الاتحاد الأوروبي يخصص دعماً مالياً ومساعدات إنسانية للطوارئ في غزة

TT

الاتحاد الأوروبي يخصص دعماً مالياً ومساعدات إنسانية للطوارئ في غزة

قال الجهاز التنفيذي للاتحاد الأوروبي، إنه تقرر تخصيص مبالغ مالية لتقديم مساعدات إنسانية لحالات الطوارئ في قطاع غزة. فقد أعلنت المفوضية الأوروبية في بروكسل، عن تقديم مساعدات إنسانية جديدة للمدنيين في غزة، الذين يحتاجون إلى مساعدات عاجلة. وسيتم توجيه تمويل بقيمة 3 ملايين يورو حصريا، للشركاء الناشطين في مجال العمل الإنساني، لتقديم المساعدة في مجالات الصحة والمياه والصرف الصحي للفلسطينيين الذين يحتاجون إلى مساعدة نقدية.
وقال المفوض الأوروبي لشؤون الأزمات والمساعدات الإنسانية، كريستوس ستايلندس، إن مساعدات الطوارئ التي يقدمها الاتحاد الأوروبي، سوف تساهم في توفير الاحتياجات الأساسية للمدنيين، وضمان وصول مساعدات إنسانية على نحو مرن ومستمر. وشدد المسؤول الأوروبي على ضرورة السماح للسلع والمعدات الهامة بدخول غزة في الوقت المناسب. وأشار بيان أوروبي صدر في بروكسل أمس، إلى أن المفوضية خصصت في العام الماضي، 13 مليون يورو ونصف المليون يورو لقطاع غزة في إطار تمويل إنساني بلغ 20 مليون يورو. وفي بروكسل أيضا، استدعت الخارجية البلجيكية السفيرة الإسرائيلية لديها، سيمون فرانكل، عقب تصريحات أثارت ردود أفعال غاضبة في الأوساط المختلفة، بعد أن وصفت، خلال احتجاجات أخيرة، قتلى الفلسطينيين على أيدي الجنود الإسرائيليين بأنهم «إرهابيون».
وكانت الحكومة البلجيكية قد اعتبرت ما حدث من جانب قوات الأمن الإسرائيلية ضد المتظاهرين الفلسطينيين، أمرا غير مقبول، وخاصة بعد مقتل أكثر من 60 شخصا خلال مسيرات العودة السلمية، بينهم أطفال. واتصل رئيس الوزراء البلجيكي شارل ميشال، بالأمين العام للأمم المتحدة، وطالب بإجراء تحقيق دولي، وقال إن هذا الأمر لا يجب أن يمر من دون عقاب.
ولكن السفيرة الإسرائيلية خرجت لتقول في برنامج تلفزيوني، إن لديها انطباعا بأن السلطات البلجيكية «لا تفهم جيدا حقيقة ما حدث». وقالت وسائل الإعلام البلجيكية أمس، ومنها موقع صحيفة دي مورغن، إن السفيرة لم تتراجع عن تصريحاتها على الرغم من استدعائها من قبل الخارجية. بينما نقلت وسائل إعلام أخرى، ومنها موقع صحيفة ستاندرد، أن السفيرة تراجعت جزئيا عندما قالت: «ربما استخدامي لكلمة إرهابيين لم يكن مناسبا، ولكن أردت هنا أن أقول إنهم تحركوا بناء على تعليمات من حركة حماس الإرهابية».
وكانت السفارة الفلسطينية في بروكسل ولدى الاتحاد الأوروبي، قد علقت على تصريحات السفيرة بالقول: «عليها أن تعرض نفسها على طبيب نفساني». وتساءلت: كيف يمكن لشخص عاقل أن يصف طفلا ضحية عمره ثمانية أشهر بالإرهابي؟
وردت السفيرة الإسرائيلية على ذلك قائلة: «هل يعقل أن يذهب طفل في هذه السن إلى مناطق حدودية يوجد فيها صدام مع جنود مسلحين من دون أن يصطحبه أحد معه؟».
وأوضح وزير التعاون الدولي البلجيكي ألكسندر ديكرو، أن استدعاء السفيرة الإسرائيلية لا يعني حدوث أزمة دبلوماسية بين الدولتين، مشددا على أن بلاده كانت حريصة دائما، على لعب دور الوسيط بين الجانبين، ومن يريد أن يقوم بهذا الدور عليه أن يبقي على قنوات الاتصال والحوار.
وكانت بلجيكا نبهت، منذ البداية، بأن القرار الأميركي ينطوي على مخاطر جمة، وأن نقل السفارة لن يجعل الوضع أكثر أمناً، فـ«تصرفات كل من ترمب ونتنياهو تدفع الأوضاع باتجاه التصعيد وتسير بالاتجاه الخاطئ»، وفق حديث لرئيس الوزراء الذي ناشد الاتحاد الأوروبي التحرك بفاعلية أكبر، واستخدام كافة إمكانياته، بوصفه شريكاً تجارياً رئيسياً لإسرائيل ومانحاً للفلسطينيين، من أجل دفع الطرفين نحو مفاوضات تؤدي إلى حل النزاع على أساس الدولتين.
وكانت منسقة السياسة الخارجية في الاتحاد الأوروبي، فيديريكا موغيريني، قد دعت الطرفين الفلسطيني والإسرائيلي إلى التحلي بالمسؤولية وضبط النفس وعدم التصعيد، مع التركيز على أهمية مدينة القدس بالنسبة للطرفين. لكن بيانها الصادر بهذا الشأن، خلا من أي إدانة للعنف الإسرائيلي في قطاع غزة.



