في وسط زخم وطفرة المسلسلات الرمضانية، تضج الدراما الخليجية لهذا العام بأحداث تحمل صبغة واقعية تنم عن حيثيات الحياة اليومية سواء في حقبة زمنية حالية أم غابرة. ويعتلي منصة المسلسلات لهذا العام المسلسل السعودي «العاصوف» الذي يعرض عبر شاشة «إم بي سي»، من سيناريو الكاتب الراحل عبد الرحمن الوابلي، وبطولة وإشراف الممثل السعودي ناصر القصبي بدور أكثر جدية من أدواره السابقة وإن كان يمرر إسقاطات كوميدية مبطنة. ويجسد المسلسل حقبة السبعينات بدءاً من عام 1390هـ (1970)، حيث النمط البسيط للحياة من علاقات أسرية وعاطفية مختلسة، في فترة كان يعيش السعوديون بأريحية أكثر سواء عبر التزاور أو المهن التي كانوا يزاولونها، أو حتى مشاهدتهم للأفلام المصرية في السينما.
وقد أثار المسلسل بدءاً من حلقته الأولى صخباً حيال طريقة استقراء تلك المرحلة الحياتية، إلا أنه يصف بتدرج مدى تأثير الحركات السياسية القادمة من الخارج بأسلوب ذكي غير مباشر بانسيابية ودون تنظير لا حاجة فيه. ويؤجج من ذلك المؤثرات البصرية المستخدمة والتلاعب بالإضاءات والألوان الباهتة من جهة، والثياب التقليدية المختارة للرجال والنساء القاطنين في بيوت وحواري شعبية بسيطة، فيما يوحي بأن ذلك هو الطابع العام وأجواء فترة السبعينات. فيما تتسلل إلى الحبكة الدرامية الحركات الدينية والسياسية القادمة من الخارج، سواء من خلال ظهور الشيخ ذي اللكنة السورية في الحلقة الأولى من المسلسل وهو يخرج من المسجد ليشرع بالحديث مع الآخرين، ويناقش فيما بعد القضية الفلسطينية بحماسة مفرطة، فيما ينسج الآخر رسالة عاطفية في حجرة تحمل صورة جمال عبد الناصر. في إيحاء لمدى تأثر السعودية بالتوجهات القادمة من الخارج من خلال الأساتذة والوعاظ مثل ما حدث مع حركة الإخوان المسلمين والناصرية. الأمر الذي يشي بحدوث هزة أو «عاصوف» يغير من الطبيعية الحياتية للمجتمع آنذاك.
من جهة أخرى تستمر الممثلة الكويتية المخضرمة حياة الفهد في تجسيد المجتمع الكويتي والتأزم المجتمعاتي من خلال مسلسلها بقالبه المختلف «مع حصة قلم» من كتابة علي الدوحان، والذي يبث عبر شاشة دبي، لتبدأ أحداثه ببداية سوداوية تغمغم فيها من داخل زنزانة تعكس مدى شقائها بأن «حتى الحبر جف»، وهي تعبر عن امتعاضها لاحتباسها على الرغم من براءتها ورغبتها في استرجاع تفاصيلها الحياتية من خلال كتابتها. الكتابة التي اعتادت عليها في قصاصات ملونة وصفتها بأنها لولاها لباتت حياتها بيضاء خالية من أي أحداث ذات أهمية، ليتضح فيما بعد اضطرارها للكتابة من أجل التذكر بعد أن أصيبت بما يبدو بأنه «ألزهايمر». مثل هذا الاستقراء للأحداث القادمة حمل طابع التأزم الوجودي للشخصية المحورية «حصة» كامرأة يحفها البؤس والضياع، وتنجح حياة الفهد في تقمص شخصية حصة واستنطاقها، دون تصنع أو تقتير في التعبير عن الشخصية المحورية. وتتناثر مسلسلات خليجية أخرى مثل «محطة انتظار» و«عطر الروح» لتسترسل في التطرق في تجسيد الهم الاجتماعي الخليجي والعلاقات الأسرية المتناقضة التي ترفل بالتقاليد والأعباء الناتجة عن طبيعة المجتمع الخليجي.
«الدراما» الخليجية تجسد الواقع وتكتسح في سباق رمضان
مسلسل «العاصوف» السعودي يعتلي المنصة
«الدراما» الخليجية تجسد الواقع وتكتسح في سباق رمضان
لم تشترك بعد
انشئ حساباً خاصاً بك لتحصل على أخبار مخصصة لك ولتتمتع بخاصية حفظ المقالات وتتلقى نشراتنا البريدية المتنوعة