الرصد الفلكي... هواية الشباب الحالم في مصر

اقتران كوكبي زحل والمريخ («الشرق الأوسط»)
اقتران كوكبي زحل والمريخ («الشرق الأوسط»)
TT

الرصد الفلكي... هواية الشباب الحالم في مصر

اقتران كوكبي زحل والمريخ («الشرق الأوسط»)
اقتران كوكبي زحل والمريخ («الشرق الأوسط»)

هرباً من الظروف المعيشية القاسية والضغوط الاجتماعية التي تطحنهم، يجد كثير من الشباب المصري متنفساً لروحه الحالمة في هواية الرصد الفلكي.
والرصد الفلكي يتمثل في تعقب الأجرام السماوية، مثل الكواكب ومجموعات النجوم والمجرات، وهي هواية يمكن ممارستها بالعين المجردة، ومن شرفة المنزل أو سطحه.
كما تنتشر على موقع «فيسبوك» صفحات متخصصة في علم الفلك، تُخصص نشرة يومية للسماء ليلاً، وتقود المتابعين لتتبعها، ومعرفة الاتجاهات والفصول باستخدام النجوم، وتشجعهم على التأمل، والابتعاد عن ضغوط الحياة اليومية، والاستمتاع بالطبيعة.
يقول مصطفى عمَّار، محاسب لـ«الشرق الأوسط»: «جذبتني السماء منذ الطفولة، وتعلمت في (الكشَّافة) تحديد الاتجاهات بالنجوم، ثم قدمت لي صفحات الفلك فرصة أكبر للتعلم. السماء لوحة جميلة يمنحني تأملها الهدوء والطمأنينة، وتمدني بثقة كبيرة في النفس وكأنني لن أتوه أبداً».
كما تنظم صفحات أخرى رحلات فلكية في صحاري مصر، لتضمن رصداً أوضح للنجوم بعيداً عن ما يمكن تسميته بالتلوث الضوئي، وتستهدف المحميات الطبيعية، مثل وادي الحيتان، والصحراء البيضاء، وسرابيط الخادم، ويوفر منظمو الرحلات تليسكوبات لرصد الكواكب والقمر والمجرات القريبة.
يقول شادي محمد، مهندس: «في المرة الأولى التي سافرت فيها لرحلة فلكية لم أصدق جمال السماء وثراءها بعيداً عن العمران، سحرتني أساطير النجوم وبديع خلق الله». مضيفاً: «هواية الرصد الفلكي أكثر هواية متعبة، لكنها تمنحني سلاماً روحيّاً هائلاً، وزهداً كاملاً في الدنيا بصراعاتها».
تدريجياً، بدأت هواية الرصد الفلكي تتطور إلى التصوير الفلكي، وتستعمل فيه الكاميرات الاحترافية بمعايير فنية معينة، لتتمكن من تسجيل ضوء النجوم الخافت وذراع مجرتنا، ثم الأجسام الفضائية الأبعد مثل السدم، وتكون النتيجة صور لا تصدق للسماء.

* تصوير السماء... لحظات نادرة للجمال
التصوير الفلكي جزء من رصد النجوم، وينقسم إلى نوعين، أولهما تصوير ذراع المجرة والنجوم باستخدام الكاميرات الاحترافية، ثم «التصوير الفلكي العميق» الذي يرصد السُدم البعيدة والنجوم على حدة، وتستعمل فيه التليسكوبات بجانب الكاميرا.
ويهتم عشاق السماء برصد وتصوير بعض الأحداث الفلكية، مثل زخات الشهب، وهي أمطار من مئات الشهب تسقط في وقت واحد، ويمكن رصدها حتى من داخل المدينة إذا نظرت في الاتجاه الصحيح.
كذلك ظاهرة الاقتران هي ظاهرة فلكية ذات شعبية كبيرة، وتحدث عندما يلتقي جرمان سماويان على مسافة قريبة في السماء، ويمكن رؤيتها بالعين المجردة من أي مكان.
أمَّا ظاهرة «السوبر مون» أو القمر العملاق، فتعتبر أشهر الظواهر الفلكية التي تابعها الجمهور في السنتين الأخيرتين، وتحدث عندما يكون القمر في أقرب نقطة للأرض، فيظهر أكبر وأكثر سطوعاً.
ولا يتوقف اهتمام جمهور الرصد الفلكي عند الأجرام الطبيعية فحسب، بل ينتظرون أخرى اصطناعية ليستمتعوا برصدها.