القطن المصري... محاولة حكومية لاستعادة «عصره الذهبي» تواجه تحديات

مصطفى مدبولي بصحبة عدد من الوزراء خلال تفقده مصنع الغزل والنسيج في المحلة (مجلس الوزراء المصري)
مصطفى مدبولي بصحبة عدد من الوزراء خلال تفقده مصنع الغزل والنسيج في المحلة (مجلس الوزراء المصري)
TT

القطن المصري... محاولة حكومية لاستعادة «عصره الذهبي» تواجه تحديات

مصطفى مدبولي بصحبة عدد من الوزراء خلال تفقده مصنع الغزل والنسيج في المحلة (مجلس الوزراء المصري)
مصطفى مدبولي بصحبة عدد من الوزراء خلال تفقده مصنع الغزل والنسيج في المحلة (مجلس الوزراء المصري)

تراهن الحكومة المصرية على القطن المشهور بجودته، لاستنهاض صناعة الغزل والنسيج وتصدير منتجاتها إلى الخارج، لكن رهانها يواجه تحديات عدة في ظل تراجع المساحات المزروعة من «الذهب الأبيض»، وانخفاض مؤشرات زيادتها قريباً.

ويمتاز القطن المصري بأنه طويل التيلة، وتزرعه دول محدودة حول العالم، حيث يُستخدم في صناعة الأقمشة الفاخرة. وقد ذاع صيته عالمياً منذ القرن التاسع عشر، حتى أن بعض دور الأزياء السويسرية كانت تعتمد عليه بشكل أساسي، حسب كتاب «سبع خواجات - سير رواد الصناعة الأجانب في مصر»، للكاتب مصطفى عبيد.

ولم يكن القطن بالنسبة لمصر مجرد محصول، بل «وقود» لصناعة الغزل والنسيج، «التي مثلت 40 في المائة من قوة الاقتصاد المصري في مرحلة ما، قبل أن تتهاوى وتصل إلى ما بين 2.5 و3 في المائة حالياً»، حسب رئيس الوزراء المصري مصطفى مدبولي، الذي أكد عناية الدولة باستنهاض هذه الصناعة مجدداً، خلال مؤتمر صحافي من داخل مصنع غزل «1» في مدينة المحلة 28 ديسمبر (كانون الأول) الماضي.

أشار مدبولي، حسب ما نقله بيان مجلس الوزراء، إلى أن مشروع «إحياء الأصول» في الغزل والنسيج يتكلف 56 مليار جنيه (الدولار يعادل 50.7 جنيها مصري)، ويبدأ من حلج القطن، ثم تحويله غزلاً فنسيجاً أو قماشاً، ثم صبغه وتطويره حتى يصل إلى مُنتج سواء ملابس أو منسوجات، متطلعاً إلى أن ينتهي المشروع نهاية 2025 أو بداية 2026 على الأكثر.

وتكمن أهمية المشروع لمصر باعتباره مصدراً للدولار الذي تعاني الدولة من نقصه منذ سنوات؛ ما تسبب في أزمة اقتصادية دفعت الحكومة إلى الاقتراض من صندوق النقد الدولي؛ مرتين أولاهما عام 2016 ثم في 2023.

وبينما دعا مدبولي المزارعين إلى زيادة المساحة المزروعة من القطن، أراد أن يطمئن الذين خسروا من زراعته، أو هجروه لزراعة الذرة والموالح، قائلاً: «مع انتهاء تطوير هذه القلعة الصناعية العام المقبل، فسوف نحتاج إلى كل ما تتم زراعته في مصر لتشغيل تلك المصانع».

وتراجعت زراعة القطن في مصر خلال الفترة من 2000 إلى عام 2021 بنسبة 54 في المائة، من 518 ألفاً و33 فداناً، إلى 237 ألفاً و72 فداناً، حسب دراسة صادرة عن مركز البحوث الزراعية في أبريل (نيسان) الماضي.

وأرجعت الدراسة انكماش مساحته إلى مشكلات خاصة بمدخلات الإنتاج من بذور وتقاوٍ وأسمدة، بالإضافة إلى أزمات مرتبطة بالتسويق.

أزمات الفلاحين

سمع المزارع الستيني محمد سعد، وعود رئيس الوزراء من شاشة تليفزيون منزله في محافظة الغربية (دلتا النيل)، لكنه ما زال قلقاً من زراعة القطن الموسم المقبل، الذي يبدأ في غضون 3 أشهر، تحديداً مارس (آذار) كل عام.

