استعدادات فلسطينية لـ«مسيرات الزحف الأكبر» يقابلها تأهب عسكري إسرائيلي

توقع مواجهات واسعة مع جيش الاحتلال في ذكرى «النكبة»

ابنتا الفلسطيني جابر أبو مصطفى (40 عاماً) الذي قُتل في مواجهات مع الجنود الإسرائيليين يوم الجمعة خلال تشييع جنازته في خانيونس بجنوب قطاع غزة أمس (رويترز)
ابنتا الفلسطيني جابر أبو مصطفى (40 عاماً) الذي قُتل في مواجهات مع الجنود الإسرائيليين يوم الجمعة خلال تشييع جنازته في خانيونس بجنوب قطاع غزة أمس (رويترز)
TT

استعدادات فلسطينية لـ«مسيرات الزحف الأكبر» يقابلها تأهب عسكري إسرائيلي

ابنتا الفلسطيني جابر أبو مصطفى (40 عاماً) الذي قُتل في مواجهات مع الجنود الإسرائيليين يوم الجمعة خلال تشييع جنازته في خانيونس بجنوب قطاع غزة أمس (رويترز)
ابنتا الفلسطيني جابر أبو مصطفى (40 عاماً) الذي قُتل في مواجهات مع الجنود الإسرائيليين يوم الجمعة خلال تشييع جنازته في خانيونس بجنوب قطاع غزة أمس (رويترز)

