النائب الشيعي الوحيد من خارج «الثنائية»: أعتز بفوزي بأصوات المسيحيين

الحسيني قال إنه لن ينضم لـ«أمل» وسيبقى {سفير المسلمين} في جبيل

النائب مصطفى الحسيني
النائب مصطفى الحسيني
TT

النائب الشيعي الوحيد من خارج «الثنائية»: أعتز بفوزي بأصوات المسيحيين

النائب مصطفى الحسيني
النائب مصطفى الحسيني

أكد النائب المنتخب عن المقعد الشيعي في دائرة جبيل - كسروان مصطفى الحسيني، أنه لن ينضم إلى كتلة حركة «أمل» التي يرأسها رئيس البرلمان نبيه بري، رغم زيارته إياه مباشرة بعد فوزه. وعبر الحسيني، وهو النائب الشيعي الوحيد من خارج الثنائية الشيعية («أمل» و«حزب الله») في الانتخابات الأخيرة، عن اعتزازه بالفوز بأصوات الناخبين المسيحيين في معقل الموارنة، ورأى أن فوزه «يمثّل رسالة مسيحية للمسلمين»، مشدداً على أن وصوله إلى الندوة البرلمانية «جاء بقرار أبناء جبيل».
وأكد الحسيني في حديث مع «الشرق الأوسط»، أن ناخبي جبيل - كسروان منحوه ثقتهم بفعل العلاقة التاريخية بين عائلته والمنطقة، وهي العائلة المقبولة والمقرّبة جداً من العائلات المسيحية في بلاد جبيل. وأوضح أن فوزه جاء «ضمن تحالف له ثقله في المنطقة، والمؤلف من النائب فريد هيكل الخازن وحزب الكتائب و(النائب السابق) فارس سعيد»، مضيفا: «كنا نراهن على الفوز بثلاثة مقاعد، لكن اقتصر الأمر على مقعدين (الحسيني والخازن)، بسبب فساد المال الانتخابي والضغط الطائفي والمذهبي الذي مورس ضدّنا»، مشدداً على بقائه والنائب فريد الخازن خارج أي اصطفاف، متمنياً: «وقف الاصطفافات الطائفية والمذهبية والتوجه إلى اصطفاف وطني، بعيداً عن التعصب للطائفة والمنطقة والحزب».
وسبق للنائب المنتخب فريد الخازن أن توقّع إمكانية التلاقي مع تيار «المردة» ضمن تكتل واحد، لكن الحسيني أوضح أن هناك «علاقات قوية مع (المردة) وكانوا هم و(الكتائب) معنا في المعركة، لكن لم ندخل بعد في تفاصيل الاندماج في تكتل واحد، وهذا رهن الاتفاق على العناوين الوطنية».
ويوجه جمهور «حزب الله» الذي خسر مرشّحه حسين زعيتر في مواجهة الحسيني، نقداً للأخير، بأنه فاز بأصوات المسيحيين، لأن الأصوات الشيعية التي نالها لا تتعدى الـ250 صوتاً. وعلى ذلك، علق الحسيني بالقول: «أفتخر بأني أتيت بأصوات المسيحيين، لكن ذلك لا يعني أن أحداً يسيطر على قراري»، نافياً انضمامه إلى كتلة حركة «أمل» كما أشيع بعد زيارته رئيس مجلس النواب نبيه بري. وأضاف: «أنا فخور بأن أكون سفير المسلمين في منطقة جبيل - كسروان التي تمثّل معقل المسيحيين والموارنة تحديداً».
