الجربا يتوجه لسحب الثقة من حكومة طعمة

زعيم الائتلاف يتجه لحشد الأصوات اللأزمة.. والمجلس العسكري يتبنى تحركا مماثلا

الجربا يتوجه لسحب الثقة من حكومة طعمة
TT

الجربا يتوجه لسحب الثقة من حكومة طعمة

الجربا يتوجه لسحب الثقة من حكومة طعمة

كشف إلغاء الائتلاف السوري المعارض قرار حلّ المجلس العسكري التابع لهيئة أركان الجيش السوري الحر الصادر أول من أمس من قبل رئاسة الحكومة السورية المؤقتة، عن صراع بين المؤسستين الأكثر أهمية داخل المعارضة السورية، نتيجة التضارب في صلاحيات كل منهما، لا سيما تلك المرتبطة بالأمور العسكرية.
وكان رئيس الحكومة المؤقتة أحمد طعمة أصدر قرارا أول من أمس بحل المجلس العسكري التابع لهيئة الأركان وإحالة أعضائه، بمن فيهم رئيسه عبد الإله البشير، إلى «التحقيق»، لكن المجلس عد ما صدر عن رئيس الحكومة «خطأ قانونيا جسيما يستوجب المحاسبة»، وطالب الائتلاف المعارض باتخاذ «الإجراء القانوني المناسب بحق طعمة، انطلاقا من تصرفه غير المسؤول».
الجدل بين الطرفين حسمه بعد ساعات رئيس الائتلاف المعارض أحمد الجربا الذي ألغى قرار حلّ المجلس العسكري لأنه «يخرج عن إطار صلاحيات الحكومة المؤقتة ورئيسها ويخالف المادة 31 من النظام الأساسي للائتلاف الذي ينص بوضوح على تبعية ومرجعية القيادة العسكرية العليا للائتلاف»، بحسب بيان صدر عن رئاسة الائتلاف.
وأشار البيان إلى أن «تجاوزات (رئيس الحكومة) ستحال للمناقشة في إطار الهيئتين السياسية والعامة في أول اجتماع ينعقد لهما، لاتخاذ الإجراءات المناسبة بخصوصها وفق النظام الأساسي».
وكشفت مصادر داخل الائتلاف المعارض لـ«الشرق الأوسط» أمس عن أن «الجربا لن يكتفي بإلغاء قرار حل المجلس العسكري، بل سيعمل على حشد عدد كاف من الأصوات داخل الائتلاف لسحب الثقة من رئيس الحكومة أحمد طعمة». ورغم أن ولاية الجربا ستنتهي بعد يومين، تمهيدا لإجراء انتخابات للهيئة الرئاسية، فإن المصادر ذاتها تؤكد أن «الجربا سيبقى صاحب النفوذ داخل الائتلاف حتى بعد مغادرته منصبه، ما يعني أن مسألة حجب الثقة عن طعمة لن تتأثر بالتغيرات على صعيد المناصب». وحسب النظام الداخلي للائتلاف، يتطلب سحب الثقة الحصول على تأييد النصف زائد واحد من أعضاء الهيئة العامة البالغ عددهم 121.
وليس المجلس العسكري نفسه الذي حاول طعمة إحالته إلى «التحقيق»، بعيدا عن هذه الخطوة، إذ أشار أحد أعضائه أبو أحمد العاصمي لـ«الشرق الأوسط» إلى أن «لديه 15 عضوا في الائتلاف ما يمكنه من طرح سحب الثقة عن رئيس الحكومة»، متوقعا أن «يحظى طلبه بموافقة الجزء الأكبر من أعضاء الائتلاف». ووصف العاصمي طعمة بأنه «انفعالي ويعمد إلى شخصنة مشكلاته مع خصومه»، موضحا أن «علاقة المجلس مع الحكومة كانت دائما متوترة وغير سليمة، على عكس علاقته الجدية مع الائتلاف المعارض».
في المقابل، قلل مدير المكتب الإعلامي لوزارة الدفاع التابعة للحكومة المؤقتة كنان محمد لـ«الشرق الأوسط» من قدرة خصوم رئيس الحكومة على سحب الثقة منه. وبرر قرار طعمة عزل المجلس العسكري بـ«ضعف تأثير أعضائه على المقاتلين في الجبهات ميدانيا»، مشيرا إلى أن «معظمهم يقيم في تركيا وليس لهم أي فاعلية على الأرض».
ويرجع الخلاف بين الجربا وطعمة، بحسب مصادر الائتلاف، إلى «التضارب في الصلاحيات المتعلقة بالشؤون العسكرية، ففي حين ينص النظام الداخلي للائتلاف على أن وزارتي الداخلية والدفاع المعنيتين بأمور العسكرة يتبعان قرار الائتلاف، يسعى طعمة إلى التدخل بشؤون الوزارتين معتبرا إياهما جزءا من حكومته».
وللحد من تضارب الصلاحيات الحاصل بين الجهتين، يقترح عضو الائتلاف المعارض، ميشيل كيلو، في تصريحات لـ«الشرق الأوسط»: «تحديد صلاحيات كل جهة بشكل دقيق بما لا يسبب أي التباس»، مشيرا إلى أن «هذه المهمة أوكلت إلى اللجنة القانونية في الائتلاف، لكنها لم تحرز أي تقدم نتيجة الاصطفافات الحادة بين أقطاب الائتلاف وإصرار كل قطب على تحسين موقعه على حساب القطب الآخر».
ورغم أن الصراع بين رئيسي الائتلاف والحكومة يتمحور حول امتلاك القرار العسكري والتحكم به، عبر السيطرة على المجلس العسكري الأعلى التابع لوزارة الدفاع المؤقتة، فإن هذا المجلس لا يملك فاعلية على الأرض.
وتشير مصادر الائتلاف إلى أن «كبار القادة المنضوين فيه يقيمون في تركيا ولا يعرفون شيئا عن حيثيات الميدان»، وهو ما يبرر، على حد تعبيرها، «رفض الولايات المتحدة دعم المعارضة المسلحة عبر المجلس الأعلى، مفضلة تقديم المساعدات إلى تنظيمات أكثر انضباطا وعملا مثل حركة حزم».
وكانت تقارير إعلامية غربية أشارت في وقت سابق إلى أن حركة «حزم» تحظى بثقة الإدارة الأميركية التي اقتصر دعمها حتى الآن للمعارضة السورية المسلحة، على مساعدات غير فتاكة بقيمة 287 مليون دولار. وتزامن هذا التخبط داخل مؤسسات المعارضة مع طلب الرئيس الأميركي باراك أوباما قبل أيام، من الكونغرس، رصد مبلغ 500 مليون دولار للمساعدة في «تدريب وتجهيز» المعارضة السورية المعتدلة.



