أوروبا تفعّل قانوناً يمنع شركاتها من تنفيذ العقوبات الأميركية ضد طهران

فرنسا وألمانيا وبريطانيا تطالب إيران بمواصلة الوفاء بالتزاماتها بموجب الاتفاق

زعماء الاتحاد الأوروبي على هامش قمة صوفيا أمس (إ.ب.أ)
زعماء الاتحاد الأوروبي على هامش قمة صوفيا أمس (إ.ب.أ)
TT

أوروبا تفعّل قانوناً يمنع شركاتها من تنفيذ العقوبات الأميركية ضد طهران

زعماء الاتحاد الأوروبي على هامش قمة صوفيا أمس (إ.ب.أ)
زعماء الاتحاد الأوروبي على هامش قمة صوفيا أمس (إ.ب.أ)

أجمع قادة الاتحاد الأوروبي، خلال قمة صوفيا أمس، على ضرورة حفظ الاتفاق النووي مع إيران. وفي مؤشر على تحدي قرار الرئيس الأميركي دونالد ترمب الانسحاب من الاتفاق، وإعادة العقوبات ضد طهران، أعلنت المفوضية الأوروبية عن قرار الاتحاد تفعيل قانون يصبح سارياً اعتباراً من اليوم، يهدف إلى منع الشركات الأوروبية من الالتزام بالعقوبات الأميركية على إيران، ولا يعترف بأي أحكام قضائية تضع تلك العقوبات موضع التنفيذ.
وقال رئيس المفوضية الأوروبية، جان كلود يونكر: «لدينا كمفوضية أوروبية التزام بحماية الشركات الأوروبية. نحن بحاجة الآن للتحرك، ولهذا ندشن عملية تفعيل (‬‬قانون الحجب) الذي يعود إلى عام 1996. سنقوم بذلك صباح غد في الساعة العاشرة والنصف»، بحسب ما نقلت عنه وكالة «رويترز».
كانت الدول الأوروبية قد استخدمت القانون لأول مرة في 1996 لحماية الشركات الأوروبية من العقوبات ضد كوبا. وتأتي الخطوة في سياق السيناريو الذي يهدف إلى حفظ الاتفاق النووي من دون الولايات المتحدة الأميركية. ويأتي هذا في إطار مساعي الاتحاد الأوروبي للإبقاء على الاتفاق، الذي يهدف إلى منع إيران من تطوير قنبلة نووية، بعد قرار الرئيس الأميركي دونالد ترمب الانسحاب من الاتفاق، وإعادة فرض العقوبات على إيران وعلى الشركات التي تعمل فيها.
ويهدف القانون إلى عرقلة العقوبات الأميركية ضد الشركات الأوروبية. ومع ذلك، فإن الدول الأوروبية ستترك الخيار إلى الشركات ما إذا كانت تريد مواصلة أعمالها في إيران أو وقف الأنشطة معها. كما يسمح القانون بتوقيع عقود محددة مع إيران، تسمح لها بمواصلة العلاقات مع إيران من دون خسارة الأسواق الأميركية.
وأضاف يونكر على هامش اجتماع زعماء الاتحاد الأوروبي، أمس، في صوفيا، في مؤتمر صحافي بعد اجتماع زعماء الاتحاد الأوروبي: «قررنا أيضاً السماح لبنك الاستثمار الأوروبي بتسهيل استثمارات الشركات الأوروبية في إيران. والمفوضية نفسها ستواصل تعاونها مع إيران».
ويأمل الاتحاد الأوروبي في أن تواصل إيران الالتزام بالاتفاق، وذلك ما دام أنها تحقق ما يكفي من المصالح الاقتصادية التي تم الوعد بها مقابل التزام طهران بالاتفاق. كما ينوي الأوروبيون استثمار ذلك لفتح مفاوضات جديدة مع طهران، تشمل القضايا الإقليمية وتطوير الصواريخ الباليستية.
وقالت المستشارة الألمانية أنجيلا ميركل، أمس، إن كل الدول الأعضاء في الاتحاد الأوروبي لا تزال تدعم الاتفاق النووي مع إيران، وستواصل محادثاتها مع واشنطن بعد قرار الرئيس الأميركي دونالد ترمب سحب بلاده من الاتفاق، وأضافت: «كل الدول الأعضاء في الاتحاد الأوروبي لا تزال تدعم هذا الاتفاق، رغم قرار الولايات المتحدة بعدم دعمه. سنواصل محادثاتنا مع الولايات المتحدة».
وتلتقي ميركل، اليوم، في برلين، الرئيس الروسي فلاديمير بوتين، وقالت إن اللقاء غير مرتبط بمشكلات الاتحاد الأوروبي مع ترمب.
وبدورها، قالت متحدثة باسم رئيسة الوزراء البريطانية تيريزا ماي إنها اتفقت مع زعيمي فرنسا وألمانيا، أمس، على الإبقاء على الاتفاق النووي مع إيران بعد اجتماعهم على هامش قمة صوفيا.
واجتمعت ماي مع المستشارة الألمانية أنجيلا ميركل والرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون لبحث قرار الرئيس الأميركي دونالد ترمب الانسحاب من الاتفاق النووي بين إيران وست قوى عالمية. وفرض ترمب عقوبات جديدة على إيران منذ انسحابه.
