«الصامتون»... فرقة موسيقية مصرية من الصم والبكم تقاوم عزف اللحن الأخير

من عروض الفرقة
من عروض الفرقة
TT

«الصامتون»... فرقة موسيقية مصرية من الصم والبكم تقاوم عزف اللحن الأخير

من عروض الفرقة
من عروض الفرقة

جمعت فرقة «الصامتون» بين إحساس الروح وتعبير الجسد لتكون بمثابة لغة ثالثة تُقرب ما بين الصّم والعاديين، بعدما استطاعت الفرقة أن تحقّق التوافق بين الأداء الحركي وأنغام الموسيقى التي لا يسمعونها، تطورت في مراحلها حتى جمعت بين مكفوفين يعزفون الموسيقى ومجموعة من الصم ينفذون حركات الموسيقى، في مشهد تقشعر له الأبدان، الأمر الذي دفع كثيرا من كبار النقاد ورواد هذا الفن إلى الانبهار بتجربتهم، واعتبروها حالة خاصة جداً على الساحة الفنية بالعالم أجمع، لكن الفرقة تعاني منذ بداية 2017 من التقشف، حيث توقفت وزارة الثقافة المصرية عن دعمها وتوقفت عروضها الشهرية التي كانت تساندها بها الوزارة حتى بدأت في التواري عن الأضواء رويدا رويدا، وانفك معظم القائمين عليها، لكنّ التجربة لا تزال تقاوم رياح الهدم حتى الآن.
حقّقت الفرقة منذ بدايتها عام 2005 في مدينة المحلة الكبرى بمحافظة الغربية المصرية كثيرا من النجاحات التي فاقت كل التوقعات، ظهر ذلك بوضوح خلال مشاركتها في المهرجان الدولي السابع للرقص المسرحي الحديث (فن الأداء الحركي) بدار الأوبرا المصرية 2006 بمشاركة 4 دول أوروبية، وهي فرنسا وإسبانيا وبلجيكا وإيطاليا، وسط انبهار وفود الدول الأوروبية بأدائها، وبوجود فرقة من هذا النوع في العالم العربي، مؤكدين وقتها أنّ الفرقة تعد تطورا لفن المسرح الحديث، إذ إنّها تساهم بشكل كبير في خدمة الإنسانية، مع فتح آفاق جديدة لفئة الصم في العالم.
مؤسس الفرقة ليس دارساً لهذا الفن، إلا أنّه اعتمد على موهبته وخبرته لكونه موسيقيا واستعراضيا سابقا، وساقه طموحه أيضاً إلى خوض التجربة بهدف دمج الصم والبكم في عالم الفن، متخذا من فن الأداء الحركي مدخلا لتحقيق ذلك، فبعد أن تعايش مع الأطفال الصم والبكم وتعرف على عالمهم الصامت، ورأى بعينيه معاناتهم حين تتعثر بهم السبل للتواصل مع أقرانهم العاديين، أراد أن يبتكر اتجاهاً فنياً جديداً، يساهم بشكل كبير في دمج الصم والبكم في المجتمعات العربية، ويفتح به للصم آفاقا جديدة للتواصل تحقق تفعيل مشاركتهم في العالم العربي.
يقول المخرج رضا عبد العزيز مؤسس فرقة صامتون، لـ«الشرق الأوسط»، إن «فكرة تأسيس الفريق أتت إليه عام 2005، عندما حضر عرض مسرحي للصم والبكم في المركز الثقافي الفرنسي بالقاهرة، وكان العرض بلغة الإشارة، ولم يكن يعرف وقتها هذه اللغة، ولقي صعوبة كبيرة في فِهم العرض المسرحي، بدأ بعدها في البحث عن لغة بديلة يستطيع من خلالها الصم والبكم أن يعرضوا ما يقولونه عن طريق الحركة، بحيث يفهم جميع الجمهور عرضهم، وليس من يعرف لغة الإشارة فقط، ومن هنا بدأ في تنفيذ الفكرة».
يضيف عبد العزيز أنّه واجه في البداية بعض الصعوبات، نظراً لصعوبة الفكرة، وعدم استيعاب العاملين عليها ماهيتها، قائلا: كان من الصعب جداّ أن تنفذ عرضا مسرحيا حركيا على موسيقى مسموعة من قبل أفراد لا يسمعون أصلا، مشيراً إلى أنّه استعان بتجربة الموسيقار العالمي، لودفيج فان بيتهوفن الذي استطاع أن يؤلف أروع موسيقاه، بعد أن أصيب بالصمم، وهو في سن الـ32. إلا أنّ تجربة «الصامتون» كما يقول عبد العزيز، كانت أصعب، لأن بيتهوفن أصيب بالصمم بعد جمعه ثروة موسيقية وسمعية كبيرة استفاد بها لحظات إصابته، كما أن أعضاء فرقة «الصامتون» لا يسمعون من البداية، لذلك فقد تخطينا ما فعله بيتهوفن، وقلت وقتها: «إذا كان بيتهوفن تعرّف على الموسيقى التي لا يسمعها، فإن أعضاء فريقه سيرقصون عليها دون أن يسمعوها».
عرف عبد العزيز أن بيتهوفن استعان بالذبذبات عن طريق وضع رأسه على البيانو أثناء عزفه، وبالتالي فإنّ عظام جمجمته عرف ماهية البيت الموسيقي، قائلا: «استعنت بهذه الطريقة في العمل مع أعضاء الفرقة، مستخدماً عظام الجمجمة، والمناطق العظمية في أجسادهم، كالكف والكتف عن طريق الضرب عليها بالبيت الموسيقي المطلوب تنفيذه، متحدثاً معهم بلغة الإشارة التي تعلمتها خصيصاً للتواصل معهم، ويتم كل هذا في البروفات الخاصة بالفريق قبل العرض، حتى يعلم الجميع من أعضاء الفرقة دوره المطلوب».
إلى ذلك، فمنذ خروج الفرقة للنور استطاعت أن تنال اهتمام وزارة الثقافة المصرية، فقدمت لها الدعم الكامل، وشاركتها في عروض وبرامج شهرية بمراكز الإبداع في القاهرة، وفي مسارح الإسكندرية، ومختلف محافظات الجمهورية إلى جانب المشاركة في المهرجانات الدولية، إلّا أنّ الدعم توقف تماما في بداية 2017. وتوقفت العروض الشهرية، بحجة أنّه لا توجد ميزانية من الوزارة للفرقة، وتواجه الفرقة الآن أزمة التفكك.
جدير بالذكر أنّ الفرقة لا تشترط سنّا معينة، حيث يستطيع اللحاق بها كل أفراد الصم والبكم من الصغار والكبار، رافعة شعار «التجربة للجميع». كما أنّها نفذت كثيرا من العروض خارج مصر، كان أبرزها الأسبوع الثقافي المصري في نيوديلهي بالهند، بدعم من وزارة الثقافة المصرية، وعرض بالأكاديمية المصرية في روما، وعروض أخرى في لبنان والأردن وغيرها من الدول، إلى جانب تنفيذ ثلاثة أفلام وثائقية تحكي عن الفرقة وفكرتها، شاركت تلك الأفلام في مسارح برلين والدوحة وكوريا، وفق ما ذكره مؤسس الفرقة.