تحذير يمني من إقدام الحوثيين على إعدام 3 معتقلين

الحوثيون أعدموا في 2021 تسعة من سكان الحديدة بينهم قاصر بعد محاكمة وُصفت بـ«الجائرة» (أ.ف.ب)
الحوثيون أعدموا في 2021 تسعة من سكان الحديدة بينهم قاصر بعد محاكمة وُصفت بـ«الجائرة» (أ.ف.ب)
TT

تحذير يمني من إقدام الحوثيين على إعدام 3 معتقلين

الحوثيون أعدموا في 2021 تسعة من سكان الحديدة بينهم قاصر بعد محاكمة وُصفت بـ«الجائرة» (أ.ف.ب)
الحوثيون أعدموا في 2021 تسعة من سكان الحديدة بينهم قاصر بعد محاكمة وُصفت بـ«الجائرة» (أ.ف.ب)

حذّرت الحكومة اليمنية ومنظمات حقوقية من إقدام الحوثيين على إعدام 3 من المعارضين السياسيين بعد مصادقة «الشعبة الاستئنافية» في محكمة أمن الدولة، التي يديرها الحوثيون، على أحكام بإعدام الـ3 المختطفين منذ عام 2015.

ودانت «هيئة الأسرى والمختطفين»، بشدة، أحكام الإعدام، وأكدت أن الأشخاص الـ3 اختُطفوا من قبل مخابرات الحوثيين في نهاية عام 2015 ضمن سلسلة اختطافات استهدفت الخصوم السياسيين.

ورأت الهيئة أن قرارات الإعدام جاءت بعد محاكمة سياسية صورية تفتقر إلى أدنى معايير العدالة والنزاهة. وأكدت أن جميع الإجراءات التي رافقت وسبقت تلك المحاكمة كانت غير صحيحة وباطلة قانوناً، فضلاً عن انتفاء الولاية القضائية عن المحكمة التي أصدرتها.

ووفق بيان الهيئة شبه الحكومية، فإن المختطفين الـ3 ظلوا مخفيين قسرياً لمدة 5 سنوات و5 أشهر، حُرموا خلالها من حق الدفاع عن أنفسهم، وتعرّضوا للتعذيب الوحشي؛ النفسي والجسدي.

الحوثيون متهمون باختطاف المدنيين لمقايضتهم بأسراهم الذين قبض عليهم في الجبهات (إعلام محلي)

ووصفت الهيئة المحاكمات بـ«الصورية»، وقالت إن هدفها استباحة دماء الأبرياء. ونبّهت إلى أن الانتهاكات المستمرة لحقوق الإنسان والقوانين الدولية والوطنية من قبل جماعة الحوثي ستقوِّض جهود السلام في البلاد.

ودعت الهيئة المجتمع الدولي إلى التحرك الفوري للضغط على جماعة الحوثي؛ لوقف تنفيذ قرارات الإعدام وإلغائها، وإطلاق سراح جميع المختطفين السياسيين فوراً دون قيد أو شرط، تنفيذاً لقرار مجلس الأمن 2216، وتعويض الضحايا عمّا لحق بهم من أضرار. ‏وقالت إن استرخاص دماء الضحايا بهذه الطريقة المفزعة يستدعي تحركاً دولياً حاسماً.

