مع انطلاقها في أربعينات القرن الماضي، استقطبت السينما أعداداً كبيرة من المشاهدين، وكانت بمثابة ثورة في عالم الترفيه. وكان المشاهدون يستعدّون بشغف للذهاب إليها ومشاهدة ما تقدّمه من أفلام وإن كانت بسيطة وشحيحة جداً. ومع انتشار أجهزة التلفزة بعد عقود طويلة، خفّ هذا الإقبال على صالاتها، ولكنّه لم ينقطع وليس هناك من مخاوف لزوال صالاتها في جميع أنحاء العالم.
تشهد قنوات التلفزة اليوم، بما تعرضه من أفلام ومسلسلات تحديداً، تهديدات من قبل الشركة العالمية نتفليكس التي قد تسحب البساط من تحتها، لما تقدّمه من تسهيلات في اختيار المشاهد لأي فيلم أو مسلسل يريد متحكماً بالزمان والمكان وعدد الحلقات التي يرغب مشاهدتها.
واليوم، مع سرعة هذا التطوّر في عالم التكنولوجيا وتعدّد تطبيقات وسائل التسلية والترفيه التي تقدّمها شركات عملاقة على منصة الإنترنت، أسئلة كثيرة تُطرح، «هل ربحت نتفليكس الحرب فعلاً؟». يطرح هذا السؤال نفسه في أروقة القنوات التلفزيونية، أو في الاستوديوهات الكبيرة أو الشركات التكنولوجية، أو في كواليس مهرجان «كان» أو في المكاتب الوزارية.
شبّهت صحيفة «لوموند» الفرنسية، شركة «نتفليكس»، بالبوفيه المفتوح، إذ تلبي رغبات الجمهور، وحرية اختياره لما لذّ وطاب له من الأفلام والمسلسلات بمبلغ 10 يورو شهرياً.
شهدت أسهم نتفليكس، في الأشهر الثلاثة الأولى من هذا العام، ارتفاعاً كبيراً بنحو 7.4 ملايين مشترك جديد، وارتفعت مبيعاتها إلى 43 في المائة مقارنة بعام 2017. وتحاول الشركة اليوم الاستفادة من هذه المبالغ لتحسين الخدمة. وقد وصلت المكاسب إلى 11.6 مليار دولار (9.8 مليار يورو) مقابل 886 مليون يورو، سيُنفق منها 8 مليارات دولار هذا العام لتحسين الخدمة، ولديها الآن نحو 125 مليون مشترك، 3.5 مليون منهم في فرنسا.
فكرة نتفليكس بحد ذاتها مبهرة وذكية، وتشبه عالم هوليوود وديزني، وقد استطاعت الشركة في عام مضاعفة رأسمالها ليصبح 143 مليار دولار، لكنّ الرّقم هذا يبقى بعيدا عن أرباح «فيسبوك» (528 مليارا) أو أمازون (24 مليارا)، إلّا أنّ الشركة باتت قوية كالتطبيقين، واستطاعت أن تطغى على «سناب تشات» و«تويتر». وهي توازي اليوم «ديزني» (149 مليارا) و«تايم وورنر» (72 مليارا)، أو «سي بي أس» (19 مليارا).
يردّ ريد هاستينغز الرئيس التنفيذي للشركة على سؤال الصحيفة الفرنسية، عن مدى استهداف نتفليكس للمشتركين، فيقارنها بـ«الخدمات المجانية مثل (فيسبوك) و(يوتيوب) التي تحتوي من مليار إلى ملياري مستخدم حول العالم» مضيفاً: «يعمل في الشركة التي تتّخذ من سيليكو فالي خمسة آلاف موظف، ومقرّها في سيليكو فالي في كاليفورنيا، وفي لوس أنجليس هناك 1100 شخص مسؤولين عن ترتيب المسلسلات والأفلام، وتأمينها على نتفليكس».
واليوم «تريد الشركة أن يراها الناس على أنّها أول استوديو عالمي»، يقول إريك بارماك، نائب رئيس الإنتاج الدولي، ويضيف: «نحن أوّل منصة تلفزيونية عالمية. وقد استثمرنا اليوم نحو مليار يورو لنوسّع بالتالي انتشارنا في أوروبا».
ينظر الجمهور إلى نتفليكس على أنّها شركة مهمة، وحتى في الدول العربية، حيث لا يزال انتشارها خجولاً، وهناك محاولات لإنتاج محتوى في 16 دولة وبـ16 لغة، من بينها العربية التركية. وتقارن نتفليكس نفسها بـ«ستيف جوبس» وخطوته الكبيرة التي قدّمها في عالم التواصل، إنّما من أجل التسلية والترفيه.
هدف الشركة الانتشار في أوروبا. في عام 2018 أعلنت أنّها ستستثمر مليار يورو في البرامج التي تمتلك حصرية بثّها. ولـ«نتفليكس» حسب «لوموند» الكثير من المشترين الذين يريدون شراء حصص فيها من سنغافورة وطوكيو وساو باولو ومومباي، وليس من شركة أميركية استطاعت التوّسع مثلها بهذه السرعة.
من جانبه، أفاد مايكل باشتر محلل ويدبوش للأوراق المالية Wedbush Securities، وهو أيضاً من بين المشككين بسياسة الشركة قائلاً إنّ «نتفليكس تُنفق أموالاً أكثر من مدخولها، وهذا الأمر لن يكون صحّياً للشركة اقتصاديا، وهي اليوم تحاول إنشاء محتوى في كل بلاد العالم». وأضاف: «يتزايد أفق المنافسة يومياً معها، وستواجه حالياً منافسة كبيرة من استوديو ديزني وكوم كاست اللذين يحاولان إعادة شراء فوكس لمواجهتها، خصوصا أن نتفليكس قد وجّهت الأنظار إليها وألهمت استديوهات أخرى بالسير على خطاها، مثل (إتش بي أو) أو (سي بي إس). ستزداد المنافسة ولن تحقق نتفليكس أرباحا كما كانت في السابق».
هل تقتل «نتفليكس» التلفزيون كما عرفناه؟
الشركة تشهد ارتفاعا غير مسبوق في أسهمها وتتوسع في أوروبا وأميركا
هل تقتل «نتفليكس» التلفزيون كما عرفناه؟
لم تشترك بعد
انشئ حساباً خاصاً بك لتحصل على أخبار مخصصة لك ولتتمتع بخاصية حفظ المقالات وتتلقى نشراتنا البريدية المتنوعة