أميركا تنقل سفارتها إلى القدس وسط توتر اليوم... وعباس يبحث خياراته

دول إسلامية وأوروبية تقاطع «الحفل»... والاحتلال يواصل الاستفزاز بإدخال 1620 مستوطناً إلى باحات الأقصى

الشرطة الإسرائيلية تقترب من فلسطينية تحمل فردتي حذائها في باحة الأقصى أمس (رويترز)
الشرطة الإسرائيلية تقترب من فلسطينية تحمل فردتي حذائها في باحة الأقصى أمس (رويترز)
TT

أميركا تنقل سفارتها إلى القدس وسط توتر اليوم... وعباس يبحث خياراته

الشرطة الإسرائيلية تقترب من فلسطينية تحمل فردتي حذائها في باحة الأقصى أمس (رويترز)
الشرطة الإسرائيلية تقترب من فلسطينية تحمل فردتي حذائها في باحة الأقصى أمس (رويترز)

يستعد الفلسطينيون ليوم طويل ومتوتر مع نقل السفارة الأميركية من تل أبيب إلى القدس التي تحولت إلى ثكنة عسكرية كبيرة بانتظار المراسم التي ستحضرها نحو 33 دولة من أصل 70 تقيم علاقات مع إسرائيل. وفيما يجتمع الرئيس الفلسطيني محمود عباس بأركان القيادة الجديدة لبلورة رد على الإصرار الأميركي على نقل السفارة، أعلنت الفصائل الفلسطينية في الضفة الغربية وقطاع غزة يوم زحف كبير. وأعلنت القوى الوطنية والإسلامية في الضفة الغربية اليوم الاثنين «يوم الالتحام بالقدس عاصمة فلسطين الأبدية» مطالبة بالزحف نحوها لحمايتها وتأكيد عروبتها بمقدساتها الإسلامية والمسيحية. وأكدت الفصائل «رفض القرارات الأميركية التي تمثل ليس فقط انحيازا سافرا للاحتلال وتماهيا مع مخططاته العدوانية وإنما شراكة كاملة في محاولة تصفية القضية الوطنية لشعبنا». ويقابل هذا التحرك في الضفة، دعوات في غزة لمسيرة مليونية على الحدود.
وعلى وقع هذه التحركات الشعبية، يترأس الرئيس محمود عباس اجتماعا هاما للقيادة الفلسطينية لبحث واتخاذ القرارات الممكنة ردا على نقل السفارة الأميركية. ويتوقع أن تتخذ القيادة قرارات تتعلق بتحريك ملفات لدى الجنائية الدولية، والانضمام لمؤسسات ومنظمات دولية حذرت الولايات المتحدة مرارا السلطة من الانضمام إليها، وبحث إمكانية مقاضاة الولايات المتحدة، وتنفيذ قرارات المجلسين الوطني والمركزي بما يشمل العمل على نقل السلطة إلى دولة ووقف الاتفاقات مع إسرائيل.
ودعت الحكومة الفلسطينية أمس، كافة دول العالم التي تؤمن بالحرية والسلام والاستقرار والحفاظ على قرارات الشرعية الدولية إلى الإعلان عن القدس الشرقية عاصمة دولة فلسطين، في مواجهة الخروج على الشرعية والقوانين الدولية الذي يمثله استمرار الاحتلال وقرار الرئيس الأميركي دونالد ترمب «إعطاء عاصمتنا المقدسة للاحتلال الإسرائيلي»، في أشد تصرفات رؤساء الدول غرابة وفانتازيا في التاريخ. وقال المتحدث باسم الحكومة يوسف المحمود بأن الحكومة تتطلع إلى رفض وإدانة دولية واسعة لنقل ترمب سفارة الإدارة الأميركية إلى القدس المحتلة في الذكرى المأساوية السبعين لنكبة شعبنا الفلسطيني وأمتنا العربية وأضاف المتحدث في بيان «قرار ترمب والتحضيرات الجارية لإقامة (حفل الجنون) أو ما يسمى تدشين القدس عاصمة للاحتلال الإسرائيلي، هو عدوان سافر على شعبنا وبلادنا وأمتنا ومقدساتنا ويمثل خطوة تشرعن الفوضى على مستوى العالم». ووصف المحمود خطوة الرئيس الأميركي بأنها تحد واعتداء واضح على قرارات الشرعية الدولية والمجتمع الدولي. وأضاف: «فقد سبق لمجلس الأمن الدولي أن رفض الاعتراف بما أصدره الكنيست الإسرائيلي اعتبار القدس عاصمة للاحتلال سنة 1980. كما أن هناك إجماعا دوليا في مجلس الأمن - وقفت ضده الولايات المتحدة فقط -، ينص على أن أي قرارات تتخذ فيما يخص وضع مدينة القدس المحتلة ليس لها أي أثر قانوني وتعد لاغية وباطلة». وتابع: «إنه من هذا المنطلق، ومن منطلق الحفاظ على مبادئ الشرعية الدولية وإحقاق الحق يتعين على المجتمع الدولي التصدي لهذا الخروج والانفلات والعداء الذي سجله الرئيس الأميركي لتلك المبادئ التي من شأن الالتزام بها جلب الأمن والسلام والاستقرار لأبناء البشرية وإبعاد شبح الحرب والخوف والدمار».
