عواصم عربية تأمل دخول خريطة الموضة العالمية

بدايات خجولة ومحاولات تفتقد إلى دعم الأسماء الكبيرة

من فعالية «فاشن فوروورد» المقامة في دبي
من فعالية «فاشن فوروورد» المقامة في دبي
TT

عواصم عربية تأمل دخول خريطة الموضة العالمية

من فعالية «فاشن فوروورد» المقامة في دبي
من فعالية «فاشن فوروورد» المقامة في دبي

استطاعت مجموعة من المدن العربية أن تخترق الرباعية الذهبية في عالم الموضة العالمية المتمثلة في باريس، لندن، نيويورك، وميلانو. وعلى غرار سيول وساوباولو وموسكو وطوكيو، كان لهذه المدن القدرة أن تحجز لنفسها مكاناً على الخارطة، في تأكيد على أنّ المدن الأربع ليست الوحيدة القادرة على استضافة وتنظيم أسابيع موضة، وأن هذه المناسبة لن تظل حكراً عليها. فكل من بيروت ودبي والأردن والقاهرة والرياض والكويت أصبحت تحمل الشعلة وتتبنى محاولات جديّة لإعادة تموضع الموضة العربيّة على الساحة العالميّة باحتراف بالغ. أمر يباركه صناع الموضة المحلية، لأنه فرصة تتيح للمواهب الصاعدة الفرصة لإثبات أنها قادرة على المنافسة والتميز بتقديم أعمالها بكل ثقة.
العاصمة السعودية كانت على موعد تاريخي الشهر الفائت. فقد احتضنت لأوّل أسبوع موضة، في خطوة لم يتوقع أن تشهدها المملكة مطلقاً. وكان قد تمّ الإعلان عن الأسبوع منذ فبراير (شباط)، وتم تأجيله من مارس (آذار) إلى أبريل (نيسان)، لتتوجه الأنظار إليه في منتصف الشهر الماضي. شكّل أسبوع الموضة العربي في الرياض تحدياً بحد ذاته، البداية كانت متعثرة قليلاً، والتأجيل جعل البعض متخوفاً، وشكّك في مدى تحققه، إلا أنّ النتيجة جاءت مرضية فعلاً. وكسبت الرياض الرهان، ليس فقط باستضافتها الحدث، ومشاركة عدد كبير من المصممين العرب والأجانب فيه، بل أيضاً بسطوع نجم مصممات سعوديات أبرزهنّ أروى البناوي، ومشاعل الراجحي، وأروى العماري وعليا الصواف اللواتي أثبتن أنّ المرأة السعودية تستحق مساحة تتيح لها إظهار قدراتها ونجاحاتها. وبعد الصدى الإيجابي الذي لاقاه أسبوع الموضة العربي في الرياض، وتحقيقه هدف فتح أبواب العالمية أمام المصممين السعوديين، وخلق مساحة من الحرية للإبداع الحقيقي، بدأ الحديث عن تحضير مناسبات جديدة في المجال نفسه.
من الرياض إلى دبي، التي استطاعت في السنوات الأخيرة أن تكون من أكثر المدن العربية نشاطا في هذا المجال. فقد وضعت الشرق الأوسط على خارطة الموضة العالمية بكل ثقة مع أكثر من أسبوع موضة خلال العام، يتم التحضير لها وفقاً لمقاييس عالميّة، وتتابعها وسائل إعلام الموضة العالمية منذ إطلاقها.
في العام 2013 انطلق «فاشن فوروورد» في دورته الأولى في دبي، مشكلاً حينها الحدث المرتقب الأقوى في صناعة الأزياء في المنطقة العربية، ومع توالي المواسم، حقق بالفعل مكاسب كثيرة، سواء من ناحية تسليط الضوء على مصممين صاروا اليوم في المحافل العالمية، أو من ناحية جذب مصممين غربيين لتقديم أعمالهم في العالم العربي. لعلّ الهدف الأقوى هو الحصول على اعتراف عالمي بقدرة دبي على أن تكون منافسا حقيقيا شرسا لعواصم الموضة العالمية. أسماء كثيرة برزت في هذا الأسبوع، نذكر منها المصمم اللبناني حسين بظاظا والذي يعتبر اليوم من أبرز المصممين الشباب الذين قطعوا الطريق سريعاً نحو العالمية. إضافة إلى بظاظا، نذكر أيضاً مصممي أزياء ومجوهرات وأصحاب علامات تجارية معروفة مثل مايكل سينكو، لارا خوري، مادية الشارقي، داليا العلي، مريم حسني، تاتيانا فياض، بشار عساف ومحمد كجك وماركات متعددة أخرى، وجدت في دبي منصة حقيقية لإظهار موهبتها. كما تشهد دبي أسبوع الموضة المحتشمة الذي يحقق أيضاً نجاحات لافتة، ويشكل مناسبة تحمل هوية عربية بامتياز، إلى جانب أسبوع الموضة العربي الذي يشهد حضور أسماء عالمية وعربية مهمة جداً في صناعة الأزياء.