تسارعت الاستعدادات في قطاع غزة للتجهيز لـ«مسيرة العودة الكبرى»، أو ما أطلق عليها «مسيرات الزحف الأكبر»، التي ستشهدها حدود القطاع يومي الاثنين والثلاثاء، تزامناً مع مسيرات مماثلة دعت إليها فصائل وجهات فلسطينية مختلفة في الضفة الغربية ومناطق الشتات، ولا سيما في لبنان والأردن، في ذكرى «النكبة». وتحضرت إسرائيل لهذا المسيرات بإعلان التأهب في صفوف قواتها، فيما شنت طائراتها مساء غارات على مواقع في قطاع غزة بينها مولد للطاقة الكهربائية وآخر لمسلحين لم يتضح انتماؤهم.
وعقدت «الهيئة الوطنية العليا لمسيرة العودة الكبرى» في قطاع غزة اجتماعاً أمس (السبت) ستتبعه اجتماعات أخرى للتجهيز لمسيرات حاشدة يتوقع أن يشارك فيها عشرات الآلاف من سكان القطاع على طول الحدود مع إسرائيل، وسط مخاوف من مواجهات ستكون الأعنف مع جيش الاحتلال منذ انطلاق المسيرات في 30 مارس (آذار) الماضي.
وخلّفت «مسيرات العودة» على حدود غزة، منذ بدئها، 48 ضحية، بينهم خمسة أطفال وصحافيون، بحسب إحصائية لوزارة الصحة في قطاع غزة. وما زالت قوات الاحتلال تحتجز جثامين ثلاثة من الضحايا الفلسطينيين. وإضافة إلى القتلى، أصيب في مواجهات «مسيرات العودة» أكثر من 9520 فلسطينياً، منهم أكثر من 900 طفل و400 سيدة و200 من الطواقم الطبية و110 من الصحافيين.
وأعلنت «الهيئة العليا لمسيرات العودة» جدول فعالياتها خلال مؤتمر صحافي عقدته في غزة، معلنة تعطيل كافة المؤسسات ومرافق الحياة يوم الاثنين للمشاركة في «الزحف الأكبر» نحو الحدود استعداداً لمسيرة العودة الكبرى في اليوم الذي يليه (الثلاثاء، ذكرى إحياء النكبة). ودعت الجماهير الفلسطينية في كافة أماكن تواجدها إلى «المشاركة الفاعلة» في المسيرات، مجددة تأكيدها على أن «مسيرات العودة ستبقى شعبية جماهيرية ذات طابع سلمي»، داعية العالم إلى «الإصغاء لمطالب الشعب الفلسطيني ومطالبه العادلة بالتمسك بحق العودة، ووقف نقل السفارة الأميركية إلى القدس». كما طالبت بـ«رفع الحصار» عن قطاع غزة ورفض «ما يسمى بصفقة القرن أو الوطن البديل».
وتحدث في المؤتمر الصحافي عضو الهيئة خالد البطش، القيادي في «الجهاد الإسلامي»، فقال إن 14 مايو (أيار) الحالي سيعتبر «يوماً تاريخياً»، داعياً الجماهير إلى «الاحتشاد بشكل كبير» في المناطق الشرقية لقطاع غزة، وعلى نقاط التماس مع الاحتلال في الضفة، كما دعا سكان القدس وأراضي الـ48 إلى الاحتشاد في ساحة باب العامود وأقرب نقطة من مقر السفارة الأميركية الجديد بالمدينة المقدسة. وطالب برفع أصوات التكبير في المساجد وكل مكان عبر مكبرات الصوت بعد صلاة المغرب يوم الأحد، موجهاً نداء إلى الكنائس أيضاً لقرع أجراسها في الوقت ذاته. كذلك دعا الجهات المسؤولة عن حركة السير والمرور في الضفة وغزة إلى وقف حركة السير من الساعة 12 ظهراً لمدة خمس دقائق اليوم (الأحد)، على أن يتزامن ذلك مع إطلاق صفارات الإنذار.
وأعلن البطش عن انطلاق «قافلة العودة الرمزية» من الشاحنات التي ستحمل جموع العائدين اليوم، حيث ستحمل كل شاحنة اسم قرية من قرى فلسطين التاريخية «لتشكل مشهداً معاكساً لمشهد النكبة التي جسدت مأساة الشعب الفلسطيني في عام الـ84، وللتأكيد من خلال هذه المسيرات أن الحقوق لا تسقط بالتقادم، وأن عقارب ساعة العودة قد بدأت بالتحرك للأمام». وطالب «الفلسطينيين في الشتات والمناصرين لقضيتهم العادلة بالتوجه إلى السفارات الأميركية والإسرائيلية ومقرات الأمم المتحدة للاحتجاج على نقل السفارة الأميركية للقدس». وأكد على «استمرار الشعب الفلسطيني في مسيرات العودة وكسر الحصار، وعدم التراجع حتى تحقيق الأهداف وحق العودة كحق ثابت شرعي وقانوني»، مشدداً على أن الهيئة ستواصل فعالياتها من أجل «كسر الحصر متسلحة بإرادة الشعب الفلسطيني».
ويتزامن ذلك مع رفع حالة التأهب من قبل الجيش الإسرائيلي والأجهزة الأمنية المختلفة للتصدي للمسيرات الحاشدة المتوقعة على حدود غزة أو في الضفة الغربية التي تتزامن مع احتفالات نقل السفارة الأميركية، وكذلك ذكرى النكبة الفلسطينية. وقالت قناة «مكان» الإسرائيلية الناطقة باللغة العربية، إنه تم وضع قوات الجيش والأجهزة الأمنية المختلفة على أهبة الاستعداد تحسباً لوقوع هجمات ومواجهات في الأيام المقبلة، مشيرة إلى مخاوف من وقوع ذلك خلال مراسم نقل السفارة وأحداث يوم النكبة.
ونشرت قيادتا الجيش والشرطة الإسرائيلية قوات معززة على امتداد الحدود ونقاط الاحتكاك وداخل المدن، وتم نشر ألوية عسكرية عدة في محيط قطاع غزة وفي الضفة الغربية. وقالت مصادر أمنية إسرائيلية، إن إسرائيل «لن تتهاون مع أي محاولة للمساس بسيادتها وبحدودها».
في غضون ذلك، ذكرت القناة العبرية العاشرة، أن حركة «حماس» من خلال الأحداث على الحدود ترسل إشارات ورسائل لإسرائيل وبوسائل أخرى بأنها «ترغب في حوار» مع إسرائيل. وبحسب القناة، فإن «حماس» تريد من إسرائيل أن تتوصل معها إلى اتفاق يفضي بترتيبات لهدنة طويلة الأمد دون الاعتراف بإسرائيل. وأشارت إلى أن تل أبيب تتجاهل الإشارات والرسائل من «حماس» التي تعيش في أزمة غير مسبوقة، بحسب رأيها. وأشارت إلى أن الحركة تسعى إلى وقف إطلاق نار يتيح تحسين الوضع الحالي بغزة مع بقائها متحكمة في شؤون القطاع.
إلى ذلك، كتبت وكالة الصحافة الفرنسية تقريراً اعتبرت فيها أن «حماس» تعتمد منذ أسابيع «استراتيجية جديدة تتمثل في دعم الاحتجاجات السلمية أداةً جديدةً تختبرها في مواجهة إسرائيل» بعدما «وضعت بصورة مؤقتة الخيار العسكري جانباً، بعد أكثر من عشرة أعوام من سيطرتها على قطاع غزة وثلاث حروب مدمرة». ونقلت عن زعيم «حماس» قي قطاع غزة يحيى السنوار قوله في حديث مع وسائل الإعلام الأجنبية، يوم الخميس، إنه لا يرى ضيراً من اقتحام آلاف الفلسطينيين السياج الحدودي مع إسرائيل خلال الاحتجاجات المقررة الاثنين والثلاثاء تزامناً مع افتتاح السفارة الأميركية في القدس وذكرى نكبة فلسطين.
ونقلت الوكالة عن محللين سياسيين، إن «حماس» تسعى من خلال لجوئها إلى المقاومة السلمية إلى لفت انتباه العالم والضغط على حكومة إسرائيل لإنهاء حصارها المحكم الذي تفرضه على قطاع غزة منذ أكثر من عقد، دون المغامرة بالانزلاق نحو حرب جديدة مع الدولة العبرية.
وتتهم إسرائيل «حماس» التي تحكم القطاع الفقير وخاضت ثلاث حروب ضدها منذ نهاية 2008، باستخدام الاحتجاجات التي انطلقت في ذكرى يوم الأرض في 30 مارس، غطاءً لاستخدام العنف. ومنذ «يوم الأرض»، يتجمع الآلاف من الفلسطينيين بصورة أسبوعية في إطار «مسيرة العودة» قرب الحدود للمطالبة بحقهم في العودة إلى بلداتهم التي هجروا منها في 1948، ولم يلجأ الفلسطينيون إلى إطلاق النار وإنما قاموا برشق الحجارة ودحرجة الإطارات المشتعلة باتجاه السياج الفاصل، حيث يتمركز القناصة الإسرائيليون. وقام متظاهرون بسحب جزء من الأسلاك الشائكة التي يضعها الجيش الإسرائيلي على بعد عشرات الأمتار من السياج الحدودي.
ورداً على سؤال عما يتوقعه من الاحتجاجات الاثنين والثلاثاء المقبلين، قال السنوار «لا أحد يستطيع أن يتصور ما الذي سيكون بالضبط، لكن نستطيع أن نضمن شيئاً واحداً، وهو أن هذا الحراك سلمي»، بحسب ما أوردت الوكالة الفرنسية. وتساءل السنوار وهو الرجل القوي في «حماس»: «ما المشكلة عندما يكسر مئات آلاف المواطنين السياج الفاصل؟ هذه ليست حدوداً»، مشيراً إلى أن إسرائيل لم ترسم حدودها.