ومتحدياً مشاعر الفلسطينيين والعرب، يلقي ترمب، عبر الفيديو، اليوم خطابا أثناء حقل نقل السفارة الذي يحضره عدد من المسؤولين الأميركيين من بينهم إيفانكا ترمب، وهي ابنة ترمب ومستشارة في البيت الأبيض. وحسب الخطة المرسومة ستضم السفارة المؤقتة في منطقة أرنونا مساحة مكتبية للسفير (ديفيد فريدمان) وطاقما صغيرا من الموظفين يضم في المرحلة الأولى 50 شخصا بينهم السفير ذاته ومستشاروه ومستخدمو القنصلية. وبحلول نهاية العام المقبل، سيتم استكمال بناء المساحة المكتبية الإضافية في المجمع في أرنونا والتي ستوفر للسفير وفريقه سعة موسعة مؤقتة، فيما يواصل معظم موظفي السفارة العيش والعمل في تل أبيب خلال هذه الفترة حتى بناء سفارة جديدة في القدس.
ويتوقع المسؤولون الإسرائيليون أن تستغرق عملية اختيار الموقع والتصميم والتخطيط والحصول على تصاريح وبناء سفارة دائمة سنوات إضافية. ونقل السفارة الأميركية يأتي لاحقا لقرار ترمب الاعتراف بالقدس عاصمة لإسرائيل، وهو القرار الذي رفضه الفلسطينيون بشدة وقاد إلى قطيعة بين السلطة والإدارة الأميركية.
وبينما تقاطع غالبية الدول الإسلامية وكذا دول أوروبا الغربية حفل افتتاح السفارة، كان لافتاً أن قائمة الدول المشاركة تضم في معظمها بلداناً من أفريقيا وآسيا وأميركا اللاتينية. وحسب صحيفة «هآرتس» الإسرائيلية فإن الدول المشاركة في حفل الافتتاح هي: النمسا وجمهورية التشيك والمجر وصربيا وألبانيا ورومانيا وأوكرانيا ومقدونيا وجورجيا ونيجيريا وأنغولا والكاميرون وجمهورية الكونغو والكونغو الديمقراطية وساحل العاج وإثيوبيا وكينيا وتنزانيا وزامبيا ورواندا وجنوب السودان وميانمار والفلبين وتايلاند وفيتنام وغواتيمالا وهندوراس وجمهورية الدومينيك والسلفادور وبنما وبيرو وباراغواي.
وبإصرار ترمب على نقل السفارة، في هذا الوقت، يثبت أنه غير مهتم للرفض الدولي والعربي والفلسطيني لنقل السفارة، وغير آبه للتداعيات المحتملة لمثل هذه الخطوة، والتي قد تتسبب في تصعيد ميداني كبير، خصوصا مع إصرار الفلسطينيين على رفض الخطوة الأميركية التي تتزامن مع قرار بإحياء ذكرى النكبة بمسيرات ضخمة وكبيرة واحتجاجات واسعة.
وفي القدس، اختلطت التحضيرات الإسرائيلية لافتتاح السفارة الأميركية، مع الاحتفالات الضخمة التي تجريها الحكومة والمؤسسات والأحزاب الإسرائيلية على اختلافها وتنوعها بمناسبة ما يسمونه «تحرير وتوحيد أورشليم»، وهو ذكرى احتلال القدس العربية سنة 1967. ومع الإعلان أن الرئيس ترمب، سيشارك في هذا الافتتاح عبر خطاب يبث بالفيديو مباشرة من واشنطن، أغلقت الشرطة، أمس، شوارع المدينة بشقيها الغربي والشرقي ونشرت عدة آلاف من الجنود ونصبت القناصة على أسطح المنازل والعمارات. ونظم المستوطنون مسيرات استفزازية في قلب الأحياء العربية. وقامت الشرطة بإدخال 1620 مستوطنا إلى باحات المسجد الأقصى المبارك وهم يلوحون بأعلام إسرائيل، فاشتبكوا مع المصلين الفلسطينيين. وسادت أجواء توتر طيلة اليوم. فيما عقدت الحكومة جلستها في متحف التوراة في القدس. وأصدرت الشرطة أمرا بمنع رفع الأذان في مساجد القدس طيلة اليوم الاثنين.
وقد بدأ السفير الأميركي لدى إسرائيل، ديفيد فريدمان، الاحتفالات بافتتاح مكتبه الجديد في مبنى القنصلية الأميركية في القدس الغربية، أمس، ببث شريط يؤكد أنه سيصبح مبنى القنصلية والسفارة، من خلال تركيب لافتة لشعار السفارة الرسمي على بابها. وكشف أن الرئيس ترمب سيأذن بانطلاق مراسم تدشين السفارة في القدس الثلاثاء المقبل، وسيلقي كلمته في هذه المناسبة عبر الفيديو. وقال السفير: «إننا في غاية السرور وننتظر بفارغ الصبر المشاركة في هذا الحدث التاريخي». وأضاف فريدمان: «نحن مقتنعون بأن هذا القرار يخلق على المدى الطويل فرصة لتقدم السلام استنادا إلى وقائع وليس إلى تخيّلات، ونحن متفائلون نسبيا بأن هذه العملية ستؤدي في نهاية المطاف إلى مزيد من الاستقرار». وذكر أنه سينوب عن ترمب إلى هذه المراسم مساعد وزير الخارجية جون سوليفان، الذي سترافقه إيفانكا ترمب وزوجها جاريد كوشنر مستشار البيت الأبيض.
ووصل غالبية الوفد الأميركي، ويضم 800 شخصية، بينهم وزير الخزانة، وعشرات أعضاء الكونغرس ومعظم السفراء الأميركيين الذين خدموا في الماضي في تل أبيب، وقادة الجاليات اليهودية وأعضاء جمعية الصداقة والغرف التجارية ورجال الأعمال. وأقامت الحكومة الإسرائيلية حفلا كبيرا على شرف المناسبة، بمشاركة الوفد الأميركي، ورئيس الدولة العبرية، رؤوبين رفلين، ورئيس الوزراء، بنيامين نتنياهو. وقال نتنياهو، في مستهل الجلسة التي عقدتها حكومته في متحف القدس التوراتي، إن هذا الحدث تاريخي.