بيروت المدينة العربية التي أنجبت أشهر المصممين العرب الذين حلقوا في العالمية، واستطاعوا التميز بصورة مذهلة، تحتضن سنوياً أكثر من أسبوع موضة، منها ما يحقق نجاحاً ويحاكي التوقعات، ومنها ما يواجه بعض الإخفاقات، غير أنّها محاولات حقيقية أيضاَ لتسليط الضوء على عشق العاصمة اللبنانية لمجال الأزياء. غالباً ما تتضمن هذه الأسابيع أسماء لبنانية لامعة، وأخرى مغمورة ومبتدئة، إلى جانب مسابقات منافسة بين المواهب الناشئة.
أحدث أسابيع الموضة كانت تقديم النسخة الرابعة من مسابقة أفضل مصمم شاب في بيروت BYFDC برئاسة مصمم الأزياء اللبناني العالمي ربيع كيروز وحضور النجمة العالمية فيكتوريا بونيا. واعتبرت المسابقة الأولى من نوعها كمنصة أساسية لطلاب تصميم الأزياء والمصممين الشباب الذين يسعون إلى بدء حياتهم المهنية وتعزيزها. فقد تبارى فيها 12 شابا وشابة من المتخرجين الجدد من مختلف جامعات تصميم الأزياء في لبنان.
وكان أسبوع الموضة في بيروت قد عاد رسمياً في نوفمبر (تشرين الثاني) 2017 بعد انقطاع دام نحو عشر سنوات، وشارك فيه مصممون بارزون مثل أمل الأزهري وغابي صليبا وروني عيد ورامي سلمون، إضافة إلى مواهب جديدة في عالم الأزياء.
لا يمكن الحكم في هذه المرحلة بشكل جدي على مدى قدرة بيروت على العودة، وتصدر ساحة الموضة العربية، ولكن المسألة تتوقف على أمور عدة، أبرزها أنّ هذه الأسابيع ما تزال عاجزة عن استقطاب أي مصمم لبناني عالمي للمشاركة فيها وتقديم مجموعاته على المنصّة ولو بطريقة فخرية. غير أنّ هذا لا يلغي أنّ التنظيم والعمل عليها يتم باحتراف عال ودقّة مثالية.
الأردن دخل السباق منذ سنوات، مع أسبوع موضة ينظم دورياً في عمان بمشاركة مجموعة من المصممين العرب. أحدث أسبوع موضة في الأردن الذي اختتم منذ أسابيع قليلة، مثلا شارك فيه عدد من المصممين من العالم العربي، على رأسهم هاني البحيري، والجزائري كريم أكروف، والمصممة المصرية إيمي بلبع، والكويتية أديبة المحجوب، وغيرهم.
الكويت أصبحت بدورها على موعد سنوي مع الموضة. فأسبوعها السنوي هذا اختتمته في مارس 2018. واستضاف عدد من الأسماء مثل المصممة المغربية ساليما الباسيوني، مصنفاً من المواسم الناجحة والتي تدخل أكثر فأكثر الكويت إلى سوق الموضة العالمية.
ختاماً، العاصمة المصريّة لها أيضاً محاولاتها في تنظيمها أسابيع موضة مثل أسبوع الموضة في القاهرة، حيث تظهر أسماء جديدة من خلالها على الساحة مثل المصممة السعودية عبير عسقول، وعمرو البنا، وجينا نصر وماري لوي وغيرها من الأسماء التي وجدت في هذه المنصات فرصة لتقديم مجموعاتها.


مقالات ذات صلة

«لورو بيانا» تحتل واجهات «هارودز» لتحتفل بمئويتها وإرثها

لمسات الموضة حوَّلت «لورو بيانا» الواجهات إلى احتفالية بإرثها وحرفييها وأيضاً بالثقافة البريطانية التي تمثلها معلمة مثل «هارودز» (لورو بيانا)

«لورو بيانا» تحتل واجهات «هارودز» لتحتفل بمئويتها وإرثها

مع اقتراب نهاية كل عام، تتسابق المتاجر والمحلات الكبيرة على التفنن في رسم وتزيين واجهاتها لجذب أكبر نسبة من المتسوقين إلى أحضانها.

