انطلاق ماراثون دراما رمضان بقائمة طويلة من المسلسلات التلفزيونية

أعمال من السعودية ومصر ولبنان وسوريا والكويت والبحرين

{نسر الصعيد}
{نسر الصعيد}
TT

انطلاق ماراثون دراما رمضان بقائمة طويلة من المسلسلات التلفزيونية

{نسر الصعيد}
{نسر الصعيد}

ساعات قليلة ويبدأ ماراثون دراما رمضان على الشاشات العربية المتنوعة. عشرات المسلسلات التلفزيونية تتنوّع بين الكوميدي والاجتماعي، والأكشن. وعلى الرّغم من استمرار تصوير معظمها حالياً، فإن القنوات قد تسلّمت بالفعل حلقات متعددة منها لتضمن استمرارية بثّها طوال الشهر.
هذا الموسم، يتربع نجوم الصف الأول على قائمة العرض، مثل عادل إمام ويحيى الفخراني ومحمد رمضان وهاني سلامة وأحمد عز. وتعرض «الشرق الأوسط» قائمة بأهم الأعمال الدرامية، والأبطال المشاركين بها وطبيعة أحداثها.
> مسلسل «عوالم خفية»، بطولة الفنان الكبير عادل إمام، وتأليف أمين جمال ومحمد محرز، ومن إخراج وإنتاج رامي إمام. تدور أحداثه حول كاتب صحافي شهير، يرتبط بعائلته جداً، ويقع في يده عدد من الوثائق المهمة، تكشف فساد مسؤولين في الدولة، ينشرها ويدخل بعدها في أزمات ومشكلات كبيرة. يُعرض المسلسل على شاشة «دي إم سي» المصرية وعلى شاشة التلفزيون السعودي.
> مسلسل «طايع» من بطولة عمرو يوسف، وصبا مبارك، ومن تأليف آل دياب «محمد وخالد، وشيرين»، وإخراج عمرو سلامة. تدور قصته حول الشاب الصعيدي، خريج كلية الطب الذي يتورّط في قضية تهريب الآثار. يُعرض على شاشة التلفزيون السعودي.
> مسلسل «الوصية» بطولة أكرم حسني وأحمد أمين، تأليف أيمن وتار، ومصطفى حلمي، وإخراج خالد الحلفاوي، وتدور أحداثه في إطار حلقات منفصلة متصلة، أي أنّ كل حلقة تتناول موضوعاً معينا بشكل كوميدي.
> مسلسل «رحيم» بطولة ياسر جلال، ومن ﺗﺄﻟﻴﻒ محمد إسماعيل أمين، وإخراج محمد سلامة، تدور أحداثه حول رجل أعمال يتاجر في جميع الأعمال غير المشروعة، ويقع في حب دكتورة جامعية، فتنقلب حياته رأساً على عقب، يُعرض على شاشة ON drama.
> مسلسل «ليالي أوجيني» بطولة ظافر العابدين وأمينة خليل، تأليف إنجي القاسم، وسماء عبد الخالق، وإخراج هاني خليفة. تدور أحداثه في حقبة الأربعينات وتحديداً عام 1946، بين مدينتي القاهرة وبورسعيد. ويعرض على قناة دبي، وقناة dmc.
> مسلسل «بالحجم العائلي» بطولة يحيى الفخراني، تأليف محمد رجاء، وإخراج هالة خليل، تدور أحداثه في إطار كوميدي، حول ‎السفير السابق (نادر) الذي ترك عمله بالسلك الدبلوماسي بسبب حبه للأكل؛ ليفتتح مطعماً في إحدى القرى السياحية، حيث يُعدّ الوجبات بنفسه، ويعرض على شاشة التلفزيون السعودي.
> مسلسل «نسر الصعيد» بطولة محمد رمضان ودرة، تأليف محمد عبد المعطي، وإخراج ياسر سامي، تدور أحداثه حول ضابط شرطة صعيدي، يحبّه الجميع في منطقته، ويعتبرونه القدوة. يدخل في صراع مع رجل أعمال له تجارة غير مشروعة، يدعى هتلر. يجسد الدّور الفنان سيد رجب.
