ليبيا... توازن قوى جديد

خلافات في الغرب وتقدم للجيش في الشرق... والجنوب يعاني وحيداً

جنود من الجيش الوطني الليبي بقيادة المشير حفتر خلال عرض عسكري في بنغازي يوم 7 مايو الحالي (أ.ف.ب)
جنود من الجيش الوطني الليبي بقيادة المشير حفتر خلال عرض عسكري في بنغازي يوم 7 مايو الحالي (أ.ف.ب)
TT

ليبيا... توازن قوى جديد

جنود من الجيش الوطني الليبي بقيادة المشير حفتر خلال عرض عسكري في بنغازي يوم 7 مايو الحالي (أ.ف.ب)
جنود من الجيش الوطني الليبي بقيادة المشير حفتر خلال عرض عسكري في بنغازي يوم 7 مايو الحالي (أ.ف.ب)

يتشكل في ليبيا توازن جديد للقوى، من شأنه أن يزيد الأمور تعقيداً على أرض الواقع. وظهرت في الأيام القليلة الماضية فجوة كبيرة بين المجلس الرئاسي، الذي يقوده من طرابلس (غرباً) فائز السراج المدعوم دولياً، والمشير خليفة حفتر، قائد الجيش الوطني الذي يشن حرباً ضروساً ضد بقايا الجماعات المتطرفة في شرق البلاد. أما جنوب ليبيا، فقد ابتعد كثيراً عن اهتمام السياسيين المتنافسين شمالاً، كما يقول العقيد المهدي البرغثي، وزير الدفاع في حكومة الوفاق.
في الأسابيع الأخيرة، أصبحت توجد داخل ليبيا، المنقسمة على نفسها منذ مقتل معمر القذافي في 2011، ثلاث بؤر جغرافية خطرة، يبدو أنها تلعب دوراً كبيراً في رسم آفاق مستقبل مثير للشكوك. الأولى تتمحور حول مدينة درنة التي تقع في الشرق، ولا يفصلها عن الحدود المصرية إلا أقل قليلاً من 300 كيلومتر، وتعج بمتطرفين من جنسيات مختلفة. وتخضع درنة، ذات الوديان والجبال والكهوف، لحصار من الجيش الوطني. لكن في أحدث تطور، استقبل قادة من المجلس الرئاسي في طرابلس وفداً من درنة لبحث إمكان الوقوف معها ضد حفتر. ومن شأن مثل هذه الخطوة أن يطيل أمد الحرب ضد المتطرفين في الشرق، ويزيد من القلق على الحدود المصرية.
ويقول مفتاح المسوري، ابن درنة، المترجم السابق للقذافي: «لا أدري ما هو السبب الحقيقي وراء ابتعاد درنة، تاريخياً، عن السلطة المركزية». ويضيف أحد الزعماء القبليين بالمدينة: «نحن بين نارين. ننتظر دخول الجيش، ونخشى انتقام الجماعات المتطرفة، ضد الأهالي».
أما البؤرة الثانية، فتقع في طرابلس نفسها، وبالتحديد في منطقة تاجوراء، شرق العاصمة، وهي منطقة تكثر في محيطها الغابات الشجرية والمزارع المنعزلة، وتعد بيئة مثالية لما حدث فيها أخيراً من تحشيد بالدبابات والآليات الثقيلة، من جانب من يوصفون بأنهم متطرفون مذهبيون وجهويون يتعطشون للسيطرة على العاصمة. وقد زاد عدد المتمركزين في تاجوراء خلال الفترة الأخيرة، وظهر فيها كذلك تحالف غريب من مقاتلين من تنظيمات «داعش» و«القاعدة» و«الإخوان» وغيرهم. ويقوم هذا التحالف بين حين وآخر بتوجيه قذائف صاروخية للمطار الجوي الوحيد العامل في طرابلس، وهو مطار إمعيتيقة. وفي لقاء سابق مع عبد الفتاح بانور، وهو وسيط بين مجموعة تاجوراء وقوات طرابلس، قال: «هذه التطورات سببها سوء تفاهم قديم لم يعالج من الجانبين. والآن، يتفاقم».
وتطرقت تحقيقات أمنية مبدئية في العاصمة إلى أن عناصر «داعش» التي فجّرت مقر مفوضية الانتخابات، قبل أسبوع، ربما انطلقت من تاجوراء، ما دفع السراج إلى إعادة تشكيل القوات ذات الطابع الميليشياوي التي يعتمد عليها في طرابلس، ومنحها مزيداً من الصلاحيات. ويرى عبد الله ناكر، رئيس «حزب القمة»، أن تعدد رؤوس السلطة في البلاد هو أس المشكلة، ويقول: «نريد أن تكون ليبيا دولة مؤسسات، وليست دولة أشخاص».
