انتقادات حادة للجزائر بسبب حملات «الطرد التعسفي» للمهاجرين

وزارة الداخلية تدافع عن «الوجه الإنساني» لعمليات الترحيل

TT

انتقادات حادة للجزائر بسبب حملات «الطرد التعسفي» للمهاجرين

طالب عشرات الحقوقيين والمثقفين ونشطاء المجتمع المدني، أمس، الحكومة الجزائرية، بوقف حملة ترحيل آلاف المهاجرين غير الشرعيين، ينحدرون أساساً من بلدان جنوب الصحراء. فيما دافع وزير الداخلية نور الدين بدوي في بداية الحملة (مطلع العام) عن «الجوانب الإنسانية»، التي تتسم بها عمليات الترحيل، حسبه، بعكس تماماً ما جاء على ألسنة مهاجرين مطرودين.
ووقع هؤلاء النشطاء بأسمائهم على عريضة، حصلت «الشرق الأوسط» على نسخة منها، حملت تنديداً شديداً بـ«عمليات الطرد الجماعي التعسفي، التي استهدفت آلاف الرعايا من جنوب الصحراء، يوجد بينهم أشخاص يعانون من أمراض». وينحدر المرحلون، حسب العريضة، من غينيا الاستوائية وبوركينا فاسو وبنين ومالي، وساحل العاج والسنغال والنيجر، بالإضافة إلى نيجيريا وليبيريا وكاميرون وسيراليون.
وقال أصحاب العريضة إن السلطات نقلت المرحلين إلى الحدود الجنوبية، المشتركة مع مالي والنيجر، و«تخلت عنهم هناك بمناطق صحراوية عرضة لكل المخاطر». وأشارت الوثيقة إلى أن عمليات الطرد «تمت من دون قرارات قضائية، وبالتالي فهي غير قانونية. كما أن السلطات لم تراعِ حالات خاصة، مثل طالبي اللجوء، ضاربة بذلك عرض الحائط الاتفاقات الدولية ذات الصلة، التي صادقت عليها وتعهدت باحترامها».
وينتمي الكثير من الحقوقيين، الذين أمضوا على العريضة، إلى «الرابطة الجزائرية للدفاع عن حقوق الإنسان»، أشهر التنظيمات المدافعة عن حقوق الإنسان في البلاد.
ومما جاء في الوثيقة أن 1500 مهاجر رحلتهم وزارة الداخلية في الأسابيع الماضية، وأن «حملات الطرد ميزتها ممارسات تعسفية تتنافى مع القانون الدولي المرتبط بحقوق الإنسان»، في إشارة ضمناً إلى تصرفات عنصرية اشتكى منها مرحلون في وقت سابق.
وأضافت العريضة: «على عكس ما يدعيه الخطاب الرسمي من أن حملات الترحيل تحمل طابعاً إنسانياً، فإن الذين استهدفتهم حرمتهم من مداخيل المهن التي كانوا يزاولونها في ورش بناء حكومية. ولم تكلف السلطات نفسها عناء التأكد مما إذا كانوا يمارسون أنشطة وأشغالاً، كانت سبباً في خروجهم من بلدانهم بحثاً عن لقمة العيش». وتابعت العريضة موضحة أن حكومة النيجر هي الوحيدة من بلدان جنوب الصحراء التي وافقت على استقبال رعاياها المقيمين بالجزائر بطريقة غير قانونية، على اعتبار أن هناك اتفاقاً يربط بين نيامي والجزائر بهذا الخصوص، وقعا عليه عام 2014، وصفه الناشطون الحقوقيون والمثقفون بـ«المبهم»، مشيرين إلى وجود عشرات النساء والأطفال ضمن مجموعات المرحلين.
وطالب أصحاب العريضة، الحكومة، بـ«احترام تعهداتها الواردة في المعاهدات الدولية المرتبطة بحقوق العمال المهاجرين، وحقوق اللاجئين»، ودعتها بشكل عاجل إلى «استحداث إطار قانوني محلي يحمي حقوق العمال المهاجرين، وقانون خاص باللجوء يوفر الحماية لطالبي اللجوء ضد كل أشكال التعسف والاستغلال».
كما طالب المحتجون بـ«التوقف عن الخلط المتعمد بين محاربة الإرهاب والتهريب والاتجار بالبشر، وهو أمر مشروع بحكم ارتباطه بالأمن الوطني، وبين وجوب احترام حقوق اللاجئ والمهاجر العامل»، في إشارة إلى تصريحات سابقة لوزير الداخلية برر فيها ترحيل المهاجرين بـ«وجود مخاوف من تجنيدهم من طرف جماعات متطرفة، وانخراطهم في شبكات المخدرات وتهريب السلاح».
وتبدأ عمليات الترحيل، في الغالب، بمداهمة قوات الأمن أماكن إقامة المهاجرين التي تكون عادة داخل الورش والمشروعات حيث يشتغلون. ويجري جمعهم في «مراكز» خصصتها السلطات لهم بالمدن الكبيرة، للإقامة بها مؤقتاً لفترة لا تتجاوز 48 ساعة، وبعدها يُنقلون بواسطة حافلات باتجاه الجنوب على مسافة تفوق 1000 كلم. ويُؤطر هذه العملية ظاهرياً «الهلال الأحمر الجزائري»، لإضفاء «مسحة إنسانية» على الترحيل، لكن المشرف عليها الحقيقي هو جهاز الدرك الوطني التابع للجيش.
وكانت الحكومة الجزائرية قد تعرضت في 10 و11 من الشهر الماضي بمقر الأمم المتحدة في جنيف لانتقادات شديدة بشأن ترحيل المهاجرين جنوب الصحراء، وذلك بناءً على شكاوى وملاحظات سلبية رفعتها منظمات حقوقية دولية، خصوصاً «أمنيستي»، إلى «مجلس حقوق الإنسان الأممي».
وقالت وزارة الخارجية الجزائرية، بخصوص انتقادات «أمنيستي»، إنها تحمل «مغالطات وادعاءات لا أساس لها من الصحة، وهي للأسف تتكرر بطريقة آلية وتنقل صورة نمطية بالية، وتقديرات متحيزة واستنتاجات ساذجة، حول أوضاع المهاجرين في بلادنا».
وتتعامل الجزائر مع هذه الانتقادات على أنها «ضغط خارجي يُراد منه مساومتها في مواقفها وقراراتها في القضايا الكبيرة»، ومن القضايا التي يأتي ذكر رفضها، مشاركة جيشها في حروب خارج حدودها، خصوصاً في مالي وليبيا.



