ليبيا: قوات حفتر تحقق تقدماً في معارك تحرير درنة

برلمان طبرق يتأهب للانتقال إلى بنغازي

مهاجرون تم إنقاذهم قبالة سواحل ليبيا خلال إبحارهم نحو أوروبا في 12 مايو الحالي  (أ.ف.ب)
مهاجرون تم إنقاذهم قبالة سواحل ليبيا خلال إبحارهم نحو أوروبا في 12 مايو الحالي (أ.ف.ب)
TT

ليبيا: قوات حفتر تحقق تقدماً في معارك تحرير درنة

مهاجرون تم إنقاذهم قبالة سواحل ليبيا خلال إبحارهم نحو أوروبا في 12 مايو الحالي  (أ.ف.ب)
مهاجرون تم إنقاذهم قبالة سواحل ليبيا خلال إبحارهم نحو أوروبا في 12 مايو الحالي (أ.ف.ب)

في حين حققت قوات الجيش الوطني الليبي مزيداً من التقدم في معارك تحرير مدينة درنة الساحلية شرق البلاد، أعلن رئيس مجلس النواب، المستشار عقيلة صالح، أمس، أن البرلمان الموجود في مدينة طبرق بأقصى الشرق، سيناقش الأسبوع المقبل مقترحاً لنقل مقره إلى مدينة بنغازي.
ورحب صالح بدعوة عدد من أعضاء المجلس لانتقال مقره المؤقت حالياً في طبرق إلى مقره الرسمي بمدينة بنغازي. ولفت في بيان إلى أن «بنغازي هي المقر الرسمي للمجلس وفقاً للإعلان الدستوري»، مشيداً بما وصفه بـ«الدور التاريخي لمدينة طبرق التي احتضنت مجلس النواب في ظروف تاريخية ومفصلية من تاريخ الوطن، وعلى ما قدمته مدينة بنغازي وأهلها من تضحيات كبيرة للقضاء على الإرهاب والتطرف».
وأكد أن انتقال المجلس لمقره الرسمي في بنغازي سيُعرض في جلسة مجلس النواب الثلاثاء المقبل للنظر فيه واتخاذ قرار رسمي وفقاً للإعلان الدستوري. ودعا صالح كافة أعضاء المجلس لحضور الجلسة.
من جانبه، ناقش المشير خليفة حفتر، القائد العام للجيش الوطني الليبي، مع قادة محاور القتال بمدية درنة، التابعين لـ«غرفة عمليات الكرامة»، خلال لقائه بهم مساء أول من أمس بمقره في الرجمة خارج بنغازي، وضع ما وصفه بـ«الخطط اللازمة للانقضاض على العدو حيثما وجد». وقال مكتب حفتر في بيان مقتضب، إنه أعطى تعليماته بشأن المعارك الدائرة ضد «الإرهابيين» في المدينة الساحلية التي تعتبر آخر مدن منطقة الساحل الليبي شرقاً التي لا تزال خارج سيطرة الجيش.
كما ناقش حفتر مع إبراهيم بوشناف، وزير الداخلية في الحكومة المؤقتة، الأوضاع الأمنية في مدينة بنغازي، حيث أكد حفتر، بحسب بيان منفصل، ضرورة العمل على مدى اليوم والساعة لزيادة بسط الأمن وحماية المواطن، ومنع أي خروقات أمنية والحيلولة دون وقوعها.
وتأتي هذه الاجتماعات، في حين أسفرت اشتباكات عنيفة اندلعت بين قوات الجيش الوطني وميلشيات «مجلس شورى مجاهدي درنة» عن مقتل 9 مسلحين، وإصابة أكثر من 10 بجروح، وفقاً لما أعلنه مصدر طبي بمستشفى الوحدة بدرنة.
وفي حين أفيد بتحقيق قوات الجيش الوطني «تقدماً كبيراً» في محاور القتال جنوب درنة، أكد العميد أحمد المسماري، المتحدث باسم الجيش، اعتقال 21 إرهابياً في درنة، من بينهم 6 من جنسيات أجنبية.
وقال مسؤولون عسكريون، إن الجيش هاجم أهدافاً للمتطرفين بدرنة باستخدام طائرات ومدفعية، وأكدوا السيطرة على صومعة للقمح وقرى على مشارف المدينة، في أول هجوم رئيسي منذ أن أعلن حفتر خلال الأسبوع الماضي أنه سيسيطر على المدينة، آخر معاقل الجماعات المتطرفة في شرق البلاد.
وحاصر الجيش الوطني الليبي المدينة الواقعة على الطريق الرئيسي الساحلي بين بنغازي ومصر، ويهدد منذ فترة طويلة ببدء عمليات برية هناك، واقتصر هجومه هناك في السابق على توجيه ضربات جوية وقصف مدفعي بين الحين والآخر.