يقول لـ«الشرق الأوسط»: «زرعت قطناً الموسم الماضي، لكن التقاوي لم تثمر كما ينبغي... لو كنت أجَّرت الأرض لكسبت أكثر دون عناء». وأشار إلى أنه قرر الموسم المقبل زراعة ذرة أو موالح بدلاً منه.

نقيب الفلاحين المصري حسين أبو صدام (صفحته بفيسبوك)

على بعد مئات الكيلومترات، في محافظة المنيا (جنوب مصر)، زرع نقيب الفلاحين حسين أبو صدام، القطن وكان أفضل حظاً من سعد، فأزهر محصوله، وحصده مع غيره من المزارعين بقريته في أكتوبر (تشرين الأول) الماضي، لكن أزمة أخرى خيَّبت أملهم، متوقعاً أن تتراجع زراعة القطن الموسم المقبل مقارنة بالماضي (2024)، الذي بلغت المساحة المزروعة فيه 311 ألف فدان.

تتلخص الأزمة التي شرحها أبو صدام لـ«الشرق الأوسط» في التسويق، قائلاً إن «المحصول تراكم لدى الفلاحين شهوراً عدة؛ لرفض التجار شراءه وفق سعر الضمان الذي سبق وحدَّدته الحكومة لتشجيع الفلاح على زراعة القطن وزيادة المحصول».

ويوضح أن سعر الضمان هو سعر متغير تحدده الحكومة للفلاح قبل أو خلال الموسم الزراعي، وتضمن به ألا يبيع القنطار (وحدة قياس تساوي 100 كيلوغرام) بأقل منه، ويمكن أن يزيد السعر حسب المزايدات التي تقيمها الحكومة لعرض القطن على التجار.

وكان سعر الضمان الموسم الماضي 10 آلاف جنيه، لمحصول القطن من الوجه القبلي، و12 ألف جنيه للمحصول من الوجه البحري «الأعلى جودة». لكن رياح القطن لم تجرِ كما تشتهي سفن الحكومة، حيث انخفضت قيمة القطن المصري عالمياً في السوق، وأرجع نقيب الفلاحين ذلك إلى «الأزمات الإقليمية وتراجع الطلب عليه».

ويحدّد رئيس قسم بحوث المعاملات الزراعية في معهد بحوث القطن التابع لوزارة الزراعة، الدكتور مصطفى عمارة، فارق سعر الضمان عن سعر السوق بنحو ألفي جنيه؛ ما نتج منه عزوف من التجار عن الشراء.

وأكد عمارة أن الدولة تدخلت واشترت جزءاً من المحصول، وحاولت التيسير على التجار لشراء الجزء المتبقي، مقابل أن تعوض هي الفلاح عن الفارق، لكن التجار تراجعوا؛ ما عمق الأزمة في السوق.

يتفق معه نقيب الفلاحين، مؤكداً أن مزارعي القطن يتعرضون لخسارة مستمرة «سواء في المحصول نفسه أو في عدم حصول الفلاح على أمواله؛ ما جعل كثيرين يسخطون وينون عدم تكرار التجربة».

د. مصطفى عمارة رئيس قسم بحوث المعاملات الزراعية (مركز المعلومات ودعم اتخاذ القرار المصري)

فرصة ثانية

يتفق المزارع ونقيب الفلاحين والمسؤول في مركز أبحاث القطن، على أن الحكومة أمامها تحدٍ صعب، لكنه ليس مستحيلاً كي تحافظ على مساحة القطن المزروعة وزيادتها.

أول مفاتيح الحل سرعة استيعاب أزمة الموسم الماضي وشراء المحصول من الفلاحين، ثم إعلان سعر ضمان مجزٍ قبل موسم الزراعة بفترة كافية، وتوفير التقاوي والأسمدة، والأهم الذي أكد عليه المزارع من الغربية محمد سعد، هو عودة نظام الإشراف والمراقبة والعناية بمنظومة زراعة القطن.

ويحذر رئيس قسم بحوث المعاملات الزراعية في معهد بحوث القطن من هجران الفلاحين لزراعة القطن، قائلاً: «لو فلاح القطن هجره فـلن نعوضه».

أنواع جديدة

يشير رئيس غرفة الصناعات النسيجية في اتحاد الصناعات محمد المرشدي، إلى حاجة مصر ليس فقط إلى إقناع الفلاحين بزراعة القطن، لكن أيضاً إلى تعدد أنواعه، موضحاً لـ«الشرق الأوسط» أن القطن طويل التيلة رغم تميزه الشديد، لكن نسبة دخوله في المنسوجات عالمياً قليلة ولا تقارن بالقطن قصير التيلة.

ويؤكد المسؤول في معهد بحوث القطن أنهم استنبطوا بالفعل الكثير من الأنواع الجديدة، وأن خطة الدولة للنهوض بصناعة القطن تبدأ من الزراعة، متمنياً أن يقتنع الفلاح ويساعدهم فيها.