تقرير أممي: تدهور الأراضي الزراعية سيفقد اليمن 90 مليار دولار

اليمن يخسر سنوياً 5‎ % من أراضيه الزراعية بسبب التصحر (إعلام محلي)
اليمن يخسر سنوياً 5‎ % من أراضيه الزراعية بسبب التصحر (إعلام محلي)
TT

تقرير أممي: تدهور الأراضي الزراعية سيفقد اليمن 90 مليار دولار

اليمن يخسر سنوياً 5‎ % من أراضيه الزراعية بسبب التصحر (إعلام محلي)
اليمن يخسر سنوياً 5‎ % من أراضيه الزراعية بسبب التصحر (إعلام محلي)

وضع برنامج الأمم المتحدة الإنمائي سيناريو متشائماً لتأثير تدهور الأراضي الزراعية في اليمن إذا ما استمر الصراع الحالي، وقال إن البلد سيفقد نحو 90 مليار دولار خلال الـ16 عاماً المقبلة، لكنه وفي حال تحقيق السلام توقع العودة إلى ما كان قبل الحرب خلال مدة لا تزيد على عشرة أعوام.

وفي بيان وزعه مكتب البرنامج الأممي في اليمن، ذكر أن هذا البلد واحد من أكثر البلدان «عُرضة لتغير المناخ على وجه الأرض»، ولديه أعلى معدلات سوء التغذية في العالم بين النساء والأطفال. ولهذا فإنه، وفي حال استمر سيناريو تدهور الأراضي، سيفقد بحلول عام 2040 نحو 90 مليار دولار من الناتج المحلي الإجمالي التراكمي، وسيعاني 2.6 مليون شخص آخر من نقص التغذية.

اليمن من أكثر البلدان عرضة لتغير المناخ على وجه الأرض (إعلام محلي)

وتوقع التقرير الخاص بتأثير تدهور الأراضي الزراعية في اليمن أن تعود البلاد إلى مستويات ما قبل الصراع من التنمية البشرية في غضون عشر سنوات فقط، إذا ما تم إنهاء الصراع، وتحسين الحكم وتنفيذ تدابير التنمية البشرية المستهدفة.

وفي إطار هذا السيناريو، يذكر البرنامج الأممي أنه، بحلول عام 2060 سيتم انتشال 33 مليون شخص من براثن الفقر، ولن يعاني 16 مليون شخص من سوء التغذية، وسيتم إنتاج أكثر من 500 مليار دولار من الناتج الاقتصادي التراكمي الإضافي.

