بوتين يعلن تسيير دوريات بحرية قبالة سوريا

TT

بوتين يعلن تسيير دوريات بحرية قبالة سوريا

أعلن الرئيس الروسي فلاديمير بوتين أن السفن البحرية الروسية ستقوم بدوريات دائمة قبالة شواطئ سوريا، وقال خلال لقاء مع قادة عسكريين في مدينة سوتشي: «هذا العام وبسبب التهديد الإرهابي المستمر في سوريا، فإن سفننا المجهزة بصواريخ من طراز (كاليبرا) ستبدأ إطلاق دوريات في البحر المتوسط بشكل مستمر».
وأوضح الرئيس الروسي أن المهام التي تنفذها القوات البحرية الروسية قد اتسعت بشكل ملموس، خصوصاً في المنطقة المحيطة بسواحل سوريا. وأضاف: «الضربات التي نفذتها الصواريخ المجنحة والأداء الفعال للطيران المحمول على السفن الحربية، كبدت الإرهابيين خسائر فادحة ودمرت لهم منشآتهم وبناهم التحتية الرئيسية».
وزاد أن صواريخ «كاليبرا»، أثبتت نجاحاً في إصابة مواقع الإرهابيين وبناهم التحتية في سوريا، منذ انطلاق العملية الروسية هناك في سبتمبر (أيلول) 2015. وشدد بوتين على أهمية الإشارة إلى «العمل المنسق جيدا لطواقم السفن والغواصات خلال العمليات العسكرية في سوريا، وأظهرت دقة ضربات الصواريخ المجنحة، العمل الفعال للطائرات من على متن حاملات الطائرات، وجهت أضراراً جسيمة للإرهابيين، ودمرت مواقع مهمة من البنية التحتية».
وشدد الرئيس الروسي على أن كل هذا أصبح ممكناً بسبب الحفاظ على الاستعداد القتالي المرتفع للقوات البحرية، مضيفاً أن «رفع القدرات القتالية للأسطول وممارسة البعثات البحرية لمسافات طويلة والتمارين والتدريب يجب أن تستمر بكل تأكيد».
في موضوع آخر، حذرت موسكو من مخاطر «احتمال انبعاث خلافة (داعش) شرق الفرات بسبب السياسة الأميركية»، ورجَّحَت أن تعلن المنظمة الدولية لحظر الكيماوي نتائج تحقيقاتها في دوما نهاية الشهر الحالي.
وفتحت الناطقة باسم الخارجية الروسية ماريا زاخاروفا، أمس، الباب مجدداً أمام سجالات حول تصريحاتها المثيرة، التي لا تستند غالباً على وثائق أو بيانات رسمية صادرة عن الخارجية؛ إذ فاجأت الصحافيين بإعلان أن «موسكو لديها مخاوف من انبعاث (خلافة داعش) في مناطق شرق الفرات في سوريا بسبب التواطؤ الأميركي مع الإرهابيين في هذه المنطقة».
وكانت موسكو انتقدت في أوقات سابقة ما وصف بأنه رعاية أميركية لمجموعات إرهابية تتمركز في جنوب سوريا، لكن حديث زاخاروفا عن مناطق شرق الفرات ليس مسبوقاً خصوصاً لجهة أنها أكدت أن الحديث يدور عن تنظيم «داعش».
واتهمت زاخاروفا الولايات المتحدة، بالتكتم على «المعلومات عن عدة آلاف من المسلحين الذين يحتفظ بهم التحالف الدولي في سوريا، وتسعى واشنطن لحمايتهم من المعاقبة».
وقالت إنه وفقاً لمعلومات موسكو فإن ما بين ألفين وثلاثة آلاف مسلح، معظمهم من بلدان أوروبا ورابطة الدول المستقلة، محتجزون لدى القوات الأميركية في هذه المنطقة، وتقتصر الإجراءات بحقهم على تقييد حرية التنقل، بينما يتلقون ثلاث وجبات أكل يوميّاً ويتمتعون برعاية طبية للحفاظ على لياقتهم البدنية».
وتابعت أنه في ضوء إعلان الرئيس الأميركي دونالد ترمب عن قرب انسحاب الأميركيين من سوريا «تبرز هناك أخطار شديدة لبعث (الخلافة الداعشية) شرقي الفرات حسب السيناريو الذي شهده العراق، حيث ظهر (داعش) بعد الخروج المتسرع للقوات الأميركية من هناك».
وأشارت زاخاروفا إلى أن الإدارة الأميركية بحمايتها المسلحين من الملاحقة الجنائية، توفر غطاء لنشاطهم الإجرامي. على صعيد آخر قالت زاخاروفا إن بعثة «منظمة حظر الأسلحة الكيماوية» ستنشر تقريرها حول الاستخدام المزعوم للكيماوي في دوما أواخر مايو (أيار) الحالي.
وزادت أن خبراء البعثة زاروا مدينة دوما في الغوطة الشرقية، عدة مرات، وقاموا بأنفسهم بأخذ العينات من هناك للبتِّ في مزاعم استخدام الجيش السوري السلاح المحظور، واستمعوا إلى إفادات الشهود.
وأضافت أن العينات والأدلة المادية الأخرى نقلت إلى لاهاي لتخضع للفحص في المختبرات، و«يستغرق ذلك من أسبوعين إلى ثلاثة، وأعتقد أنه سيصعب التوصل إلى استنتاجات نهائية قبل نهاية مايو، موعد تقرير البعثة».
في سياق آخر أشارت نتائج دراسة أجراها مركز ليفادا الروسي المرموق لدراسات الرأي العام على أن نحو 60 في المائة من مواطني روسيا لديهم مخاوف جدية من تحول التوتر بين روسيا الغرب حول سوريا إلى حرب عالمية ثالثة.
وأشار استطلاع للرأي أجراه المركز إلى أن 57 في المائة أعربوا عن قلق جدّي ورأوا في التصعيد الحاصل حالياً مقدمة لمواجهة كبرى قد تنزلق إلى حرب عالمية. وأشارت النتيجة إلى أن أكثر بقليل من ثلث الروس لا يميلون للشعور بالخوف من اندلاع هذه المواجهة، خصوصا أنهم واثقون في قدرات بلادهم الدفاعية. وأكد 31 في المائة أنهم يتابعون بدقة واهتمام سير الأحداث في سوريا، بينما قال 55 في المائة إنهم لا يعرفون على وجه الدقة ماذا يجري في سوريا، لكنهم يهتمون بشكل عام بمجريات واحتمالات تطور الوضع هناك.



