طهران: أوروبا لا تفعل ما يكفي لحفظ الاتفاق بعد خروج ترمب

نقاش محتدم في البرلمان الإيراني حول قوانين غسل الأموال وتمويل الإرهاب

وزير الخارجية الإيراني محمد جواد ظريف لدى استقباله المفوض الأوروبي للطاقة ميغيل إرياس كانيتي في طهران أمس
وزير الخارجية الإيراني محمد جواد ظريف لدى استقباله المفوض الأوروبي للطاقة ميغيل إرياس كانيتي في طهران أمس
TT

طهران: أوروبا لا تفعل ما يكفي لحفظ الاتفاق بعد خروج ترمب

وزير الخارجية الإيراني محمد جواد ظريف لدى استقباله المفوض الأوروبي للطاقة ميغيل إرياس كانيتي في طهران أمس
وزير الخارجية الإيراني محمد جواد ظريف لدى استقباله المفوض الأوروبي للطاقة ميغيل إرياس كانيتي في طهران أمس

أبلغ وزير الخارجية الإيراني محمد جواد ظريف مفوضَ الاتحاد الأوروبي للطاقة إرياس كانيتي، أمس، بأن الاتحاد لا يفعل ما يكفي في ظل الظروف الحالية للحفاظ على مكتسبات إيران من الاتفاق النووي بعد خروج واشنطن، فيما قدمت الحكومة، أمس، 4 مشروعات تهدف إلى تمرير قوانين حول غسل الأموال وتمويل الإرهاب وهو ما يواجه معارضة بسبب ما يعد تهديدا ضد «الحرس الثوري».
وأجرى ظريف أمس مفاوضات مع المفوض الأوروبي للطاقة ميغيل إرياس كانيتي في ثاني أيام زيارته إلى طهران، وأشار الوزير الإيراني إلى «زيادة توقعات (طهران) من الاتحاد الأوروبي من أجل الحفاظ على مكاسب الاتفاق عقب إعلان ترمب الخروج من الاتفاق». وأضاف في هذا الإطار أن «الدعم السياسي الأوروبي للاتفاق لا يكفي».
وأفادت «رويترز» عن إرياس كانيتي بعد اجتماعات استمرت يومين مع مسؤولين إيرانيين في طهران: «علينا الحفاظ على هذا الاتفاق حتى لا نتفاوض على اتفاق جديد»، مضيفا أن «رسالتنا واضحة... هذا اتفاق نووي يحقق المرجو منه».
ونقلت الوكالة عن ظريف قوله: «إعلان شركات أوروبية كبرى احتمال انسحابها من تعاونها مع إيران لا يتسق مع التزام الاتحاد الأوروبي بتنفيذ (الاتفاق النووي)».
بدوره، جدد مستشار المرشد الإيراني للشؤون الدولية علي أكبر ولايتي أمس انتقاداته للدول الأوروبية، قائلا إنها «تكيل بمكيالين»، وأشار إلى أن «التناقض في مواقف المسؤولين الأوروبيين مثير للشك».
واحتج ولايتي على الدول الأوروبية التي تسعى وراء علاقات اقتصادية مع طهران بينما ترفض تلك الدول تقديم ضمانات تطالب بها إيران عقب انسحاب ترمب من الاتفاق النووي. وقال ولايتي إن تلك الدول تقول إنه «ليس من المقرر أن نقف بوجه الولايات المتحدة».
وشدد ولايتي على أن «موقف إيران الحازم ورد على لسان المرشد (على خامنئي) بأن تأخذ ضمانات حول عدم إلحاق أضرار بالاتفاق النووي» حسب ما نقلت عنه وكالة «تسنيم».
وقبل اللقاء كان ظريف قد توجه برفقة مستشار الأمن القومي الإيراني علي شمخاني إلى البرلمان أمس للرد على أسئلة النواب خلف الأبواب المغلقة حول تحديات ما بعد الاتفاق النووي وانضمام إيران إلى اتفاقیة غسل الأموال ومكافحة تمويل الإرهاب.
وأفادت وكالة «إيسنا» الحكومية عن رئيس لجنة العمران في البرلمان محمد رضا كوتشي بأن وزير الخارجية الإيراني شرح مستقبل الاتفاق النووي بعد الخروج الأميركي، موضحا مواقف الدول الأوروبية من الاتفاق و«مدى إمكانية مقاومة تلك الدول الإجراءات الأميركية والتجاوب مع المطالب الإيرانية».
وبحسب البرلماني الإيراني، فإن السؤال المطروح في إيران هو حول أساس القضية والتحدي الرئيسي للشركات الأوروبية وقبولها توصيات الحكومات الأوروبية. ويتخوف الإيرانيون من أن ترفض الشركات الخاصة التعامل مع إيران تحت ضغوط الدول الأوروبية وأن تأخذ العقوبات الأميركية بعين الاعتبار. ويتابع كوتشي أن السؤال المطروح في إيران هو هل يملك الأوروبيون القدرة على مواجهة ومقاومة الولايات المتحدة أم لا.
وأشار ظريف في البرلمان إلى أن المطالب الإيرانية من الدول الأوروبية هي تقديم ضمانات لحصول إيران على سلة اقتصادية تتجاوب مع الحاجة الإيرانية شرطا لدخول مفاوضات من دون المساس بالخطوط الحمر.
وقدم ظريف شرحا للبرلمان حول «التعهدات» الأوروبية في الاتفاق النووي والمطالب الإيرانية. وطالب البرلمانيين بالصبر لاختبار المواقف الأوروبية والحصول على الضمانات المطلوبة.
ويشكك الإيرانيون في قدرة الأوروبيين على مقاومة الضغوط الأميركية، كما يبدون شكوكا حول قدرة تلك الدول على إقناع الشركات الكبرى بالتجاوب مع دعواتها للتعامل مع الجانب الأوروبي.
وحاول ظريف إقناع البرلمان بالتصويت بإيجابية على مشروع الحكومة الإيرانية للانضمام إلى اتفاقية مكافحة تمويل الإرهاب.
وبشأن الجدل الدائر حول انضمام إيران إلى اتفاقية مراقبة الأموال ومكافحة غسل الأموال وتمويل الإرهاب (فاتف)، قال إن «إيران تعارض التعريف الأوروبي للإرهاب الذي قد يدرج (حزب الله) و(الحرس الثوري) ضمن المجموعات الإرهابية».
وكان البرلمان الإيراني ناقش أمس 4 مشروعات مثيرة للجدل حول انضمام إيران إلى مجموعة «فاتف». وكشف نائب رئيس البرلمان علي مطهري عن إجراء مباحثات مع مكتب المرشد الإيراني، قبل أن يكشف للصحافيين أمس تفاصيل خطاب شمخاني أمام البرلمان حول انضمام إيران إلى مجموعة مراقبة المال الدولية «فاتف».
ونقلت وكالات عن مطهري قوله إن البرلمان شهد نقاشا محتدما بين النواب الموافقين والمعارضين لمشروع الحكومة.
في غضون ذلك، أشار مطهري إلى قناعة إيران بالمفاوضات التي أجراها وزير الخارجية الإيراني الأسبوع الماضي في بروكسل مع وزراء خارجية فرنسا وبريطانيا وألمانيا، إلا أنه ذكر في الوقت نفسه أن مستقبل الاتفاق النووي سيتحدد خلال الأسابيع الثلاثة المقبلة، مشيرا إلى «شرخ بين أوروبا والولايات المتحدة».
والمشروعات الأربعة هي: «مشروع الانضمام إلى اتفاقية مكافحة الجريمة المنظمة» و«مشروع انضمام إيران لاتفاقية مكافحة تمويل الإرهاب» و«مشروع تعديل قانون غسل الأموال» و«مشروع قانون مكافحة تمويل الإرهاب».
وأفاد موقع البرلمان نقلا عن المتحدث باسم رئاسة البرلمان بهروز نعمتي، بأن شمخاني أبلغ نواب البرلمان بأنه لا صلة بين مجموعة «فاتف» والمشروعات الأربعة، وطمأن شمخاني النواب إلى أن الحكومة عملت على رفع جميع ملاحظات «مركز أبحاث البرلمان ومجلس الأمن القومي و«مكتب المرشد الإيراني».



