الجزائر: التمديد لمقري في «مجتمع السلم» يبدد أحلام السلطة بإعادته إلى حضنها

انتهى «المؤتمر السابع» لـ«حركة مجتمع السلم» الجزائرية فجر أمس، بانتخاب رئيسها عبد الرزاق مقري لولاية ثانية. وكرَس هذا الاختيار، نهج التشدد في معارضة السلطة المتبَع منذ 2012، وخابت آمال دعاة العودة إلى «حضن السلطة»، داخل الحزب الإسلامي، ومن خلالهم فشلت الحكومة في إزاحة واحد من ألدَ خصومها.
وجاءت نتائج الانتخاب، في اليوم الثالث والأخير من المؤتمر كالتالي: 241 صوتاً لمقري من 329 صوتاً، أي بنسبة 37 في المائة، في حين حصل نعمان لعور مرشح «تيار المشاركة في السلطة» على 84 صوتاً. وتم الانتخاب من طرف أعضاء «مجلس الشورى»، بحسب ما تقتضيه قوانين الحزب الأبرز من بين أحزاب المعارضة على اختلاف توجهاتها.
وجرى الاتفاق على تعيين عبد الرحمن بن فرحات، وعبد الرزاق عاشوري نائبين لرئيس الحركة بالتزكية. وتم التجديد لرئيس «مجلس الشورى» الطيب عزيز، وتزكية علي قدور دواجي والهبري نابي نائبين له.
وشهدت أشغال المؤتمر تطورات مثيرة، تمثلت أساساً في رفض رئيس الحزب ووزير الدولة سابقاً أبو جرة سلطاني، الترشح لمنافسة مقري بعدما عوّل أنصاره عليه كثيراً في إعادة «الحركة» إلى عهدها السابق، وهو المشاركة في الحكومة. وأطلق سلطاني، عشية الجلسات، شعار «المشاركة الناصحة» ثم «المشاركة الناقدة» لنظام الحكم، لاستمالة أنصار مقري إلى موقفه، من دون جدوى.
ويعكس رفض سلطاني الترشح لرئاسة الحزب؛ خوفاً من هزيمة كبيرة كانت ظاهرة للصحافيين والمتتبعين قبل انطلاق المؤتمر بأسابيع. فالظرف العام في البلاد المتسم بعجز الحكومة عن حل الأزمة المالية، دفع بقياديي «الحركة» إلى النأي بها عن «اقتسام الفشل مع السلطة» على أساس أن حزبهم لم يشارك في تسيير البلاد طيلة الـ5 سنوات الماضية». وعرض الرئيس عبد العزيز بوتفليقة على «الحركة»، عام 2016، العودة إلى الحكومة بوزيرين بعدما غادرتها عام 2012 على خلفية أحداث «الربيع العربي» بتونس ومصر. غير أن مقري وظّف كل ثقله بـ«مجلس الشورى» لافتكاك رفض للعرض. وعدّ هذا الموقف متناقضاً مع «خط» المشاركة الذي أسَس له الشيخ محفوظ نحناح، الرئيس التاريخي للحزب منذ عهد السرَية، المتوفى عام 2003.
بيد أن فوز مقري بولاية ثانية، لن يجنّبه نشاط «كتلة سلطاني» داخل «الشورى»، ضد سياسته. فقد أتعبه خصومه في السنوات الأخيرة، من خلال تصريحاتهم للصحافة التي تركت انطباعاً بأن انشقاقاً قوياً يقسم الحزب إلى تيارين، أحدهما موال للسلطة والآخر معارض لها. وكثيرا ما تراشق الطرفان بألفاظ حادة.
إلى ذلك، قال علي بن فليس، رئيس الحكومة سابقاً ورئيس الحزب المعارض «طلائع الحريات»، في اجتماع لكوادره، إن «النظام يسعى إلى طمس الإخفاق والفشل وتقهقر الأوضاع، من خلال الخوض في إعداد حصيلة حسابية ضيقة لتبرير ضرورة استمراره؛ وذلك تحسباً للاستحقاق الرئاسي المقبل (2019)، في الوقت الذي تمر به الجزائر بأزمة شاملة وحادة غير مسبوقة»، في إشارة إلى حملة أطلقها حزب الرئيس بوتفليقة، «جبهة التحرير الوطني» تتمثل في «إحصاء إنجازات الرئيس» منذ وصوله إلى الحكم عام 1999.
وذكر «الطلائع»، أن «حصيلة ما يسمى إنجازات، أعدها هؤلاء الذين بددوا أموالاً طائلة من الريع البترولي بدلاً من بناء اقتصاد متنوع وتحرير البلاد من التبعية للمحروقات». وتقول الحكومة إنها ضخَت ألف مليار دولار في مشروعات إنمائية، خلال فترة حكم الرئيس، تمثَلت أساساً في بناء طرقات ومستشفيات ومدارس ورفع أجور ملايين الموظفين والعمال. كما تمثّلت في إعادة بناء مئات المنشآت التي خرّبها الإرهاب. أما المعارضة، فترى أن كل هذه الأموال «من شأنها إحياء بلد وهو رميم»، وأن الجزء الأكبر منها «صرف في رشى وعمولات» تمت في صفقات ضخمة.