لم تتبلور بعد صورة التكتلات النيابية للبرلمان الجديد، بانتظار أن يحسم النواب المستقلون اصطفافاتهم، وتحديد ما إذا كانوا سينضمون إلى كتل حزبية شكّلت رافعة لإيصالهم إلى الندوة البرلمانية، أم يختارون تشكيل تكتلات صغيرة خاصة بهم تؤسس لاستقلالية بعيدة عن تأثيرات المحادل التي لا تأتلف في كثير من الأحيان مع خياراتهم، علماً بأن بعضهم حسم توجهه بالبقاء خارج أي تجمّع، والبعض الآخر جاهر بالانتماء إلى الحلف الذي ساهم بوصوله إلى المجلس.
وبدت النائب المنتخبة بولا يعقوبيان أكثر وضوحاً، فآثرت البقاء خارج أي تكتل نيابي حتى لو كان مستقلاً. وقالت لـ«الشرق الأوسط»: «مسؤوليتي أن أقوم بواجبي من موقع المراقب والمعارض الحقيقي لأداء السلطة، لأتمكن من محاسبتها وتقديم الرؤية التي تمثّل تطلعات الناس الذين انتخبوني». وأضافت: «صحيح أني فزت وحيدة من بين 66 مرشحاً على لوائح (كلنا وطني) (المجتمع المدني)، لكنّي داخل البرلمان أمثل تطلعات هؤلاء جميعاً، ورؤية كل صوت انتخبني، لأقدم النموذج الأفضل في العمل التشريعي، وليكون أدائي مشجعاً لدخول عدد أكبر من زملائي في الدورة النيابية المقبلة».
وكما أن مهمة النائب مراقبة الحكومة ومحاسبتها، فإن المواطن عليه مسؤولية مراقبة سلوك النائب، بحسب تعبير بولا يعقوبيان، التي دعت كل الذين انتخبوها إلى «متابعة أدائها طيلة السنوات الأربع المقبلة، ومحاسبتها على هذا الأداء، للتثبّت مما إذا كانت بمستوى الثقة التي منحوها إياها». وعبّرت عن خشيتها أن تكون «التكتلات والتحالفات التي يجري تشكيلها، مدخلاً لتقاسم السلطة والحصص الوزارية والخدمات على حساب حقوق جميع المواطنين».
ويكاد رئيس الحكومة السابق نجيب ميقاتي يكون الوحيد بين المستقلين، الذي حصد كتلة من أربعة نواب في مدينة طرابلس (شمال لبنان)، وبات من السهل أن يفاوض الكتل الأخرى من موقع القوة، حيث أعلنت مصادره أن ثمة توجهاً لتشكيل تكتل نيابي شمالي، لم يتبلور شكله بعد، وربما يكون مع تيّار «المردة» الذي يرأسه سليمان فرنجية ضمن هذا التكتل.
من جهته، أعلن النائب مصطفى حسين الذي فاز عن المقعد العلوي في عكّار لـ«الشرق الأوسط»، أنه سينضم إلى «تكتل التغيير والإصلاح» الذي يرأسه وزير الخارجية جبران باسيل، وعلل ذلك بـ«إعطاء عهد الرئيس ميشال عون قوة نيابية داعمة لسياسته». لكنه أكد أن خطّه السياسي «موالٍ لسوريا ولاستراتيجية محور المقاومة وسياسته في لبنان والمنطقة». ورأى أن «لا تعارض بين نهج (التغيير والإصلاح) واستراتيجية المقاومة، وأنا بحكم العلاقة التاريخية وبحكم الجغرافيا والانتماء الأقرب إلى سوريا وسأبقى معها».
أما المستقلّون الذين تحالفوا مع أحزاب كبرى وأمنوا فوزهم، فلم يحددوا وجهتهم بعد، لكنّ النائب المنتخب ميشال معوض، الآتي من صفوف «14 آذار»، أعلن في تصريح له بعد لقائه باسيل أنه «سيبقى ضمن (تكتل التغيير والإصلاح)، لتوفير تنوّع غني وواسع يسعى لدعم العهد». وقال: «قمنا بتحالف انتخابي مع (التيار الوطني الحر) مبني على تفاهم سياسي لدعم العهد وقوي بتنوعنا واختلافاتنا على بعض الملفات والمواضيع، ونحن سنكون المدخل للدولة القوية»، معتبراً أن «إضعاف العهد أو محاولة إضعافه لا يخدم منطق الدولة القوية، ولا يصب في منطقة الإصلاح والسيادة»، موضحاً أن «معظم القوى التي تحاول مواجهة العهد ليست قوى سيادية ولا إصلاحية». وقال معوض «أنا أدعم العهد لأن التوازن الوطني يتطلب وجود تكتل قوي ووازن إلى جانبه».
وفيما لم يصدر أي موقف عن نواب آخرين، فإن النواب السنة أسامة سعد وعبد الرحيم مراد ونائب الأحباش عدنان طرابلسي، هم الأقرب إلى «حزب الله»، بخلاف نائب بيروت «المستقبل» فؤاد مخزومي الذي لا يزال ملتزماً الصمت، لكنه بعث بإشارات إيجابية باتجاه تيار «المستقبل»، حيث أعلن مسبقاً أنه سيسمي سعد الحريري لرئاسة الحكومة، لأنه الممثل الوحيد للطائفة السنيّة، وبقاؤه على رأس الحكومة يشكّل ضمانة استقرار للبنان.
بدوره، نفى النائب الشيعي المنتخب عن دائرة «جبيل ـ كسروان» مصطفى الحسيني، انضمامه إلى كتلة «التحرير والتنمية» برئاسة رئيس مجلس النواب نبيه بري، وأكد بقاءه مع زميله النائب المنتخب فريد هيكل الخازن، الذي قال بعد لقائه البطريرك الماروني بشارة بطرس الراعي، إنه «ينتمي إلى الثوابت الوطنية والقيم التي تتمسك بها البطريركية المارونية عبر التاريخ، وهي حماية سيادة لبنان واستقلاله، وحماية الدستور، والحفاظ على صيغة العيش المشترك والعمل على بناء دولة القانون ودولة المؤسسات الخالية من الصفقات والرشاوى».
وقال الخازن «لسنا في (8 آذار)، ولم نكن كذلك يوماً، لدينا تحالف مع رئيس (تيار المردة) النائب سليمان فرنجية، وهذا التحالف ثابت ونهائي، ونحاول بالتعاون معه ومساعدته، أن نشكّل تجمعاً نيابياً سياسياً غير طائفي، يكون له حضوره في المجلس النيابي والحكومة»، مؤكداً أن «البلد بحاجة إلى خطة إنقاذية تصوّب الأمور، كي لا نصل إلى مرحلة الندم».
نواب لبنان المستقلون بين الحياد والالتحاق بالكتل الكبرى
نواب لبنان المستقلون بين الحياد والالتحاق بالكتل الكبرى
لم تشترك بعد
انشئ حساباً خاصاً بك لتحصل على أخبار مخصصة لك ولتتمتع بخاصية حفظ المقالات وتتلقى نشراتنا البريدية المتنوعة