«الجبهة الوطنية»... حزب مصري جديد يثير تساؤلات وانتقادات

مصريون بمحافظة القاهرة يشاركون في حملة جمع توكيلات لحزب «الجبهة الوطنية» الجديد (صفحة الحزب - فيسبوك)
مصريون بمحافظة القاهرة يشاركون في حملة جمع توكيلات لحزب «الجبهة الوطنية» الجديد (صفحة الحزب - فيسبوك)
TT

«الجبهة الوطنية»... حزب مصري جديد يثير تساؤلات وانتقادات

مصريون بمحافظة القاهرة يشاركون في حملة جمع توكيلات لحزب «الجبهة الوطنية» الجديد (صفحة الحزب - فيسبوك)
مصريون بمحافظة القاهرة يشاركون في حملة جمع توكيلات لحزب «الجبهة الوطنية» الجديد (صفحة الحزب - فيسبوك)

ما زال حزب «الجبهة الوطنية» المصري الجديد يثير انتقادات وتساؤلات بشأن برنامجه وأهدافه وطبيعة دوره السياسي في المرحلة المقبلة، خاصة مع تأكيد مؤسسيه أنهم «لن يكونوا في معسكر الموالاة أو في جانب المعارضة».

وكان حزب «الجبهة الوطنية» مثار جدل وتساؤلات في مصر، منذ الكشف عن اجتماعات تحضيرية بشأنه منتصف الشهر الماضي، انتهت بإعلان تدشينه في 30 ديسمبر (كانون الأول) الماضي.