شكري سرحان يعود للأضواء بعد «انتقاد موهبته»

الفنان شكري سرحان (حساب الإعلامي محسن سرحان على «فيسبوك»)
الفنان شكري سرحان (حساب الإعلامي محسن سرحان على «فيسبوك»)
TT

شكري سرحان يعود للأضواء بعد «انتقاد موهبته»

الفنان شكري سرحان (حساب الإعلامي محسن سرحان على «فيسبوك»)
الفنان شكري سرحان (حساب الإعلامي محسن سرحان على «فيسبوك»)

عاد الفنان المصري شكري سرحان الملقب بـ«ابن النيل» إلى الأضواء مجدداً بعد مرور 27 عاماً على رحيله، وذلك عقب «انتقاد موهبته»، والإشارة إلى أن نجوميته كانت أكبر من موهبته، وفق ما قاله الفنان الشاب عمر متولي، نجل شقيقة الفنان المصري عادل إمام، في إحدى حلقات برنامجه «السوشياليليك لوك2» عبر موقع «يوتيوب»، استضاف خلالها الفنان أحمد فتحي، الأمر الذي أثار استياء أسرة الفنان الراحل، ودعاهم للرد على متولي.

الناقد والمؤرخ الفني المصري محمد شوقي تحدث عن موهبة شكري سرحان الفنية، مؤكداً أنه «أحد أهم نجوم الشاشة العربية وفنان تميز كثيراً عن نجوم جيله، فقد قدم أدواراً مختلفة ومنتقاة، وشارك في أهم أفلام المخرجين يوسف شاهين وكمال الشيخ وصلاح أبو سيف وبركات وحسن الإمام وعز الدين ذو الفقار، وجميعهم أشادوا بموهبته».

