غابت الهجمات يوم التصويت وحضرت الخروق الانتخابية

العبادي اقترع في مسقط رأسه... ومقتدى الصدر بدون حماية

TT

غابت الهجمات يوم التصويت وحضرت الخروق الانتخابية

يبدو أن ضعف الإقبال على صناديق الاقتراع في أغلب المحافظات العراقية إلى جانب تراجع أعمال العنف وعدم تسجيل حوادث أمنية، شجعا الحكومة العراقية على رفع حظر سير المركبات في بغداد وحركة التنقل بين المحافظات وفتح الأجواء أمام حركة الطيران ظهر أمس، وخدم قرار رفع الحظر عن سير العجلات عدداً غير قليل من الناخبين في محافظات الوسط والجنوب في الوصول إلى مراكز الاقتراع البعيدة نسبياً عن منازلهم.
ولم يسبق للسلطات العراقية في جميع الانتخابات الماضية أن أقدمت على قرار رفع الحظر بوقت مبكر كما حدث في انتخابات أمس، وأبلغت مصادر مفوضية الانتخابات «الشرق الأوسط»، أن «رفع الحظر جاء بناءً على طلب تقدمت به مفوضية الانتخابات إلى رئيس الوزراء نتيجة ضعف الإقبال على التصويت».
وكان رئيس مجلس الوزراء حيدر العبادي، وجّه، أمس، برفع حظر حركة العجلات في جميع المحافظات وخوّل «قادة العمليات فرض حظر جزئي في القواطع التي فيها تهديد أمني حسب تقييم الأجهزة الأمنية والاستخباراتية».
الاستقرار الأمني الذي طبع الانتخابات العراقية بنسختها الرابعة منذ 2005، شجّع قيادات سياسية ودينية على الذهاب إلى مراكز انتخابية غير معتادة والخروج من دون حماية كما حدث مع زعيم التيار الصدري مقتدى الصدر ورئيس الوزراء حيدر العبادي، حيث ذهب الأخير إلى التصويت في مسقط رأسه بحي الكرادة في بغداد الذي يقع خارج أسوار المنطقة الخضراء. وكان رؤساء الوزراء السابقون درجوا على الاقتراع في المركز الانتخابي بقصر المؤتمرات في المنطقة (الخضراء) الحكومية المحمية.
وأظهرت صور العبادي عند حاجز أمني وهو يخضع للتفتيش من قبل أحد عناصر الأمن في المركز الانتخابي؛ الأمر الذي أثار استغراب بعض المراقبين من خضوع المسؤول الأول عن الأمن إلى التفتيش.
أما مقتدى الصدر، فقد أظهره فيديو مصور تداولته مواقع التواصل الاجتماعي وهو يخرج من منزله في منطقة الحنانة في النجف وهو يسير منفرداً من دون حماية باتجاه مركز الاقتراع.
على أن استتباب الأمن لم يحل دون وقوع حوادث جانبية نتج منها وفاة شخص وإصابة آخر، حيث أعلن في محافظة السليمانية عن وفاة أحد الناخبين بمركز الاقتراع إثر إصابته بنوبة قلبية، كذلك نفى مركز الإعلام الأمني التابع لقيادة العمليات في بيان، أمس، الأنباء التي تحدثت عن إصابة أحد الناخبين بإطلاق نار قرب مركز انتخابي غربي بغداد، موضحاً أن الإصابة نجمت عن «مشاجرة بين أحد المقاتلين المكلفين بحماية المركز وناخب من غير الملتزمين بالتعليمات الأمنية، وتمت تسوية الموضوع سلمياً وتم الصلح بينهما».
ولم تخل انتخابات أمس من خروقات فنية وتجاوزات من عناصر تابعة لكتل سياسية خلال العملية الانتخابية، وقد اعترفت مفوضية الانتخابات بذلك، لكنها أكدت السيطرة عليها. وقال مدير العمليات بالمفوضية صفاء الجابري، في بيان صادر، التعليمات «لا تسمح لأي عسكري يمتلك بطاقة التصويت الخاص أن يصوت بالتصويت العام»، في إشارة على ما يبدو إلى أن بعض العسكريين قام بالتصويت مرتين. وأضاف الجابري، أن «بعض الخروقات حصلت أثناء عملية الاقتراع لكن تمت السيطرة عليها».
رئيس الوزراء حيدر العبادي اعترف هو الآخر أثناء إدلائه بصوته، أمس بـ«وجود خلل في بعض المراكز الانتخابية المخصصة للقوات الأمنية، ونأمل أن يتم تصليح جزء منها اليوم».
وعلى الرغم من تأكيد مدير عام مفوضية الانتخابات في محافظة ميسان جعفر كاظم، على «عدم وجود ضغوطات على الناخبين، وأن جميع أجهزة التصويت تعمل بعد استبدال العاطل منها في بداية الاقتراع، فضلاً عن وجود عدد من الأجهزة الاحتياط وانتشار فرق الصيانة لمعالجة أي خلل يحدث»، إلا أن شكاوى كثيرة صدرت من مراكز اقتراع في محافظات مختلفة من أعطال أصابت أجهزة التصويت، كما اشتكى كثيرون من شجارات حدثت بين عناصر ائتلافات متنافسة. وقد تحدثت أنباء واردة من البصرة، عن قيام القوات الأمنية المكلفة بحماية المراكز الانتخابية بإطلاق العيارات النارية في الهواء لإبعاد أشخاص يروّجون لمرشحين قرب أحد المركز الانتخابية. كذلك، أفادت أنباء صحافية بوقوع عراك بالأيدي بين ممثلين لكتل انتخابية في حي العباسي في محافظة النجف.