وتمحورت التساؤلات حول أسباب ظهوره في هذه المرحلة، وهل سيكون بديلاً لحزب الأغلبية في البرلمان المصري (مستقبل وطن)، لا سيما أن مصر مقبلة على انتخابات برلمانية نهاية العام الجاري.

هذه التساؤلات حاول اثنان من مؤسسي الحزب الإجابة عنها في أول ظهور إعلامي مساء السبت، ضمن برنامج «الحكاية» المذاع على قناة «إم بي سي»، وقال وكيل مؤسسي حزب «الجبهة الوطنية» ووزير الإسكان المصري السابق عاصم الجزار، إن «الحزب هو بيت خبرة هدفه إثراء الفكر وإعادة بناء الوعي المصري المعاصر»، مؤكداً أن الحزب «لا يسعى للأغلبية أو المغالبة، بل يستهدف التأثير النوعي وليس الكمي».

وأضاف: «هدفنا تشكيل تحالف من الأحزاب الوطنية القائمة، إذ لن نعمل وحدنا»، معلناً استعداد الحزب الجديد، الذي لا يزال يستكمل إجراءات تأسيسه رسمياً، للتحالف مع «أحزاب الأغلبية مستقبل وطن وحماة وطن والمعارضة والمستقلين أيضاً بهدف خدمة المصلحة الوطنية»، مستطرداً: «لن نكون أداة لتمرير قرارات، بل أداة للإقناع بها».

وشدد الجزار على أن «الحزب لا ينتمي لمعسكر الموالاة أو للمعارضة»، وإنما «نعمل لمصلحة الوطن».

وهو ما أكده رئيس «الهيئة العامة للاستعلامات» بمصر وعضو الهيئة التأسيسية لحزب «الجبهة الوطنية»، ضياء رشوان، الذي قال: «سنشكر الحكومة عندما تصيب ونعارضها عندما تخطئ»، مشيراً إلى أن «مصر ليس لها حزب حاكم حتى يكون هناك حديث عن موالاة ومعارضة».

الانتقادات الموجهة للحزب ارتبطت بتساؤلات حول دوره في ظل وجود نحو 87 حزباً سياسياً، وفق «الهيئة العامة للاستعلامات»، منها 14 حزباً ممثلاً في البرلمان الحالي، يتصدرها حزب «مستقبل وطن» بأغلبية 320 مقعداً، يليه حزب «الشعب الجمهور» بـ50 مقعداً، ثم حزب «الوفد» بـ39 مقعداً، وحزب «حماة الوطن» بـ27 مقعداً، وحزب «النور» الإسلامي بـ11 مقعداً، وحزب «المؤتمر» بـ8 مقاعد.

ورداً على سؤال للإعلامي عمرو أديب، خلال برنامج «الحكاية»، بشأن ما إذا كان الحزب «طامحاً للحكم ويأتي بوصفه بديلاً لحزب الأغلبية»، قال رشوان: «أي حزب سياسي يسعى للحكم، لكن من السذاجة أن نقول إن حزباً يعمل على إجراءات تأسيسه اليوم سيحصد الأغلبية بعد 8 أو 10 أشهر»، مشيراً إلى أن «الحزب لن يعيد تجارب (الهابطين من السماء)». واستطرد: «لن نسعى للأغلبية غداً، لكن قد يكون بعد غد».

وأضاف رشوان أن «الحزب يستهدف في الأساس إعادة بناء الحياة السياسية في مصر بعد فشل تجربة نظام الحزب الواحد في مصر منذ عام 1952»، مشيراً إلى أن «الحزب يستهدف إحياء تحالف 30 يونيو (حزيران)»، لافتاً إلى أن «التفكير فيه هو ثمرة للحوار الوطني الذي أثار زخماً سياسياً».

طوال ما يزيد على ساعة ونصف الساعة حاول الجزار ورشوان الإجابة عن التساؤلات المختلفة التي أثارها إعلان تدشين الحزب، والتأكيد على أنه «ليس سُلمة للوصول إلى البرلمان أو الوزارة»، وليس «بوابة للصعود»، كما شددا على أن «حزب الجبهة يضم أطيافاً متعددة وليس مقصوراً على لون سياسي واحد، وأنه يضم بين جنباته المعارضة».

