ماي تبلغ ترمب تمسك «الشركاء الأوروبيين» بالاتفاق مع إيران

خطيب جمعة طهران يقول إن هدف واشنطن الوحيد «تغيير النظام»

نساء يعبرن شارعاً بالقرب من جدارية سياسية عملاقة تصور المرشدين الأول والثاني (الخميني وخامنئي) في طهران في مايو (بلومبيرغ)
نساء يعبرن شارعاً بالقرب من جدارية سياسية عملاقة تصور المرشدين الأول والثاني (الخميني وخامنئي) في طهران في مايو (بلومبيرغ)
TT

ماي تبلغ ترمب تمسك «الشركاء الأوروبيين» بالاتفاق مع إيران

نساء يعبرن شارعاً بالقرب من جدارية سياسية عملاقة تصور المرشدين الأول والثاني (الخميني وخامنئي) في طهران في مايو (بلومبيرغ)
نساء يعبرن شارعاً بالقرب من جدارية سياسية عملاقة تصور المرشدين الأول والثاني (الخميني وخامنئي) في طهران في مايو (بلومبيرغ)

فيما تواصلت التحركات الأوروبية لتنسيق الموقف من قرار الإدارة الأميركية الانسحاب من الاتفاق النووي مع إيران، أعلنت رئاسة الوزراء البريطانية مساء أمس أن رئيسة الوزراء تيريزا ماي أجرت محادثات هاتفية مع الرئيس دونالد ترمب تناولت الملف الإيراني.
وقال ناطق باسم 10 داونينغ ستريت: «دانت رئيسة الوزراء والرئيس (ترمب) الهجوم الصاروخي الإيراني على القوات الإسرائيلية (في الجولان السوري المحتل) في وقت سابق من الأسبوع، وأعلنا دعمهما القوي لحق إسرائيل في الدفاع عن نفسها في مواجهة العدوان الإيراني. اتفقا على الحاجة إلى التهدئة من جانب كل الأطراف وعلى أهمية التصدي لنشاطات إيران المزعزعة للاستقرار في المنطقة». وتابع أن تيريزا ماي «كررت موقف الحكومة من الاتفاق النووي مع إيران، مشيرة إلى أن «الشركاء الأوروبيين يبقون ملتزمين ببقاء الاتفاق كأفضل وسيلة لمنع إيران من تطوير سلاح نوويط». وزاد أن ماي أثارت مع ترمب قضية العقوبات التي هددت إدارته بفرضها على الشركات الأوروبية التي تتعامل مع إيران.
وجاء الاتصال في وقت أكدت ألمانيا وفرنسا وبريطانيا التزامها بالاتفاق، لكنها تريد، في محاولة لإعادة واشنطن إليه، إجراء محادثات مع حكومة الرئيس حسن روحاني بصيغة أشمل تتضمن برنامج إيران للصواريخ الباليستية ودورها في صراعات الشرق الأوسط، مثل سوريا واليمن.
وسعى روحاني ووزراؤه لطمأنة الإيرانيين بأن اقتصادهم الذي يعتمد على النفط قادر على الصمود في مواجهة الضغوط التي ستعود حتماً بعد رفض ترمب الاتفاق الذي أبرم في عهد سلفه باراك أوباما بعد سنوات من المفاوضات.
وستستضيف مسؤولة السياسة الخارجية بالاتحاد الأوروبي فيديريكا موغيريني اجتماعاً لوزراء خارجية بريطانيا وفرنسا وألمانيا يوم الثلاثاء في بروكسل لمناقشة الاتفاق النووي مع إيران، بعد أن انسحب منه الرئيس الأميركي دونالد ترمب. وقالت خدمة العمل الأوروبي الخارجي في بيان، إن المجموعة ستجتمع مع وزير الخارجية الإيراني محمد جواد ظريف.
وفي طهران، حذر خطيب جمعة طهران، الإدارة الإيرانية، من العودة إلى المفاوضات مع دول الاتحاد الأوروبي و«الوثوق» بتلك الدول، مشيراً إلى أن هدف ترمب الوحيد في الانسحاب من الاتفاق النووي هو تغيير النظام في إيران، وذلك بالتزامن مع إعلان وزارة الخارجية الإيرانية توجه وزير الخارجية محمد جواد ظريف إلى موسكو وبكين وبروكسل لبدء حملة دبلوماسية دفاعاً عن الاتفاق النووي والحصول على ضمانات على استمراره من دون واشنطن.