رغم إعلان «هدنة غزة»... الحوثيون يهاجمون إسرائيل والحاملة «ترومان»

جنود إسرائيليون يعملون في مبنى تضرّر بعد سقوط صاروخ أطلقه الحوثيون (رويترز)
جنود إسرائيليون يعملون في مبنى تضرّر بعد سقوط صاروخ أطلقه الحوثيون (رويترز)
TT

رغم إعلان «هدنة غزة»... الحوثيون يهاجمون إسرائيل والحاملة «ترومان»

جنود إسرائيليون يعملون في مبنى تضرّر بعد سقوط صاروخ أطلقه الحوثيون (رويترز)
جنود إسرائيليون يعملون في مبنى تضرّر بعد سقوط صاروخ أطلقه الحوثيون (رويترز)

على الرغم من التوصل إلى «هدنة غزة» واصلت الجماعة الحوثية، الجمعة، تصعيدها الإقليمي، إذ تبنّت مهاجمة إسرائيل في 3 عمليات بالصواريخ والمسيرّات، بالإضافة إلى مهاجمة حاملة الطائرات الأميركية «هاري ترومان» في شمال البحر الأحمر.

وبينما لم تصدر تعليقات على الفور من الجيشَيْن الأميركي والإسرائيلي بخصوص هذه الهجمات، أقرت الجماعة المدعومة من إيران بتلقيها 5 غارات وصفتها بـ«الأميركية» استهدفت منطقة حرف سفيان، التابعة لمحافظة عمران الواقعة إلى الشمال من صنعاء.

وخلال حشد في أكبر ميادين صنعاء دعا إليه زعيم الجماعة عبد الملك الحوثي، أعلن المتحدث العسكري باسم الجماعة، يحيى سريع، تنفيذ ثلاث عمليات ضد إسرائيل، وعملية رابعة ضد حاملة الطائرات «يو إس إس ترومان» شمال البحر الأحمر.

وزعم المتحدث الحوثي أن قوات جماعته قصفت أهدافاً حيوية إسرائيلية في إيلات بـ4 صواريخ مجنحة، كما قصفت بـ3 مسيرات أهدافاً في تل أبيب، وبمسيرة واحدة هدفاً حيوياً في منطقة عسقلان، مدعياً أن العمليات الثلاث حقّقت أهدافها.

وبالتزامن مع ذلك، زعم المتحدث العسكري الحوثي أن جماعته استهدفت حاملة الطائرات الأميركية «ترومان» شمال البحر الأحمر، بعدد من الطائرات المسيرة، وهو الاستهداف السابع منذ قدومها إلى البحر الأحمر.

المتحدث العسكري باسم الحوثيين يردّد «الصرخة الخمينية» خلال حشد في صنعاء (أ.ف.ب)

وتوعّد المتحدث الحوثي بأن قوات جماعته جاهزة لأي تصعيد أميركي أو إسرائيلي، وأنها ستراقب «تطورات الوضع» في غزة، و«ستتخذ الخيارات التصعيدية المناسبة» في حال نكثت إسرائيل الاتفاق مع حركة «حماس».

وبينما أعلنت وسائل إعلام الجماعة تلقي خمس غارات في منطقة حرف سفيان، لم تتحدث على الفور عن الآثار التي تسبّبت فيها لجهة الخسائر البشرية أو المادية.

ومع التفاؤل الدولي والإقليمي واليمني بأن تؤدي الهدنة في غزة إلى استعادة مسار السلام في اليمن، إلا أن مراقبين يمنيين يتخوّفون من استمرار الجماعة الحوثية في تصعيدها سواء البحري أو الداخلي، مستبعدين أن تجنح إلى السلام دون أن تنكسر عسكرياً.