وقالت المتحدثة: «أكد الزعماء التزامهم الصارم بضمان الإبقاء على الاتفاق، وأكدوا أهميته لأمننا المشترك»، وأضافت: «تعهدوا بالعمل مع كثير من أطراف الاتفاق من أجل تحقيق ذلك. وأكد الزعماء أنه يتعين على إيران مواصلة الوفاء بالتزاماتها بموجب الاتفاق».
وفي غضون ذلك، اعتبرت الرئاسة الفرنسية، أمس، خلال قمة بين الاتحاد الأوروبي ودول البلقان في صوفيا، أن تهديدات الرئيس الأميركي دونالد ترمب بمعاقبة الشركات الأوروبية التي تعمل مع إيران، والقرار الأميركي بفرض رسوم جمركية على الصلب والألمنيوم، تعد «اختبارات لسيادة أوروبا».
ورحبت باريس، أمس، بالموقف الموحد لدول الاتحاد الأوروبي الـ28، التي قررت مقاومة التهديدات الأميركية بالعقوبات، وأبدت أيضاً استعدادها للرد على العقوبات بالمثل، كما ذكرت وكالة الصحافة الفرنسية.
ودعت الرئاسة الفرنسية إلى «يقظة أوروبية»، وأضافت في بيان أن «الأحداث الحالية تفرض على أوروبا أن تحدد ما تريد: القبول أو التحرك والبناء. إنها اختبارات لسيادتها، حتى ولو كانت إزاء صديق مثل الولايات المتحدة».
من جهتهم، أفاد مستشارون لماكرون في الإطار نفسه بأن ما يحصل «هو اختبار أيضاً لمدى قدرة الأوروبيين على البقاء موحدين أمام التحديات الخارجية. إنها ملفات سيادة اقتصادية ودبلوماسية».
وأوضحوا أن المفوضية الأوروبية درست أيضاً احتمالات الرد الممكنة على الإجراءات الأميركية، بعد أن تأكدت من الوحدة «الكبيرة جداً» للأوروبيين إزاء هذين الملفين، خلال العشاء الذي ضم قادة الاتحاد الأوروبي مساء الأربعاء.
وبشأن تفعيل قانون منع العقوبات، تقول الرئاسة الفرنسية بهذا الصدد، في بيانها: «نحن جاهزون لرد الفعل، متى أدركنا مدى العقوبات» الأميركية.
وبالنسبة لعزم واشنطن على فرض رسوم جمركية على الصلب والألمنيوم من أوروبا، قال الإليزيه: «في حال لم تقرر الولايات المتحدة في الأول من يونيو (حزيران) المقبل رفع الرسوم عن أوروبا بشكل دائم، لن يكون هناك مجال لمناقشة أي موضوع ولا أي إصلاح لمنظمة التجارة العالمية».
وعلى صعيد متصل، سعى قادة الاتحاد الأوروبي الذين يحاولون مواجهة النفوذ الروسي إلى طمأنة نظرائهم في دول البلقان، أمس، بشأن فرص انضمامهم إلى التكتل، لكنهم حذروا من أن ذلك لن يحدث في وقت قريب.
والتقى قادة الاتحاد الأوروبي مع نظرائهم في دول البلقان الست، في صوفيا، بعد عشاء جمع كبار مسؤولي التكتل. ويواجه التكتل معضلة بشأن ألبانيا والبوسنة وصربيا ومونتينيغرو ومقدونيا وكوسوفو، إذ يرغب بتقديم ما يكفي لهذه الدول لإبقائها بعيدة عن محور الكرملين، من دون التسرع بالسماح لها بالانضمام إلى الاتحاد قبل أن تجري إصلاحات مهمة.
وقال الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون إنه يؤيد «ترسيخ العلاقات» بين أوروبا والبلدان الست التي يطلق عليها مجتمعة دول «غرب البلقان»، لكنه حذر من أي تحرك متسرع، وأوضح: «لست مع التحرك نحو التوسيع قبل أن نحصل على جميع التأكيدات الضرورية، وقبل القيام بإصلاحات حقيقية».
ومن جهته، قال رئيس المجلس الأوروبي دونالد توسك، الذي أشار إلى أن الاجتماع يجري لأول مرة منذ 15 عاماً، إن بروكسل ستستثمر في خدمات البنى التحتية في البلقان لتعزيز التطوير، وجعل دول المنطقة أكثر اتباعاً للمعايير الأوروبية.
ووجه توسك انتقادات لاذعة إلى الرئيس الأميركي الأربعاء، وقال إنه يساعد أوروبا بشكل أو بآخر لأنه «خلصها من جميع الأوهام» بأنه بإمكانها الاعتماد على واشنطن، وقال للصحافيين في صوفيا: «بالنظر إلى القرارات الأخيرة الصادرة عن الرئيس ترمب، بإمكاننا أن نقول: بوجود أصدقاء من هذا النوع، من يحتاج إلى أعداء؟».
وبعد تعليق خطط توسيع التكتل قبل 4 أعوام، كشفت المفوضية الأوروبية أخيراً استراتيجيتها الجديدة للمنطقة، التي تهدف إلى منح العضوية لبعض الدول بحلول عام 2025، حيث تبدو صربيا ومونتينيغرو في مقدمة البلدان المرشحة.
وفي المقابل، تطالب بروكسل بإصلاحات، وبشن حملة على الفساد في المنطقة، لكن صبر هذه الدول الست بدأ ينفد أمام المسار الطويل للانضمام إلى الاتحاد الأوروبي. فقد حذر رئيس وزراء بلغاريا أخيراً من أن التأخر قد يفسح المجال لزيادة نفوذ روسيا والصين في المنطقة.



