أميركا تفتتح سفارتها في القدس... وترمب يتمسك بعملية السلام

وسط احتجاجات فلسطينية واسعة

سفير الولايات المتحدة في إسرائيل ديفيد فريدمان يصفق لجاريد كوشنر في احتفال افتتاح السفارة في القدس أمس (أ.ف.ب)
سفير الولايات المتحدة في إسرائيل ديفيد فريدمان يصفق لجاريد كوشنر في احتفال افتتاح السفارة في القدس أمس (أ.ف.ب)
TT

أميركا تفتتح سفارتها في القدس... وترمب يتمسك بعملية السلام

سفير الولايات المتحدة في إسرائيل ديفيد فريدمان يصفق لجاريد كوشنر في احتفال افتتاح السفارة في القدس أمس (أ.ف.ب)
سفير الولايات المتحدة في إسرائيل ديفيد فريدمان يصفق لجاريد كوشنر في احتفال افتتاح السفارة في القدس أمس (أ.ف.ب)

في وقت انفجرت فيه صدامات واسعة سقط خلالها عشرات القتلى ومئات الجرحى الفلسطينيين برصاص الجنود الإسرائيليين في مناطق مختلفة من فلسطين لا سيما على حدود قطاع غزة، أقيم في القدس الغربية أمس احتفال كبير بمناسبة نقل السفارة الأميركية من تل أبيب. واعتبر الرئيس الأميركي دونالد ترمب ومبعوثوه إلى الحفل هذا الحدث «بداية لعملية السلام»، فيما اعتبره الفلسطينيون «تدميراً لعملية السلام».
وأقيم الاحتفال بافتتاح السفارة الأميركية في القدس الغربية وسط تدابير أمنية مشددة، انتشر بموجبها آلاف من رجال الشرطة والمخابرات والقناصة في أحياء المدينة وتم خلالها إغلاق عشرات الشوارع والأحياء. وأقامت لجنة المتابعة العليا للمواطنين العرب في إسرائيل بمشاركة رئيس وأعضاء الكنيست (البرلمان الإسرائيلي) من القائمة المشتركة إضافة إلى ممثلين عن القوى الوطنية الفلسطينية في القدس الشرقية المحتلة وبعض قوى اليسار اليهود من إسرائيل والولايات المتحدة، مظاهرة احتجاج على مقربة من مقر السفارة الجديد. وأقامت قوى اليمين المتطرف مظاهرة أخرى مقابلها. ووقعت صدامات بين الطرفين، وانضمت الشرطة الإسرائيلية إلى متظاهري اليمين واعتدت على عدد من المتظاهرين العرب واعتقلت تسعة منهم.
وقالت عايدة توما، عضو الكنيست عن القائمة المشتركة، إن «الشرطة قمعت المظاهرة لأنها لا تريد أن يسمع العالم صوتاً آخر في إسرائيل ضد نقل السفارة». وقال أحد المتظاهرين: «جئنا هنا عرباً وإسرائيليين وأميركيين لنتظاهر ضد قرار ترمب بنقل السفارة، فهو قرار سياسي أعدم آمال حل الدولتين». وأضاف: «القدس يجب أن تكون عاصمة لدولتين: فلسطين وإسرائيل».
وفي باحة السفارة الجديدة أقيم الاحتفال بحضور 300 أميركي و500 مدعو إسرائيلي. وكان في مقدمة المشاركين الأميركيين وزير الخزانة، ستيف منوتشين، وصهر الرئيس الأميركي مستشاره الخاص جاريد كوشنر وزوجته إيفانكا ترمب، ونائب وزير الخارجية، جون سوليفان، والقس روبرت جيفرس، وكذلك شلدون أدلسون، صاحب الكازينوهات الداعم لرئيس الوزراء الإسرائيلي، بنيامين نتنياهو، والذي يصدر له صحيفة يومية بالعبرية في تل أبيب. وبرز غياب أي عضو كونغرس من الحزب الديمقراطي الأميركي، ولا حتى أي من أعضائه اليهود. وبرز في الجانب الإسرائيلي، إضافة إلى نتنياهو، كل من رئيس الدولة، رؤوفين ريفلين، وجميع الوزراء إضافة لمسؤولين كبار بينهم مفتش الشرطة العام، روني الشيخ، ورئيس الموساد، يوسي كوهن، كما برز حضور قادة اليمين المتطرف ورؤساء المستوطنات.
وبرز غياب رئيس أركان الجيش الإسرائيلي، غادي آيزنكوت، وغيره من قادة الجيش، الذين وجدوا في الوقت نفسه على الحدود مع قطاع غزة لمتابعة التطورات. وفرضت أحداث غزة نفسها على الحضور، الذين شوهدوا وهم يتابعون الأحداث بواسطة الهواتف النقالة.