«الشرق الأوسط» (لندن)
يوميات الشرق في عقدها الثامن اختار إريك جدّته «مانيكان» تعرض تصاميمه (حساب المُصمّم على إنستغرام)

إريك ماتيو ريتر وجدّته هدى زيادة... جيلان يلتقيان على أجنحة الموضة

معاً؛ زوّدا عالم الأزياء بلمسة سبّاقة لم يشهدها العالم العربي من قبل. التناغُم بينهما لوّن عالم الموضة في لبنان بنفحة الأصالة والشباب.

فيفيان حداد (بيروت)
لمسات الموضة كان حب إيلي صعب الإنسان الخيط الذي جمع كل الفنانين الذين حضروا الاحتفالية (رويترز)

5 أشياء تدين بها صناعة الموضة العربية لإيلي صعب

المهتمون بالموضة، من جهتهم، يكنون له الاحترام، لرده الاعتبار لمنطقة الشرق الأوسط بوصفها تملك القدرة على الإبهار والإبداع.

جميلة حلفيشي (لندن)
الاقتصاد صورة تُظهر واجهة متجر دار الأزياء الإيطالية «فالنتينو» في وسط روما (أ.ف.ب)

للمرة الأولى منذ الركود العظيم... توقعات بانخفاض مبيعات السلع الفاخرة عالمياً

من المتوقع أن تنخفض مبيعات السلع الفاخرة الشخصية عالمياً في عام 2025 لأول مرة منذ الركود العظيم، وفقاً لدراسة استشارية من شركة «بين».

«الشرق الأوسط» (روما)
لمسات الموضة في الدورة الأولى من رئاسة زوجها اعتمدت ميلانيا عدة إطلالات أنيقة كان لدار «دولتشي أند غابانا» نصيب كبير فيها (خاص)

هل حان الوقت ليصالح صناع الموضة ميلانيا ترمب؟

قامت ميلانيا بالخطوة الأولى بدبلوماسية ناعمة بإعلانها أنها امرأة مستقلة ولها آراء خاصة قد تتعارض مع سياسات زوجها مثل رأيها في حق المرأة في الإجهاض وغير ذلك

جميلة حلفيشي (لندن)

4 فنانات يحتفلن بميلاد حقيبة «أوريغامي»

سارة أوريارتي أكثر من ركّزت على تقنية «الأوريغامي» نظراً لعشقها وتخصصها في تنسيق الزهور (بيوريفكايشن غارسيا)
سارة أوريارتي أكثر من ركّزت على تقنية «الأوريغامي» نظراً لعشقها وتخصصها في تنسيق الزهور (بيوريفكايشن غارسيا)
TT

4 فنانات يحتفلن بميلاد حقيبة «أوريغامي»

سارة أوريارتي أكثر من ركّزت على تقنية «الأوريغامي» نظراً لعشقها وتخصصها في تنسيق الزهور (بيوريفكايشن غارسيا)
سارة أوريارتي أكثر من ركّزت على تقنية «الأوريغامي» نظراً لعشقها وتخصصها في تنسيق الزهور (بيوريفكايشن غارسيا)

عشر سنوات فقط مرت على إطلاق علامة «بيوريفيكايشن غارسيا» حقيبتها الأيقونية «أوريغامي». بتصميمها الهندسي وشكلها ثلاثي الأبعاد لفتت الأنظار منذ أول ظهور لها. واحتفالاً بمكانتها وسنواتها العشر، تعاونت العلامة الإسبانية مؤخرا، مع أربع مُبدعات في الفنون البلاستيكية لترجمتها حسب رؤيتهن الفنية وأسلوبهن، لكن بلغة تعكس قِيم الدار الجوهرية. هذه القيم تتلخص في الألوان اللافتة والخطوط البسيطة التي لا تفتقر إلى الابتكار، أو تبتعد عن فن قديم لا يزال يُلهم المصممين في شتى المجالات، قائم على طيّ الورق من دون استخدام المقص أو الغراء، ألا وهو «الأوريغامي». فن ياباني تكون فيه البداية دائماً قاعدة مربّعة أو مكعّبة.