تقرير أممي: تدهور الأراضي الزراعية سيفقد اليمن 90 مليار دولار

اليمن يخسر سنوياً 5‎ % من أراضيه الزراعية بسبب التصحر (إعلام محلي)
اليمن يخسر سنوياً 5‎ % من أراضيه الزراعية بسبب التصحر (إعلام محلي)
TT

تقرير أممي: تدهور الأراضي الزراعية سيفقد اليمن 90 مليار دولار

اليمن يخسر سنوياً 5‎ % من أراضيه الزراعية بسبب التصحر (إعلام محلي)
اليمن يخسر سنوياً 5‎ % من أراضيه الزراعية بسبب التصحر (إعلام محلي)

وضع برنامج الأمم المتحدة الإنمائي سيناريو متشائماً لتأثير تدهور الأراضي الزراعية في اليمن إذا ما استمر الصراع الحالي، وقال إن البلد سيفقد نحو 90 مليار دولار خلال الـ16 عاماً المقبلة، لكنه وفي حال تحقيق السلام توقع العودة إلى ما كان قبل الحرب خلال مدة لا تزيد على عشرة أعوام.

وفي بيان وزعه مكتب البرنامج الأممي في اليمن، ذكر أن هذا البلد واحد من أكثر البلدان «عُرضة لتغير المناخ على وجه الأرض»، ولديه أعلى معدلات سوء التغذية في العالم بين النساء والأطفال. ولهذا فإنه، وفي حال استمر سيناريو تدهور الأراضي، سيفقد بحلول عام 2040 نحو 90 مليار دولار من الناتج المحلي الإجمالي التراكمي، وسيعاني 2.6 مليون شخص آخر من نقص التغذية.

اليمن من أكثر البلدان عرضة لتغير المناخ على وجه الأرض (إعلام محلي)

وتوقع التقرير الخاص بتأثير تدهور الأراضي الزراعية في اليمن أن تعود البلاد إلى مستويات ما قبل الصراع من التنمية البشرية في غضون عشر سنوات فقط، إذا ما تم إنهاء الصراع، وتحسين الحكم وتنفيذ تدابير التنمية البشرية المستهدفة.

وفي إطار هذا السيناريو، يذكر البرنامج الأممي أنه، بحلول عام 2060 سيتم انتشال 33 مليون شخص من براثن الفقر، ولن يعاني 16 مليون شخص من سوء التغذية، وسيتم إنتاج أكثر من 500 مليار دولار من الناتج الاقتصادي التراكمي الإضافي.

