إيران «حذرة» من التعهدات الأوروبية الساعية لإنقاذ {النووي}

بومبيو يستعد للكشف عن «استراتيجية جديدة» تجاه طهران

رئيس الوكالة الإيرانية للطاقة النووية علي أكبر صالحي والمفوض الأوروبي للطاقة ميغيل ارياس كانيتي في طهران أمس (أ.ف.ب)
رئيس الوكالة الإيرانية للطاقة النووية علي أكبر صالحي والمفوض الأوروبي للطاقة ميغيل ارياس كانيتي في طهران أمس (أ.ف.ب)
TT

إيران «حذرة» من التعهدات الأوروبية الساعية لإنقاذ {النووي}

رئيس الوكالة الإيرانية للطاقة النووية علي أكبر صالحي والمفوض الأوروبي للطاقة ميغيل ارياس كانيتي في طهران أمس (أ.ف.ب)
رئيس الوكالة الإيرانية للطاقة النووية علي أكبر صالحي والمفوض الأوروبي للطاقة ميغيل ارياس كانيتي في طهران أمس (أ.ف.ب)

قالت إيران، أمس، في اليوم الأول من زيارة مفوض أوروبي لطهران، إنها تنتظر إجراءات ملموسة من جانب الأوروبيين لتقرر ما إذا كان إنقاذ الاتفاق النووي ممكنا.
والمفوض الأوروبي للطاقة، ميغيل ارياس كانيتي، هو أول مسؤول غربي يُستقبل في العاصمة الإيرانية منذ قرار الولايات المتحدة الانسحاب من الاتفاق الموقَّع في 2015 بين طهران والدول الست، وإعادة فرض عقوبات اقتصادية تنعكس على الشركات الأجنبية، خصوصاً الأوروبية.
وتثير تهديدات العقوبات والانسحاب الأميركي من الاتفاق مخاوف من مخاطر مالية على المؤسسات الأوروبية التي تريد الاستثمار في إيران، لكنها تنذر أيضاً بآثار سلبية كبيرة على اقتصاد إيران. وقال الاتحاد الأوروبي هذا الأسبوع إنه يسعى إلى «حلول عملية لتمكين إيران من الاستمرار في بيع النفط والغاز، والاستمرار في المعاملات المصرفية، والإبقاء على خطوط النقل الجوية والبحرية»، كما نقلت وكالة الصحافة الفرنسية.
وأوضح كانيتي إثر اجتماعه بوزير النفط الإيراني، بيجان نامدار زنقنة، أن اليورو سيصبح العملة التي يتم تداول النفط الإيراني بها ويتم الدفع عبر تحويلات بين البنوك المركزية الأوروبية والبنك المركزي الإيراني. وأضاف أنه سيتم تأمين الشحنات في الدول الموردة الأوروبية، كما يحدث في اليونان وفرنسا وإيطاليا. وبدأت مجموعة خبراء يرافقون المفوض الأوروبي العمل أمس لتجسيد هذه الخيارات، وفق الوكالة الفرنسية.
من جهته، قال الوزير الإيراني إنه أخذ علماً بهذه المقترحات، وإن إيران «ليست لديها النية لتعديل المستوى الحالي لصادراتها» النفطية البالغة 3.8 مليون برميل يومياً، تصدر 20 في المائة منها إلى أوروبا، و70 في المائة إلى الصين ودول آسيوية أخرى.
واعتبر المفوض الأوروبي، خلال مؤتمر صحافي مشترك مع علي أكبر صالحي رئيس الوكالة الإيرانية للطاقة النووية، نقله التلفزيون مباشرة أن الحفاظ على الاتفاق «أساسي للسلم في المنطقة». وبدأت المفوضية الأوروبية، الجمعة، عملية تفعيل «قانون التعطيل»، بغرض التصدي لآثار العقوبات الأميركية على الشركات الأوروبية الراغبة في الاستثمار في إيران.
وأوضح المفوض أن ذلك سيكون مفيداً، خصوصاً للشركات الصغيرة والمتوسطة القليلة التعرض للعقوبات في الولايات المتحدة.
وقال صالحي من جهته إن «السيد كانيتي قدم لنا شفوياً عدداً من المقترحات والإجراءات الهادفة إلى مواجهة القرار الأميركي، ونأمل أن تتجسد». وشدد: «حاليا (...) نحن ننتظر لنرى ما إذا كانت هذه الإجراءات ستؤدي إلى نتائج ملموسة». وأضاف: «وفي حال العكس، سنكون مجبرين على اتخاذ قرار لا أحبّذه شخصياً».
وكانت إيران هددت في السابق بإعادة إطلاق برنامجها لتخصيب اليورانيوم بمستوى «صناعي». وقال الصالحي السبت إن «الكرة الآن في ملعب الاتحاد الأوروبي». وأكد مجدداً رفض إيران كل تفاوض جديد بشأن اتفاق 2015.
ومن أهداف الاتفاق النووي لعام 2015، تسهيل المبادلات التجارية مع إيران ودفع اقتصادها، من خلال رفع العقوبات الدولية الشديدة عليها، في مقابل تعهد إيران بالحد من أنشطتها النووية، وضمان عدم حيازة سلاح نووي.
واعتبر الرئيس الأميركي دونالد ترمب أن الاتفاق متساهل، ولا يتصدى للصواريخ الباليستية الإيرانية، ولسلوك طهران المزعزع لاستقرار الشرق الأوسط.
ومن المقرر أن يلتقي المفوض الأوروبي اليوم بوزير خارجية إيران محمد جواد ظريف، قبل العودة إلى بروكسل. وحض صالحي الأوروبيين أمس على ترجمة تعهداتهم إلى أفعال ملموسة. وحذر من أنه «إذا لم يحدث شيء بهذا الاتجاه، ستجبرنا غالبية الشعب على الانسحاب» من الاتفاق. وأضاف: «لا أريد أن أحكم بشكل مسبق، لننتظر بضعة أسابيع، ونرى تطور كل هذه الأمور».
وأقر كانيتي بأن المهمة لن تكون سهلة، لأن عددا من الشركات الأوروبية المنخرطة في أعمال بإيران تتحدث عن مغادرة البلاد لتفادي انعكاسات العقوبات الأميركية، على غرار فقدان تراخيصها في الولايات المتحدة وأثره على المصارف..
على صعيد متصل، يستعد وزير الخارجية الأميركي مايك بومبيو للإعلان عن «الاستراتيجية الجديدة» للولايات المتحدة بشأن إيران، غدا الاثنين. وقد بدأت الإدارة الأميركية التي تلتزم الصمت منذ إعلان الرئيس في الثامن من مايو (أيار) الانسحاب من الاتفاق، كشف بعض عناصر «خريطة الطريق الدبلوماسية من أجل هندسة أمنية جديدة»، و«اتفاق أفضل».
وقالت الناطقة باسم وزارة الخارجية الأميركية، هيذر نويرت، الخميس إن «الولايات المتحدة ستبذل جهودا شاقة لبناء تحالف» ضد «النظام الإيراني» و«نشاطاته التي تزعزع الاستقرار».
من جانبه، قال المدير السياسي لوزارة الخارجية الأميركية براين هوك: «نحتاج إلى إطار جديد يأخذ في الاعتبار مجمل التهديدات الإيرانية». لكن معالم لهذه الاستراتيجية ما زالت غامضة.