> مسلسل «اختفاء» بطولة نيللي كريم، وتأليف أيمن مدحت، وإخراج أحمد مدحت. تدور أحداثه حول دكتورة جامعية في روسيا تعيش مع زوجها الذي يختفي فجأة، لتبدأ رحلة البحث عنه.
> مسلسل «الرحلة» بطولة باسل خياط، تأليف نور شيشكلي، وإخراج حسام علي، تدور أحداثه حول «أسامة» طبيب كيميائي، مصاب بمرض السرطان. يتفاعل مع أشخاص آخرين مصابين بالمرض نفسه.
> مسلسل «أمر واقع» من بطولة كريم فهمي، وتأليف محمد رفعت، وإخراج مجدي السميري، تدور أحداثه في إطار «بوليسي أكشن» حول ضابط تحقيقات يُكلّف بإحباط عملية إرهابية تستهدف أحد السفراء في القاهرة.
> مسلسل «كلبش 2» بطولة أمير كرارة، وتأليف باهر دويدار، وإخراج بيتر ميمي، تدور أحداثه بعد ترقية الرائد سليم الأنصاري الذي يتولّى مأمورية الإشراف على سجن العقرب. وتنقلب حياته رأساً على عقب بعد أن يتعرض لمحاولة اغتيال، يقتل فيها أهله، وينجو هو رغم إصابته البالغة، ليقرر بعد ذلك الانتقام من الإرهابيين الذين قتلوا عائلته.
> مسلسل «ضد مجهول» من بطولة غادة عبد الرازق، وتأليف أيمن سلامة، وإخراج طارق رفعت، تدور أحداثه حول مهندسة ديكور متزوجة ولديها ابنة. علاقتها بزوجها تشوبها الكثير من المشكلات بسبب ظروف عملها.وتزداد الأمور صعوبة عندما تتعرض ابنتها للاغتصاب.
> مسلسل «أيوب» بطولة مصطفى شعبان، وتأليف محمد سيد بشير، وإخراج أحمد صالح، تدور أحداثه حول شاب مكافح يبحث عن فرصة عمل مناسبة، وبالفعل يصبح موظفا في بنك؛ ولكن بعد فترة من العمل يتم تدبير مكيدة له، تتسبب في دخوله السجن ظلماً.
> مسلسل «لدينا أقوال أخرى» بطولة يسرا، وشيرين رضا، تأليف أمين جمال، وعبد الله حسن، إخراج محمد على، تدور أحداثه حول مستشارة قانونية تتعرض لعدد من المشكلات بسبب حادث تعرّض له ابنها.
> مسلسل «ربع رومي» من بطولة مصطفى خاطر، وتأليف مصطفى عمر، وإخراج معتز التوني، تدور أحداثه حول شابين تعيش أسرة كل منهما في مستوى بسيط، ويسعيان لتحقيق النجاح، لكنّالظروف تحول دون ذلك.
مسلسل «فوق السحاب» بطولة هاني سلامة، وتأليف حسان دهشان، وإخراج رؤوف عبد العزيز، تدور أحداثه في إطار من التشويق والإثارة حول شخص كان على علاقة حب بفتاة، تسبّبت في دخوله السجن، إلّا أنّه يهرب من أجل الانتقام.
> مسلسل «لعنة كارما» بطولة هيفاء وهبي، تأليف عبير سليمان، وإخراج خيري بشارة، ومن إنتاج ممدوح شاهين في ثاني تعاون بينه، وبين الفنانة هيفاء وهبي، بعد «الحرباية»، وتدور أحداث المسلسل حول سيدة أعمال ثرية تتورط في قضية تجارة آثار لتلعب على عاطفة أحد المحامين، وتعده بالزواج لكي يساعدها في الخروج من تلك الأزمة.
> مسلسل «عزمي وأشجان» بطولة حسن الرداد وإيمي سمير غانم، تأليف محمد محمدي وأحمد محيي، إخراج إسلام خيري، تدور أحداثه في إطار كوميدي حول عصابة نصب واحتيال مكونة من فردين، يتعرضان لعدد من المواقف الكوميدية، فيما يتتبع ضابط جرائمهما للقبض عليهما.