في المقابل، تقع البؤرة الثالثة في أقصى الجنوب، وتتمحور حول مدينة سبها، المعروفة بأنها العاصمة التاريخية لإقليم فزان. وتشهد هذه المدينة قتالاً ضارياً بين مسلحين من قبيلتي «أولاد سلميان» و«التبو». ويعتقد أن هناك أطرافاً خارجية تغذي هذه الحرب، حيث تمكنت جماعات متطرفة من استغلال الموقف لصالحها، وحققت انتشاراً كبيراً في كثير من المواقع الصعبة في الصحراء الشاسعة، في ظل انشغال الحكام الشماليين في إقليمي برقة وطرابلس عن مجريات الأحداث. ويقول رئيس الكونغرس التباوي، عيسى عبد المجيد: «من منبركم هذا.. أوجه رسالة لأبناء التبو، وأولاد سليمان، ولكل الليبيين؛ أن تُحل مشكلاتنا من داخل البلاد، لا من خارجها».
يتحدث العالم عن قرب إجراء انتخابات برلمانية ورئاسية في ليبيا. ورغم أن كثيراً من السياسيين والقادة داخل البلاد، مثل العقيد البرغثي وناكر، يرون أن هذا هو الحل الوحيد، فإن الأمور على الأرض تجري في طريق مغايرة. وقد كانت الآمال منعقدة أيضاً على قرب الإعلان عن توحيد المؤسسة العسكرية برعاية مصرية. كما أن المبعوث الأممي إلى ليبيا، الدكتور غسان سلامة، أرسل كذلك رسائل مطمئنة عن احتمال عقد مؤتمر مصالحة بين الليبيين، انطلاقاً من تونس. بيد أن مثل هذه المسارات المبشرة أصبحت عرضة لعراقيل عدة.. فكيف تغيرت الأوضاع إلى الأسوأ؟
لا يخفى على أحد أن هناك قوتين إقليميتين كبيرتين تعملان على الملف الليبي. الأولى، كما يقول ناكر، تناصر المشير حفتر، وتحاول أن تجعل له موقعاً في مستقبل البلاد، تحت عباءة الاتفاق السياسي الذي جرى توقيعه في مدينة الصخيرات المغربية قبل عامين. والثانية، كما يضيف، تحاول أن تعيد التيار الإسلامي، بقيادة جماعة «الإخوان» و«الجماعة المقاتلة»، إلى الحكم.
وبعد أن خسر هذا التيار الانتخابات في 2014، ولحقت به هزائم عدة على أيدي الجيش الوطني في الشرق، وعلى يد قوات طرابلسية غير نظامية في الغرب، بدأ في الأسابيع الماضية يلتقط أنفاسه، ويتحرك بجرأة داخل أروقة المجلس الرئاسي نفسه، ويريد أن يعوّض خسائره سريعاً.
ويقول مصدر في وزارة الدفاع في طرابلس: «نراقب هذه التحركات.. لدينا قواتنا. ونعتقد أنه ما زال في الإمكان إجراء انتخابات وإنجاز المصالحة». وقد أجرى البرغثي نفسه مصالحات بين عدة خصوم، قرب العاصمة، وتمكّن من فتح طرق سريعة كانت مغلقة على الساحل الغربي، لكن يبدو أن هذا وحده لا يكفي.
وتمثّل الحرب في درنة (شرقاً) حلقة من حلقات مطاردة حفتر للجماعات المتطرفة. فقد تمكن من هزيمتها في بنغازي، لكن عدداً كبيراً من عناصر هذه الجماعات، وكثير منهم غير ليبيين، تمكنوا من الفرار إلى درنة وإلى تاجوراء وإلى سبها. وقبل أيام، أعلن حفتر بدء ساعة الصفر لتحرير درنة من الجماعات الإرهابية، خلال كلمة ألقاها في حفل تخريج الدفعة الـ51 من الكلية العسكرية.
وتطرق حفتر إلى أن المساعي السلمية في درنة وصلت إلى طريق مسدود، بسبب تعنت الجماعات الإرهابية. ولا توجد قنوات اتصال بين الجيش الوطني وهذه الجماعات. ويقول قائد عسكري إن المفاوضات التي كان يقوم بها الجيش للحل السلمي في درنة كانت تجري مع قيادات اجتماعية، تنتمي إلى عائلات معروفة وقبائل في المدينة، وليس مع الإرهابيين أنفسهم، بعكس ما يعتقد بعضهم، ويوضح: «هدفنا كان الحصول على إقرار من هذه الزعامات بإخراج أبنائها من صفوف المقاتلين المتطرفين بالمدينة، والتوقف عن تستر البعض على المقاتلين الأجانب».
وتخشى قيادات مناوئة لحفتر، في غرب البلاد، من أن يحقق قائد الجيش الوطني انتصاراً جديداً، بعد انتصار بنغازي العام الماضي، إذا ما تمكن من تحرير درنة من المتطرفين. ولهذا تغيّرت، كما يبدو، بعض التحالفات سريعاً على المستوى العسكري والسياسي. فرغم حصار الجيش للمدينة، قام وفد من «مجلس شورى مجاهدي درنة» بزيارة لطرابلس، يوم الأربعاء الماضي، والتقى بعدد من أعضاء المجلس الرئاسي. وترددت معلومات عن أن الوفد حصل على وعد بالدعم وبالاعتراف الرسمي به من حكام طرابلس كجسم شرعي، رغم تصنيفه من جانب حفتر والحلف الإقليمي الداعم له على أنه «جسم إرهابي». ويقول قائد قبلي: «نحن بين شقي الرحى، ونخشى من أن نتحول لرهائن، إذا ما نشبت الحرب هنا».
