المستشعرات الكيميائية... مجال واعد يستقطب الباحثين العرب

السعودية ومصر الأبرز في التطبيقات

مستشعر يحاكي جلد الإنسان ابتكره الباحث السعودي أحمد الفاضل
مستشعر يحاكي جلد الإنسان ابتكره الباحث السعودي أحمد الفاضل
TT

المستشعرات الكيميائية... مجال واعد يستقطب الباحثين العرب

مستشعر يحاكي جلد الإنسان ابتكره الباحث السعودي أحمد الفاضل
مستشعر يحاكي جلد الإنسان ابتكره الباحث السعودي أحمد الفاضل

في أوائل السبعينات من القرن الماضي، وخلال مهمة عمل إلى الولايات المتحدة الأميركية، قرأ سعد حسن، أستاذ الكيمياء بجامعة عين شمس، تقريراً أعدته لجنة الأمن القومي للرئيس الأميركي، ويتضمن 7 مجالات توصي اللجنة بأن تهتم بها أميركا بحثيا إذا أرادت أن تسود العالم، وكان من بين هذه المجالات المستشعرات الكيميائية.

أنواع المستشعرات
وتستخدم المستشعرات أو ما يحلو للبعض أن يسميها «المجسات» لتقدير تركيزات بعض العناصر، سواء كان ذلك في وسط بيولوجي (الدم) أو وسط بيئي (الهواء - المياه)، وتوجد منها أنواع مختلفة أحدها كهربائي، يستشعر العنصر المراد الكشف عنه بقياس فرق الجهد، والآخر ضوئي يعطي إشارة لونية عند التعرف على العنصر المراد الكشف عنه، والآخر يعرف بـ«مستشعر عن بعد»، ويستخدم في الميادين العامة وبعض البيئات مثل البحار والأنهار، ويقيس وجود مواد معينة ويرسل بالنتائج مباشرة إلى غرفة تحكم.
يقول الدكتور حسن لـ«الشرق الأوسط» إن «هذه الآلية برعت فيها دول غربية مختلفة، ولذا تصدرها للدول العربية لنا بمبالغ طائلة». وأضاف أنه «اكتشف أثناء وجوده في أميركا أن البراعة فيها لا تعتمد على الإمكانيات قدر اعتمادها على العقل البشري». وقد طور بالفعل مستشعرا بديلا بثمن 30 دولارا بعد تعرفه على الخامات التي يصنع منها مستشعر لتقدير نسبة الفلوريد كان بسوق بمبلغ 300 دولار.
وحسن رائد مدرسة بحثية مصرية تخرج فيها عشرات الطلاب الذين تملأ أبحاثهم الدوريات العلمية في مجال المستشعرات الكيميائية، ومنهم الباحث محمد منصور، بمعهد بحوث الحيوان، الذي تحدث عن آلية عمل المستشعر قائلا لـ«الشرق الأوسط»: إنه «يتم تحميل المستشعرات على دعامات تم تصنيعها من البلاستيك أو الكربون تسمى بالأقطاب الكهربائية (الإلكترود)، ثم يتم توصيل الدعامات بجهاز مقياس فرق الجهد، الذي يتكون من قطبين، أحدهما المستشعر والآخر قطب قياس، وفي حال تعرف المستشعر على العنصر المراد الكشف عنه، ينشأ فرق في الجهد على سطح القطب الكهربائي، يشير إلى وجود هذا العنصر».
وعلى ذلك يجب أن تكون المادة المستخدمة كمستشعر موصلة للكهرباء، وهو ما تحقق في البوليمرات الذكية التي شارك منصور في تحضيرها مع فريق بحثي لاستخدامها في فصل وإزالة «الإنثراسين» وعائلته من المركبات المسرطنة بشكل فعال من المياه الملوثة بها، حيث تعد تلك المادة من أخطر الملوثات البحرية المسرطنة للأسماك والناتجة عن نقل وتكرير المواد البترولية في المسطحات الإقليمية، ونشر هذا البحث في دورية تكنولوجيا البوليمرات المتقدمة.

