القيادات اللبنانية تؤسس لتحالفات جديدة داخل الحكومة والبرلمان

مخاوف من اصطفافات تتقاسم غنائم الحكم

TT

القيادات اللبنانية تؤسس لتحالفات جديدة داخل الحكومة والبرلمان

نجحت القيادات اللبنانية في تبديد أجواء التشنّج التي عكستها نتائج الانتخابات النيابية، وترجمت بتوترات واحتكاكات في الشارع، وساهمت اللقاءات التي جمعت رئيس الجمهورية ميشال عون برئيس مجلس النواب نبيه بري في القصر الجمهوري، ولقاء رئيس الحكومة سعد الحريري مع رئيس حزب «القوات اللبنانية» سمير جعجع، وقبلها زيارة الحريري لكلٍ من عون وبري، بتنفيس الاحتقان، وبعثت برسائل تؤشّر إلى بروز تحالفات سياسية جديدة، ستتبلور داخل الحكومة الجديدة، وتنسحب على الكتل النيابية داخل البرلمان، في وقت تخوّفت مصادر متابعة للتقارب بين القوى المتصارعة، من أن تترجم تلك اللقاءات باصطفافات تسعى إلى تقاسم مغانم الحكم مقابل سيطرة «حزب الله» على البلاد.
ولم يكشف بعد عن طبيعة الاتفاق الذي أرساه لقاء بعبدا الذي جمع عون وبري يوم الثلاثاء، وما إذا أزال تحفظات «التيار الوطني الحرّ» حيال انتخاب بري رئيساً لمجلس النواب لولاية جديدة، فيما أكدت مصادر بري لـ«الشرق الأوسط»، أن اللقاء مع رئيس الجمهورية «عكس التفاهم الكبير الذي يتطلّع إليه الجميع، وأوجد قراءة مشتركة لمرحلة الانتخابات والتحديات المقبلة، ومقاربتهما لمعالجة الملفات الكبرى بعد الانتخابات».
وفيما لم يعرف ما إذا نجح عون في إزالة الالتباس الناتج عن مواقف صهره وزير الخارجية جبران باسيل، ومهاجمته رئيس مجلس النواب خلال الحملة الانتخابية، أوضحت مصادر بري أن الانتخابات «أدخلت البلاد في منحى خطير عبر التجييش المذهبي والطائفي، وثمة إصرار على الخروج من هذا الواقع بعد الانتخابات». وقالت إن «اللقاء ركّز على ملفات أساسية مثل قضية النزوح السوري والوضع الاقتصادي ووضع المنطقة، وضرورة ألا يضيّع لبنان الفرصة التي توفرت من خلال مؤتمر سيدر»، وأشارت إلى أن الرئيس بري سبق أن بحث هذه الأمور مع الرئيس سعد الحريري، «وكان اتفاق تام على ضرورة إنجاز استحقاقين أساسيين، هما انتخاب رئيس المجلس ومكتب المجلس، وتأليف الحكومة الجديدة، خصوصاً أن رئيس الجمهورية سبق أن أعلن أن عهده ينطلق مع حكومة ما بعد الانتخابات». وشددت مصادر بري على أن «صورة التكتلات النيابية والسياسية لم تتبلور بعد، وربما تظهر مع الحكومة، وعلى ضوئها يمكن قراءة الحركة السياسية في لبنان».
وشكّلت زيارة رئيس حزب «القوات اللبنانية» سمير جعجع لرئيس الحكومة سعد الحريري، محطة مهمّة ساهمت في تبديد خلافات الطرفين، وأسست لمرحلة جديدة، وكشف رئيس جهاز الإعلام والتواصل في «القوات اللبنانية» شارل جبور، أن لقاء الحريري - جعجع «طوى صفحة سوء التفاهم التي سادت في الأشهر الأخيرة». وأكد لـ«الشرق الأوسط»، أن جعجع «أراد اللقاء فاتحة لحقبة سياسية جديدة منتجة على المستوى السياسي، وتكون واعدة لحياة الناس، واستعادة الثقة مع الحكومة الجديدة، بعد الاستفادة من الصدمة الإيجابية التي أحدثتها الانتخابات»، مشيراً إلى أن لقاء بيت الوسط «وضع عناوين سياسية للمرحلة الجديدة، بدءاً من الحرص على الجانب السيادي، وقيام الدولة الفعيلة والشبك مع القوى السيادية والتواصل والتقاطع معها بالأمور السيادية».
وقال شارل جبور إن «علاقة المستقبل و«القوات اللبنانية» عادت إلى ما كانت عليه، ووضعت آليات تنسيقية انطلاقاً من الخلفية السيادية الموجودة عند الحريري وجعجع». ولفت إلى أن «وجود تفاهم بين الطرفين داخل الحكومة وفي السياسة العامة، يبدأ بالقضايا السيادية ولا ينتهي بالملفات الحياتية».
لكنّ من يقرأ بحيادية مشهد التبدّل القائم على صعيد التحالفات له رأي آخر، إذ اعتبر السياسي اللبناني الدكتور توفيق الهندي، في تصريح لـ«الشرق الأوسط»، أن «ما يحصل الآن من لقاءات ومشاورات، لا يؤشر إلى اصطفافات سياسية، بقدر ما يدل على اصطفافات سلطوية، ومحاولة تركيب الأوضاع لتقاسم غنائم الحكم»، مستبعداً إعادة إحياء ما كان يعرف بمعسكري «8 آذار» و«14 آذار». ورأى أن هناك «إعادة ترتيب لتقسيم كعكة السلطة، مقابل قبول الأطراف بسيطرة حزب الله على لبنان».
وقال الهندي إن «حزب الله» لا يزال رأس حربة إيران في المنطقة»، وعبر عن تخوفه من «حرب قد تقع في أي وقت، ويكون لبنان أحد ساحاتها»، مستغرباً كيف أن «الكلّ يتجاهل هذا الخطر، ويعتبر أن كافة المشاكل تحلّ بتشكيل حكومة يتقاسمون عبرها الغنائم، وتوفّر غطاء سياسيا لمغامرات حزب الله»، مستبعداً أي تغيير في الوضع القائم حالياً.