وتبدو السلطات في طرابلس هشة ضعيفة غير متماسكة. فوزارة الدفاع في حكومة الوفاق الوطني، التابعة للمجلس الرئاسي، لديها قوات منتشرة عبر طوق كبير حول العاصمة، لكنها ليست على تناغم مع هذه الحكومة التي لم تحصل بعد على تصديق البرلمان على عملها. ولخّص العقيد البرغثي الموضوع بالقول إنه «ستكون هناك تسوية (مع السراج)». وتعاني قوات البرغثي من الافتقار إلى الأموال، وجانب من المعدات الأساسية.
ومن جانبه، أكد مسؤول في الوزارة حدوث لقاء بين وفد درنة وقيادات في المجلس الرئاسي، لكنه قال إنه لا يعلم بتفاصيل ما جرى بين الطرفين، وأضاف: «أياً ما كان الأمر، فإن استقبال وفد من درنة يُعد نكاية في الجيش الذي يقوده حفتر، وهذا يعقّد جهود المصالحة ومحاولات الحل».
ويقول مصدر قريب من المجلس الرئاسي إن جماعة «الإخوان»، التي هيمنت في الشهر الماضي على القرار في مجلس الدولة، وهو مجلس استشاري منبثق عن اتفاق الصخيرات، لعبت دوراً في ترتيب اللقاء بين وفد «مجلس شورى مجاهدي درنة» وأطراف في المجلس الرئاسي، الذي يضم في عضويته قيادات محسوبة على الإسلاميين المتشددين. ويضيف هذا المصدر، الذي طلب عدم تعريفه لأنه غير مخوّل له الحديث للإعلام، أن ما تم توقيعه من اتفاق بين الجانبين يؤدي إلى رفع الروح المعنوية للمقاتلين المتحصنين في درنة منذ سنوات، بمن فيهم غير الليبيين، ومن بينهم مصريون.
ووفقاً لمصدر في الاستخبارات الليبية في طرابلس، وهو جهاز مناوئ للمتطرفين، فقد تم الاكتفاء في اتفاق دعم «مجلس شورى مجاهدي درنة»، بذكر اسم المجلس دون أسماء قياداته، أو أي من أعضائه، وهي قيادات ينظر إليها الجيش الليبي وقوى إقليمية باعتبارها قيادات إرهابية.
وأضاف أن أعضاء في كل من المجلس الرئاسي ومجلس الدولة، من زعماء جماعة «الإخوان» و«الجماعة الليبية المقاتلة» (المرتبطة بتنظيم القاعدة)، أشرفوا على إبرام الاتفاق «بهذه الصيغة الغريبة».
وزاد قائلاً إن بعض المسؤولين في طرابلس اقترحوا أن يتم تغيير اسم «مجلس شورى مجاهدي درنة» إلى اسم جديد كـ«أمن درنة» أو «الحرس الرئاسي (تابع للسراج) فرع درنة»، تجنباً للحرج، إلا أن قيادات «مجلس شورى درنة» (وكان معهم قيادي مفصول من مجلس بلدية درنة) رفضوا تغيير الاسم.
وتأتي هذه التطورات المهمة بينما يواصل الجيش الليبي محاولاته لاقتحام المدينة التي ظلت طوال عشرات السنين مصدر قلق للحكام في ليبيا، بسبب انتشار المتطرفين فيها منذ أيام «الجهاد» في أفغانستان والشيشان والعراق وغيرها.
وتبدو المدينة واحدة من الحالات الشاذة عموماً في ليبيا. ويقول المسوري: «هي حالة ناشذة عن السلطة المركزية، سواء الآن أو أيام القذافي أو أيام الملك إدريس.. حتى أيام اليونان، ففي سنة 630، كانت خارج سلطة إقليم المدن الخمس في البحر المتوسط».
وأفاد مصدر عسكري بأن درنة يوجد فيها قادة للمتطرفين من الجزائر وتونس ونيجيريا ومالي والسودان ومصر، أبرزهم زعيم جماعة «المرابطين»، المصري «أبو عمر المهاجر». وقال ضابط في الاستخبارات الليبية: «لا يمكن لبعض حكام طرابلس استقبال وفد من (مجلس شورى مجاهدي درنة)، لو لم يكن هناك موافقة مبطنة من جانب قوى إقليمية تدعم هذا الاتجاه»، وأضاف: «إنه اتجاه يعزز المزيد من الفوضى والاقتتال في ليبيا، ويزيد من القلق لدى المصريين ودول الجوار».
وبالتزامن مع هذه الخطوة الغريبة، بدأت بعض الأصوات ترتفع بالدعوة إلى إنقاذ درنة من حفتر، ويشارك في هذه الحملة مسؤولون في العاصمة، وقادة في أحزاب وتيارات محسوبة على الإسلاميين المتشددين، من داخل ليبيا وخارجها. وظهر خطاب يصف «مجلس شورى مجاهدي درنة» بأنهم «ثوار فبراير (شباط) الذين ساهموا في إسقاط نظام القذافي»، وأن «حفتر مثل القذافي لا بد من التصدي له لتحقيق أهداف الثورة».
تاجوراء
