باريس تقود حملة مناهضة لعقوبات واشنطن ضد شركات متعاملة مع طهران

باريس تقود حملة مناهضة لعقوبات واشنطن ضد شركات متعاملة مع طهران
TT

باريس تقود حملة مناهضة لعقوبات واشنطن ضد شركات متعاملة مع طهران

باريس تقود حملة مناهضة لعقوبات واشنطن ضد شركات متعاملة مع طهران

تقود باريس حملة مواجهة العقوبات الأميركية على إيران بالتوازي مع المحافظة على الاتفاق النووي المبرم في عام 2015. ولخص الرئيس الفرنسي موقف بلاده، أمس، بمناسبة القمة الأوروبية وبلدان شرق أوروبا في صوفيا، العاصمة البلغارية، كالتالي: «سوف نعمل للمحافظة على الاتفاق الإطاري لعام 2015 مهما تكن القرارات الأميركية. ومن الناحية العملية، هذا يعني أن نوفر الدعم السياسي وأن نعمل بشكل يمكّن شركاتنا من البقاء (في إيران) والدفع بكل الأطراف لمواصلة المفاوضات من أجل (التوصل إلى) اتفاق أوسع وهو ضروري»، في إشارة إلى نشاطات طهران الباليستية وسياستها الإقليمية المزعزعة للاستقرار.
وترى المصادر الفرنسية أن باريس نجحت في «تأليب» الأوروبيين للتمسك بموقف قوي ومتشدد إزاء واشنطن حول الاتفاق والعقوبات، وهو ما برز خلال اجتماع ثلاثي أمس في صوفيا ضم إيمانويل ماكرون وتيريزا ماي وأنجيلا ميركل. ومن المنتظر أن يعقد اجتماع آخر الأسبوع المقبل في فيينا ستنضم إليه روسيا والصين للنظر في سبل المحافظة على الاتفاق وما يستتبعه من خطوات للرد على الخروج الأميركي منه وإبقاء إيران داخله.
ويريد الأوروبيون «بالتوازي مع تمسكهم بالاتفاق» النووي البدء بتناول الملفات التي كانت في أساس القرار الأميركي من أجل الوصول إلى اتفاق أوسع وأشمل، مستندين في ذلك إلى «الليونة» التي برزت في تصريحات سابقة لرئيس الجمهورية الإيرانية حسن روحاني، ولما يسر به المسؤولون الإيرانيون في اللقاءات المغلقة.
ونقلت وكالة الصحافة الفرنسية عن مصادر الإليزيه أمس في صوفيا قولها إن أوروبا بحاجة إلى «انتفاضة» ويتعين عليها الاختيار بين الخنوع أو الرد، عادّة أن عملية ليّ الذراع الحالية مع واشنطن «اختبار لسيادة أوروبا؛ بما في ذلك مع صديق كالولايات المتحدة»، كما أنها اختبار لقدرة الأوروبيين على «البقاء متحدين إزاء التحديات الخارجية».
وفي حين بدأت تبرز شيئا فشيئا مؤشرات تدل على عزم الشركات الأوروبية الكبرى على الانسحاب من إيران قبل حلول المواعيد الفاصلة للبدء بتطبيق العقوبات (أوائل أغسطس/ آب وبداية نوفمبر/ تشرين الثاني)، أفادت تقارير صحافية بأن الإدارة الأميركية أبلغت الأوروبيين الأسبوع الماضي بأن شركاتهم لن تحصل على إعفاءات لجهة فرض عقوبات وغرامات عليها إذا لم تحترم القرار الأميركي بوقف التعامل مع إيران. وبرز ذلك أول من أمس مع بيان شركة «توتال» الفرنسية وأمس مع قرار شركة «مايرسك» الدنماركية وقف تعاملها مع إيران.
وتتوقع مصادر في باريس أن یتواصل مسار الانسحاب، خصوصا مع الشركات التي لها حضور قوي في الولايات المتحدة أو لها شركاء أميركيون أو أنها تتعامل بالدولار... لذا، فإن الأوروبيين الثلاثة؛ «فرنسا وبريطانيا وألمانيا» ومعهم المفوضية الأوروبية التي يرأسها جان كلود يونكر، تعمل على بلورة «رد جماعي» على الإجراءات الأميركية للمحافظة على المصالح الأوروبية. إلا أن يونكر نفسه يعترف بأن الوسائل التي يمسك بها الأوروبيون «محدودة للغاية» بوجه القوانين الأميركية التي تتيح فرض عقوبات على شركات غير أميركية أو موجودة خارج التراب الأميركي، وغيرها من الأسباب الكثيرة التي تجعل هذه الشركات عرضة لإجراءات انتقامية أميركية.
رغم ذلك كله، فإن الأوروبيين؛ وعلى رأسهم فرنسا، يستمرون في السعي لمواجهة واشنطن. ونقلت صحيفة «لو فيغارو» عن وزير الاقتصاد الفرنسي برونو لومير قوله: «ليس للولايات المتحدة الأميركية أن تكون شرطي العالم الاقتصادي». لكن المشكلة أن التأكيد على المبادئ شيء وفرض تنفيذها شيء آخر.
وبحسب لومير، فإن الفرنسيين والأوروبيين يعملون على خطين: الأول، طلب إعفاءات للشركات الأوروبية العاملة في إيران، أو إطالة المهل المعطاة لها بحيث تحترم تنفيذ العقود التي وقعتها قبل القرار الأميركي الأخير. أم الخط الثاني؛ فيتمثل في «توفير الوسائل للدفاع عن المصالح الاقتصادية الأوروبية».
وعمليا، يعني كلام لومير أساسا، إعادة إحياء وتعزيز «قانون عام 1996» الذي تبناه الأوروبيون للدفاع عن مصالحهم بوجه العقوبات التي فرضتها إدارة الرئيس كلينتون في تلك المرحلة على إيران وكوبا والسودان. ويوفر القانون المذكور الحماية القانونية للشركات الأوروبية من أي ملاحقة؛ الأمر الذي دفع واشنطن وقتها للتراجع. لكن يبدو أن ما «أفاد» مع كلينتون لن يكون فاعلا مع ترمب، وهو ما توحي به التقارير الصحافية.
إضافة إلى ذلك، تريد باريس إيجاد قنوات تمويل جديدة بدل البنوك التجارية التقليدية للعمليات التجارية والاقتصادية مع إيران، كإنشاء صندوق أوروبي خاص لهذا الغرض أو الاعتماد على البنك الأوروبي للاستثمار. وسبق لمصارف فرنسية أن عانت من العقوبات المالية الأميركية بسبب استخدامها الدولار في معاملاتها مع إيران. وأخيرا، فإن باريس تقترح إيجاد مكتب شبيه بما لوزارة الخزانة الأميركية من أجل ملاحقة أصول الشركات الأجنبية ومعاقبتها في حال إخلالها بالقوانين الأميركية. ومن المنتظر أن يستضيف لومير نظيريه البريطاني والألماني الأسبوع المقبل للبحث في المقترحات الموجودة على الطاولة بالتوازي مع استمرار الاتصالات بالطرف الأميركي للتعرف رسميا على رد واشنطن على طلبات الإعفاء للشركات الأوروبية.