مستشعرات الأمراض
وإذا كان منصور وزملاؤه من الباحثين عمدوا إلى تصنيع بوليمر موصل للكهرباء واستخدامه كمستشعر، فقد ذهب فريق بحثي من مدينة زويل في اتجاه مختلف، وهو إكساب مادة «الكيتوزان» خاصية التوصيل الكهربي لتقوم بهذه المهمة.
ويقول إبراهيم الشربيني أستاذ علوم النانو والمواد، والمدير المشارك لمركز علوم المواد بمدينة زويل للعلوم والتكنولوجيا، ورئيس الفريق البحثي لـ«الشرق الأوسط» إنه «من بين ما يقرب من 5 ملايين بحث أجريت على مادة الكيتوزان، لم تتطرق إحداها إلى استخدامها كمستشعر حيوي للكشف عن الأمراض، لأن هذه المادة المليئة بالمزايا مثل مقاومتها للبكتريا وانعدام السمية بها وقابليتها للتحلل في الجسم دون أن تسبب له الأضرار، وقمنا بتطوير جسيمات نانوية تتكون بشكل أساسي من مادة الكيتوزان، وتم تدعيم هذه الجسيمات بقضبان نانوية معدنية مثل الذهب والفضة، ومن ثم استخدامه كمستشعر حيوي للكشف عن مستوى السكر في الدم، ونشر هذا البحث بدورية Royal Society of Chemistry Advances قبل عامين.
ومن الإنجازات البحثية في مجال المستشعرات الكيميائية، ذلك المستشعر الذي أنتجه أيمن حلمي أستاذ الكيمياء بكلية علوم عين شمس، والذي يغني حال استخدامه عن جهاز يستخدم في الاختبارات التقليدية للكشف عن المخدرات بالدم، ويعرف باسم «كروماتوغرافيا السائلة».
ويقول حلمي لـ«الشرق الأوسط»: «المستشعر الجديد يستهدف اختبار وجود مادة (ديسكترو ميس أورسان) في الدم، كمؤشر على التعاطي، وهذا أسهل وأوفر من الاعتماد على جهاز آخر يتعدى ثمنه مليون جنيه، ونشر هذا البحث في دورية Materials Science and Engineering».

تصاميم سعودية
وحققت جهات عربية أخرى نجاحات في مجال المستشعرات الكيميائية، ومنها المدرسة السعودية في جامعة الملك عبد الله للعلوم والتقنية، التي حفر باحثوها أسماءهم في هذا المجال عبر عشرات الأبحاث، ومن بين المستشعرات الهامة لهذه المدرسة، تلك التي أشرف على إنتاجها عاطف شميم، أستاذ الهندسة الكهربائية بالجامعة، تتعلق بالرصد البيئي، وهي من نوعية الاستشعار عن بعد.
ونقل الموقع الإلكتروني للجامعة عن شميم قوله، إنه ابتكر مستشعرات منخفضة التكلفة يتم نشرها في المناطق عالية المخاطر تكون متصلة لاسلكياً ببعضها بعضا بعدد قليل من العُقد الثابتة (منصات مركزية) والتي تعمل على تشغيل الإنذار.
وأوضح في تقرير نشره موقع الجامعة، أن هذا النظام الذكي يستطيع الكشف عن الغازات الضارة والتغيرات الحاصلة في درجة الحرارة والرطوبة، وهي إمكانيات يمكن أن تحدث ثورة في تقنيات المراقبة والرصد البيئي، على حد وصفه.
وطورت نفس الجامعة مستشعرا آخر، لمحاكاة وظائف الشعور الموجودة في جلد الإنسان، وذلك بهدف قياس الضغط، واللمس، والحرارة، والرطوبة، وتدفق الدم، ومستويات الأس الهيدروجيني.
ونقل الموقع الإلكتروني للجامعة عن مبتكر المستشعر أحمد الفاضل قوله إن ابتكاره عبارة عن جلد صناعي تم تصنيعه من مواد بوليمرية، تحمل أهدابا مغناطيسية بحجم النانو يوضع فوقها عنصر قادر على استشعار المجال المغناطيسي، وبالتالي الكشف عن أي انحناءات بسيطة لهذه الأهداب عند تعرضها لمؤثر خارجي.



دراسة أسترالية: ارتفاع درجات الحرارة يتباطأ داخل المدن الكبرى الملوثة

دراسة أسترالية: ارتفاع درجات الحرارة يتباطأ داخل المدن الكبرى الملوثة
TT

دراسة أسترالية: ارتفاع درجات الحرارة يتباطأ داخل المدن الكبرى الملوثة

دراسة أسترالية: ارتفاع درجات الحرارة يتباطأ داخل المدن الكبرى الملوثة

إن مسألة ما إذا كان الانحباس الحراري العالمي يتسارع، هي مسألة مثيرة للجدال بشدة بين علماء المناخ، ففي حين زعم ​​البعض أن معدل الانحباس الحراري الحالي -الذي بلغ أعلى مستوى له على الإطلاق في العام الماضي- يرتبط ارتباطاً وثيقاً بزيادة انبعاثات الوقود الأحفوري وبالتالي يتماشى مع نماذج المناخ الحالية؛ يُحذر آخرون من أن الأرض أضحت أكثر حساسية لتأثيرات الوقود الأحفوري مما كان يُعتقد سابقاً، وأن البشرية تتجه نحو نقاط تَحوّل لا يمكن العودة منها.