وأضاف لـ«الشرق الأوسط» أن «سرحان ابتعد عن النمطية ولم يَعْتَد السير على وتيرة واحدة، بل قدم الأعمال الدينية والوطنية والتاريخية والاجتماعية والرومانسية، وحتى الكوميدية قدمها في بدايته مع إسماعيل ياسين ونعيمة عاكف».

شكري سرحان وسعاد حسني (حساب الإعلامي محسن سرحان على «فيسبوك»)

بدأ شكري سرحان مشواره الفني في أربعينات القرن الماضي، وتجاوزت أفلامه 100 فيلم، منها أكثر من 90 فيلماً تصدر بطولتها، لكنّ مشاركته الفنية الأبرز كانت عبر بطولته فيلم «ابن النيل» في بدايته، وبعد ذلك قدم أفلاماً كثيرة من بينها «الستات ميعرفوش يكدبوا» و«أهل الهوى» و«شباب امرأة» و«رد قلبي» و«قنديل أم هاشم» و«السفيرة عزيزة» و«اللص والكلاب» و«البوسطجي» و«عودة الابن الضال» بالإضافة إلى عدد كبير من المسلسلات الإذاعية والسهرات التلفزيونية والمسرحيات.

ولفت شوقي إلى أن «شكري سرحان شارك مع أجيال نسائية عدة في مشواره الفني، وحتى مع تقدمه في العمر ظهر في أدوار محدودة لكنها مؤثرة، فقد كانت موهبته لا حدود لها، فهو النجم الوحيد الأكثر عطاءً في تاريخ السينما، والحاصل على لقب (نجم القرن العشرين) عام 1996 من مهرجان القاهرة السينمائي الدولي».

ونشرت أسرة الفنان الراحل بياناً عبر صفحة الإعلامي محسن سرحان، المتحدث باسم الأسرة، للرد على متولي، أكد خلاله أن «شكري سرحان كان فناناً أكاديمياً وقف في بدايته أمام عمالقة المسرح المصري، من بينهم زكى طليمات وجورج أبيض ويوسف وهبي»، مؤكداً أن «الفنان الراحل شارك في أفلام عالمية منها (قصة الحضارة) و(ابن كليوباترا)، كما حققت أعماله إيرادات لافتة».

شكري سرحان ومريم فخر الدين (حساب الإعلامي محسن سرحان على «فيسبوك»)

وكشف سرحان في تصريح خاص لـ«الشرق الأوسط» أنه «بصدد تقديم شكوى رسمية ضد متولي وفتحي في نقابة المهن التمثيلية خلال أيام»، مؤكداً «تصعيد الأمر واتخاذ إجراءات قانونية في حال عدم اعتذارهما عمّا بدر منهما والذي يقع تحت بند (الإهانة أو السب والقذف) حسب الرؤية القانونية»، وفق قوله. مؤكداً استياء نجل الفنان شكري سرحان المقيم في أستراليا مما قيل في حق والده، ومطالبته باتخاذ الإجراءات اللازمة نيابةً عنه.

ونوّه سرحان بأن معرض القاهرة الدولي للكتاب في دورته القادمة سيحتفي بمئوية ميلاد الفنان الراحل من خلال إقامة ندوة يوم 30 يناير (كانون الثاني) الجاري لتناول سيرة حياة الفنان الراحل ومشواره الفني.

وأوضح سرحان أنه بدأ في كتابة «السيرة الذاتية» للفنان الراحل بالتعاون مع نجله من أجل تقديمها في عمل درامي سيتم إنتاجه قريباً، لكنهم لم يستقروا على اسم فنان بعينه لتجسيد شخصيته.

شكري سرحان قدم أدواراً متنوعة في السينما والمسرح والتلفزيون (فيسبوك)

وشارك شكري سرحان بطولة أفلامه أشهر فنانات مصر، من بينهم شادية وسعاد حسني ونادية لطفي وفاتن حمامة وماجدة وسميرة أحمد وتحية كاريوكا ولبنى عبد العزيز وشمس البارودي ونيللي ونجلاء فتحي.

وحصل سرحان على جوائز عدة واختير أفضل فنان في القرن العشرين بوصفه صاحب أعلى رصيد في قائمة «أفضل 100 فيلم في تاريخ السينما المصرية» التي ضمت 16 فيلماً من بطولته من بينها «اللص والكلاب» و«شباب امرأة» و«البوسطجي» و«عودة الابن الضال».