وشدد نائب جبيل المنتخب على أن خسارة مرشّح «حزب الله» حسين زعيتر ابن بعلبك الذي رشحه الحزب «تعني أن المنطقة رفضت أن يملي أحد عليها خياراته وأسماء ممثليها»، لافتاً إلى أن «أبناء الطائفة الشيعية في جبيل غير منزعجين من انتخابي بأصوات المسيحيين». وأشار إلى أن «خسارة زعيتر جاءت اعتراضاً على فرض إملاءات (حزب الله) على أبناء المنطقة، وقالوا بالفم الملآن، نحن نختار ممثلينا في الندوة البرلمانية، ولا نسمح لغيرنا بفرض خياراته علينا».
ويعدّ المقعد الشيعي في جبيل وحده المقعد المسلم في هذه المنطقة، ودرجت العادة على تسمية المرشّح من العائلات الشيعية في جبيل، غير أن «حزب الله» خالف القاعدة هذه المرّة، وقرر ترشيح أحد قيادييه في البقاع حسين زعيتر عن جبيل، مما أدى إلى خسارته رغم نيله غالبية الأصوات الشيعية.
وعمّا إذا كان منزعجاً بفوزه بنحو 250 صوتا تفضيليا، مقابل مرشّح «حزب الله» الذي نال أكثر من 9 آلاف صوت، أجاب الحسيني: «هناك ميزانان للعملية الانتخابية، الأول هو الحاصل، والثاني الصوت التفضيلي، والنتائج أظهرت أن لائحة مرشّح (حزب الله) لم تنل الحاصل فخسرت كل أعضائها، ولم ينفع مرشح الحزب كل الأصوات التفضيلية، وبالتالي لا يستطيع أحد أن يعيرني بذلك، لأني فزت بغالبية الأصوات المطلوبة للفوز». وقال: «صحيح أن المقعد الذي سأشغله هو مقعد للمسلمين، لكن النائب يمثل كلّ الأمة، وفوزي شكّل رسالة مسيحية باتجاه المسلمين، ومقعدي يمثّل السنّة في جبيل كما الشيعة والموارنة أيضاً».
وكان النائبان المنتخبان مصطفى الحسيني وفريد هيكل الخازن، قد آثرا عدم انضمامهما إلى «تكتل لبنان القوي» الداعم لرئيس الجمهورية ميشال عون، والذي يرأسه وزير الخارجية جبران باسيل، وعلل الحسيني ذلك بقوله: «لقد خضنا الانتخابات ضدّ هذا التكتل، ولا شيء مشتركاً يجمعنا، خصوصاً أن خياراتنا السياسية متباعدة»، مذكراً بأن رئيس الجمهورية «يجمع كلّ اللبنانيين ويمثّل كل المواطنين، وبالتالي لا يحتاج إلى كتلة نيابية داعمة». وتابع: «إذا لم نكن ضمن هذا التكتل، فلا يعني أننا ضدّ رئيس الجمهورية». وأعلن رفضه مقاربة الوزير باسيل التي تقول: «من لم يكن معنا فهو ضدّنا أو عدونا»، عادّاً أن «كل نائب يمثل اللبنانيين جميعاً».