وكان الرئيس روحاني قد أعلن بقاء طهران في الاتفاق النووي المبرم في 2015 حتى بعد انسحاب الولايات المتحدة منه.
وأعلن الرئيس دونالد ترمب يوم الثلاثاء انسحاب الولايات المتحدة من الاتفاق النووي الذي كبح برنامج إيران النووي، وقال إنه أحادي وإنه سيعيد فرض العقوبات على طهران التي كانت رفعت بموجب الاتفاق.
وقال أحمد خاتمي في خطبة الجمعة بجامعة طهران التي أذاعها التلفزيون الرسمي: «أميركا لا يمكنها أن تفعل شيئاً. إنهم (الأميركيون) يسعون دوماً لإسقاط النظام الإيراني وخروجهم (من الاتفاق) يتسق مع هذا الهدف»، وفق ما نقلت وكالة «رويترز».
وفي انتقاد ضمني لموقف الحكومة من مواصلة المفاوضات، قال خاتمي: «لا يمكن لأعدائنا أن يلحقوا بنا الضرر إذا استمعنا إلى زعيمنا (خامنئي)»، فيما ترددت هتافات «الموت لأميركا» و«الموت لإسرائيل». وتابع: «سنطور قدراتنا الصاروخية رغم الضغوط الغربية... لتعرف إسرائيل أنها إذا تصرفت بحماقة فسيتم تدمير تل أبيب وحيفا بالكامل وتحويلهما إلى أنقاض».
وبث التلفزيون الإيراني لقطات لمحتجين يرددون هتافات ضد الولايات المتحدة وإسرائيل في مسيرات في طهران ومدن وبلدات أخرى بعد صلاة الجمعة.
وهتف المحتجون وهم يسيرون في شوارع انتشرت فيها ملصقات معادية للولايات المتحدة وإسرائيل: «يا سيد ترمب لا يمكنك أن تفعل شيئاً»، و«نحن نقاتل. نحن نموت. نحن لا نستسلم».
ودان المحافظون والمعتدلون في القيادة الإيرانية على حد سواء، نهج ترمب المتشدد إزاء إيران مع تزايد الإحباط بين عامة الإيرانيين من الصعوبات الاقتصادية المتوقعة نتيجة للعقوبات الجديدة.
وقال خاتمي: «لا يمكن الوثوق أيضاً بهؤلاء الموقعين الأوروبيين (على الاتفاق)... لا يمكن الوثوق بأعداء إيران»، فيما حث محتجون الحكومة على عدم «تكرار الخطأ نفسه» بالدخول في مفاوضات جديدة.
في غضون ذلك، قالت إيران إنها طلبت من شركة «إيرباص» الأوروبية، الإعلان عن نياتها فيما يتعلق بصفقة طائرات مع طهران بعد الانسحاب الأميركي من الاتفاق النووي.
ولا يبدو الاستمرار في الصفقة مرجحاً بعدما قال وزير الخزانة الأميركي ستيفن منوتشين يوم الثلاثاء، إنه سيتم إلغاء التراخيص التي تسمح لـ«إيرباص» ومنافستها «بوينغ» ببيع طائرات ركاب لإيران.
وفي أول تعليق للرئيس الإيراني السابق محمود أحمدي نجاد، قال في بيان إنه عارض العودة إلى طاولة المفاوضات عندما بدأت مفاوضات سرية في 2012، وذلك قبل وصول روحاني إلى الرئاسة، منتقداً مساعي الحكومة الإيرانية للعودة إلى طاولة المفاوضات والبقاء في الاتفاق بعد الانسحاب الأميركي.
وانتقد أحمدي نجاد بنود الاتفاق النووي، وقال إن الجانب الخاص بإيران في الاتفاق «شفاف ومؤكد»، وفي المقابل قال إن «التزامات الأطراف الأخرى غامضة ومن دون ضمانات»، كما انتقد الاتفاق النووي على عدم وجود ما اعتبرها «آلية تتابع تجاوزات الأطراف الأخرى بينما توجد آلية لمواجهة إيران».
يأتي ذلك في حين تدافع حكومة روحاني عن منظومة الاتفاق النووي، وتعتبره إنجازاً دبلوماسياً لها.