تحذير من الجوع

من خلال هذا التحليل الجديد، يرى البرنامج الأممي أن تغير المناخ، والأراضي، والأمن الغذائي، والسلام كلها مرتبطة. وحذّر من ترك هذه الأمور، وقال إن تدهور الأراضي الزائد بسبب الصراع في اليمن سيؤثر سلباً على الزراعة وسبل العيش، مما يؤدي إلى الجوع الجماعي، وتقويض جهود التعافي.

وقالت زينة علي أحمد، الممثلة المقيمة لبرنامج الأمم المتحدة الإنمائي في اليمن، إنه يجب العمل لاستعادة إمكانات اليمن الزراعية، ومعالجة عجز التنمية البشرية.

تقلبات الطقس تؤثر على الإنسان والنباتات والثروة الحيوانية في اليمن (إعلام محلي)

بدورها، ذكرت منظمة الأمم المتحدة للأغذية والزراعة (فاو) أن النصف الثاني من شهر ديسمبر (كانون الأول) الحالي يُنذر بظروف جافة في اليمن مع هطول أمطار ضئيلة في المناطق الساحلية على طول البحر الأحمر وخليج عدن، كما ستتقلب درجات الحرارة، مع ليالٍ باردة مع احتمالية الصقيع في المرتفعات، في حين ستشهد المناطق المنخفضة والساحلية أياماً أكثر دفئاً وليالي أكثر برودة.

ونبهت المنظمة إلى أن أنماط الطقس هذه قد تؤدي إلى تفاقم ندرة المياه، وتضع ضغوطاً إضافية على المحاصيل والمراعي، وتشكل تحديات لسبل العيش الزراعية، وطالبت الأرصاد الجوية الزراعية بضرورة إصدار التحذيرات في الوقت المناسب للتخفيف من المخاطر المرتبطة بالصقيع.

ووفق نشرة الإنذار المبكر والأرصاد الجوية الزراعية التابعة للمنظمة، فإن استمرار الظروف الجافة قد يؤدي إلى تفاقم ندرة المياه، وزيادة خطر فترات الجفاف المطولة في المناطق التي تعتمد على الزراعة.

ومن المتوقع أيضاً - بحسب النشرة - أن تتلقى المناطق الساحلية والمناطق الداخلية المنخفضة في المناطق الشرقية وجزر سقطرى القليل جداً من الأمطار خلال هذه الفترة.

تقلبات متنوعة

وبشأن تقلبات درجات الحرارة وخطر الصقيع، توقعت النشرة أن يشهد اليمن تقلبات متنوعة في درجات الحرارة بسبب تضاريسه المتنوعة، ففي المناطق المرتفعة، تكون درجات الحرارة أثناء النهار معتدلة، تتراوح بين 18 و24 درجة مئوية، بينما قد تنخفض درجات الحرارة ليلاً بشكل حاد إلى ما بين 0 و6 درجات مئوية.

وتوقعت النشرة الأممية حدوث الصقيع في مناطق معينة، خاصة في جبل النبي شعيب (صنعاء)، ومنطقة الأشمور (عمران)، وعنس، والحدا، ومدينة ذمار (شرق ووسط ذمار)، والمناطق الجبلية في وسط البيضاء. بالإضافة إلى ذلك، من المتوقع حدوث صقيع صحراوي في المناطق الصحراوية الوسطى، بما في ذلك محافظات الجوف وحضرموت وشبوة.

بالسلام يمكن لليمن أن يعود إلى ما كان عليه قبل الحرب (إعلام محلي)

ونبهت النشرة إلى أن هذه الظروف قد تؤثر على صحة الإنسان والنباتات والثروة الحيوانية، وسبل العيش المحلية في المرتفعات، وتوقعت أن تؤدي الظروف الجافة المستمرة في البلاد إلى استنزاف رطوبة التربة بشكل أكبر، مما يزيد من إجهاد الغطاء النباتي، ويقلل من توفر الأعلاف، خاصة في المناطق القاحلة وشبه القاحلة.

وذكرت أن إنتاجية محاصيل الحبوب أيضاً ستعاني في المناطق التي تعتمد على الرطوبة المتبقية من انخفاض الغلة بسبب قلة هطول الأمطار، وانخفاض درجات الحرارة، بالإضافة إلى ذلك، تتطلب المناطق الزراعية البيئية الساحلية التي تزرع محاصيل، مثل الطماطم والبصل، الري المنتظم بسبب معدلات التبخر العالية، وهطول الأمطار المحدودة.

وفيما يخص الثروة الحيوانية، حذّرت النشرة من تأثيرات سلبية لليالي الباردة في المرتفعات، ومحدودية المراعي في المناطق القاحلة، على صحة الثروة الحيوانية وإنتاجيتها، مما يستلزم التغذية التكميلية والتدخلات الصحية.