> مسلسل «أبو عمر المصري» بطولة أحمد عز، سيناريو وحوار الكاتبة مريم نعوم، عن روايتي «مقتل فخر الدين» و«أبو عمر المصري» للكاتب عز الدين شكري فشير، إخراج أحمد خالد موسي، تدور أحداثه حول محامٍ يدافع عن الغلابة، ويحاول إيجاد حلول لمشكلاتهم، إلّا أنّه وبسبب أحداث معينة، يعتنق أفكارا تكفيرية، وينضم لصفوف الجماعات الإرهابية.
> مسلسل «أرض النفاق» بطولة محمد هنيدي، سيناريو وحوار أحمد عبد الله، وإخراج محمد جمال العدل، مأخوذ عن قصة يوسف السباعي الشهيرة التي تتناول قصة حبوب سحرية تكسب الناس صفات جيدة أو سيئة.
> مسلسل «رسايل» بطولة مي عز الدين، وتأليف محمد سليمان عبد المالك، وإخراج إبراهيم فخر، وتدور أحداثه حول الأسر المصرية التي تنتمي للطبقة المتوسطة، وتعاني بعدما أصبحت تعيش تحت خط الفقر.
> مسلسل «أهو دا اللي صار» بطولة روبي، وتأليف عبد الرحيم كمال، وإخراج حاتم علي، تدور أحداثه في إطار درامي حول المعاناة التي تقابلها المرأة الصعيدية، واختلاف الأفكار والعادات والتقاليد، وغيرها من القضايا الاجتماعية التي تخصّها.
> مسلسل «ممنوع الاقتراب أو التصوير» بطولة زينة، وتأليف محمد الصفتي، وإخراج زياد الوشاحي، تدور أحداثه حول فتاة من الإسكندرية، تأتي إلى القاهرة لتطارد حلمها نحو الشهرة والنجومية، وتعاونها في ذلك صديقتها، وتحدث الكثير من المفارقات مع تصاعد الأحداث، وهو ما يعرضها لأزمات كثيرة، منها مشكلة مع منتج سينمائي شهير.
> مسلسل «قانون عمر» بطولة حمادة هلال، تأليف فداء الشندويلي، وإخراج أحمد شفيق، تدور أحداثه حول مهندس ميكانيكي يعمل في مركز صيانة سيارات، ويقع في حب ابنة صاحب المركز.
> مسلسل «سك على أخواتك» بطولة علي ربيع، تأليف كريم فهمي، وإخراج وائل إحسان، تدور أحداثه في إطار كوميدي، حول شاب يتولى مسؤولية أسرته بعدما توفي والده، وتستمر الأحداث في إطار كوميدي.
> مسلسل «سلسال الدم» الجزء الأخير، من بطولة عبلة كامل ورياض الخولي، وتدور أحداثه في إحدى قرى نجع حمادي، حيث تواجه «ناصرة» العمدة «هارون» (الظالم)»، وتدافع عن الحق وتقف في وجه الظلم، والمسلسل يدور حول الصراع بين الخير والشر.
> مسلسل «السهام المارقة» بطولة شريف سلامة، وشيري عادل، وعائشة بن أحمد، تأليف آل دياب «محمد وخالد وشيرين»، وإخراج محمود كامل. ويدور حول احتلال تنظيم إرهابي لمدينة عربية.
> مسلسل «مليكة» بطولة دينا الشربيني، تأليف محمد سليمان عبد المالك، وإخراج شريف إسماعيل، ويتطرق المسلسل إلى الإرهاب والجماعات الإرهابية، وكيفية تجنيد الشباب.
> مسلسل «الشريط الأحمر» مأخوذ عن قصة عالمية إسبانية بعنوان Red Band Society، يلعب أحمد فهمي دور البطولة، وولاء الشريف، ونشوى مصطفى، بالإضافة إلى ستة أطفال تدور حولهم الأحداث. المسلسل من إخراج محمد جمعة، وتأليف ورشة كتابة يشرف عليها محمد فتحي، ويشارك في الورشة ياسمين نور الدين، وحسام كامل، وشارك في الكتابة كل من أشرف حسني ومنى عبد العزيز.