«الذرية الدولية»: إيران قبلت تعزيز إجراءات التفتيش في منشأة فوردو

مدير الوكالة الدولية رافائيل غروسي ونظيره الإيراني محمد إسلامي خلال مؤتمر صحافي في طهران منتصف نوفمبر 2024 (د.ب.أ)
مدير الوكالة الدولية رافائيل غروسي ونظيره الإيراني محمد إسلامي خلال مؤتمر صحافي في طهران منتصف نوفمبر 2024 (د.ب.أ)
TT

«الذرية الدولية»: إيران قبلت تعزيز إجراءات التفتيش في منشأة فوردو

مدير الوكالة الدولية رافائيل غروسي ونظيره الإيراني محمد إسلامي خلال مؤتمر صحافي في طهران منتصف نوفمبر 2024 (د.ب.أ)
مدير الوكالة الدولية رافائيل غروسي ونظيره الإيراني محمد إسلامي خلال مؤتمر صحافي في طهران منتصف نوفمبر 2024 (د.ب.أ)

وافقت إيران على تشديد الرقابة من قبل الوكالة الدولية للطاقة الذرية على منشأة فوردو الواقعة تحت الجبال، بعدما سرعت على نحو كبير تخصيب اليورانيوم بما يقترب من الدرجة المطلوبة لصناعة أسلحة.

وذكر تقرير للوكالة الدولية للطاقة الذرية، في تقرير سري لدول الأعضاء، أن إيران «وافقت على طلب الوكالة بزيادة وتيرة وكثافة تدابير الرقابة في منشأة فوردو لتخصيب الوقود، وتسهيل تطبيق هذا النهج الرقابي».

والأسبوع الماضي، أفادت الوكالة الدولية للطاقة الذرية بأن إيران ضاعفت وتيرة تخصيبها إلى نقاء يصل إلى 60 في المائة في منشأة فوردو، وهو مستوى قريب من 90 في المائة المطلوب لصنع الأسلحة النووية، ما اعتبرته القوى الغربية تصعيداً خطيراً في الخلاف مع إيران بشأن برنامجها النووي.

وأعلنت الوكالة أنها ستناقش الحاجة إلى إجراءات وقائية أكثر صرامة، مثل زيادة عمليات التفتيش في منشأة فوردو لتخصيب اليورانيوم، وهي واحدة من منشأتين تصلان إلى هذا المستوى العالي من التخصيب.

وجاء في التقرير السري الموجه إلى الدول الأعضاء: «وافقت إيران على طلب الوكالة زيادة وتيرة وشدة تنفيذ إجراءات الضمانات في منشأة فوردو، وتساهم في تنفيذ هذا النهج المعزز لضمانات السلامة».

ووفقاً للوكالة الدولية للطاقة الذرية، يمكن لفوردو الآن إنتاج أكثر من 34 كيلوغراماً شهرياً من اليورانيوم المخصب بنسبة تصل إلى 60 في المائة، مقارنة بـ5 إلى 7 كيلوغرامات كانت تنتجها مجتمعة في فوردو ومنشأة أخرى في نطنز فوق الأرض.

ووفقاً لمعايير الوكالة، فإن نحو 42 كيلوغراماً من اليورانيوم المخصب بنسبة 60 في المائة تكفي نظرياً، إذا تم تخصيبها أكثر، لصنع قنبلة نووية. إيران تمتلك بالفعل أكثر من أربعة أضعاف هذه الكمية، بالإضافة إلى ما يكفي لصنع المزيد من الأسلحة عند مستويات تخصيب أقل.

وتؤكد القوى الغربية أنه لا يوجد مبرر مدني لتخصيب إيران إلى هذا المستوى، حيث لم تقم أي دولة أخرى بذلك دون إنتاج أسلحة نووية. فيما تنفي إيران هذه الادعاءات، مؤكدة أن برنامجها النووي ذو أهداف سلمية بحتة.