تهديد بالتصعيد

جاءت الهجمات الحوثية والضربات الأميركية، غداة الخطبة الأسبوعية لزعيم الجماعة عبد الملك الحوثي، التي استعرض فيها إنجازات جماعته و«حزب الله» اللبناني والفصائل العراقية خلال 15 شهراً من الحرب في غزة.

وقال الحوثي إنه بعد بدء سريان اتفاق الهدنة، الأحد المقبل، في غزة ستبقى جماعته في حال «مواكبة ورصد لمجريات الوضع ومراحل تنفيذ الاتِّفاق»، مهدداً باستمرار الهجمات في حال عودة إسرائيل إلى التصعيد العسكري.

عناصر حوثية خلال تجمع في صنعاء دعا إليه زعيم الجماعة لاستعراض القوة (أ.ف.ب)

وتوعّد زعيم الجماعة المدعومة من إيران بالاستمرار في تطوير القدرات العسكرية، وقال إن جماعته منذ بدء تصعيدها أطلقت 1255 صاروخاً وطائرة مسيرة، بالإضافة إلى العمليات البحرية، والزوارق الحربية.

وأقر الحوثي بمقتل 106 أشخاص وإصابة 328 آخرين في مناطق سيطرة جماعته جراء الضربات الغربية والإسرائيلية، منذ بدء التصعيد.

وتشن الجماعة المدعومة من إيران منذ نوفمبر (تشرين الثاني) 2023 هجمات ضد السفن في البحرين الأحمر والعربي، وهجمات أخرى باتجاه إسرائيل تحت مزاعم مناصرة الفلسطينيين في غزة.

يُشار إلى أن الجماعة تلقت في 10 يناير (كانون الثاني) الحالي أعنف الضربات الإسرائيلية للمرة الخامسة، بالتزامن مع ضربات أميركية - بريطانية استهدفت مواقع عسكرية في صنعاء وعمران، ومحطة كهرباء جنوب صنعاء، وميناءين في الحديدة على البحر الأحمر غرباً.

عرقلة السلام

عاق التصعيد الحوثي وردود الفعل الغربية والإسرائيلية مسار السلام اليمني، إذ كان اليمنيون يستبشرون أواخر 2023 بقرب إعلان خريطة طريق توسطت فيها السعودية وسلطنة عمان من أجل طي صفحة الصراع المستمر منذ 10 سنوات.

وتنفي الحكومة اليمنية السردية الحوثية بخصوص مناصرة الفلسطينيين في غزة، وتتهم الجماعة بتنفيذ أجندة إيران في المنطقة، خاصة أن الجماعة استغلت الأحداث لتجنيد عشرات الآلاف تحت مزاعم الاستعداد للمواجهة مع إسرائيل والولايات المتحدة، وفيما يبدو أن المسعى الحقيقي هو التجهيز لمهاجمة المناطق اليمنية الخاضعة للحكومة الشرعية.

السفينة التجارية «غلاكسي ليدر» قرصنها الحوثيون واحتجزوا طاقمها منذ 14 شهراً (رويترز)

وأدّت هجمات الحوثيين في البحر الأحمر، خلال 14 شهراً، إلى إصابة عشرات السفن بأضرار، وغرق سفينتَيْن، وقرصنة ثالثة، ومقتل 3 بحارة، فضلاً عن تقديرات بتراجع مرور السفن التجارية عبر باب المندب، بنسبة أعلى من 50 في المائة.

وإذ استقبلت الجماعة نحو ألف غارة جوية وقصف بحري، خلال عام من التدخل الأميركي، كانت الولايات المتحدة أنشأت في ديسمبر (كانون الأول) 2023 تحالفاً سمّته «حارس الازدهار»؛ ردّاً على الهجمات الحوثية ضد السفن في البحر الأحمر وخليج عدن، قبل أن تشنّ ضرباتها الجوية ابتداء من 12 يناير (كانون الثاني) 2024، بمشاركة بريطانيا في عدد من المرات.

واستهدفت الضربات مواقع في صنعاء وصعدة وإب وتعز وذمار، في حين كان أغلبيتها من نصيب الحديدة الساحلية، كما لجأت واشنطن إلى استخدام القاذفات الشبحية، لأول مرة، لاستهداف المواقع الحوثية المحصَّنة، غير أن كل ذلك لم يمنع تصاعد عمليات الجماعة التي تبنّت مهاجمة أكثر من 211 سفينة.