> مسلسل «العاصوف»، بطولة الفنان السعودي ناصر القصبي الذي يمتلك تاريخا طويلا في عالم الكوميديا، وهو ما جعل من اسمه «ماركة» رمضانية مُسجّلة يرسم بها الابتسامة على وجوه المشاهدين في السعودية والعالم العربي. والمسلسل دراما اجتماعية وإنسانية يسلّط الضوء على تفاصيل المجتمع السعودي في فترة السبعينات من القرن الماضي.
> مسلسل «كل الحب كل الغرام» دراما لبنانية، بطولة باسم مغنية، وكارول الحاج، وفادي إبراهيم. يدور في إطار رومانسي اجتماعي، في الفترة ما بين عام 1914 وحتى عام 1943، ويتحدث عن حياة بعض الثّوار ضد الاحتلال الفرنسي.
>مسلسل «سايكو» دراما سورية، بطولة أمل عرفه، وأيمن رضا، وباسم ياخور، وتدور الأحداث في إطار كوميدي ساخر، حول إحدى الفتيات التي تعاني من المجتمع المحيط بها، نظراً لقولها الصّدق دائماً، مهما كلّفها الأمر من مشاكل أو عقبات، فيتسبب ذلك في ظلمها كثيرا.
> مسلسل «وردة شامية» دراما سورية، من تأليف مروان فاروق، وإخراج تامر إسحاق، تدور أحداثه في إطار فانتازي حول أختين تُدعان (وردة وشامية) تمرّان بتجارب قاسية تجعلهما تتجهان إلى ارتكاب العديد من جرائم القتل في الحارة الدمشقية ضد من حولهما. المسلسل من بطولة سلوم حداد وسلافة معمار وشكران مرتجي.
> مسلسل «مع حصة قلم» دراما كويتية تدور في إطار درامي اجتماعي حول امرأة تنسى ما يدور حولها طول الوقت، ممّا يضطّرها إلى أن تحتفظ بورقة وقلم لتدوين أبرز الأمور. العمل من بطولة حياة الفهد، وباسم عبد الأمير، ومشاري البلام.
> مسلسل «بطران عايش يوم»، دراما بحرينية، تدور في إطار كوميدي حول ابن يعيش مع والده الثري وعندما يموت يكتشف أن لديه مجموعة من الإخوة والأخوات لأنّ والده كان مزواجا. يبرز صراع بين الأخوة، وبعد مرور الوقت يضطرون للتلاحم فيما بينهم. العمل من بطولة هيفاء حسين، وعلي الغرير، وإخراج عبداللطيف نبيل الصحاف.
> مسلسل «شيء من الماضي» دراما أردنية تدور في إطار الإثارة والتشويق وعالم الجريمة. تقع حادثة قتل يُتهم فيها العديد من الأشخاص الذين يحاولون الدفاع عن أنفسهم بشتّى الطرق، وإن كان ذلك على حساب الآخرين. العمل من بطولة ياسر المصري وعبير عيسى، ومن إخراج حسام حجاوي.
>مسلسل «بدون فلتر» دراما سعودية، تدور في إطار متصل منفصل حول عدد من القضايا الاجتماعية. تنطلق حلقات المسلسل تحت عناوين مختلفة منها: التوبة، الحية صارت حية، غسالة جدي، بدون عنوان، الدراجون، أخت رجال، مادة 77، سيفي سوير، كريك، النحات، وغيرها من المواضيع. والمسلسل من بطولة عبدالله السدحان وعبدالله السناني، وحسن البلام، ومن إخراج ماجد الربيعان، وهند الفهاد، وتأليف عبدالله المقرن، وعنبر الدوسري.