وترأس الحفل السفير الأميركي لدى إسرائيل، ديفيد فريدمان، الذي أضفى عليه طابعاً دينياً يهودياً، فقال إن «القدس هي أورشليم عاصمة الشعب اليهودي منذ 3000 عام». وقال إن هذا الحفل يعتبر حدثاً تاريخياً يؤكد دعم الولايات المتحدة لإسرائيل. وقال نائب وزير الخارجية الأميركي، جون سوليفان، خلال الحفل، إن نقل السفارة الأميركية إلى القدس سيحسن فرص السلام. وأضاف: «أولئك الذين يحاولون زعزعة أمن إسرائيل هم جزء من المشكلة وليس الحل». وقال: «الولايات المتحدة ملتزمة بإسرائيل. نحن ملتزمون بتحالفنا. ونحن ملتزمون ببناء مستقبل أكثر سلاماً وازدهاراً معاً».
وفي كلمة مسجلة بشريط فيديو، هنأ الرئيس ترمب إسرائيل بنقل السفارة مردداً أقوال فريدمان بأن «القدس هي عاصمة الشعب اليهودي منذ القدم». وأبدى تفاؤلاً بعقد مفاوضات سلام بين الفلسطينيين والإسرائيليين، قائلاً: «نحن نمد يد الصداقة لإسرائيل وللفلسطينيين ولجميع جيرانهم حتى يكون هناك سلام». وقال: «ستكون الولايات المتحدة دوماً صديقاً عظيماً لإسرائيل».
وكانت الكلمة الأميركية الرئيسية في الاحتفال لمستشار ترمب صهره جاريد كوشنر الذي قال: «إنني فخور جداً بأن أكون هنا اليوم في القدس، القلب الأبدي للشعب اليهودي، التي نعترف بها عاصمة ولذلك نقلنا إليها السفارة». وأضاف: «في الوقت الذي تراجع فيه جميع الرؤساء الأميركيين السابقين عن وعودهم بنقل السفارة، فعل ذلك الرئيس ترمب، لأن الرئيس ترمب يعد ويفي». وتابع: «إسرائيل هي أمة ذات سيادة ولديها الحق في تحديد عاصمتها، وهو حق أي دولة أخرى في العالم».
وتناول كوشنر في كلمته أيضاً الاتفاق النووي الذي أبرم مع إيران عام 2015. ووصفه بأنه «خطير ومعيب ومنحاز»، مما أثار تصفيقاً حاداً من الزعماء السياسيين والدينيين الذين كانوا يحضرون مراسم افتتاح السفارة، بحسب ما سجّلت وكالة الأنباء الألمانية. ووصف كوشنر القرار الأميركي بالانسحاب من الاتفاق النووي مع إيران بأنه طريقة «لمواجهة التهديدات المشتركة التي أتاحت فرصاً وشراكات لم يكن من الممكن تصورها من قبل». وقال إن «الرئيس الأميركي دونالد ترمب أقر الأسبوع الماضي بحقيقة أخرى والتزم بوعد آخر، عندما أعلن اعتزامه الانسحاب من الاتفاق الخطير والمعيب والمنحاز مع إيران». وأشار إلى أنه «من خلال مواجهة التهديدات المشتركة والسعي إلى تحقيق المصالح المشتركة، تبدأ في الظهور فرص وتحالفات لم يكن من الممكن تصورها من قبل».
وعبّر ريفلين عن شكره لترمب على نقل السفارة وقال: «نأمل ونتوقع أنه على أعقابك ستسير دول أخرى في طريقك». أما نتنياهو فقال في كلمته: «هذا يوم عظيم. يوم عظيم للقدس. يوم عظيم لدولة إسرائيل. يوم سيحفر في ذاكرتنا الوطنية لأجيال». ووجه نتنياهو الشكر للرئيس الأميركي لـ«شجاعته» على الوفاء بوعده بنقل السفارة الأميركية من تل أبيب إلى القدس. واختتم نتنياهو كلمته قائلاً إن القدس ستبقى «العاصمة الأبدية الموحدة لإسرائيل»، مشيراً إلى أن «ليس لدينا صديقة أفضل في العالم (من أميركا). أنتم تقفون إلى جانب إسرائيل والقدس. تذكروا هذه اللحظة. إنها تاريخية. وباعتراف بالتاريخ صنع الرئيس ترمب تاريخاً».
ووزعت وزارة الخارجية الأميركية بياناً للوزير مايك بومبيو قال فيه: «أشعر بالفخر اليوم للاحتفال بافتتاح سفارة الولايات المتحدة لدى إسرائيل في القدس. يفي هذا الحدث الهام بوعد الرئيس ترمب (...) ما زلنا ملتزمين بالدفع قدماً بسلام دائم وشامل بين إسرائيل والفلسطينيين».