تنديد حقوقي

استنكرت «رابطة أمهات المختطفين»، وهي منظمة حقوقية، من جهتها، تأييد «الشعبة الجزائية الاستئنافية» في المحكمة المتخصصة بقضايا الإرهاب وأمن الدولة التي يديرها الحوثيون، قرار الإعدام بحق كل من: إسماعيل أبو الغيث (29 عاماً)، وعبد العزيز العقيلي (51 عاماً)، وصغير أحمد فارع (47 عاماً).

وقالت الرابطة إن المعايير الدولية لحقوق الإنسان تكفل للأشخاص المتهمين بارتكاب جرائم عقوبتها الإعدام الحقَ في الحصول على أعلى قدر من الالتزام الصارم بجميع ضمانات المحاكمة العادلة وضمانات إضافية معينة.

الحوثيون استغلوا الحرب في غزة لقمع معارضيهم واعتقال الموظفين في المنظمات الدولية (أ.ف.ب)

وأكدت الرابطة، التي تتولى الدفاع عن جميع المعتقلين لدى الحوثيين أو الجانب الحكومي، أن إجراءات النظر في هذه القضية صاحبها كثيرٌ من الخروق، والاختلالات المتعمدة بدءاً من إجراءات القبض، حيث لم يتم التعريف بهوية منفّذي القبض، ولم يكن لديهم إذن من النيابة أو أمر من الضبط القضائي، ولم يُسمَح للمعتقلين بالتواصل مع ذويهم أو مع محامٍ للدفاع عنهم، في مخالفة صريحة للنصوص الدستورية والقانونية.

وأوضحت الرابطة أن المعتقلين الـ3 ظلوا رهن الاختفاء القسري، في أماكن احتجاز غير رسمية لمدة تزيد على الـ5 سنوات، حُرموا خلالها من الوصول لأي مساعدة قانونية، كما حُرموا من أي تواصل أو زيارة مع ذويهم حتى تاريخ 13 مارس (آذار) عام 2021، حيث سُمح لعائلاتهم بزيارتهم للمرة الأولى منذ اختطافهم، وقد ذكر المعتقلون أنهم تعرّضوا خلال الاستجواب للعنف والتعذيب النفسي والجسدي، حتى تأثرت قدرة أحدهم على الحركة والوقوف.

وكانت مخابرات الحوثيين أحالت المعارضين الـ3 إلى النيابة في 3 أبريل (نيسان) 2021، واتهمتهم بتشكيل عصابة مسلحة، والضلوع في مقتل 3 من عناصر الجماعة الحوثية.

مسلحون حوثيون يشاركون في استعراض ضد الولايات المتحدة (د.ب.أ)

وذكرت الرابطة أن الـ3 المعتقلين أُخضعوا لمحاكمة جائرة لا تنطبق عليها معايير ومبادئ المحاكمة العادلة بحسب القوانين الوطنية والدولية. ودعت جميع المنظمات، والمبعوث الأممي، والأمين العام للأمم المتحدة للتحرك الجاد والضغط على جماعة الحوثيين لوقف أحكام الإعدام بحق المحتجزين تعسفياً، وفق محاكمات لا تتوفر فيها ضمانات المحاكمات العادلة.

القضاء أداة للانتقام

في سياق الإدانات لسلوك الحوثيين، رأى «المركز الأميركي للعدالة»، وهو منظمة حقوقية، أن الأحكام الحوثية بالإعدام جزء من سلسلة عمليات الاختطاف التي نُفّذت ضد الخصوم السياسيين.

وقال المركز إن جماعة الحوثي تواصل استخدام الأجهزة القضائية الخاضعة لسيطرتها؛ لإضفاء الشرعية على قراراتها ضد المختطفين. ووصف الأحكام بـ«الباطلة» قانوناً؛ لأنها تصدر عن هيئات تفتقر إلى السلطة القضائية، علاوة على أنها تفتقر إلى الحد الأدنى من معايير العدالة والإنصاف. وجدّد المركز الدعوة للمجتمع الدولي لاتخاذ إجراءات فورية وجادة، والضغط على جماعة الحوثي لوقف هذه المحاكمات، وإلغاء هذه القرارات بشكل سريع.

وزير الإعلام اليمني معمر الإرياني (سبأ)

وكانت الحكومة اليمنية ذكرت أن الحوثيين أصدروا 350 حكم إعدام بحق معارضين لها منذ اندلاع الحرب. وأكد معمر الإرياني وزير الإعلام والثقافة والسياحة، أن عناصر الجماعة أصدروا أخيراً أوامر بقتل 6 من أبناء محافظة المحويت، بينهم 3 معلمين تعرّضوا للاختطاف والإخفاء القسري وصنوف التعذيب النفسي والجسدي طوال 8 أعوام.

وبحسب ما قاله الوزير اليمني، فإن تقارير حقوقية تشير إلى أن الحوثيين أصدروا منذ انقلابهم على الدولة 350 حكماً بالإعدام بحق سياسيين، وإعلاميين، وصحافيين، ونشطاء، وعسكريين، عارضوا مشروعها الانقلابي.

وأشار الإرياني إلى أن الجماعة نفّذت بالفعل عدداً من هذه الأحكام في استخدام سافر للقضاء أداةً لإرهاب معارضيها وتصفية حساباتها مع خصومها السياسيين.