* محطة الفضاء الدولية... بهجة إنسانية تقطع السماء
تحظى محطة الفضاء الدولية بشعبية عالمية، وينتظر الملايين مرورها لرصدها وتصويرها.
وتعلن الصفحات الفلكية موعد مرور محطة الفضاء، وهي أغلى بناء شيده الإنسان في التاريخ، ويمكن معرفة مواعيد مرورها فوق منطقتك عبر تطبيقات الهواتف الذكية أو موقع وكالة الفضاء الأميركية (ناسا).
وتظهر محطة الفضاء الدولية في السماء نجمةً لامعة تتحرك بسرعة، وعند تصويرها تظهر خطاً طويلاً أبيض يعبر السماء في ظلمة الليل.
مع انتشار الثقافة الفلكية بين الشباب المصري، يهتم مؤسسو الصفحات العلمية بتوضيح الفرق بين علم الفلك والتنجيم، فالأول يرصد حركة السماء المتغيرة يوماً بعد يوم، والمجموعات النجمية المختلفة من فصلٍ إلى آخر، ويدرس كيف بدأت الحياة في الكون. أمَّا التنجيم فهو قراءة الطالع اعتماداً على «الأبراج» والذي يحظى بشعبية كبيرة حول العالم.
إذا كنت تبحث عن هواية جديدة غير مكلفة، أخرج إلى شرفتك واستمتع بالسماء، واترك أحزانك تحلق نحو الفضاء.
* من مبادرة «المراسل العربي»، لإرسال القصص الصحافية راسلونا على [email protected]



حضور تشكيلي سعودي بارز في مهرجان «ضي للشباب العربي» بمصر

عمل للفنان مصطفى سنوسي (الشرق الأوسط)
عمل للفنان مصطفى سنوسي (الشرق الأوسط)
TT

حضور تشكيلي سعودي بارز في مهرجان «ضي للشباب العربي» بمصر

عمل للفنان مصطفى سنوسي (الشرق الأوسط)
عمل للفنان مصطفى سنوسي (الشرق الأوسط)

يُشكّل «مهرجان ضي للشباب العربي» الذي يُطلقه «أتيليه العرب للثقافة والفنون» في مصر كل عامين، تظاهرة ثقافية تحتفي بالمواهب العربية الشابة في الفنون التشكيلية، وتعكس عمق التعبير وتنوعه بين الفنانين المشاركين عن القضايا الجماعية والتجارب الذاتية.

وتشهد نسخته الخامسة التي انطلقت تحت شعار «بلا قيود»، وتستمر لشهر كامل في قاعات غاليري «ضي» بالقاهرة، مشاركة 320 فناناً من الشباب، يمثلون 11 دولة عربية هي مصر، والسعودية، والسودان، وسوريا، وفلسطين، والعراق، والأردن، واليمن، ولبنان، والعراق، وتونس.

تُقدم سلمى طلعت محروس لوحة بعنوان «روح» (الشرق الأوسط)

وبين أرجاء الغاليري وجدرانه تبرز مختلف أنواع الفنون البصرية، من الرسم والتصوير والحفر والطباعة والخزف والنحت. ومن خلال 500 عملٍ فني تتنوع موضوعاتها وتقنياتها وأساليبها واتجاهاتها.