مصر تؤكد تمسكها باحترام سيادة الصومال ووحدة وسلامة أراضيه

الرئيس التركي رجب طيب إردوغان متوسطاً الرئيس الصومالي حسن شيخ محمود ورئيس الوزراء الإثيوبي آبي أحمد في أنقرة بعيد انتهاء المحادثات (رويترز)
الرئيس التركي رجب طيب إردوغان متوسطاً الرئيس الصومالي حسن شيخ محمود ورئيس الوزراء الإثيوبي آبي أحمد في أنقرة بعيد انتهاء المحادثات (رويترز)
TT

مصر تؤكد تمسكها باحترام سيادة الصومال ووحدة وسلامة أراضيه

الرئيس التركي رجب طيب إردوغان متوسطاً الرئيس الصومالي حسن شيخ محمود ورئيس الوزراء الإثيوبي آبي أحمد في أنقرة بعيد انتهاء المحادثات (رويترز)
الرئيس التركي رجب طيب إردوغان متوسطاً الرئيس الصومالي حسن شيخ محمود ورئيس الوزراء الإثيوبي آبي أحمد في أنقرة بعيد انتهاء المحادثات (رويترز)

قالت وزارة الخارجية المصرية، في بيان اليوم (الأحد)، إن الوزير بدر عبد العاطي تلقّى اتصالاً هاتفياً من نظيره الصومالي أحمد معلم فقي؛ لإطلاعه على نتائج القمة الثلاثية التي عُقدت مؤخراً في العاصمة التركية، أنقرة، بين الصومال وإثيوبيا وتركيا؛ لحل نزاع بين مقديشو وأديس أبابا.

ووفقاً لـ«رويترز»، جاء الاتصال، الذي جرى مساء أمس (السبت)، بعد أيام من إعلان مقديشو وإثيوبيا أنهما ستعملان معاً لحل نزاع حول خطة أديس أبابا لبناء ميناء في منطقة أرض الصومال الانفصالية، التي استقطبت قوى إقليمية وهدَّدت بزيادة زعزعة استقرار منطقة القرن الأفريقي.

