وكشفت المصادر عن إحالة الجماعة 12 مديراً عاماً ووكيل قطاع تربوي في صنعاء ومدن أخرى إلى التحقيق، قبل أن تتخذ قراراً بإيقافهم عن العمل، بحجة تخلفهم عن المشاركة في برنامجها التعبوي.

وجاء هذا الاستهداف تنفيذاً لتعليمات صادرة من زعيم الجماعة وبناء على مخرجات اجتماع ترأسه حسن الصعدي المعيّن وزيراً للتربية والتعليم والبحث العلمي بحكومة الانقلاب، وخرج بتوصيات تحض على إخضاع التربويين لبرامج تحت اسم «تدريبية» على ثلاث مراحل، تبدأ بالتعبئة الفكرية وتنتهي بالالتحاق بدورات عسكرية.

توسيع التطييف

تبرّر الجماعة الحوثية إجراءاتها بأنها رد على عدم استجابة التربويين للتعليمات، ومخالفتهم الصريحة لما تُسمّى مدونة «السلوك الوظيفي» التي فرضتها سابقاً على جميع المؤسسات تحت سيطرتها، وأرغمت الموظفين تحت الضغط والتهديد على التوقيع عليها.

وأثار السلوك الحوثي موجة غضب في أوساط القادة والعاملين التربويين في صنعاء، ووصف عدد منهم في حديثهم لـ«الشرق الأوسط»، ذلك التوجه بأنه «يندرج في إطار توسيع الجماعة من نشاطاتها الطائفية بصورة غير مسبوقة، ضمن مساعيها الرامية إلى تطييف ما تبقى من فئات المجتمع بمن فيهم العاملون في قطاع التعليم».

عناصر حوثيون يرددون هتافات الجماعة خلال تجمع في صنعاء (إ.ب.أ)

واشتكى تربويون في صنعاء، شاركوا مكرهين في البرامج الحوثية، من إلزامهم يومياً منذ انطلاق البرنامج بمرحلته الأولى، بالحضور للاستماع إلى محاضرات مسجلة لزعيم الجماعة، وتلقي دروس طائفية تحت إشراف معممين جرى استقدام بعضهم من صعدة حيث المعقل الرئيس للجماعة.

ويأتي تحرك الجماعة الحوثية لتعبئة ما تبقى من منتسبي قطاع التعليم فكرياً وعسكرياً، في وقت يتواصل فيه منذ سنوات حرمان عشرات الآلاف من المعلمين من الحصول على مرتباتهم، بحجة عدم توفر الإيرادات.

ويتحدث ماجد -وهو اسم مستعار لمسؤول تعليمي في صنعاء- لـ«الشرق الأوسط»، عن تعرضه وزملائه لضغوط كبيرة من قبل مشرفين حوثيين لإجبارهم بالقوة على المشاركة ضمن ما يسمونه «برنامجاً تدريبياً لمحاضرات زعيم الجماعة من دروس عهد الإمام علي عليه السلام لمالك الأشتر».

وأوضح المسؤول أن مصير الرافضين الانخراط في ذلك البرنامج هو التوقيف عن العمل والإحالة إلى التحقيق وربما الفصل الوظيفي والإيداع في السجون.

يُشار إلى أن الجماعة الانقلابية تركز جُل اهتمامها على الجانب التعبوي، عوضاً الجانب التعليمي وسط ما يعانيه قطاع التعليم العمومي من حالة انهيار وتدهور غير مسبوقة.