قائد «الحرس الثوري»: يجب استخلاص العبر... وسوريا ليست مكاناً للتدخل الأجنبي

سلامي متحدثاً خلال مراسم في طهران أمس (دانشجو)
سلامي متحدثاً خلال مراسم في طهران أمس (دانشجو)
TT

قائد «الحرس الثوري»: يجب استخلاص العبر... وسوريا ليست مكاناً للتدخل الأجنبي

سلامي متحدثاً خلال مراسم في طهران أمس (دانشجو)
سلامي متحدثاً خلال مراسم في طهران أمس (دانشجو)

قال قائد قوات «الحرس الثوري» الإيراني حسين سلامي إن سوريا تمثل «درساً مريراً لإيران» و«ليست مكاناً للتدخل الأجنبي»، متوعداً إسرائيل بـ«دفع ثمن باهظ»، وذلك في ثالث خطاب له منذ سقوط بشار الأسد وانسحاب قواته من سوريا.

ودعا سلامي إلى استخلاص العبر مما حدث في سوريا؛ في إشارة إلى الإطاحة بنظام الأسد على يد قوى المعارضة، وكذلك القصف الإسرائيلي الذي تعرضت له سوريا، وقال: «سوريا درس مرير لنا، ويجب أن نأخذ العبرة».