الحوثيون يتبنّون هجمات بالمسيّرات ضد أهداف إسرائيلية

صورة وزّعها الإعلام الحوثي تظهر صواريخ وطائرات من دون طيار (رويترز)
صورة وزّعها الإعلام الحوثي تظهر صواريخ وطائرات من دون طيار (رويترز)
TT

الحوثيون يتبنّون هجمات بالمسيّرات ضد أهداف إسرائيلية

صورة وزّعها الإعلام الحوثي تظهر صواريخ وطائرات من دون طيار (رويترز)
صورة وزّعها الإعلام الحوثي تظهر صواريخ وطائرات من دون طيار (رويترز)

تبنت الجماعة الحوثية المدعومة من إيران هجمات جديدة بالطائرات المسيّرة ضد أهداف إسرائيلية، الجمعة، إلى جانب تبنّى هجمات بالاشتراك مع فصائل عراقية موالية لطهران، دون أن يعلق الجيش الإسرائيلي على الفور بخصوص آثار هذه العمليات.

وتشن الجماعة المدعومة من إيران منذ أكثر من عام هجمات ضد السفن في البحر الأحمر وخليج عدن، فضلاً عن إطلاق الصواريخ والمسيّرات باتجاه إسرائيل تحت مزاعم نصرة الفلسطينيين في غزة.

صاروخ أطلقه الحوثيون باتجاه إسرائيل من نوع «فلسطين 2» (إعلام حوثي)

وخلال حشد حوثي في ميدان السبعين بصنعاء، الجمعة، ادعى المتحدث العسكري باسم الجماعة يحيى سريع أن قوات جماعته نفذت عمليتين عسكريتين استهدفت الأولى هدفاً عسكرياً في عسقلان، فيما استهدفت الثانية هدفاً في تل أبيب.

وزعم المتحدث الحوثي أن العمليتين تم تنفيذهما بطائرتين مسيّرتين تمكنتا من تجاوز المنظومات الاعتراضية والوصول إلى هدفيهما.

إلى ذلك، قال سريع إن قوات جماعته نفذت بالاشتراك مع ما وصفها بـ«المقاومة الإسلامية في العراق» عمليةً عسكريةً ضد أهداف حيوية جنوب إسرائيل، وذلك بعدد من الطائرات المسيّرة، زاعماً أن العملية حققت أهدافها بنجاح.

وتوعد المتحدث الحوثي بالاستمرار في تنفيذ الهجمات ضد إسرائيل حتى توقف الحرب على غزة ورفع الحصار عنها.

19 صاروخاً ومسيّرة

في أحدث خطبة لزعيم الجماعة عبد الملك الحوثي، الخميس، قال إن جماعته أطلقت باتجاه إسرائيل خلال أسبوع 19 صاروخاً باليستياً ومجنحاً وطائرة مسيّرة، زاعماً أنها استهدفت تل أبيب وأسدود وعسقلان.