احتجاجات فلسطينية
ومن الجهة المقابلة، في أراضي السلطة الفلسطينية في الضفة الغربية، تم تنظيم عشرات المسيرات لكن غالبيتها كانت صغيرة ولم تثر اهتماماً. ولكن مسيرة كبيرة نظمت في رام الله ووصلت إلى معبر الحدود مع إسرائيل شمال القدس، قمعتها قوات الاحتلال الإسرائيلي. وقد انطلقت المسيرة من «ميدان الشهيد ياسر عرفات» وسط مدينة رام الله، باتجاه حاجز قلنديا العسكر. وعندما اقترب المشاركون فيها، قمعهم جنود الاحتلال مستخدمين قنابل الغاز والرصاص المطاطي، حيث أُصيبت سيّدة بالاختناق، وأصيب ثلاثة مواطنين بجروح.
وقال نبيل أبو ردينة، المتحدث باسم الرئيس الفلسطيني محمود عباس، إن افتتاح السفارة الأميركية في القدس يخلق مناخاً من التحريض والإثارة وعدم الاستقرار في المنطقة، مستبعداً استمرار واشنطن في دور الوسيط بعملية السلام في الشرق الأوسط. وأضاف أبو ردينة: «بهذه الخطوة تكون الإدارة الأميركية ألغت دورها في عملية السلام وأساءت للعالم وللشعب الفلسطيني والأمة العربية والإسلامية وخلقت مناخاً من التحريض والإثارة وعدم الاستقرار». أما رئيس دائرة المفاوضات أمين عام اللجنة التنفيذية لمنظمة التحرير الدكتور صائب عريقات فقال إن السفارة الأميركية في القدس هي بمثابة «بؤرة استيطان غير شرعية على أرضنا المحتلة ويجب إزالتها».



الحوثيون يتبنّون هجمات بالمسيّرات ضد أهداف إسرائيلية

صورة وزّعها الإعلام الحوثي تظهر صواريخ وطائرات من دون طيار (رويترز)
صورة وزّعها الإعلام الحوثي تظهر صواريخ وطائرات من دون طيار (رويترز)
TT

الحوثيون يتبنّون هجمات بالمسيّرات ضد أهداف إسرائيلية

صورة وزّعها الإعلام الحوثي تظهر صواريخ وطائرات من دون طيار (رويترز)
صورة وزّعها الإعلام الحوثي تظهر صواريخ وطائرات من دون طيار (رويترز)

تبنت الجماعة الحوثية المدعومة من إيران هجمات جديدة بالطائرات المسيّرة ضد أهداف إسرائيلية، الجمعة، إلى جانب تبنّى هجمات بالاشتراك مع فصائل عراقية موالية لطهران، دون أن يعلق الجيش الإسرائيلي على الفور بخصوص آثار هذه العمليات.

وتشن الجماعة المدعومة من إيران منذ أكثر من عام هجمات ضد السفن في البحر الأحمر وخليج عدن، فضلاً عن إطلاق الصواريخ والمسيّرات باتجاه إسرائيل تحت مزاعم نصرة الفلسطينيين في غزة.

صاروخ أطلقه الحوثيون باتجاه إسرائيل من نوع «فلسطين 2» (إعلام حوثي)

وخلال حشد حوثي في ميدان السبعين بصنعاء، الجمعة، ادعى المتحدث العسكري باسم الجماعة يحيى سريع أن قوات جماعته نفذت عمليتين عسكريتين استهدفت الأولى هدفاً عسكرياً في عسقلان، فيما استهدفت الثانية هدفاً في تل أبيب.

وزعم المتحدث الحوثي أن العمليتين تم تنفيذهما بطائرتين مسيّرتين تمكنتا من تجاوز المنظومات الاعتراضية والوصول إلى هدفيهما.

إلى ذلك، قال سريع إن قوات جماعته نفذت بالاشتراك مع ما وصفها بـ«المقاومة الإسلامية في العراق» عمليةً عسكريةً ضد أهداف حيوية جنوب إسرائيل، وذلك بعدد من الطائرات المسيّرة، زاعماً أن العملية حققت أهدافها بنجاح.

وتوعد المتحدث الحوثي بالاستمرار في تنفيذ الهجمات ضد إسرائيل حتى توقف الحرب على غزة ورفع الحصار عنها.

19 صاروخاً ومسيّرة

في أحدث خطبة لزعيم الجماعة عبد الملك الحوثي، الخميس، قال إن جماعته أطلقت باتجاه إسرائيل خلال أسبوع 19 صاروخاً باليستياً ومجنحاً وطائرة مسيّرة، زاعماً أنها استهدفت تل أبيب وأسدود وعسقلان.