أما في منطقة تاجوراء، التي تقع على الحدود الشرقية لمدينة طرابلس، فقد تشكلت فيها قوات متباينة الأهداف، لكن يوجد بينها توافق على ضرورة اقتحام العاصمة، والتحكم فيها، وهذا يتطلب شن حرب على القوات الطرابلسية التي تنتمي أساساً للمدينة. وتتكون القوات الطرابلسية التي يعتمد عليها السراج من كتائب غير نظامية، لكنها تتلقى الرواتب والدعم من وزارات الدولة، ومنها «قوات كارَه» و«قوات الككلي» و«قوات النواصي». وتقع مناوشات بين حين وآخر بين قوات تاجوراء وبقية القوات الطرابلسية. كما أن القوات الطرابلسية نفسها تدخل بين وقت وآخر في اقتتال في ما بينها على النفوذ.
وتكمن خطورة مجموعة تاجوراء في مرونة القيادة الموجودة على رأسها، وقدرتها على استقطاب كل خصوم السراج. وهذه القيادة هي شخصية تلقب بـ«البُقْرَة». وكانت هذه القوة، حتى ثلاثة شهور مضت، تعمل تحت رعاية المجلس الرئاسي نفسه، إلا أن قيامها بالهجوم المباغت على مطار إمعيتيقة، الذي تسيطر عليه قوات طرابلسية موالية للمجلس الرئاسي، دون إذن من السراج، جعل هذا الأخير ينزع الغطاء القانوني عنها.
ويقول الوسيط بين «البُقْرَة» والقوات الطرابلسية، بانور، إن أصل الخلاف يرجع إلى احتجاز قوات طرابلسية لعشرات المواطنين داخل سجون في مطار إمعيتيقة، دون عرض أمرهم على الجهات القضائية. لكن مصدراً في المجلس الرئاسي قال إن هؤلاء المساجين من المنتمين لتنظيم داعش، مشيراً إلى أن جماعات مسلحة من عدة مناطق، من غرب طرابلس ومن الجنوب، بدأت منذ شهور في استثمار الخلاف بين السراج و«البُقْرَة»، والنزوح إلى منطقة تاجوراء وما حولها، وتكوين معسكرات تدريب، وإطلاق الصواريخ بين حين وآخر على المطار. ويعتقد أن من قاموا بتفجير مفوضية الانتخابات أخيراً انطلقوا من هذه المنطقة.
ويزيد زخم قوات المتطرفين في تاجوراء من تعقيد الأمور في طرابلس، خصوصاً بعد أن بدأت قيادات إخوانية، ممن صعدت أخيراً لمواقع مهمة في الحكم في العاصمة، في الضغط على أعضاء في المجلس الرئاسي، وعلى أطراف في السلطات القضائية، للإفراج عن متشددين إسلاميين في سجون المدينة، من بينهم قيادات من جماعة «أنصار بيت المقدس» المصرية، و«أنصار الشريعة» (أقرب إلى «داعش»، وتضم ليبيين وتونسيين)، وغيرهم.
وتهدف مثل هذه التحركات إلى تشكيل ضغط على قوات حفتر المتمركزة حول درنة. فقد جرى قبل يومين تفجير حاجز تابع للجيش، شرق سرت، على يد متطرفين.
- الجنوب... حرب الرابح فيها خاسر
وفي ما يتعلق بتطورات الأوضاع في الجنوب، فما زالت الحرب مستعرة بين مسلحين من قبيلة «أولاد سلميان»، التي كانت تهيمن على إقليم فزان في الزمان الغابر، وقبيلة «التبو»، التي لديها امتداد داخل دول أفريقية مثل تشاد والنيجر.
ويقول عيسى عبد المجيد، رئيس الكونغرس التباوي، إن «ما يحدث هناك حرب الرابح فيها خاسر.. أتمنى المصالحة بين الطرفين (التبو) و(أولاد سليمان)، وأرجوهم أن يجلسوا معاً لحلحلة المشكلة. وعلى مجلس النواب، والحكومة المؤقتة (المنبثقة عنه)، التدخل لوقف الاقتتال والتعويض (جبر الضرر) للطرفين».
وأضاف: «لقد تم توقيع اتفاق في عهد حكومة علي زيدان (قبل 5 أعوام)، وفشل. أرى أن حل المشكلة لا بد أن يكون ليبياً - ليبياً، إما عن طريق مجلس النواب أو عن طريق الحكومة».
لكن ناكر يرى أن المشكلة أكبر، وأنها تتعلق أساساً بتعدد السلطات في البلاد، ويقول: «على أرض الواقع، يوجد قائد أعلى للجيش في الشرق، هو عقيلة صالح رئيس مجلس النواب، وقائد أعلى للجيش في الغرب هو السراج. ولذلك نحن في حاجة إلى توحيد الرأس أولاً.. كما أنه لا بد من وضع دستور. ومن دون هذه الأشياء الرئيسية، تكون كمن يبني على الرمال».
وهذا أمر يؤكد عليه أيضاً العقيد البرغثي، بقوله إن البلاد في حاجة إلى إنهاء الانقسام السياسي، موضحاً: «وجود سلطة موحدة، عبر إجراء الانتخابات، سيجنبنا كل هذه الفوضى».