الحوثيون يكثفون انتهاكاتهم بحق الأكاديميين في الجامعات

فعالية حوثية داخل جامعة صنعاء تضامناً مع «حزب الله» (إعلام حوثي)
فعالية حوثية داخل جامعة صنعاء تضامناً مع «حزب الله» (إعلام حوثي)
TT

الحوثيون يكثفون انتهاكاتهم بحق الأكاديميين في الجامعات

فعالية حوثية داخل جامعة صنعاء تضامناً مع «حزب الله» (إعلام حوثي)
فعالية حوثية داخل جامعة صنعاء تضامناً مع «حزب الله» (إعلام حوثي)

كثّفت الجماعة الحوثية استهدافها مدرسي الجامعات والأكاديميين المقيمين في مناطق سيطرتها بحملات جديدة، وألزمتهم بحضور دورات تعبوية وزيارات أضرحة القتلى من قادتها، والمشاركة في وقفات تنظمها ضد الغرب وإسرائيل، بالتزامن مع الكشف عن انتهاكات خطيرة طالتهم خلال فترة الانقلاب والحرب، ومساعٍ حثيثة لكثير منهم إلى الهجرة.

وذكرت مصادر أكاديمية في العاصمة اليمنية المختطفة صنعاء لـ«الشرق الأوسط» أن مدرسي الجامعات العامة والخاصة والموظفين في تلك الجامعات يخضعون خلال الأسابيع الماضية لممارسات متنوعة؛ يُجبرون خلالها على المشاركة في أنشطة خاصة بالجماعة على حساب مهامهم الأكاديمية والتدريس، وتحت مبرر مواجهة ما تسميه «العدوان الغربي والإسرائيلي»، ومناصرة فلسطينيي غزة.

وتُلوّح الجماعة بمعاقبة مَن يتهرّب أو يتخلّف من الأكاديميين في الجامعات العمومية، عن المشاركة في تلك الفعاليات بالفصل من وظائفهم، وإيقاف مستحقاتهم المالية، في حين يتم تهديد الجامعات الخاصة بإجراءات عقابية مختلفة، منها الغرامات والإغلاق، في حال عدم مشاركة مدرسيها وموظفيها في تلك الفعاليات.

أكاديميون في جامعة صنعاء يشاركون في تدريبات عسكرية أخضعهم لها الحوثيون (إعلام حوثي)

وتأتي هذه الإجراءات متزامنة مع إجراءات شبيهة يتعرّض لها الطلاب الذين يجبرون على حضور دورات تدريبية قتالية، والمشاركة في عروض عسكرية ضمن مساعي الجماعة لاستغلال الحرب الإسرائيلية على غزة لتجنيد مقاتلين تابعين لها.

انتهاكات مروّعة

وكان تقرير حقوقي قد كشف عن «انتهاكات خطيرة» طالت عشرات الأكاديميين والمعلمين اليمنيين خلال الأعوام العشرة الماضية.

وأوضح التقرير الذي أصدرته «بوابة التقاضي الاستراتيجي»، التابعة للمجلس العربي، بالتعاون مع الهيئة الوطنية للأسرى والمختطفين، قبل أسبوع تقريباً، وغطّي الفترة من مايو (أيار) 2015، وحتى أغسطس (آب) الماضي، أن 1304 وقائع انتهاك طالت الأكاديميين والمعلمين في مناطق سيطرة الجماعة الحوثية التي اتهمها باختطافهم وتعقبهم، ضمن ما سمّاها بـ«سياسة تستهدف القضاء على الفئات المؤثرة في المجتمع اليمني وتعطيل العملية التعليمية».

أنشطة الجماعة الحوثية في الجامعات طغت على الأنشطة الأكاديمية والعلمية (إكس)

ووثّق التقرير حالتي وفاة تحت التعذيب في سجون الجماعة، وأكثر من 20 حالة إخفاء قسري، منوهاً بأن من بين المستهدفين وزراء ومستشارين حكوميين ونقابيين ورؤساء جامعات، ومرجعيات علمية وثقافية ذات تأثير كبير في المجتمع اليمني.

وتضمن التقرير تحليلاً قانونياً لمجموعة من الوثائق، بما في ذلك تفاصيل جلسات التحقيق ووقائع التعذيب.

ووفق تصنيف التقرير للانتهاكات، فإن الجماعة الحوثية نفّذت 1046 حالة اختطاف بحق مؤثرين، وعرضت 124 منهم للتعذيب، وأخضعت اثنين من الأكاديميين و26 من المعلمين لمحاكمات سياسية.

وتشمل الانتهاكات التي رصدها التقرير، الاعتقال التعسفي والإخفاء القسري والتعذيب الجسدي والنفسي والمحاكمات الصورية وأحكام الإعدام.

عشرات الأكاديميين لجأوا إلى طلب الهجرة بسبب سياسات الإقصاء الحوثية وقطع الرواتب (إكس)

وسبق أن كشف تقرير تحليلي لأوضاع الأكاديميين اليمنيين عن زيادة في طلبات العلماء والباحثين الجامعيين للهجرة خارج البلاد، بعد تدهور الظروف المعيشية، واستمرار توقف رواتبهم، والانتهاكات التي تطال الحرية الأكاديمية.