وقال عبد الكريم صبرا، المتحدث باسم العملية العسكرية، إن قوات الجيش تتقدم على خمس جبهات مدعومة بضربات جوية وقصف مدفعي، بينما أكدت مصادر عسكرية أن القوات تقدمت نحو قرى تبعد نحو أربعة كيلومترات من المدينة.
وتأكيداً على هذا التقدم، وزعت شعبة الإعلام الحربي التابعة للجيش لقطات فيديو مصورة، تظهر مشاهد أثناء تقدم قوات الجيش وبسط سيطرتها على أهم المواقع الرئيسية للمسلحين في درنة.
وتفرض قوات الجيش الوطني منذ منتصف عام 2015 حصاراً برياً وبحرياً على درنة، ولا تسمح للمواطنين بالدخول والخروج منها باستثناء الحالات الإنسانية والطبية؛ إذ تعد درنة هي المدينة الساحلية الوحيدة خارج سيطرة الجيش شرقي البلاد وتخضع في المقابل لائتلاف مجموعات متشددة تحت عباءة تنظيم «مجلس شورى مجاهدي درنة» المعروف بولائه لتنظيم «القاعدة».
إلى ذلك، أعلنت منظمة العفو الدولية زيادة عدد المهاجرين واللاجئين الذين تم اعتراضهم في عرض البحر على أيدي السلطات الليبية، مشيرة إلى ترحيل ما لا يقل عن 2600 شخص، خلال الشهرين الماضيين فقط، إلى مراكز احتجاز «مزرية» حيث يتعرضون لـ«التعذيب والابتزاز». واتهمت المنظمة، في بيان، الحكومات الأوروبية بالتواطؤ في هذه الانتهاكات من خلال دعم السلطات الليبية دعماً نشطاً في اعتراض طرق عبور الأشخاص في عرض البحر، وإعادتهم إلى مراكز الاحتجاز في ليبيا.
ونقلت عن هبة مرايف، مديرة برنامج الشرق الأوسط وشمال أفريقيا بالمنظمة، أن «الاتحاد الأوروبي يغض الطرف عن المعاناة التي تسببها سياسات الهجرة القاسية التي تعهد إلى ليبيا بمهمة مراقبة الحدود». واعتبرت، أنه «يجب على الاتحاد الأوروبي التوقف عن استخدام خفر السواحل الليبي لحصر الناس في ليبيا، والعمل بدلاً عن ذلك على إغلاق مراكز الاحتجاز، وإعادة توطين اللاجئين في أوروبا».
ورأت أنه على الاتحاد الأوروبي تعديل عملية تعاونه مع ليبيا، واشتراط أي دعم لليبيا، مالياً أو غير ذلك، بالتعاون الكامل من قبل السلطات الليبية في احترام حقوق اللاجئين والمهاجرين في البلاد. ودعت المنظمة إلى توفير الحماية وتقديم المساعدة لجميع المهاجرين واللاجئين المفرج عنهم أثناء بقائهم على الأراضي الليبية، مشيرة إلى أنه ينبغي على السلطات الليبية التفاوض على مذكرة تفاهم مع المفوضية للاعتراف بوضعها في ليبيا، وتمكينها من الاضطلاع بمهمتها بالكامل.



«الجبهة الوطنية»... حزب مصري جديد يثير تساؤلات وانتقادات

مصريون بمحافظة القاهرة يشاركون في حملة جمع توكيلات لحزب «الجبهة الوطنية» الجديد (صفحة الحزب - فيسبوك)
مصريون بمحافظة القاهرة يشاركون في حملة جمع توكيلات لحزب «الجبهة الوطنية» الجديد (صفحة الحزب - فيسبوك)
TT

«الجبهة الوطنية»... حزب مصري جديد يثير تساؤلات وانتقادات

مصريون بمحافظة القاهرة يشاركون في حملة جمع توكيلات لحزب «الجبهة الوطنية» الجديد (صفحة الحزب - فيسبوك)
مصريون بمحافظة القاهرة يشاركون في حملة جمع توكيلات لحزب «الجبهة الوطنية» الجديد (صفحة الحزب - فيسبوك)

ما زال حزب «الجبهة الوطنية» المصري الجديد يثير انتقادات وتساؤلات بشأن برنامجه وأهدافه وطبيعة دوره السياسي في المرحلة المقبلة، خاصة مع تأكيد مؤسسيه أنهم «لن يكونوا في معسكر الموالاة أو في جانب المعارضة».