إسرائيل توافق على خطة لزيادة عدد سكانها في هضبة الجولان المحتلة إلى المثلين

آليات إسرائيلية عند هضبة الجولان قرب بلدة مجدل شمس (أ.ب)
آليات إسرائيلية عند هضبة الجولان قرب بلدة مجدل شمس (أ.ب)
TT

إسرائيل توافق على خطة لزيادة عدد سكانها في هضبة الجولان المحتلة إلى المثلين

آليات إسرائيلية عند هضبة الجولان قرب بلدة مجدل شمس (أ.ب)
آليات إسرائيلية عند هضبة الجولان قرب بلدة مجدل شمس (أ.ب)

وافقت إسرائيل ، اليوم (الأحد)، على زيادة عدد سكانها في هضبة الجولان المحتلة إلى المثلين، قائلة إن التهديدات التي تواجهها من سوريا لا تزال قائمة رغم النبرة المعتدلة لقادة قوات المعارضة الذين أطاحوا بالرئيس بشار الأسد قبل أسبوع، وفق ما نقلت وكالة «رويترز» للأنباء.

وذكر رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو، في البيان، أن «تقوية الجولان هي تقوية لدولة إسرائيل، وهي مهمة على نحو خاص في هذا التوقيت. سنواصل التمسك بها وسنجعلها تزدهر ونستقر فيها».

وانتزعت إسرائيل السيطرة على معظم هضبة الجولان من سوريا خلال حرب عام 1967، قبل أن تضمها إليها عام 1981.