تحذير من الجوع

من خلال هذا التحليل الجديد، يرى البرنامج الأممي أن تغير المناخ، والأراضي، والأمن الغذائي، والسلام كلها مرتبطة. وحذّر من ترك هذه الأمور، وقال إن تدهور الأراضي الزائد بسبب الصراع في اليمن سيؤثر سلباً على الزراعة وسبل العيش، مما يؤدي إلى الجوع الجماعي، وتقويض جهود التعافي.

وقالت زينة علي أحمد، الممثلة المقيمة لبرنامج الأمم المتحدة الإنمائي في اليمن، إنه يجب العمل لاستعادة إمكانات اليمن الزراعية، ومعالجة عجز التنمية البشرية.

تقلبات الطقس تؤثر على الإنسان والنباتات والثروة الحيوانية في اليمن (إعلام محلي)

بدورها، ذكرت منظمة الأمم المتحدة للأغذية والزراعة (فاو) أن النصف الثاني من شهر ديسمبر (كانون الأول) الحالي يُنذر بظروف جافة في اليمن مع هطول أمطار ضئيلة في المناطق الساحلية على طول البحر الأحمر وخليج عدن، كما ستتقلب درجات الحرارة، مع ليالٍ باردة مع احتمالية الصقيع في المرتفعات، في حين ستشهد المناطق المنخفضة والساحلية أياماً أكثر دفئاً وليالي أكثر برودة.

ونبهت المنظمة إلى أن أنماط الطقس هذه قد تؤدي إلى تفاقم ندرة المياه، وتضع ضغوطاً إضافية على المحاصيل والمراعي، وتشكل تحديات لسبل العيش الزراعية، وطالبت الأرصاد الجوية الزراعية بضرورة إصدار التحذيرات في الوقت المناسب للتخفيف من المخاطر المرتبطة بالصقيع.

ووفق نشرة الإنذار المبكر والأرصاد الجوية الزراعية التابعة للمنظمة، فإن استمرار الظروف الجافة قد يؤدي إلى تفاقم ندرة المياه، وزيادة خطر فترات الجفاف المطولة في المناطق التي تعتمد على الزراعة.

ومن المتوقع أيضاً - بحسب النشرة - أن تتلقى المناطق الساحلية والمناطق الداخلية المنخفضة في المناطق الشرقية وجزر سقطرى القليل جداً من الأمطار خلال هذه الفترة.

تقلبات متنوعة

وبشأن تقلبات درجات الحرارة وخطر الصقيع، توقعت النشرة أن يشهد اليمن تقلبات متنوعة في درجات الحرارة بسبب تضاريسه المتنوعة، ففي المناطق المرتفعة، تكون درجات الحرارة أثناء النهار معتدلة، تتراوح بين 18 و24 درجة مئوية، بينما قد تنخفض درجات الحرارة ليلاً بشكل حاد إلى ما بين 0 و6 درجات مئوية.

وتوقعت النشرة الأممية حدوث الصقيع في مناطق معينة، خاصة في جبل النبي شعيب (صنعاء)، ومنطقة الأشمور (عمران)، وعنس، والحدا، ومدينة ذمار (شرق ووسط ذمار)، والمناطق الجبلية في وسط البيضاء. بالإضافة إلى ذلك، من المتوقع حدوث صقيع صحراوي في المناطق الصحراوية الوسطى، بما في ذلك محافظات الجوف وحضرموت وشبوة.

بالسلام يمكن لليمن أن يعود إلى ما كان عليه قبل الحرب (إعلام محلي)

ونبهت النشرة إلى أن هذه الظروف قد تؤثر على صحة الإنسان والنباتات والثروة الحيوانية، وسبل العيش المحلية في المرتفعات، وتوقعت أن تؤدي الظروف الجافة المستمرة في البلاد إلى استنزاف رطوبة التربة بشكل أكبر، مما يزيد من إجهاد الغطاء النباتي، ويقلل من توفر الأعلاف، خاصة في المناطق القاحلة وشبه القاحلة.

وذكرت أن إنتاجية محاصيل الحبوب أيضاً ستعاني في المناطق التي تعتمد على الرطوبة المتبقية من انخفاض الغلة بسبب قلة هطول الأمطار، وانخفاض درجات الحرارة، بالإضافة إلى ذلك، تتطلب المناطق الزراعية البيئية الساحلية التي تزرع محاصيل، مثل الطماطم والبصل، الري المنتظم بسبب معدلات التبخر العالية، وهطول الأمطار المحدودة.

وفيما يخص الثروة الحيوانية، حذّرت النشرة من تأثيرات سلبية لليالي الباردة في المرتفعات، ومحدودية المراعي في المناطق القاحلة، على صحة الثروة الحيوانية وإنتاجيتها، مما يستلزم التغذية التكميلية والتدخلات الصحية.