«الحرس الثوري»: سماء إسرائيل مفتوحة أمامنا

المتحدث باسم «الحرس الثوري» علي محمد نائيني خلال مؤتمر صحافي الاثنين (تسنيم)
المتحدث باسم «الحرس الثوري» علي محمد نائيني خلال مؤتمر صحافي الاثنين (تسنيم)
TT

«الحرس الثوري»: سماء إسرائيل مفتوحة أمامنا

المتحدث باسم «الحرس الثوري» علي محمد نائيني خلال مؤتمر صحافي الاثنين (تسنيم)
المتحدث باسم «الحرس الثوري» علي محمد نائيني خلال مؤتمر صحافي الاثنين (تسنيم)

قال «الحرس الثوري»، على لسان المتحدث باسمه، إن «سماء الكيان الصهيوني مفتوحة وغير محمية بالنسبة لإيران»، مضيفاً: «لا يوجد أي عائق لتنفيذ عمليات جديدة ضد إسرائيل في الوقت المناسب»، نافياً تضرّر الدفاعات الجوية وتعطّل دورة إنتاج الصواريخ في الهجوم الذي شنّته إسرائيل نهاية أكتوبر (تشرين الأول) الماضي.

وأفاد الجنرال علي محمد نائيني، في مؤتمر صحافي، بأن المناورات الهجومية والدفاعية التي بدأتها قواته مع الجيش الإيراني تستمر لثلاثة أشهر، لافتاً إلى أنها «تجسّد صفحة جديدة من قوة الردع الإيرانية»، وتشمل الكشف عن «مدن صاروخية وتجارب صواريخ باليستية».

وأضاف أن «الجمهورية الإسلامية كانت مستعدة تماماً للمعارك الكبرى والمعقّدة والصعبة على أي مقياس منذ وقت طويل».

وأشار نائيني ضمناً إلى التطورات السورية، والإطاحة بنظام بشار الأسد. وقال في مؤتمر صحافي إنه «بسبب تحولات الأسابيع الأخيرة، نشأت لدى العدو حالة من الحماس الكاذب والفهم الخاطئ؛ حيث حاول تصوير التطورات الحالية على أنها ضعف للجمهورية الإسلامية الإيرانية من خلال حرب إدراكية»، حسبما أوردت وكالة «إيسنا» الحكومية.

وأشار نائيني إلى تبادل الضربات المباشرة وغير المسبوقة بين إيران وإسرائيل في أبريل (نيسان) وأكتوبر الماضي. وقال إن الهجومين الإيرانيين «كانا جزءاً صغيراً فقط من القوة اللامتناهية».

وأضاف أن «العدو يعلم أن السماء فوق الأراضي المحتلة مفتوحة وغير محمية بالنسبة لنا على خلاف دعايتها الإعلامية، ويمكننا التحرك بحجم ودقة وسرعة أكبر، مع قدرة تدميرية أكبر». وتابع: «العدو يقوم يومياً بإنتاج قضايا وأفكار مشكوك فيها للتأثير في الإرادة والروح الوطنية».

وتوعّد نائيني بما وصفه «بتغيير إدراك العدو المضلل مرة أخرى»، وأردف: «نقول لأعدائنا إننا دائماً مستعدون، وعلى أهبة الاستعداد، ولا نتهاون أبداً. في اللحظة التي تُعطى فيها الأوامر، سنُظهر قوتنا كما في السابق».

وزاد أن المناورات «هي قصة القوة والثبات والردع». وقال إن «العدو الصهيوني يعاني من وهم وخطأ في الحسابات». وأضاف أن رسالة المناورات الدفاعية والهجومية «ستصل إلى العدو في الأيام المقبلة».

قادة من الجيش و «الحرس الثوري» خلال جلسة تنسيقية للمناورات في غرب البلاد (تسنيم)

وبدأ الجيش الإيراني والوحدات الموازية في «الحرس الثوري» مناورات سنوية تستمر لمدة ثلاثة أشهر، في البر والبحر والجو.

وقال نائيني إن «الجزء الأساسي من المناورات سيكون في يناير، وسيستمر حتى نهاية العام، وهي مناورات دفاعية وهجومية وتركيبية، تم تصميمها استجابة للتهديدات الأمنية الجديدة».

ولفت المتحدث إلى أن المناورات «أقرب للتمارين على محاكاة المعارك الفعلية». وقال إن «الهدف الرئيسي منها هو تعزيز القوة لمواجهة التهديدات العسكرية المحتملة، والتصدي للإرهاب والتخريب في البلاد، ورفع الروح الوطنية، وتغيير حسابات العدو».

وقال إن «ادعاءات إسرائيل بشأن ضعف دفاعات إيران بعد هجوم 26 أكتوبر غير صحيحة؛ إذ لم تتوقف إيران عن إنتاج الصواريخ، ونظامها الدفاعي مستمر ومتطور».