وفي 2019، أعلن الرئيس الأميركي آنذاك دونالد ترمب دعم الولايات المتحدة للسيادة الإسرائيلية على الجولان، لكن عملية الضم لم تحظَ باعتراف معظم الدول. وتطالب سوريا إسرائيل بالانسحاب منها، لكن الأخيرة ترفض ذلك متعللة مخاوف أمنية. وباءت جهود سلام كثيرة بالفشل.

وقال وزير الدفاع الإسرائيلي يسرائيل كاتس، في بيان اليوم (الأحد)، لمسؤولين يدققون في ميزانية إسرائيل الدفاعية: «المخاطر المباشرة التي تواجه البلاد لم تختفِ والتطورات الحديثة في سوريا تزيد من قوة التهديد، على الرغم من الصورة المعتدلة التي يدعيها زعماء المعارضة».

وقال مكتب نتنياهو إن الحكومة وافقت بالإجماع على خطة تزيد قيمتها على 40 مليون شيقل (11 مليون دولار) لتشجيع النمو السكاني في هضبة الجولان.

وأضاف أن نتنياهو قدم الخطة للحكومة «في ضوء الحرب والجبهة الجديدة مع سوريا ورغبة في زيادة عدد سكان الجولان إلى المثلين».

وقال المحلل في مركز الأبحاث الإسرائيلي (ألما) أبراهام ليفين، المتخصص في التحديات الأمنية التي تواجهها إسرائيل على حدودها الشمالية، إن نحو 31 ألفاً من الإسرائيليين استقروا في هضبة الجولان، وإن كثيراً منهم يعملون في قطاعي الزراعة، الذي يشمل مزارع الكروم، والسياحة.

وأضاف أن هضبة الجولان موطن أيضاً لما يصل إلى 24 ألفاً من الدروز السوريين.

بعيداً عن أي مغامرات غير محسوبة

وكان قائد «هيئة تحرير الشام» أحمد الشرع، قال إن إسرائيل تستخدم ذرائع كاذبة لتبرير هجماتها على سوريا، لكنه ليس مهتماً بالانخراط في صراعات جديدة، في الوقت الذي تركز فيه البلاد على إعادة الإعمار.

ويقود الشرع، المعروف باسم «أبو محمد الجولاني»، «هيئة تحرير الشام» التي قادت فصائل مسلحة أطاحت بالأسد من السلطة، يوم الأحد الماضي، منهية حكم العائلة الذي استمر 5 عقود من الزمن.

ومنذ ذلك الحين، توغلت إسرائيل داخل منطقة منزوعة السلاح في سوريا أقيمت بعد حرب عام 1973، بما في ذلك الجانب السوري من جبل الشيخ الاستراتيجي المطل على دمشق، حيث سيطرت قواتها على موقع عسكري سوري مهجور.

كما نفذت إسرائيل مئات الضربات على مخزونات الأسلحة الاستراتيجية في سوريا، غير أنها تقول إنها لا تنوي البقاء هناك، وتصف التوغل في الأراضي السورية بأنه إجراء محدود ومؤقت لضمان أمن الحدود.

وقالت إنها تدمر الأسلحة الاستراتيجية والبنية التحتية العسكرية لمنع استخدامها من قبل جماعات المعارضة المسلحة التي أطاحت بالأسد من السلطة، وبعضها نشأ من رحم جماعات متشددة مرتبطة بتنظيمي «القاعدة» و«داعش».

ونددت دول عربية عدة، بينها السعودية ومصر والإمارات والأردن، بما وصفته باستيلاء إسرائيل على المنطقة العازلة في هضبة الجولان.

وقال الشرع، في مقابلة نشرت على موقع تلفزيون سوريا، وهي قناة مؤيدة للمعارضة، إن الوضع السوري المنهك بعد سنوات من الحرب والصراعات لا يسمح بالدخول في أي صراعات جديدة. وأضاف أن الأولوية في هذه المرحلة هي إعادة البناء والاستقرار، وليس الانجرار إلى صراعات قد تؤدي إلى مزيد من الدمار.

وذكر أن الحلول الدبلوماسية هي السبيل الوحيد لضمان الأمن والاستقرار «بعيداً عن أي مغامرات عسكرية غير محسوبة».