قلق أميركي من سعي إيران لإعادة حضورها العسكري في سوريا

عناصر من الميليشيات الإيرانية في سوريا (المرصد السوري لحقوق الإنسان)
عناصر من الميليشيات الإيرانية في سوريا (المرصد السوري لحقوق الإنسان)
TT

قلق أميركي من سعي إيران لإعادة حضورها العسكري في سوريا

عناصر من الميليشيات الإيرانية في سوريا (المرصد السوري لحقوق الإنسان)
عناصر من الميليشيات الإيرانية في سوريا (المرصد السوري لحقوق الإنسان)

تخشى الولايات المتحدة من محاولات إيران لاستعادة حضورها العسكري في سوريا، بما في ذلك خط إمداد «حزب الله»، رغم سحبها الكبير لقواتها من الأراضي السورية بعد انهيار نظام الأسد، الشهر الماضي، في ضربة لاستراتيجيتها الإقليمية، وفقاً لمسؤولين غربيين وإقليميين.

وقال مسؤول أميركي رفيع لصحيفة «وول ستريت جورنال» إن الانسحاب الإيراني من سوريا يمثل نهاية لجهود طهران الإقليمية لنشر النفوذ وشن حروب بالوكالة ضد أميركا وإسرائيل، حيث فر أعضاء في «فيلق القدس»، وتم تفكيك الميليشيات.