الإعتبارات العسكرية والأمنية تتصدر المشهد في تونس

الرئيس التونسي قيس سعيّد (رويترز)
الرئيس التونسي قيس سعيّد (رويترز)
TT

الإعتبارات العسكرية والأمنية تتصدر المشهد في تونس

الرئيس التونسي قيس سعيّد (رويترز)
الرئيس التونسي قيس سعيّد (رويترز)

ضاعف الرئيس التونسي قيس سعيّد فور أداء اليمين بمناسبة انتخابه لعهدة ثانية، الاهتمام بالملفات الأمنية والعسكرية الداخلية والخارجية والتحذير من «المخاطر والمؤامرات» و«المتآمرين» على أمن الدولة. كما كثف سعيّد لقاءاته بمسؤولي وزارتي الدفاع والداخلية وأعضاء مجلس الأمن القومي الذي يضم كذلك أكبر قيادات القوات المسلحة العسكرية والمدنية إلى جانب رئيسَي الحكومة والبرلمان ووزراء السيادة وكبار مستشاري القصر الرئاسي. وزاد الاهتمام بزيادة تفعيل دور القوات المسلحة و«تصدرها المشهد السياسي» بمناسبة مناقشة مشروع ميزانية الدولة للعام الجديد أمام البرلمان بعد تصريحات غير مسبوقة لوزير الدفاع الوطني السفير السابق خالد السهيلي عن «مخاطر» تهدد أمن البلاد الداخلي والخارجي.

تصريحات وزير الدفاع التونسي خالد السهيلي تزامنت مع تصريحات أخرى صدرت عن وزير الداخلية خالد النوري وعن وزير الدولة للأمن القاضي سفيان بالصادق وعن الرئيس قيس سعيّد شخصياً. وهي كلها حذّرت من مخاطر الإرهاب والتهريب والمتفجرات والهجرة غير النظامية، ونبّهت إلى وجود «محاولات للنيل من سيادة تونس على كامل ترابها الوطني ومياهها الإقليمية» وعن «خلافات» لم تُحسم بعد و«غموض» نسبي في العلاقات مع بعض دول المنطقة.

وهنا نشير إلى أن اللافت في هذه التصريحات والمواقف كونها تأتي مع بدء الولاية الرئاسية الثانية للرئيس قيس سعيّد، ومع مصادقة البرلمان على مشروع الحكومة لموازنة عام 2025... وسط تحذيرات من خطر أن تشهد تونس خلال العام أزمات أمنية وسياسية واقتصادية اجتماعية خطيرة.

أكثر من هذا، يتساءل البعض عن مبرّر إثارة القضايا الخلافية مع ليبيا، والمخاطر الأمنية من قِبل كبار المسؤولين عن القوات المسلحة، في مرحلة تعذّر فيها مجدداً عقد «القمة المغاربية المصغرة التونسية - الليبية - الجزائرية»... التي سبق أن تأجلت مرات عدة منذ شهر يوليو (تموز) الماضي.

كلام السهيلي... وزيارة سعيّد للجزائركلام السهيلي، وزير الدفاع، جاء أمام البرلمان بعد نحو أسبوع من زيارة الرئيس قيس سعيّد إلى الجزائر، وحضوره هناك الاستعراض العسكري الضخم الذي نُظّم بمناسبة الذكرى السبعين لانفجار الثورة الجزائرية المسلحة. وما قاله الوزير التونسي أن «الوضع الأمني في البلاد يستدعي البقاء على درجة من اليقظة والحذر»، وقوله أيضاً إن «المجهودات العسكرية الأمنية متضافرة للتصدّي للتهديدات الإرهابية وتعقّب العناصر المشبوهة في المناطق المعزولة». إلى جانب إشارته إلى أن تونس «لن تتنازل عن أي شبر من أرضها» مذكراً - في هذا الإطار - بملف الخلافات الحدودية مع ليبيا.