وجاء في بيان وزارة الخارجية المصرية: «أكد السيد وزير خارجية الصومال على تمسُّك بلاده باحترام السيادة الصومالية ووحدة وسلامة أراضيها، وهو ما أمَّن عليه الوزير عبد العاطي مؤكداً على دعم مصر الكامل للحكومة الفيدرالية (الاتحادية) في الصومال الشقيق، وفي مكافحة الإرهاب وتحقيق الأمن والاستقرار».

وقال زعيما الصومال وإثيوبيا إنهما اتفقا على إيجاد ترتيبات تجارية للسماح لإثيوبيا، التي لا تطل على أي مسطح مائي، «بالوصول الموثوق والآمن والمستدام من وإلى البحر» بعد محادثات عُقدت يوم الأربعاء، بوساطة الرئيس التركي رجب طيب إردوغان.

وهذا الاجتماع هو الأول منذ يناير (كانون الثاني) عندما قالت إثيوبيا إنها ستؤجر ميناء في منطقة أرض الصومال الانفصالية بشمال الصومال مقابل الاعتراف باستقلال المنطقة.

ورفضت مقديشو الاتفاق، وهدَّدت بطرد القوات الإثيوبية المتمركزة في الصومال لمحاربة المتشددين الإسلاميين.

ويعارض الصومال الاعتراف الدولي بأرض الصومال ذاتية الحكم، والتي تتمتع بسلام واستقرار نسبيَّين منذ إعلانها الاستقلال في عام 1991.

وأدى الخلاف إلى تقارب بين الصومال ومصر، التي يوجد خلافٌ بينها وبين إثيوبيا منذ سنوات حول بناء أديس أبابا سداً مائيّاً ضخماً على نهر النيل، وإريتريا، وهي دولة أخرى من خصوم إثيوبيا القدامى.

وتتمتع تركيا بعلاقات وثيقة مع كل من إثيوبيا والصومال، حيث تُدرِّب قوات الأمن الصومالية، وتُقدِّم مساعدةً إنمائيةً مقابل موطئ قدم على طريق شحن عالمي رئيسي.

وأعلنت مصر وإريتريا والصومال، في بيان مشترك، في أكتوبر (تشرين الأول) أن رؤساء البلاد الثلاثة اتفقوا على تعزيز التعاون من أجل «تمكين الجيش الفيدرالي الصومالي الوطني من التصدي للإرهاب بصوره كافة، وحماية حدوده البرية والبحرية»، وذلك في خطوة من شأنها فيما يبدو زيادة عزلة إثيوبيا في المنطقة.

وذكر بيان وزارة الخارجية المصرية، اليوم (الأحد)، أن الاتصال بين الوزيرين تطرَّق أيضاً إلى متابعة نتائج القمة الثلاثية التي عُقدت في أسمرة في العاشر من أكتوبر.

وأضاف: «اتفق الوزيران على مواصلة التنسيق المشترك، والتحضير لعقد الاجتماع الوزاري الثلاثي بين وزراء خارجية مصر والصومال وإريتريا؛ تنفيذاً لتوجيهات القيادات السياسية في الدول الثلاث؛ لدعم التنسيق والتشاور بشأن القضايا الإقليمية ذات الاهتمام المشترك».

وفي سبتمبر (أيلول)، قال مسؤولون عسكريون واثنان من عمال المواني في الصومال إن سفينةً حربيةً مصريةً سلَّمت شحنةً كبيرةً ثانيةً من الأسلحة إلى مقديشو، تضمَّنت مدافع مضادة للطائرات، وأسلحة مدفعية، في خطوة من المرجح أن تفاقم التوتر بين البلدين من جانب، وإثيوبيا من جانب آخر.

وأرسلت القاهرة طائرات عدة محملة بالأسلحة إلى مقديشو بعد أن وقَّع البلدان اتفاقيةً أمنيةً مشتركةً في أغسطس (آب).

وقد يمثل الاتفاق الأمني مصدر إزعاج لأديس أبابا التي لديها آلاف الجنود في الصومال، يشاركون في مواجهة متشددين على صلة بتنظيم «القاعدة».