وكان حزب «الجبهة الوطنية» مثار جدل وتساؤلات في مصر، منذ الكشف عن اجتماعات تحضيرية بشأنه منتصف الشهر الماضي، انتهت بإعلان تدشينه في 30 ديسمبر (كانون الأول) الماضي.

وتمحورت التساؤلات حول أسباب ظهوره في هذه المرحلة، وهل سيكون بديلاً لحزب الأغلبية في البرلمان المصري (مستقبل وطن)، لا سيما أن مصر مقبلة على انتخابات برلمانية نهاية العام الجاري.

هذه التساؤلات حاول اثنان من مؤسسي الحزب الإجابة عنها في أول ظهور إعلامي مساء السبت، ضمن برنامج «الحكاية» المذاع على قناة «إم بي سي»، وقال وكيل مؤسسي حزب «الجبهة الوطنية» ووزير الإسكان المصري السابق عاصم الجزار، إن «الحزب هو بيت خبرة هدفه إثراء الفكر وإعادة بناء الوعي المصري المعاصر»، مؤكداً أن الحزب «لا يسعى للأغلبية أو المغالبة، بل يستهدف التأثير النوعي وليس الكمي».

وأضاف: «هدفنا تشكيل تحالف من الأحزاب الوطنية القائمة، إذ لن نعمل وحدنا»، معلناً استعداد الحزب الجديد، الذي لا يزال يستكمل إجراءات تأسيسه رسمياً، للتحالف مع «أحزاب الأغلبية مستقبل وطن وحماة وطن والمعارضة والمستقلين أيضاً بهدف خدمة المصلحة الوطنية»، مستطرداً: «لن نكون أداة لتمرير قرارات، بل أداة للإقناع بها».

وشدد الجزار على أن «الحزب لا ينتمي لمعسكر الموالاة أو للمعارضة»، وإنما «نعمل لمصلحة الوطن».

وهو ما أكده رئيس «الهيئة العامة للاستعلامات» بمصر وعضو الهيئة التأسيسية لحزب «الجبهة الوطنية»، ضياء رشوان، الذي قال: «سنشكر الحكومة عندما تصيب ونعارضها عندما تخطئ»، مشيراً إلى أن «مصر ليس لها حزب حاكم حتى يكون هناك حديث عن موالاة ومعارضة».

الانتقادات الموجهة للحزب ارتبطت بتساؤلات حول دوره في ظل وجود نحو 87 حزباً سياسياً، وفق «الهيئة العامة للاستعلامات»، منها 14 حزباً ممثلاً في البرلمان الحالي، يتصدرها حزب «مستقبل وطن» بأغلبية 320 مقعداً، يليه حزب «الشعب الجمهور» بـ50 مقعداً، ثم حزب «الوفد» بـ39 مقعداً، وحزب «حماة الوطن» بـ27 مقعداً، وحزب «النور» الإسلامي بـ11 مقعداً، وحزب «المؤتمر» بـ8 مقاعد.

ورداً على سؤال للإعلامي عمرو أديب، خلال برنامج «الحكاية»، بشأن ما إذا كان الحزب «طامحاً للحكم ويأتي بوصفه بديلاً لحزب الأغلبية»، قال رشوان: «أي حزب سياسي يسعى للحكم، لكن من السذاجة أن نقول إن حزباً يعمل على إجراءات تأسيسه اليوم سيحصد الأغلبية بعد 8 أو 10 أشهر»، مشيراً إلى أن «الحزب لن يعيد تجارب (الهابطين من السماء)». واستطرد: «لن نسعى للأغلبية غداً، لكن قد يكون بعد غد».

وأضاف رشوان أن «الحزب يستهدف في الأساس إعادة بناء الحياة السياسية في مصر بعد فشل تجربة نظام الحزب الواحد في مصر منذ عام 1952»، مشيراً إلى أن «الحزب يستهدف إحياء تحالف 30 يونيو (حزيران)»، لافتاً إلى أن «التفكير فيه هو ثمرة للحوار الوطني الذي أثار زخماً سياسياً».