من جهة ثانية، مع أن الوزير السهيلي ذكر أن الوضع الأمني بالبلاد خلال هذا العام يتسم بـ«الهدوء الحذر»، فإنه أفاد في المقابل بأنه جرى تنفيذ 990 عملية في «المناطق المشبوهة» - على حد تعبيره - شارك فيها أكثر من 19 ألفاً و500 عسكري. وأنجز هؤلاء خلال العمليات تفكيك 62 لغماً يدوي الصنع، وأوقفوا آلاف المهرّبين والمهاجرين غير النظاميين قرب الحدود مع ليبيا والجزائر، وحجزوا أكبر من 365 ألف قرص من المخدرات.

بالتوازي، كشف وزير الدفاع لأول مرة عن تسخير الدولة ألفي عسكري لتأمين مواقع إنتاج المحروقات بعد سنوات من الاضطرابات وتعطيل الإنتاج والتصدير في المحافظات الصحراوية المتاخمة لليبيا والجزائر.

مهاجرون عبر الصحراء الكبرى باتجاه اوروبا عبر ليبيا وتونس (رويترز)

تفعيل دور «القوات المسلحة»

تصريحات الوزير السهيلي لقيت أصداء كبيرة، محلياً وخارجياً، في حين اعترض على جانب منها سياسيون وإعلاميون ليبيون بارزون.

بيد أن الأمر الأهم، وفق البشير الجويني، الخبير التونسي في العلاقات بين الدول المغاربية والدبلوماسي السابق لدى ليبيا، أنها تزامنت مع «تأجيل» انعقاد القمة المغاربية التونسية - الليبية - الجزائرية التي سبق الإعلان أنه تقرر تنظيمها في النصف الأول من الشهر الأول في ليبيا، وذلك في أعقاب تأخير موعدها غير مرة بسبب انشغال كل من الجزائر وتونس بالانتخابات الرئاسية، واستفحال الأزمات السياسية الأمنية والاقتصادية البنكية في ليبيا من جديد.

والحال، أن الجويني يربط بين هذه العوامل والخطوات الجديدة التي قام بها الرئيس سعيّد وفريقه في اتجاه «مزيد من تفعيل دور القوات المسلحة العسكرية والمدنية» وسلسلة اجتماعاته مع وزيري الداخلية والدفاع ومع وزير الدولة للأمن الوطني، فضلاً عن زياراته المتعاقبة لمقر وزارة الداخلية والإشراف على جلسات عمل مع كبار كوادرها ومع أعضاء «مجلس الأمن القومي» في قصر الرئاسة بقرطاج. وهنا تجدر الإشارة إلى أنه إذ يسند الدستور إلى رئيس الدولة صفة «القائد العام للقوات المسلحة»، فإن الرئيس سعيّد حمّل مراراً المؤسستين العسكرية والأمنية مسؤولية «التصدي للخطر الداهم» ولمحاولات «التآمر على أمن الدولة الداخلي والخارجي».

واعتبر سعيّد خلال زيارات عمل قام بها إلى مؤسسات عمومية موسومة بأنه «انتشر فيها الفساد» - بينها مؤسسات زراعية وخدماتية عملاقة - أن البلاد تواجه «متآمرين من الداخل والخارج» وأنها في مرحلة «كفاح جديد من أجل التحرر الوطني»، ومن ثم، أعلن إسناده إلى القوات المسلّحة مسؤولية تتبع المشتبه فيهم في قضايا «التآمر والفساد» والتحقيق معهم وإحالتهم على القضاء.

المسار نفسه اعتمده، في الواقع، عدد من الوزراء والمسؤولين الحكوميين التونسيين بينهم وزير الصحة والوزير المستشار السابق في قصر قرطاج الجنرال مصطفى الفرجاني، الذي أعلن بدوره عن إحالة مسؤولين متهمين بـ«شبهة الفساد» في قطاع الصحة على النيابة العمومية والوحدات الأمنية المركزية المكلّفة «الملفات السياسية والاقتصادية الخطيرة»، وبين هذه الملفات الإرهاب وسوء التصرّف المالي والإداري في أموال الدولة ومؤسساتها.

متغيرات في العلاقات مع ليبيا والجزائر وملفَي الإرهاب والهجرة

القمة المغاربية الأخيرة التي استضافتها الجزائر (لانا)

حملات غير مسبوقة

وفعلاً، كانت من أبرز نتائج «التفعيل الجديد» للدور الوطني للمؤسستين العسكرية والأمنية، وتصدّرهما المشهد السياسي الوطني التونسي، أن نظّمت النيابة العمومية وقوات الأمن والجيش حملات غير مسبوقة شملت «كبار الحيتان» في مجالات تهريب المخدرات والممنوعات، وتهريب عشرات آلاف المهاجرين من بلدان أفريقيا جنوب الصحراء سنوياً نحو تونس، عبر الحدود الليبية والجزائرية تمهيداً لترحيلهم بحراً نحو أوروبا عبر إيطاليا.