وأنفقت إيران مليارات الدولارات لدعم بشار الأسد خلال الحرب، ونشرت قوات «الحرس الثوري» في سوريا لإبقاء حليفها في السلطة منذ اندلاع الحرب الأهلية في عام 2011.

ودافع سلامي مرة أخرى، عن تدخل قواته في سوريا. ونقلت وكالة «فارس» التابعة لـ«الحرس الثوري» عن سلامي قوله، في هذا الصدد، «رأى الجميع أنه عندما كنا هناك، كان الشعب السوري يعيش بكرامة؛ لأننا كنا نسعى لرفع عزتهم».

وصرح سلامي في مراسم تقديم جائزة قاسم سليماني: «لم نذهب لضم جزء من أراضي سوريا إلى أراضينا، ولم نذهب لنجعلها ميداناً لتحقيق مصالحنا الطموحة».

وتطرق إلى الهجمات الإسرائيلية التي طالت مواقع الجيش السوري في الأيام الأخيرة بعد سقوط نظام بشار الأسد، وقال: «حين سقط النظام السوري، رأينا ما يحدث من أحداث مؤسفة. الصهاينة أصبحوا قادرين على رؤية ما بداخل بيوت أهل دمشق من دون الحاجة إلى أسلحة؛ وهذا أمر لا يمكن تحمله».

وقال: «الآن ندرك أنه إذا لم يصمد الجيش ولم تقاوم القوات المسلحة، فإن البلاد بأكملها قد تُحتل في لحظة»، وأعرب عن اعتقاده بأن «الناس في دمشق يفهمون قيمة رجال المقاومة، ويدركون كم هم أعزاء عندما يكونون موجودين، وكيف ستكون الكارثة إذا غابوا».

وأشار سلامي إلى تصريحات المرشد علي خامنئي بشأن سوريا قبل أيام، وقال: «كما قال قائدنا، فإن سوريا ستحرر على يد شبابها الأبطال، وستدفع إسرائيل ثمناً باهظاً، وستدفن في هذه الأرض».

ورأى أن هذا الأمر «يتطلب وقتاً وصموداً عظيماً وعزماً راسخاً وإيماناً جميلاً»، عاداً ذلك من صفات من وصفهم بـ«الشباب المجاهدين في العالم الإسلامي».

وقال سلامي: «نحن ندافع بحزم عن أمننا واستقلالنا ونظامنا ومصالحنا وتاريخنا وديننا. هذه الأرض ليست أرضاً يمكن للغرباء أن ينظروا إليها بنظرة غير لائقة».

وتحدث سلامي الأسبوع الماضي مرتين إلى نواب البرلمان وقادة قواته. وكان أول ظهور لسلامي الثلاثاء أمام المشرعين الإيرانيين في جلسة مغلقة، لم يحضرها إسماعيل قاآني، مسؤول العمليات الخارجية في «الحرس الثوري»، ونقل نواب إيرانيون قوله إن إيران «لم تضعف» إقليمياً.

أما الخميس، فقد تحدث سلامي أمام مجموعة من قادة قواته، وقال: «البعض يّروج لفكرة أنَّ النظام الإيراني قد فقد أذرعه الإقليمية، لكن هذا غير صحيح، النظام لم يفقد أذرعه». وأضاف: «الآن أيضاً، الطرق لدعم (جبهة المقاومة) مفتوحة. الدعم لا يقتصر على سوريا وحدها، وقد تأخذ الأوضاع هناك شكلاً جديداً تدريجياً».

وتباينت رواية سلامي مع رئيس البرلمان، محمد باقر قاليباف، الذي تحدث بدوره الخميس، عن «الاختلال في العمق الاستراتيجي للقوى المرتبطة بالجمهورية الإسلامية»، رغم أنه توقع أن يتمكن «حزب الله» من التكيف مع الظروف الجديدة.

جاءت تصريحات سلامي، الأحد، في وقت ركزت وسائل إعلام «الحرس الثوري» على حملتها في تبرير الوجود الإيراني خلال الحرب الداخلية السورية، وكذلك سقوط نظام بشار الأسد وتداعياته على إيران وأذرعها الإقليمية.

بعد صمت دام أكثر من 48 ساعة من قبل الإعلام الإيراني إزاء الاحتفالات التي عمت سوريا، وخصوصاً دمشق، بسقوط النظام، كما لم تنشر أي من الصحف الإيرانية صوراً على صفحاتها الأولى من الاحتفالات، أبرزت عدد من الصحف في المقابل آثار القصف الإسرائيلي على مواقع عسكرية سورية، وصوراً من كبار المسؤولين في تركيا، والمعارضة السورية.