100 عامٍ من عاصي الرحباني

عاصي الرحباني وفيروز (تويتر)
عاصي الرحباني وفيروز (تويتر)
TT

100 عامٍ من عاصي الرحباني

عاصي الرحباني وفيروز (تويتر)
عاصي الرحباني وفيروز (تويتر)

في الرابع من شهر الخِصب وبراعم اللوز والورد، وُلد عاصي الرحباني. كانت البلادُ فكرةً فَتيّة لم تبلغ بعد عامها الثالث. وكانت أنطلياس، مسقط الرأس، قريةً لبنانيةً ساحليّة تتعطّر بزهر الليمون، وتَطربُ لارتطام الموج بصخور شاطئها.
لو قُدّر له أن يبلغ عامه المائة اليوم، لأَبصر عاصي التحوّلات التي أصابت البلاد وقُراها. تلاشت الأحلام، لكنّ «الرحباني الكبير» ثابتٌ كحقيقةٍ مُطلَقة وعَصي على الغياب؛ مقيمٌ في الأمس، متجذّر في الحاضر وممتدّةٌ جذوره إلى كل الآتي من الزمان.


عاصي الرحباني خلال جلسة تمرين ويبدو شقيقه الياس على البيانو (أرشيف Rahbani Productions)

«مهما قلنا عن عاصي قليل، ومهما فعلت الدولة لتكريمه قليل، وهذا يشمل كذلك منصور وفيروز»، يقول المؤلّف والمنتج الموسيقي أسامة الرحباني لـ«الشرق الأوسط» بمناسبة مئويّة عمّه. أما الصحافي والباحث محمود الزيباوي، الذي تعمّق كثيراً في إرث الرحابنة، فيرى أن التكريم الحقيقي يكون بتأليف لجنة تصنّف ما لم يُنشر من لوحاته الغنائية الموجودة في إذاعتَي دمشق ولبنان، وتعمل على نشره.
يقرّ أسامة الرحباني بتقصير العائلة تجاه «الريبرتوار الرحباني الضخم الذي يحتاج إلى تضافر جهود من أجل جَمعه»، متأسفاً على «الأعمال الكثيرة التي راحت في إذاعة الشرق الأدنى». غير أنّ ما انتشر من أغانٍ ومسرحيات وأفلام، على مدى أربعة عقود من عمل الثلاثي الرحباني عاصي ومنصور وفيروز، أصبح ذخيرةً للقرون المقبلة، وليس للقرن الرحباني الأول فحسب.

«فوتي احفظي، قومي سجّلي»
«كان بركاناً يغلي بالعمل... يكتب بسرعة ولا يتوقف عند هاجس صناعة ما هو أجمل، بل يترك السرد يمشي كي لا ينقطع الدفق»، هكذا يتذكّر أسامة عمّه عاصي. وفي بال الزيباوي كذلك، «عاصي هو تجسيدٌ للشغف وللإنسان المهووس بعمله». لم يكن مستغرباً أن يرنّ الهاتف عند أحد أصدقائه الساعة الثالثة فجراً، ليخرج صوت عاصي من السمّاعة قارئاً له ما كتب أو آخذاً رأيه في لحنٍ أنهاه للتوّ.
ووفق ما سمعه الزيباوي، فإن «بعض تمارين السيدة فيروز وتسجيلاتها كان من الممكن أن يمتدّ لـ40 ساعة متواصلة. يعيد التسجيل إذا لم يعجبه تفصيل، وهذا كان يرهقها»، رغم أنه الزوج وأب الأولاد الأربعة، إلا أن «عاصي بقي الأستاذ الذي تزوّج تلميذته»، على حدّ وصف الزيباوي. ومن أكثر الجمل التي تتذكّرها التلميذة عن أستاذها: «فوتي احفظي، قومي سَجّلي». أضنى الأمر فيروز وغالباً ما اعترفت به في الحوارات معها قبل أن تُطلقَ تنهيدةً صامتة: «كان ديكتاتوراً ومتطلّباً وقاسياً ومش سهل الرِضا أبداً... كان صعب كتير بالفن. لمّا يقرر شي يمشي فيه، ما يهمّه مواقفي».


عاصي وفيروز (تويتر)
نعم، كان عاصي الرحباني ديكتاتوراً في الفن وفق كل مَن عاصروه وعملوا معه. «كل العباقرة ديكتاتوريين، وهذا ضروري في الفن»، يقول أسامة الرحباني. ثم إن تلك القسوة لم تأتِ من عدم، فعاصي ومنصور ابنا الوَعر والحرمان.
أثقلت كتفَي عاصي منذ الصغر همومٌ أكبر من سنّه، فتحمّلَ وأخوه مسؤولية العائلة بعد وفاة الوالد. كان السند المعنوي والمادّي لأهل بيته. كمعطفٍ ردّ البردَ عنهم، كما في تلك الليلة العاصفة التي استقل فيها دراجة هوائية وقادها تحت حبال المطر من أنطلياس إلى الدورة، بحثاً عن منصور الذي تأخّر بالعودة من الوظيفة في بيروت. يروي أسامة الرحباني أنها «كانت لحظة مؤثرة جداً بين الأخوين، أبصرا خلالها وضعهما المادي المُذري... لم ينسيا ذلك المشهد أبداً، ومن مواقفَ كتلك استمدّا قوّتهما».
وكما في الصِبا كذلك في الطفولة، عندما كانت تمطر فتدخل المياه إلى المدرسة، كان يظنّ منصور أن الطوفان المذكور في الكتاب المقدّس قد بدأ. يُصاب بالهلَع ويصرخ مطالباً المدرّسين بالذهاب إلى أخيه، فيلاقيه عاصي ويحتضنه مهدّئاً من رَوعه.

«سهرة حبّ»... بالدَين
تعاقبت مواسم العزّ على سنوات عاصي الرحباني. فبعد بدايةٍ متعثّرة وحربٍ شرسة ضد أسلوبه الموسيقي الثائر على القديم، سلك دروب المجد. متسلّحاً بخياله المطرّز بحكايا جدّته غيتا و«عنتريّات» الوالد حنّا عاصي، اخترع قصصاً خفتت بفعلِ سحرِها الأصواتُ المُعترضة. أما لحناً، فابتدعَ نغمات غير مطابقة للنظريات السائدة، و«أوجد تركيبة جديدة لتوزيع الموسيقى العربية»، على ما يشرح أسامة الرحباني.