وتيرة ارتفاع الحرارة أقل داخل مومباي والقاهرة

في دراسة حديثة، زادت مجموعة من الباحثين من جامعة ملبورن تعقيد هذا النقاش من خلال تحليل معدلات الانحباس الحراري في جميع أنحاء العالم والأسباب المحتملة للاختلافات الإقليمية.

النتيجة الرئيسية التي توصلوا إليها: تزداد حرارة الكرة الأرضية بمعدل أسرع، لكن هذا التسارع يحدث بشكل غير متساوٍ. ولكن من المثير للدهشة أن المناطق ذات الكثافة السكانية العالية مع التركيزات الكبيرة من الفقر -المدن الكبرى مثل القاهرة ومومباي-ـ ترتفع درجة حرارتها ببطء أكثر من المراكز الحضرية في أوروبا وأميركا الشمالية.

دقائق الهباء الجوي تعكس أشعة الشمس

لماذا؟ وجد الباحثون أن الكمية الكبيرة من دقائق الهباء الجوي في الهواء في المدن شديدة التلوث تعكس ضوء الشمس إلى الفضاء، وعلى الأقل في الأمد القريب، يمكن أن يكون لها تأثير تبريدي صافٍ على السكان.

وأشادت إديث دي جوزمان، المتخصصة في سياسة التكيف في مركز لوسكين للابتكار بجامعة كاليفورنيا في لوس أنجليس، بالباحثين، على عملهم.

وأكد مؤلفو الورقة البحثية أن النتيجة لا ينبغي أن تؤخذ على أنها علامة جيدة. فمن ناحية، من المرجح أن تكون مؤقتة فقط. وثانياً، تأتي الحماية، كما هي، فقط من الملوثات الضارة. ووافقت دي جوزمان على هذا الاستنتاج، قائلةً إن الاحترار المتسارع يعني أن «السكان الذين هم بالفعل عُرضة بشكل صارخ لمجموعة متنوعة من الظلم البيئي والمناخي سوف يكونون أكثر عرضة للخطر».

التخلص من التلوث الجوي يزيد الحرارة

ومع تطور البلدان اقتصادياً، تميل حكوماتها إلى تبني سياسات لتنقية البيئة من التلوث، ولكن مع صفاء الهواء، سوف تتعرض الفئات السكانية الضعيفة لخطر التعرض للحرارة الشديدة. وقد قدم كريستوفر شوالم، مدير برنامج المخاطر في مركز «وودويل لأبحاث المناخ»، مثال الصين، حيث بدأت الحكومة في تجهيز محطات الطاقة التي تعمل بالفحم بتقنيات الحد من الانبعاثات مثل أجهزة التنظيف، لمنع السخام من التسرب من المنشأة. وقال إن مثل هذه التدابير جيدة لجودة الهواء، لكنها ستسمح بتسرب مزيد من الحرارة من الشمس.

الفقر يزيد تأثيرات ارتفاع الحرارة

وسوف يكون الأكثر تضرراً هم أولئك الذين لا يستطيعون الوصول إلى مكيفات الهواء والمناطق المظللة. وأضاف شوالم: «كلما كنت أكثر فقراً، ارتفعت درجة الحرارة، حيث تكون الحرارة استعارة لجميع أشكال اضطراب المناخ».

وأوضح شوالم أن المجتمع العلمي لديه نحو ثلاثين نموذجاً مناخياً متطوراً للغاية يُنظر إليه بشكل جماعي على أنه «لجنة من الخبراء» حول مسار الانحباس الحراري العالمي. يعتقد أن دراسة الاحترار المتسارع مفيدة لأنها يمكن أن تساعد البلدان على التخطيط لتدابير التكيف مع المناخ وفهم مدى واقعية أهداف سياسة المناخ الحالية -أو عدمها.

تغيرات مناخية مؤثرة

في العام الماضي، لم يحقق العالم أهداف الانبعاثات من اتفاقية باريس لعام 2015، وهو في طريقه لفعل نفس الشيء هذا العام. أصبح العلماء أكثر صراحةً بشأن ما تسمى وفاة التزام اتفاقية باريس بالحفاظ على العالم دون زيادة في درجة الحرارة بمقدار 1.5 درجة مئوية (2.7 درجة فهرنهايت)، في محاولات لإجبار صناع السياسات على التعامل مع حتمية موجات الحر المتفاقمة والأحداث الجوية المتطرفة القادمة.

يقدم مؤلفو ورقة ملبورن رؤى مطلوبة بشدة حول شكل المستقبل وكيف يجب على الدول الاستعداد: «يجب أن تشجع نتائجهم «استراتيجيات التكيف مع المناخ المستهدفة» الموجهة إلى أفقر المجتمعات الحضرية في جميع أنحاء العالم.

* مجلة «فاست كومباني»، خدمات «تريبيون ميديا».