وعقد حزب «الجبهة الوطنية» نحو 8 اجتماعات تحضيرية على مدار الأسابيع الماضي، وتعمل هيئته التأسيسية، التي تضم وزراء ونواباً ومسؤولين سابقين، حالياً على جمع التوكيلات الشعبية اللازمة لإطلاقه رسمياً.

ويستهدف الحزب، بحسب إفادة رسمية «تدشين أكبر تحالف سياسي لخوض الانتخابات البرلمانية المقبلة، عبر صياغة تفاهمات سياسية واسعة مع الأحزاب الموجودة»، إضافة إلى «لمّ الشمل السياسي في فترة لا تحتمل التشتت».

ومنذ إطلاق الحزب تم ربطه بـ«اتحاد القبائل والعائلات المصرية» ورئيسه رجل الأعمال إبراهيم العرجاني، حتى إن البعض قال إن «الحزب هو الأداة السياسية لاتحاد القبائل». وعزز هذه الأحاديث إعلان الهيئة التأسيسية التي ضمت رجل الأعمال عصام إبراهيم العرجاني.

وأرجع الجزار الربط بين الحزب والعرجاني إلى أن «الاجتماعات التحضيرية الأولى للحزب كانت تجري في مكتبه بمقر اتحاد القبائل؛ كونه أميناً عاماً للاتحاد»، مؤكداً أن «الحزب لا علاقة له باتحاد القبائل». وقال: «العرجاني واحد من عشرة رجال أعمال ساهموا في تمويل اللقاءات التحضيرية للحزب». وأضاف: «الحزب لا ينتمي لشخص أو لجهة بل لفكرة».

وحول انضمام عصام العرجاني للهيئة التأسيسية، قال رشوان إنه «موجود بصفته ممثلاً لسيناء، ووجوده جاء بترشيح من أهل سيناء أنفسهم».

وأكد رشوان أن «البعض قد يرى في الحزب اختراعاً لكتالوج جديد في الحياة السياسية، وهو كذلك»، مشيراً إلى أن «الحزب يستهدف إعادة بناء الحياة السياسية في مصر التي يقول الجميع إنها ليست على المستوى المأمول».

بينما قال الجزار: «نحن بيت خبرة يسعى لتقديم أفكار وحلول وكوادر للدولة، ونحتاج لكل من لديه القدرة على طرح حلول ولو جزئية لمشاكل المجتمع».

وأثارت تصريحات الجزار ورشوان ردود فعل متباينة، وسط تساؤلات مستمرة عن رؤية الحزب السياسية، التي أشار البعض إلى أنها «غير واضحة»، وهي تساؤلات يرى مراقبون أن حسمها مرتبط بالانتخابات البرلمانية المقبلة.

كما رأى آخرون أن الحزب لم يكن مستعداً بعد للظهور الإعلامي.

بينما أشار البعض إلى أن «الحزب ولد بمشاكل تتعلق بشعبية داعميه»، وأنه «لم يفلح في إقناع الناس بأنه ليس حزب موالاة».

وقال مستشار مركز الأهرام للدراسات السياسية والاستراتيجية الدكتور عمرو الشوبكي لـ«الشرق الأوسط» إن «الحزب قدم حتى الآن كلاماً عاماً دون تصور أو رؤية واضحة للإصلاح التدريجي»، موضحاً أنه «من حيث المبدأ من حق أي جماعة تأسيس حزب جديد».

وبينما أكد الشوبكي أن ما عرضه المسؤولون عن الحزب الجديد بشأن «عدم طموحه للحكم لا يختلف عن واقع الحياة السياسية في مصر الذي يترك للدولة تشكيل الحكومة»، مطالباً «بتفعيل دور الأحزاب في الحياة السياسية»، فالمشكلة على حد تعبيره «ليست في إنشاء حزب جديد، بل في المساحة المتاحة للأحزاب».