وحسب المعلومات التي ساقها كل من وزيري الدفاع والداخلية، وأيضاً رئاسة الحرس الوطني، تمكنت القوات العسكرية والأمنية لأول مرة من أن تحجز مئات الكيلوغرامات من الكوكايين إلى جانب «كميات هائلة من الحشيش» والأقراص المخدرة.

وفي الحصيلة، أدّت تلك العمليات إلى إيقاف عدد من كبار المهرّبين ومن رؤوس تجار المخدرات «بقرار رئاسي»، بعدما أثبتت دراسات وتقارير عدة أن مئات الآلاف من أطفال المدارس، وشباب الجامعات، وأبناء الأحياء الشعبية، تورّطوا في «الإدمان» والجريمة المنظمة. وجاء هذا الإنجاز بعد عقود من «تتبّع صغار المهرّبين والمستهلكين للمخدرات وغضّ الطرف عن كبار المافيات»، على حد تعبير الخبير الأمني والإعلامي علي الزرمديني في تصريح لـ«الشرق الأوسط».

تحرّكات أمنية عسكرية دوليةعلى صعيد آخر، جاء تصدّر القوات المسلحة العسكرية والأمنية التونسية المشهدين السياسي متلازماً زمنياً مع ترفيع التنسيقين الأمني والعسكري مع عواصم وتكتلات عسكرية دولية، بينها حلف شمال الأطلسي (ناتو) وقيادة القوات الأميركية في أفريقيا (أفريكوم). وما يُذكر هنا أنه في ظل عودة التوترات السياسية في ليبيا، وتفاقم الخلافات داخلها بين حلفاء روسيا وتركيا والعواصم الغربية، تزايدت الاهتمامات الأميركية والأوروبية والأطلسية بـ«ترفيع الشراكة الأمنية والعسكرية مع تونس».

أيضاً، ورغم الحملات الإعلامية الواسعة في تونس ضد الإدارة الأميركية وحلفائها منذ عملية «طوفان الأقصى»؛ بسبب انحيازها لإسرائيل ودعمها حكومة بنيامين نتنياهو، كثّفت واشنطن - عبر بعثاتها في المنطقة - دعمها التدريبات العسكرية والأمنية المشتركة مع قوات الجيش والأمن التونسية.

بل، لقد أعلن جوي هود، السفير الأميركي لدى تونس، عن برامج واسعة لترفيع دور «الشراكة» العسكرية والأمنية الأميركية - التونسية، وبخاصة في المحافظات التونسية الحدودية مع كل من ليبيا والجزائر، وأيضاً في ميناء بنزرت العسكري (شمال تونس) ومنطقة النفيضة (100 كلم جنوب شرقي العاصمة تونس).

وإضافة إلى ما سبق، أعلنت مصادر رسمية تونسية وأميركية عن مشاركة قوات تونسية ومغاربية أخيراً في مناورات عسكرية بحرية أميركية دولية نُظمت في سواحل تونس. وجاءت هذه المناورات بعد مشاركة الجيش التونسي، للعام الثالث على التوالي، في مناورات «الأسد الأفريقي» الدولية المتعددة الأطراف... التي نُظم جانب منها في تونس برعاية القوات الأميركية.

وحول هذا الأمر، أكد وزير الداخلية التونسي خالد النوري، قبل أيام في البرلمان، أن من بين أولويات وزارته عام 2025 «بناء أكاديمية الشرطة للعلوم الأمنية» في منطقة النفيضة من محافظة سوسة، وأخرى لحرس السواحل، وهذا فضلاً عن توسيع الكثير من الثكنات ومراكز الأمن والحرس الوطنيين وتهيئة مقر المدرسة الوطنية للحماية المدنية.

أبعاد التنسيقين الأمني والعسكري مع واشنطنوحقاً، أكد تصريح الوزير النوري ما سبق أن أعلن عنه السفير الأميركي هود عن «وجود فرصة لتصبح تونس ومؤسّساتها الأمنية والعسكرية نقطة تصدير للأمن وللتجارب الأمنية في أفريقيا وفي كامل المنطقة».

وفي هذا الكلام إشارة واضحة إلى أن بعض مؤسسات التدريب التي يدعمها «البنتاغون» (وزارة الدفاع الأميركية)، وحلفاء واشنطن في «ناتو»، معنية في وقت واحد بأن تكون تونس طرفاً في «شراكة أمنية عسكرية أكثر تطوراً» مع ليبيا وبلدان الساحل والصحراء الأفريقية والبلدان العربية.

وزير الداخلية خالد النوري نوّه أيضاً بكون جهود تطوير القدرات الأمنية لتونس «تتزامن مع بدء العهدتين الثانيتين للرئيس قيس سعيّد وأخيه الرئيس الجزائري عبد المجيد تبّون».

وفي السياق ذاته، نوّه عزوز باعلال، سفير الجزائر لدى تونس، بالشراكة الاقتصادية والأمنية والسياسية بين تونس والجزائر، وبنتائج زيارة الرئيس سعيّد الأخيرة للجزائر، وكذلك بجلسات العمل واللقاءات السبعة التي عقدها وزيرا خارجيتي البلدين محمد علي النفطي وأحمد عطّاف خلال الأسابيع القليلة الماضية في الجزائر وفي عواصم أخرى عدة.