كما ادعى الحوثي استهداف خمس سفن أميركية في خليج عدن، منها: بارجتان حربيتان، وهدد بالاستمرار في الهجمات، وقال إن جماعته نجحت في تدريب وتعبئة أكثر من 600 ألف شخص للقتال خلال أكثر من عام.

من آثار مسيّرة حوثية انفجرت في مبنى سكني في جنوب تل أبيب الاثنين الماضي (أ.ف.ب)

وتبنّى الحوثيون على امتداد أكثر من عام إطلاق مئات الصواريخ والطائرات المسيّرة باتجاه إسرائيل، لكن لم يكن لها أي تأثير هجومي، باستثناء مسيّرة قتلت شخصاً بعد انفجارها بشقة في تل أبيب يوم 19 يوليو (تموز) الماضي.

واستدعت هذه الهجمات من إسرائيل الرد في 20 يوليو الماضي، مستهدفة مستودعات للوقود في ميناء الحديدة، وهو ما أدى إلى مقتل 6 أشخاص، وإصابة نحو 80 آخرين.

وتكرّرت الضربات الإسرائيلية في 29 سبتمبر (أيلول) الماضي، ضد مستودعات للوقود في كل من الحديدة ورأس عيسى. كما استهدفت محطتي توليد كهرباء في الحديدة، بالإضافة إلى مطار المدينة الخارج عن الخدمة منذ سنوات. وأسفرت هذه الغارات عن مقتل 4 أشخاص، وإصابة نحو 30 شخصاً، وفق ما أقر به الحوثيون.

أحدث الهجمات

أعلن الجيش الإسرائيلي، الاثنين الماضي، أن طائرة مسيّرة، يعتقد أنها انطلقت من اليمن، أصابت مبنى في جنوب تل أبيب، وفق ما نقلته وسائل إعلام غربية.

وقالت القناة «13» الإسرائيلية: «ضربت طائرة مسيّرة الطابق الـ15 من مبنى سكني في يفنه، ولحق دمار كبير بشقتين»، مشيرة إلى وصول قوات كبيرة إلى المكان.

وأفاد الجيش الإسرائيلي بورود «تقارير عن سقوط هدف جوي مشبوه في منطقة مدينة يفنه. ولم يتم تفعيل أي تحذير». وقالت نجمة داود الحمراء إنه لم تقع إصابات.

وأشارت قوات الإطفاء والإنقاذ، التي وصلت إلى مكان الحادث، إلى وقوع أضرار جسيمة في شقتين. كما نقل موقع «0404» الإسرائيلي اليوم عن متحدث باسم الجيش الإسرائيلي قوله: «يبدو أن الطائرة المسيّرة التي أصابت مبنى في يفنه قد انطلقت من اليمن»، مشيراً إلى أنه يجري التحقيق في الحادث.

مدمرة أميركية في البحر الأحمر تطلق صاروخاً ضد أهداف حوثية (رويترز)

وعلى صعيد الهجمات البحرية، كانت القيادة المركزية الأميركية أعلنت في بيان، الثلاثاء، الماضي، أنّ سفينتين عسكريّتين أميركيّتين صدّتا هجوماً شنّه الحوثيون بواسطة طائرات من دون طيّار وصاروخ كروز، وذلك في أثناء حراستهما ثلاث سفن تجارية في خليج عدن.

وقال البيان إن «المدمّرتين أحبطتا هجمات شُنّت بطائرات من دون طيار وبصاروخ كروز مضاد للسفن، لتضمنا بذلك سلامتهما وأفرادهما، وكذلك سلامة السفن المدنية وأطقمها».

وأوضح البيان أنّ «المدمرتين كانتا ترافقان ثلاث سفن تجارية تابعة للولايات المتحدة»، مشيراً إلى عدم وقوع إصابات أو إلحاق أضرار بأيّ سفن.

يشار إلى أن الهجمات الحوثية في البحر الأحمر أدت منذ 19 نوفمبر (تشرين الثاني) 2023 إلى غرق سفينتين وقرصنة ثالثة، كما أدت إلى مقتل 3 بحارة وإصابة آخرين في هجوم ضد سفينة ليبيرية.

وفي حين تبنى زعيم الحوثيين مهاجمة أكثر من 211 سفينة منذ بدء التصعيد، كانت الولايات المتحدة ومعها بريطانيا في أربع مرات على الأقل، نفذت منذ 12 يناير (كانون الثاني) الماضي أكثر من 800 غارة على أهداف للجماعة أملاً في الحد من قدرتها على تنفيذ الهجمات البحرية.