وبشأن التهديدات التي كرّرها مسؤولون إيرانيون لشن عملية إيرانية ثالثة ضد إسرائيل، قال نائيني إنه «لا يوجد أي عائق لتنفيذ عمليات جديدة ضد إسرائيل في الوقت المناسب».

وأضاف أن «الشعب الإيراني يثق بذكاء وتدبير قادته العسكريين، وأن أي عملية مستقبلية ستكون أكثر قوة ومفاجأة». وأشار إلى أن «العدو يتلقى رداً على شروره بأساليب متنوعة وفي مواقع جغرافية متعددة».

وذكر في السياق نفسه، أن جيش الاحتلال الإسرائيلي «خسر ألف جندي منذ (طوفان الأقصى)». وعدّ نائيني دعم «المقاومة وتطوير التعبئة العالمية» بأنها «أساس في العقيدة العسكرية الإيرانية».

وأضاف في السياق ذاته أن عملية «(الوعد الصادق) أظهرت ضعف أجواء الكيان الصهيوني أمام الهجمات الإيرانية».

ومع ذلك، أشار إلى أن إيران لن تبدأ أي حرب، لكن المناورات المقبلة تهدف إلى تعزيز الردع والاستعداد الدفاعي والهجومي لحماية الشعب والثورة ومواجهة أي تهديد.

وقالت وسائل إعلام إيرانية، الاثنين، إن الدفاعات الجوية أجرت تدريبات قرب المواقع الحساسة.

وقال نائيني إن الدفاعات الجوية التابعة للجيش أجرت مناورات قرب منشأة نطنز النووية في وسط البلاد. كما أشار إلى نشر وحدة «صابرين» للقوات الخاصة في الوحدة البرية لـ«الحرس الثوري» في غرب البلاد.

القبة الحديدية في إسرائيل تعترض الصواريخ الإيرانية مطلع أكتوبر الماضي (أرشيفية - رويترز)

ضربات متبادلة

في أوائل أكتوبر، أعلنت إيران عن إطلاق 200 صاروخ باتجاه إسرائيل، حيث أفادت تل أبيب بأن معظم هذه الصواريخ تم اعتراضها بواسطة دفاعاتها الجوية أو دفاعات حلفائها.

وأكدت طهران أن الهجوم جاء رداً على اغتيال الأمين العام لـ«حزب الله»، حسن نصر الله، بالإضافة إلى قيادي في «الحرس الثوري» الإيراني، وذلك خلال غارة إسرائيلية استهدفت جنوب بيروت، إلى جانب اغتيال هنية.

في 26 أكتوبر، شنّت الطائرات الحربية الإسرائيلية غارات على مواقع عسكرية في إيران، مستهدفة منشآت صاروخية ومنظومات رادار، ما أدى إلى تدميرها.

وحذّرت إسرائيل إيران من أي ردّ إضافي بعد تعهد مسؤولين وقادة عسكريين إيرانيين بتنفيذ عملية ثالثة. وجاء تصاعد التوترات قبل أسبوعين من الانتخابات الرئاسية الأميركية، التي أُجريت في 5 نوفمبر (تشرين الثاني)، وأسفرت عن فوز دونالد ترمب.

في 3 نوفمبر، أعلنت الولايات المتحدة عن نشر قدرات عسكرية جديدة في الشرق الأوسط، من المتوقع أن تصل «خلال الأشهر المقبلة»، في خطوة تهدف إلى «دعم إسرائيل» وتحذير إيران، وفقاً لبيان صادر عن البنتاغون.

صورة من فيديو يظهر تصاعد الدخان من موقع عسكري في ضواحي طهران 26 أكتوبر الماضي (شبكات التواصل)

وشهد شهر أبريل (نيسان) الماضي تبادلاً غير مسبوق للضربات المباشرة بين إيران وإسرائيل، رغم تجنبهما الانزلاق إلى حرب شاملة.

في 13 أبريل، تصاعدت المخاوف من اندلاع تصعيد إقليمي حين شنت إيران هجوماً غير مسبوق باستخدام طائرات مسيّرة وصواريخ استهدفت الأراضي الإسرائيلية، وذلك رداً على ضربة جوية استهدفت القنصلية الإيرانية في دمشق ونُسبت إلى إسرائيل.

وفي 19 أبريل، سُمع دوي انفجارات في وسط إيران، حيث أفادت وسائل إعلام إسرائيلية وغربية بوقوع هجوم استهدف مطاراً عسكرياً في مدينة أصفهان. يُعتقد أن هذا المطار يتولى حماية منشأة «نطنز»، وهي المحطة الرئيسية لتخصيب اليورانيوم في إيران.