كما ادعى الحوثي استهداف خمس سفن أميركية في خليج عدن، منها: بارجتان حربيتان، وهدد بالاستمرار في الهجمات، وقال إن جماعته نجحت في تدريب وتعبئة أكثر من 600 ألف شخص للقتال خلال أكثر من عام.

من آثار مسيّرة حوثية انفجرت في مبنى سكني في جنوب تل أبيب الاثنين الماضي (أ.ف.ب)

وتبنّى الحوثيون على امتداد أكثر من عام إطلاق مئات الصواريخ والطائرات المسيّرة باتجاه إسرائيل، لكن لم يكن لها أي تأثير هجومي، باستثناء مسيّرة قتلت شخصاً بعد انفجارها بشقة في تل أبيب يوم 19 يوليو (تموز) الماضي.

واستدعت هذه الهجمات من إسرائيل الرد في 20 يوليو الماضي، مستهدفة مستودعات للوقود في ميناء الحديدة، وهو ما أدى إلى مقتل 6 أشخاص، وإصابة نحو 80 آخرين.

وتكرّرت الضربات الإسرائيلية في 29 سبتمبر (أيلول) الماضي، ضد مستودعات للوقود في كل من الحديدة ورأس عيسى. كما استهدفت محطتي توليد كهرباء في الحديدة، بالإضافة إلى مطار المدينة الخارج عن الخدمة منذ سنوات. وأسفرت هذه الغارات عن مقتل 4 أشخاص، وإصابة نحو 30 شخصاً، وفق ما أقر به الحوثيون.

أحدث الهجمات

أعلن الجيش الإسرائيلي، الاثنين الماضي، أن طائرة مسيّرة، يعتقد أنها انطلقت من اليمن، أصابت مبنى في جنوب تل أبيب، وفق ما نقلته وسائل إعلام غربية.

وقالت القناة «13» الإسرائيلية: «ضربت طائرة مسيّرة الطابق الـ15 من مبنى سكني في يفنه، ولحق دمار كبير بشقتين»، مشيرة إلى وصول قوات كبيرة إلى المكان.

وأفاد الجيش الإسرائيلي بورود «تقارير عن سقوط هدف جوي مشبوه في منطقة مدينة يفنه. ولم يتم تفعيل أي تحذير». وقالت نجمة داود الحمراء إنه لم تقع إصابات.

وأشارت قوات الإطفاء والإنقاذ، التي وصلت إلى مكان الحادث، إلى وقوع أضرار جسيمة في شقتين. كما نقل موقع «0404» الإسرائيلي اليوم عن متحدث باسم الجيش الإسرائيلي قوله: «يبدو أن الطائرة المسيّرة التي أصابت مبنى في يفنه قد انطلقت من اليمن»، مشيراً إلى أنه يجري التحقيق في الحادث.

مدمرة أميركية في البحر الأحمر تطلق صاروخاً ضد أهداف حوثية (رويترز)

وعلى صعيد الهجمات البحرية، كانت القيادة المركزية الأميركية أعلنت في بيان، الثلاثاء، الماضي، أنّ سفينتين عسكريّتين أميركيّتين صدّتا هجوماً شنّه الحوثيون بواسطة طائرات من دون طيّار وصاروخ كروز، وذلك في أثناء حراستهما ثلاث سفن تجارية في خليج عدن.

وقال البيان إن «المدمّرتين أحبطتا هجمات شُنّت بطائرات من دون طيار وبصاروخ كروز مضاد للسفن، لتضمنا بذلك سلامتهما وأفرادهما، وكذلك سلامة السفن المدنية وأطقمها».

وأوضح البيان أنّ «المدمرتين كانتا ترافقان ثلاث سفن تجارية تابعة للولايات المتحدة»، مشيراً إلى عدم وقوع إصابات أو إلحاق أضرار بأيّ سفن.

يشار إلى أن الهجمات الحوثية في البحر الأحمر أدت منذ 19 نوفمبر (تشرين الثاني) 2023 إلى غرق سفينتين وقرصنة ثالثة، كما أدت إلى مقتل 3 بحارة وإصابة آخرين في هجوم ضد سفينة ليبيرية.

وفي حين تبنى زعيم الحوثيين مهاجمة أكثر من 211 سفينة منذ بدء التصعيد، كانت الولايات المتحدة ومعها بريطانيا في أربع مرات على الأقل، نفذت منذ 12 يناير (كانون الثاني) الماضي أكثر من 800 غارة على أهداف للجماعة أملاً في الحد من قدرتها على تنفيذ الهجمات البحرية.