صورة تجمع عاصي ومنصور الرحباني وفيروز بالموسيقار محمد عبد الوهاب وفريد الأطرش، بحضور بديعة مصابني وفيلمون وهبي ونجيب حنكش (أرشيف Rahbani Productions)
كان عاصي مستعداً للخسارة المادية من أجل الربح الفني. يحكي محمود الزيباوي أنه، ولشدّة مثاليته، «سجّل مسرحية (سهرة حب) مرتَين ولم تعجبه النتيجة، فاقترض مبلغاً من المال ليسجّلها مرة ثالثة». ويضيف أن «أساطير كثيرة نُسجت حول الرحابنة، لكن الأسطورة الحقيقية الوحيدة هي جمال عملهم».
ما كانت لتكتمل أسطورة عاصي، لولا صوت تلك الصبية التي دخلت قفصَه الذهبي نهاد حدّاد، وطارت منه «فيروز».
«أدهشته»، يؤكّد الزيباوي؛ ويستطرد: «لكنّ أحداً منهما لم يعرف كيف يميّز بين نهاد حداد وفيروز»... «هي طبعاً المُلهِمة»، يقول أسامة الرحباني؛ «لمح فيها الشخصية التي لطالما أراد رسمَها، ورأى امرأةً تتجاوب مع تلك الشخصية»، ويضيف أن «عاصي دفع بصوت فيروز إلى الأعلى، فهو في الفن كان عنيفاً ويؤمن بالعصَب. كان يكره الارتخاء الموسيقي ويربط النجاح بالطبع الفني القوي، وهذا موجود عند فيروز».


زفاف عاصي الرحباني ونهاد حداد (فيروز) عام 1955 (تويتر)

دماغٌ بحجم وطن
من عزّ المجد، سرقت جلطة دماغيّة عاصي الرحباني عام 1972. «أكثر ما يثير الحزن أن عاصي مرض وهو في ذروة عطائه وإبداعه، وقد زادت الحرب اللبنانية من مرضه وصعّبت العمل كثيراً»، وفق الزيباوي. لم يكن القلق من الغد الغامض غريباً عليه. فهو ومنذ أودى انفجارٌ في إحدى الكسّارات بحياة زوج خالته يوسف الزيناتي، الذي كان يعتبره صياداً خارقاً واستوحى منه شخصيات لمسرحه، سكنته الأسئلة الحائرة حول الموت وما بعدَه.
الدماغ الذي وصفه الطبيب الفرنسي المعالج بأنه من أكبر ما رأى، عاد ليضيء كقمرٍ ليالي الحصّادين والعاشقين والوطن المشلّع. نهض عاصي ورجع إلى البزُق الذي ورثه عن والده، وإلى نُبله وكرمه الذي يسرد أسامة الرحباني عنهما الكثير.
بعد المرض، لانت قسوة عاصي في العمل وتَضاعفَ كرَمُه المعهود. يقول أسامة الرحباني إن «أقصى لحظات فرحه كانت لحظة العطاء». أعطى من ماله ومن فِكرِه، وعُرف بيدِه الموضوعة دائماً في جيبِه استعداداً لتوزيع النقود على المحتاجين في الشارع. أما داخل البيت، فتجسّد الكرَم عاداتٍ لطيفة وطريفة، كأن يشتري 20 كنزة متشابهة ويوزّعها على رجال العائلة وشبّانها.
خلال سنواته الأخيرة ومع احتدام الحرب، زاد قلق عاصي الرحباني على أفراد العائلة. ما كان يوفّر مزحة أو حكاية ليهدّئ بها خوف الأطفال، كما في ذلك اليوم من صيف 1975 الذي استُهدفت فيه بلدة بكفيا، مصيَف العائلة. يذكر أسامة الرحباني كيف دخل عاصي إلى الغرفة التي تجمّع فيها أولاد العائلة مرتعدين، فبدأ يقلّد الممثلين الأميركيين وهم يُطلقون النار في الأفلام الإيطالية، ليُنسيَهم ما في الخارج من أزيز رصاص حقيقي. وسط الدمار، بنى لهم وطناً من خيالٍ جميل، تماماً كما فعل وما زال يفعل في عامِه المائة، مع اللبنانيين.


عاصي الرحباني (غيتي)