الصدر من قائد فصيل قاتل الأميركيين إلى راعٍ لمكافحة الفساد

مقتدى الصدر (رويترز)
مقتدى الصدر (رويترز)
TT

الصدر من قائد فصيل قاتل الأميركيين إلى راعٍ لمكافحة الفساد

مقتدى الصدر (رويترز)
مقتدى الصدر (رويترز)

أعاد رجل الدين الشيعي الشعبوي مقتدى الصدر، الذي فاز تحالفه بالانتخابات التشريعية العراقية، تقديم نفسه راعياً لمكافحة الفساد المستشري في البلاد، بعد سنوات من قيادة فصيل مسلح قاتل الأميركيين.
ومنذ ثلاث سنوات، يتظاهر أنصار الصدر جنباً إلى جنب مع الشيوعيين، أعدائهم السابقين، ضد طبقة سياسية فاسدة وغير قابلة للإصلاح منذ 15 عاماً. وحسب وكالة الصحافة الفرنسية، يطرح الصدر المستدير الوجه والذي غزا الشيب لحيته، نفسه بطلاً للإصلاح في بلد يحتل المرتبة الـ12 على لائحة البلدان الأكثر فساداً في العالم.
وشكر الصدر في تغريدة على «تويتر»، بعد وقت قصير من إعلان النتائج النهائية من لجنة الانتخابات فجر أمس، الناخبين على ثقتهم وتعهد بعدم خذلانهم. وقال: «صوتكم شرف لنا أمانة في أعناقنا»، حسبما أوردت وكالة الأنباء الألمانية (د.ب.أ). وتابع: «فقد انتصر العراق والإصلاح بأصواتكم... ولن نخيبكم... والعتب كل العتب على من خذل العراق والإصلاح ممن كنا نظن بهم خيراً».
ولد الصدر الذي يقول مقربون إنه سريع الغضب وقليل الابتسام، في 12 أغسطس (آب) 1973 في الكوفة جنوب بغداد. وهو نجل محمد محمد صادق الصدر، أبرز رجال الدين الشيعة المعارضين للرئيس الأسبق صدام حسين الذي قتله مع اثنين من أبنائه في عام 1999. ووالد مقتدى هو أحد أبناء عم محمد باقر الصدر المفكر البارز الذي أعدمه صدام مع شقيقته نور الهدى في عام 1980.
وحسب وكالة الصحافة الفرنسية، منح هذا النسب المرموق اندفاعة لمقتدى اعتباراً من عام 2003، حين برز اسمه بعدما أسس وحدات مسلحة تضم عشرات الآلاف من الشبان الشيعة تحت اسم «جيش المهدي».
وسرعان ما خاضت هذه الميليشيا معارك ضد القوات الأميركية في النجف في أغسطس 2004، أدت إلى مقتل ما لا يقل عن ألف من أنصار الصدر الذي اعتبرته وزارة الدفاع الأميركية في عام 2006 من أكبر التهديدات التي تعوق استقرار العراق.
توارى الصدر أواخر عام 2006 ولم يُعرف مكان إقامته حتى عودته إلى حي الحنانة في النجف حيث مقر إقامته في بداية عام 2011، ليتبين لاحقاً أنه أمضى أكثر من أربعة أعوام في مدينة قم الإيرانية لمتابعة دروس في الحوزة الدينية. لكن «جيش المهدي» خاض معارك قاسية مع القوات الأميركية والحكومية العراقية ربيع عام 2008 في البصرة ومدينة الصدر، قبل أن يأمر مقتدى الصدر في أغسطس 2008 بحل هذه الميليشيا من دون أن يتخلى عن تأكيد معاداته «للاحتلال الأميركي».
ويتمتع الصدر بشعبية واسعة في أوساط فقراء الشيعة، وخصوصاً في مدينة الصدر ذات الكثافة السكانية العالية في بغداد.
وعاش الصدر فترات من الانسحاب ظاهرياً من الحياة العامة، وتكريس نفسه لمزيد من الدراسة في حوزة النجف، ودعوة أنصاره علناً إلى الاعتصام خارج المنطقة الخضراء الشديدة التحصين في بغداد.
والمعروف أن شخصية الصدر ونهجه موضع إشكال لدى إيران والولايات المتحدة على حد سواء. فإذا كانت واشنطن لا تنسى «جيش المهدي»، فإن طهران لا تنسى بدورها المواقف العدائية لسليل آل الصدر المعروفين بزعامتهم الدينية ذات الاحترام الواسع. ويقول المحلل السياسي العراقي عصام الفيلي، إن «للصدر مقبولية وقواعد شعبية واسعة، ومن يمتلك الشارع يشكل مصدر قلق لكثير من الأطراف».



رسائل السيسي لـ«طمأنة» المصريين تثير تفاعلاً «سوشيالياً»

الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي خلال مشاركته الأقباط الاحتفال بعيد الميلاد (الرئاسة المصرية)
الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي خلال مشاركته الأقباط الاحتفال بعيد الميلاد (الرئاسة المصرية)
TT

رسائل السيسي لـ«طمأنة» المصريين تثير تفاعلاً «سوشيالياً»

الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي خلال مشاركته الأقباط الاحتفال بعيد الميلاد (الرئاسة المصرية)
الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي خلال مشاركته الأقباط الاحتفال بعيد الميلاد (الرئاسة المصرية)

حظيت رسائل «طمأنة» جديدة أطلقها الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي، خلال احتفال الأقباط بـ«عيد الميلاد»، وأكد فيها «قوة الدولة وصلابتها»، في مواجهة أوضاع إقليمية متوترة، بتفاعل واسع على مواقع التواصل الاجتماعي.