وطبقاً للتقرير الصادر عن معهد التعليم الدولي، ارتفعت أعداد الطلبات المقدمة من باحثين وأكاديميين يمنيين لصندوق إنقاذ العلماء، في حين تجري محاولات لاستكشاف الطرق التي يمكن لقطاع التعليم الدولي من خلالها مساعدة وتغيير حياة من تبقى منهم في البلاد إلى الأفضل.

إقبال على الهجرة

يؤكد المعهد الدولي أن اليمن كان مصدر غالبية الطلبات التي تلقّاها صندوق إنقاذ العلماء في السنوات الخمس الماضية، وتم دعم أكثر من ثلثي العلماء اليمنيين داخل المنطقة العربية وفي الدول المجاورة، بمنحة قدرها 25 ألف دولار لتسهيل وظائف مؤقتة.

قادة حوثيون يتجولون في جامعة صنعاء (إعلام حوثي)

لكن تحديات التنقل المتعلقة بالتأشيرات وتكلفة المعيشة والاختلافات اللغوية الأكاديمية والثقافية تحد من منح الفرص للأكاديميين اليمنيين في أميركا الشمالية وأوروبا، مقابل توفر هذه الفرص في مصر والأردن وشمال العراق، وهو ما يفضله كثير منهم؛ لأن ذلك يسمح لهم بالبقاء قريباً من عائلاتهم وأقاربهم.

وخلص التقرير إلى أن العمل الأكاديمي والبحثي داخل البلاد «يواجه عراقيل سياسية وتقييداً للحريات ونقصاً في الوصول إلى الإنترنت، ما يجعلهم يعيشون فيما يُشبه العزلة».

وأبدى أكاديمي في جامعة صنعاء رغبته في البحث عن منافذ أخرى قائمة ومستمرة، خصوصاً مع انقطاع الرواتب وضآلة ما يتلقاه الأستاذ الجامعي من مبالغ، منها أجور ساعات تدريس محاضرات لا تفي بالاحتياجات الأساسية، فضلاً عن ارتفاع الإيجارات.

إجبار الأكاديميين اليمنيين على المشاركة في الأنشطة الحوثية تسبب في تراجع العملية التعليمية (إكس)

وقال الأكاديمي الذي طلب من «الشرق الأوسط» التحفظ على بياناته خوفاً على سلامته، إن الهجرة ليست غاية بقدر ما هي بحث عن وظيفة أكاديمية بديلة للوضع المأساوي المعاش.

ويقدر الأكاديمي أن تأثير هذه الأوضاع أدّى إلى تدهور العملية التعليمية في الجامعات اليمنية بنسبة تتجاوز نصف الأداء في بعض الأقسام العلمية، وثلثه في أقسام أخرى، ما أتاح المجال لإحلال كوادر غير مؤهلة تأهيلاً عالياً، وتتبع الجماعة الحوثية التي لم تتوقف مساعيها الحثيثة للهيمنة على الجامعات ومصادرة قرارها، وصياغة محتوى مناهجها وفقاً لرؤية أحادية، خصوصاً في العلوم الاجتماعية والإنسانية.

وفي حين فقدت جامعة صنعاء -على سبيل المثال- دورها التنويري في المجتمع، ومكانتها بصفتها مؤسسة تعليمية، تُشجع على النقد والتفكير العقلاني، تحسّر الأكاديمي اليمني لغياب مساعي المنظمات الدولية في تبني حلول لأعضاء هيئة التدريس، سواء في استيعابهم في مجالات أو مشروعات علمية، متمنياً ألا يكون تخصيص المساعدات لمواجهة المتطلبات الحياتية للأكاديميين غير مشروط أو مجاني، وبما لا يمس كرامتهم.