على المستوى الرسمي ألقت إيران منذ أولى لحظات سقوط الأسد، اللوم على الجيش السوري، وتركيا والولايات المتحدة وإسرائيل في سقوط حليفها.

قاآني خلال تشييع الجنرال عباس نيلفروشان في طهران 15 أكتوبر 2024 (أ.ب)

خالي الوفاض

قال النائب إسماعيل كوثري، مسؤول الملف العسكري في لجنة الأمن القومي، إن «بشار الأسد كان خالي الوفاض ولم يتمكن من كسب رضا الجيش».

وصرح كوثري، وهو قيادي في «الحرس الثوري»، بأن بشار الأسد «فشل في كسب دعم الجيش بسبب افتقاره للموارد وضعف الدعم، ما أدى إلى انهيار الجيش». وأكد أن الاتصال مع إيران استمر حتى اللحظة الأخيرة، لكن بعض المحيطين بالأسد، مثل رئيس الوزراء وبعض قادة الجيش، عرقلوا هذا التواصل.

وأوضح كوثري أن سوريا كانت نقطة عبور وطريقاً مهماً لدعم «حزب الله»، ولكن بعد رفض الحكومة السورية السماح بالدخول، لم تتمكن إيران من التدخل بالقوة. وأضاف أنه خلال فترة «داعش»، دخلت إيران سوريا بناءً على طلب رسمي وساهمت في القضاء على التنظيم، ما حال دون تمدده نحو الحدود الإيرانية.

وتحدث عن الوضع الحالي، مشيراً إلى أن سوريا ما زالت تحت سيطرة «الكيان الصهيوني وأميركا وعملائهم». وبشأن المستقبل، توقع ظهور خلافات «بين القوى التي اجتمعت بأموال أميركية»، مما سيدفع الشعب السوري إلى إدراك الخداع والبحث عن جهات قادرة على تحقيق الأمن وتحسين الاقتصاد.

ملصقات تحمل صورة زاهدي ونائبه محمد هادي حاجي رحيمي خلال مجلس عزاء في السفارة الإيرانية بدمشق أبريل الماضي (أ.ف.ب)

خسائر «الحرس الثوري»

في سياق متصل، قال الجنرال مهدي فرجي، الذي شارك في الحرب السورية، في حديث لوكالة «فارس»، إن إيران بدأت في إرسال القوات «الاستشارية» منذ 2011، مشدداً على ضرورة «تفسير الأوضاع التي كانت في سوريا حينذاك».

وبرر فرجي وجود إيران بظهور تنظيم «داعش» ومنع وصولها إلى حدود إيران. وأشار إلى دور مسؤول العمليات الخارجية السابق قاسم سليماني، الذي قضى في ضربة أميركية مطلع 2020، وقال: «تنسيق الجيش السوري كان عملاً ذا قيمة كبيرة، حينها لم يكن الجيش السوري ملوثاً إلى هذا الحد، ولكن خلال هذه السنوات العشر، أصبح تأثير العدو على الجيش السوري كاملاً».

كما أشار فرجي إلى الدعم الذي قدمه الرئيس السوري السابق، حافظ الأسد إلى طهران، في الحرب الإيرانية - العراقية في الثمانينات قرن الماضي. وقال: «لقد أرسلت ذخائر بناء على أمر حافظ الأسد»، ونقل عن بشار الأسد قوله: «حافظ الأسد أوصى ابنه بشار قائلاً: طالما أنكم مع إيران، فأنتم موجودون».

وقال فرجي إن الشباب تحت الـ30 شكلوا 90 في المائة من القوات الإيرانية، ونحو 10 في المائة من المحاربين القدامى في حرب الثمانينات؛ في إشارة إلى قادة «الحرس».

وقال إن «الشباب شكلوا أكثر من 90 في المائة من 540 قتيلاً في الدفاع عن الأضرحة».

وهذه أول مرة قيادي من «الحرس الثوري» يشير إلى مقتل أكثر 500 إيراني في الحرب السورية. وهي نسبة أقل بكثير مما أعلنه نائب إيراني الأسبوع الماضي عن مقتل أكثر من ستة آلاف.

وقال النائب محمد منان رئيسي، وهو مندوب مدينة قم، إن إيران خسرت 6000 من قواتها في الحرب الداخلية السورية. وهي أعلى إحصائية يكشف عنها مسؤول إيراني لعدد قتلى القوات التي أطلق عليها مسؤولون إيرانيون اسم «المدافعين عن الأضرحة».

وتعود أعلى إحصائية إلى 2017، عندما أعلن رئيس منظمة «الشهيد» الإيرانية محمد علي شهيدي، مقتل 2100 عنصر من القوات الإيرانية في سوريا والعراق.

ويرفض «الحرس الثوري» تقديم إحصائيات واضحة عن خسائره البشرية والمادية.