وأنفقت إيران مليارات الدولارات لدعم الأسد خلال الحرب، وأرسلت قوات من «الحرس الثوري» إلى سوريا؛ لمساعدة حليفها على البقاء في السلطة.

بدأت إيران بسحب قواتها بعد انهيار الجيش السوري في أواخر العام الماضي، في ظل ضربات إسرائيلية متواصلة، وكانت غاضبة من الأسد الذي ظل غائباً خلال صراعها مع إسرائيل.

وامتدت شبكة إيران في سوريا من الشرق لنقل الأسلحة والمقاتلين إلى حدود لبنان لتسليح «حزب الله».

وقال مسؤولون غربيون وعرب إن معظم المقاتلين المدعومين من إيران في شرق سوريا، بينهم ضباط من «الحرس الثوري»، فروا إلى القائم بالعراق، بينما هرب بعض الإيرانيين المقيمين في دمشق إلى طهران، ومقاتلو «حزب الله» عبروا إلى لبنان.

وقالت باربرا ليف، المسؤولة عن شؤون الشرق الأوسط في وزارة الخارجية الأميركية، عن مغادرة القوات الإيرانية من سوريا: «إلى حد كبير، نعم... إنه أمر استثنائي».

الرئيس السوري بشار الأسد في لقاء مع وزير الخارجية الإيراني خلال زيارته لسوريا في 2 ديسمبر 2024 (د.ب.أ)

وقالت ليف إن سوريا أصبحت الآن أرضاً معادية لإيران، وأضافت: «هذا لا يعني أنهم لن يحاولوا العودة، لكن الأوضاع هناك معادية للغاية».

وهاجم المرشد الإيراني، علي خامنئي، الأسبوع الماضي، الانتقادات لحضور إيران الإقليمي، قائلاً: «بعض الأشخاص بسبب افتقارهم للفهم وقلة الوعي والتحليل الصحيح للقضايا يقولون إن الدماء التي أريقت في سبيل الدفاع عن الأضرحة قد ذهبت هدراً». وأضاف: «هذا التصور خطأ كبير؛ لأنه لولا قتال الجنرال سليماني ومدافعي الأضرحة لما بقي أثر من المراقد المقدسة، سواء السيدة زينب أو حتى كربلاء والنجف».

وقال دبلوماسيون غربيون إن العسكريين الإيرانيين وحلفاءهم أُجبروا على ترك كمية كبيرة من المعدات والذخائر العسكرية في أثناء هروبهم، وجرى تدميرها لاحقاً بواسطة إسرائيل، أو تم الاستيلاء عليها من قبل «هيئة تحرير الشام» وجماعات أخرى.

وقال مسؤول سابق في «البنتاغون» إن انهيار نظام الأسد قلل من تأثير إيران في المنطقة، وقدرتها على دعم الجماعات المسلحة لتحقيق أهدافها الإقليمية.

في الأيام الأخيرة، أفادت تقارير بأن إيران حاولت زيادة شحنات النقود إلى «حزب الله» في لبنان، وتم تأخير وتفتيش رحلة دبلوماسية إيرانية لدى وصولها إلى بيروت.

صورة نشرها موقع البرلمان الإيراني من سلامي خلال جلسة مغلقة حول سوريا ديسمبر الماضي

ويعتقد المسؤولون الأميركيون أن إيران ستسعى لإعادة الجسر البري، ولكن من غير المحتمل أن تسمح الحكومة السورية الجديدة لـ«الحرس الثوري» الإيراني بتجديد وجوده العسكري بسبب دعمه للأسد.

وفي نهاية ديسمبر (كانون الأول)، توقع خامنئي ظهور «قوة شريفة في سوريا»، قائلاً إن «الشباب الشجعان والغيارى في سوريا سيقومون بطرد إسرائيل».

ویخشی المسؤولون الأمیركيون من أن إيران قد تحاول إعادة نفوذها في سوريا على المدى الطويل، عبر تفعيل الشبكات القديمة، واستغلال عدم الاستقرار في البلد.

قال أندرو تابيلر، المدير السابق لسوريا في مجلس الأمن القومي: «هذا فشل كارثي لإيران. حجم الكارثة سيعتمد على ما إذا كانت سوريا ستظل موحدة»، وأضاف: «قد تجد إيران طريقاٌ للعودة بفضل الانقسامات الطائفية التي لا تزال غير محلولة في ظل النظام الجديد».