طوال ما يزيد على ساعة ونصف الساعة حاول الجزار ورشوان الإجابة عن التساؤلات المختلفة التي أثارها إعلان تدشين الحزب، والتأكيد على أنه «ليس سُلمة للوصول إلى البرلمان أو الوزارة»، وليس «بوابة للصعود»، كما شددا على أن «حزب الجبهة يضم أطيافاً متعددة وليس مقصوراً على لون سياسي واحد، وأنه يضم بين جنباته المعارضة».

وعقد حزب «الجبهة الوطنية» نحو 8 اجتماعات تحضيرية على مدار الأسابيع الماضي، وتعمل هيئته التأسيسية، التي تضم وزراء ونواباً ومسؤولين سابقين، حالياً على جمع التوكيلات الشعبية اللازمة لإطلاقه رسمياً.

ويستهدف الحزب، بحسب إفادة رسمية «تدشين أكبر تحالف سياسي لخوض الانتخابات البرلمانية المقبلة، عبر صياغة تفاهمات سياسية واسعة مع الأحزاب الموجودة»، إضافة إلى «لمّ الشمل السياسي في فترة لا تحتمل التشتت».

ومنذ إطلاق الحزب تم ربطه بـ«اتحاد القبائل والعائلات المصرية» ورئيسه رجل الأعمال إبراهيم العرجاني، حتى إن البعض قال إن «الحزب هو الأداة السياسية لاتحاد القبائل». وعزز هذه الأحاديث إعلان الهيئة التأسيسية التي ضمت رجل الأعمال عصام إبراهيم العرجاني.

وأرجع الجزار الربط بين الحزب والعرجاني إلى أن «الاجتماعات التحضيرية الأولى للحزب كانت تجري في مكتبه بمقر اتحاد القبائل؛ كونه أميناً عاماً للاتحاد»، مؤكداً أن «الحزب لا علاقة له باتحاد القبائل». وقال: «العرجاني واحد من عشرة رجال أعمال ساهموا في تمويل اللقاءات التحضيرية للحزب». وأضاف: «الحزب لا ينتمي لشخص أو لجهة بل لفكرة».

وحول انضمام عصام العرجاني للهيئة التأسيسية، قال رشوان إنه «موجود بصفته ممثلاً لسيناء، ووجوده جاء بترشيح من أهل سيناء أنفسهم».

وأكد رشوان أن «البعض قد يرى في الحزب اختراعاً لكتالوج جديد في الحياة السياسية، وهو كذلك»، مشيراً إلى أن «الحزب يستهدف إعادة بناء الحياة السياسية في مصر التي يقول الجميع إنها ليست على المستوى المأمول».

بينما قال الجزار: «نحن بيت خبرة يسعى لتقديم أفكار وحلول وكوادر للدولة، ونحتاج لكل من لديه القدرة على طرح حلول ولو جزئية لمشاكل المجتمع».

وأثارت تصريحات الجزار ورشوان ردود فعل متباينة، وسط تساؤلات مستمرة عن رؤية الحزب السياسية، التي أشار البعض إلى أنها «غير واضحة»، وهي تساؤلات يرى مراقبون أن حسمها مرتبط بالانتخابات البرلمانية المقبلة.

كما رأى آخرون أن الحزب لم يكن مستعداً بعد للظهور الإعلامي.

بينما أشار البعض إلى أن «الحزب ولد بمشاكل تتعلق بشعبية داعميه»، وأنه «لم يفلح في إقناع الناس بأنه ليس حزب موالاة».

وقال مستشار مركز الأهرام للدراسات السياسية والاستراتيجية الدكتور عمرو الشوبكي لـ«الشرق الأوسط» إن «الحزب قدم حتى الآن كلاماً عاماً دون تصور أو رؤية واضحة للإصلاح التدريجي»، موضحاً أنه «من حيث المبدأ من حق أي جماعة تأسيس حزب جديد».

وبينما أكد الشوبكي أن ما عرضه المسؤولون عن الحزب الجديد بشأن «عدم طموحه للحكم لا يختلف عن واقع الحياة السياسية في مصر الذي يترك للدولة تشكيل الحكومة»، مطالباً «بتفعيل دور الأحزاب في الحياة السياسية»، فالمشكلة على حد تعبيره «ليست في إنشاء حزب جديد، بل في المساحة المتاحة للأحزاب».