حقائق

قضايا الحدود التونسية... شرقاً وغرباً

اقترن بدء الولاية الرئاسية الثانية التونسي للرئيس قيس سعيّد بتحرّكات قام بها مسؤولون كبار في الدولة إلى مؤسسات الأمن والجيش في المحافظات الحدودية، وبالأخص من جهة ليبيا، ضمن جهود مكافحة الإرهاب والتهريب والمخدرات.ومعلوم أنه زاد الاهتمام بالأبعاد الأمنية في علاقات تونس بجارتيها ليبيا والجزائر بعد إثارة وزير الدفاع خالد السهيلي أمام البرلمان ملف «رسم الحدود» الشرقية لتونس من قِبل «لجنة مشتركة» تونسية - ليبية. وكما سبق، كان الوزير السهيلي قد تطرّق إلى استغلال الأراضي الواقعة بين الحاجز الحدودي بين ليبيا وتونس، قائلاً إن «تونس لم ولن تسمح بالتفريط في أي شبر من الوطن». وفي حين رحّبت أطراف ليبية ومغاربية بهذا الإعلان، انتقده عدد من المسؤولين والخبراء الليبيين بقوة واعتبروا أن «ملف الخلافات الحدودية أغلق منذ مدة طويلة».ولكن، حسب تأكيدات مصادر مطلعة لـ«الشرق الأوسط»، فإن السلطات الليبية أعلنت عن تغيير موقع العلامة الحدودية الفاصلة بين ليبيا وتونس «جزئياً» في منطقة سانية الأحيمر، التي تتبع ليبيا. إذ أورد بيان مديرية أمن السهل الغربي في يوليو (تموز) 2022، أنها رصدت ضم سانية الأحيمر إلى الأراضي التونسية، من خلال وضع العلامة الدالة على الحدود بذلك المكان (شرق السانية) بمسافة تقدر بنحو 150 متراً شرقاً ونحو 6 كيلو جنوباً.‏ما يستحق الإشارة هنا أن اللجنة الخاصة بترسيم الحدود الليبية مع تونس، والمكلفة من قِبل وزارة الدفاع في حكومة طرابلس، كشفت عن وجود عملية «تحوير» للعلامة. لكن مصادر دبلوماسية من الجانبين أكدت أن هذه القضية، وغيرها من «الخلافات والمستجدات»، جارٍ بحثها على مستوى اللجنة المشتركة ومن قِبل المسؤولين السياسيين والديبلوماسيين «بهدوء».في أي حال، أعادت إثارة هذه القضية إلى الواجهة تصريحاً سابقاً قال فيه الرئيس سعيّد بشأن الحدود مع ليبيا: «إن تونس لم تحصل إلا على الفتات» بعد خلافها الحدودي البحري مع ليبيا في فترة سبعينات القرن الماضي.والحقيقة، أنه سبق أن شهدت علاقات تونس وليبيا في أوقات سابقة توترات محورها الحدود والمناطق الترابية المشتركة بينهما؛ وذلك بسبب خلافات حدودية برّية وبحرية تعود إلى مرحلة الاحتلالين الفرنسي لتونس والإيطالي لليبيا، ثم إلى «التغييرات» التي أدخلتها السلطات الفرنسية على حدود مستعمراتها في شمال أفريقيا خلال خمسينات القرن الماضي عشية توقيع اتفاقيات الاستقلال. وهكذا، بقيت بعض المناطق الصحراوية الحدودية بين تونس وكل من ليبيا والجزائر «مثار جدل» بسبب قلة وضوح الترسيم وتزايد الأهمية الاستراتيجية للمناطق الحدودية بعد اكتشاف حقول النفط والغاز.وعلى الرغم من توقيع سلطات تونس وليبيا والجزائر اتفاقيات عدة لضبط الحدود والتعاون الأمني، تضاعف الاضطرابات الأمنية والسياسية في المنطقة منذ عام 2011 بسبب اندلاع حروب جديدة «بالوكالة» داخل ليبيا ودول الساحل والصحراء، بعضها بين جيوش و«ميليشيات» تابعة لواشنطن وموسكو وباريس وأنقرة على مواقع جيو - استراتيجية شرقاً غرباً.مع هذا، وفي كل الأحوال، تشهد علاقات تونس وكل من ليبيا والجزائر مستجدات سريعة على المجالين الأمني والعسكري. وربما تتعقد الأوضاع أكثر في المناطق الحدودية بعدما أصبحت التوترات والخلافات تشمل ملفات أمنية دولية تتداخل فيها مصالح أطراف محلية وعالمية ذات «أجندات» مختلفة وحساباتها للسنوات الخمس المقبلة من الولاية الثانية للرئيسين سعيّد وعبد المجيد تبّون.