وقال السيسي، خلال مشاركته في احتفال الأقباط بعيد الميلاد مساء الاثنين، إنه «يتابع كل الأمور... القلق ربما يكون مبرراً»، لكنه أشار إلى قلق مشابه في الأعوام الماضية قبل أن «تمر الأمور بسلام».

وأضاف السيسي: «ليس معنى هذا أننا كمصريين لا نأخذ بالأسباب لحماية بلدنا، وأول حماية فيها هي محبتنا لبعضنا، ومخزون المحبة ورصيدها بين المصريين يزيد يوماً بعد يوم وهو أمر يجب وضعه في الاعتبار».

السيسي يحيّي بعض الأقباط لدى وصوله إلى قداس عيد الميلاد (الرئاسة المصرية)

وللمرة الثانية خلال أقل من شهر، تحدث الرئيس المصري عن «نزاهته المالية» وعدم تورطه في «قتل أحد» منذ توليه المسؤولية، قائلاً إن «يده لم تتلوث بدم أحد، ولم يأخذ أموال أحد»، وتبعاً لذلك «فلا خوف على مصر»، على حد تعبيره.

ومنتصف ديسمبر (كانون الأول) الماضي، قال السيسي في لقاء مع إعلاميين، إن «يديه لم تتلطخا بالدم كما لم تأخذا مال أحد»، في إطار حديثه عن التغييرات التي تعيشها المنطقة، عقب رحيل نظام بشار الأسد.

واختتم السيسي كلمته بكاتدرائية «ميلاد المسيح» في العاصمة الجديدة، قائلاً إن «مصر دولة كبيرة»، مشيراً إلى أن «الأيام القادمة ستكون أفضل من الماضية».

العبارة الأخيرة، التي كررها الرئيس المصري ثلاثاً، التقطتها سريعاً صفحات التواصل الاجتماعي، وتصدر هاشتاغ (#مصر_دولة_كبيرة_أوي) «التريند» في مصر، كما تصدرت العبارة محركات البحث.

وقال الإعلامي المصري، أحمد موسى، إن مشهد الرئيس في كاتدرائية ميلاد المسيح «يُبكي أعداء الوطن» لكونه دلالة على وحدة المصريين، لافتاً إلى أن عبارة «مصر دولة كبيرة» رسالة إلى عدم مقارنتها بدول أخرى.

وأشار الإعلامي والمدون لؤي الخطيب، إلى أن «التريند رقم 1 في مصر هو عبارة (#مصر_دولة_كبيرة_أوي)»، لافتاً إلى أنها رسالة مهمة موجهة إلى من يتحدثون عن سقوط أو محاولة إسقاط مصر، مبيناً أن هؤلاء يحتاجون إلى التفكير مجدداً بعد حديث الرئيس، مؤكداً أن مصر ليست سهلة بقوة شعبها ووعيه.

برلمانيون مصريون توقفوا أيضاً أمام عبارة السيسي، وعلق عضو مجلس النواب، محمود بدر، عليها عبر منشور بحسابه على «إكس»، موضحاً أن ملخص كلام الرئيس يشير إلى أنه رغم الأوضاع الإقليمية المعقدة، ورغم كل محاولات التهديد، والقلق المبرر والمشروع، فإن مصر دولة كبيرة وتستطيع أن تحافظ علي أمنها القومي وعلى سلامة شعبها.

وثمّن عضو مجلس النواب مصطفى بكري، كلمات السيسي، خاصة التي دعا من خلالها المصريين إلى التكاتف والوحدة، لافتاً عبر حسابه على منصة «إكس»، إلى مشاركته في الاحتفال بعيد الميلاد الجديد بحضور السيسي.

وربط مصريون بين عبارة «مصر دولة كبيرة» وما ردده السيسي قبل سنوات لقادة «الإخوان» عندما أكد لهم أن «الجيش المصري حاجة كبيرة»، لافتين إلى أن كلماته تحمل التحذير نفسه، في ظل ظهور «دعوات إخوانية تحرض على إسقاط مصر

وفي مقابل الكثير من «التدوينات المؤيدة» ظهرت «تدوينات معارضة»، أشارت إلى ما عدته تعبيراً عن «أزمات وقلق» لدى السلطات المصرية إزاء الأوضاع الإقليمية المتأزمة، وهو ما عدّه ناجي الشهابي، رئيس حزب «الجيل» الديمقراطي، قلقاً مشروعاً بسبب ما تشهده المنطقة، مبيناً أن الرئيس «مدرك للقلق الذي يشعر به المصريون».

وأوضح الشهابي، في تصريحات لـ«الشرق الأوسط»، أنه «رغم أن كثيراً من الآراء المعارضة تعود إلى جماعة الإخوان وأنصارها، الذين انتعشت آمالهم بعد سقوط النظام السوري، فإن المصريين يمتلكون الوعي والفهم اللذين يمكنّانهم من التصدي لكل الشرور التي تهدد الوطن، ويستطيعون التغلب على التحديات التي تواجههم، ومن خلفهم يوجد الجيش المصري، الأقوى في المنطقة».

وتصنّف السلطات المصرية «الإخوان» «جماعة إرهابية» منذ عام 2013، حيث يقبع معظم قيادات «الإخوان»، وفي مقدمتهم المرشد العام محمد بديع، داخل السجون المصرية، بعد إدانتهم في قضايا عنف وقتل وقعت بمصر بعد رحيل «الإخوان» عن السلطة في العام نفسه، بينما يوجد آخرون هاربون في الخارج مطلوبون للقضاء المصري.

بينما عدّ العديد من الرواد أن كلمات الرئيس تطمئنهم وهي رسالة في الوقت نفسه إلى «المتآمرين» على مصر.