المكعّب يُشكّل نقطة البداية في تصميم الحقيبة إلى جانب جلد النابا الناعم والمرن (بيوريفكايشن غارسيا)

ولأن يوم 11 نوفمبر (تشرين الثاني)، صادف اليوم العالمي لفن «الأوريغامي»، فإنه كان فرصة ذهبية لتسليط الضوء على حقيبة وُلدت من رحم هذا الفن ولا تزال تتنفس منه تفاصيلها.

فالمكعّب يُشكّل نقطة البداية في تصميمها؛ إذ تبدأ العملية باختيار جلد النابا تحديداً لنعومته، وبالتالي سهولة طيّه ومرونته في الحفاظ على شكله. بعد تمديد الجلد، يتم تحديد النمط وإضافة دعامات مثلثة للحفاظ على هيكله، لتُضاف بعد ذلك المُسنّنات يدوياً لخلق حركة انسيابية على الجلد.

للاحتفال بميلاد الحقيبة العاشر وفن «الأوريغامي» في الوقت ذاته، منحت «Purificacion Garcia» أربع مُبدعات، وهن: ألبا غالوتشا وكلارا سيبريان وصوفي أغويو وسارة أوريارتي، حرية ترجمتها حسب رؤية كل واحدة منهن، مع الحفاظ على أساسياتها.

ألبا غالوتشا، وهي ممثلة وعارضة أزياء وفنانة، تعتمد على الأنسجة والخزف كوسيلة للتعبير عن نفسها، وتستقي إلهامها من الحياة اليومية، والاحتفال بتضاريس الجسد. استوحَت الحقيبة التي ابتكرتها من عشقها للأنماط والهياكل والبناء. تقول: «حرصت على الجمع بين ما يُعجبني في شكل هذه الحقيبة وما يستهويني في جسم الإنسان، لأبتكر تصميماً فريداً يعكس هذَين المفهومَين بشكلٍ أنا راضية عنه تماماً».

حرصت ألبا على الجمع بين تضاريس الجسد وأنماط وهياكل البناء (بيوريفكايشن غارسيا)

أما كلارا سيبريان، فرسّامة تحبّ العمل على مواضيع مستوحاة من جوانب الحياة اليومية ويمكن للجميع فهمها والتماسها. تقول عن تجربتها: «أنا وفيّة لأكسسواراتي، فأنا أحمل الحقيبة نفسها منذ 5 سنوات. وعندما طُلب مني ابتكار نسختي الخاصة من هذه الحقيبة، تبادرت فكرة إلى ذهني على الفور، وهي إضفاء لمستي الشخصية على حقيبة (Origami) لتحاكي الحقيبة التي أحملها عادةً بتصميمٍ بسيطٍ تتخلّله نقشة مزيّنة بمربّعات».

من جهتها، تستمد سارة أوريارتي، وهي فنانة متخصصة في تنسيق الأزهار والمديرة الإبداعية في «Cordero Atelier»، إلهامها من الطبيعة، ولهذا كان من الطبيعي أن تُجسّد في نسختها من حقيبة «أوريغامي»، السلام والهدوء والجمال. تشرح: «لقد ركّزت على تقنية (الأوريغامي) التي أقدّرها وأحترمها. فكل طيّة لها هدف ودور، وهو ما يعكس أسلوبي في العمل؛ إذ كل خطوة لها أهميتها لتحقيق النتيجة المرجوة. لذلك، يُعتبر الانضباط والصبر ركيزتَين أساسيتَين في هذَين العملَين. وأنا أسعى إلى إيجاد التوازن المثالي بين الجانب التقني والجانب الإبداعي، وهذا ما يلهمني لمواصلة استكشاف الجمال الكامن في البساطة».

كلارا رسّامة... لهذا عبّرت نسختها عن رؤيتها الفنية البسيطة التي أضافت إليها نقشة مزيّنة بمربّعات (بيوريفكايشن غارسيا)

وأخيراً وليس آخراً، كانت نسخة صوفي أغويو، وهي مستكشفة أشكال ومؤسِّسة «Clandestine Ceramique»، التي تشيد فيها كما تقول بـ«تصميم يتداخل فيه العملي بجمال الطبيعة، وبالتالي حرصت على أن تعكس التناغم بين جوهر دار (بيوريفكايشن غارسيا) القائمة على الأشكال الهندسية وأسلوبي الخاص الذي أعتمد فيه على المكوّنات العضوية. بالنتيجة، جاءت الحقيبة بحلّة جديدة وكأنّها تمثال منحوت بأعلى درجات الدقة والعناية».