ويحفل المهرجان في دورته الحالية بأعمال متنوعة ومميزة للشباب السعودي، تعكس إبداعهم في جميع ألوان الفن التشكيلي؛ ومنها عمل نحتي للفنان السعودي أنس حسن علوي عنوانه «السقوط».

«السقوط» عمل نحتي للتشكيلي السعودي أنس علوي (الشرق الأوسط)

يقول علوي لـ«الشرق الأوسط»: «استلهمت العمل من فكرة أن كلمَتي (حرام) و(حلال)، تبدآن بحرف الحاء، وهما كلمتان متضادتان، وبينهما مساحات شاسعة من الاختلاف».

ويتابع: «يُبرز العمل ما يقوم به الإنسان في وقتنا الراهن، فقد يُحرّم الحلال، ويُحلّل الحرام، من دون أن يكون مُدركاً أن ما يقوم به هو أمر خطير، وضد الدين».

ويضيف الفنان الشاب: «لكنه بعد الانتهاء من فعله هذا، قد يقع في دائرة الشكّ تجاه تصرّفه. وفي هذه المرحلة أردت أن أُجسّد تلك اللحظة التي يدخل إليها الإنسان في مرحلة التفكير والتشكيك في نفسه وفي أعماله، فيكون في مرحلة السقوط، أو مراجعة حكمه على الأمور».

وتأتي مشاركة الفنانة السعودية سمية سمير عشماوي في المهرجان من خلال لوحة تعبيرية من الأكريلك بعنوان «اجتماع العائلة»، لتعكس عبرها دفء المشاعر والروابط الأسرية في المجتمع السعودي.

عمل للتشكيلية السعودية سمية عشماوي (الشرق الأوسط)

وتقول سمية لـ«الشرق الأوسط»: «تُعدّ اللوحة تجسيداً لتجربة شخصية عزيزة على قلبي، وهي لقاء أسبوعي يجمع كل أفراد أسرتي، يلفّه الحب والمودة، ونحرص جميعاً على حضوره مهما كانت ظروف الدراسة والعمل، لنتبادل الأحاديث، ونتشاور في أمورنا، ونطمئن على بعضنا رغم انشغالنا».

ويُمثّل العمل النحتي «حزن» أول مشاركة للتشكيلية السعودية رويدا علي عبيد في معرض فني، والتمثال مصنوع من خامة البوليستر، ويستند على رخام. وعن العمل تقول لـ«الشرق الأوسط»: «يُعبّر التمثال عن لحظة حزن دفينة داخل الإنسان».

عمل نحتي للفنانة السعودية رويدا علي عبيد في الملتقى (الشرق الأوسط)

وتتابع رويدا: «لا أحد يفهم معنى أن تقابل الصدمات بصمت تام، وأن تستدرجك المواقف إلى البكاء، فتُخفي دموعك، وتبقى في حالة ثبات، هكذا يُعبّر عملي عن هذه الأحاسيس، وتلك اللحظات التي يعيشها المرء وحده، حتى يُشفى من ألمه وأوجاعه النفسية».

من جهته قال الناقد هشام قنديل، رئيس مجلس إدارة «أتيليه العرب للثقافة والفنون»، لـ«الشرق الأوسط»، إن «مهرجان الشباب العربي يمثّل خطوة مهمة في تشجيع الفنانين الشباب ودفعهم إلى الابتكار، وتقديم أفكارهم بلا قيود؛ وانطلاقاً من هذا الفكر قرّرت اللجنة المنظمة أن يكون موضوع المهرجان 2025 مفتوحاً من دون تحديد ثيمة معينة».

وأضاف قنديل: «اختارت لجنتا الفرز والتحكيم أكثر من ثلاثمائة عملٍ فني من بين ألفي عمل تقدّمت للمشاركة؛ لذا جاءت الأعمال حافلة بالتنوع والتميز، ووقع الاختيار على الإبداع الفني الأصيل والموهبة العالية».

ولفت قنديل إلى أن الجوائز ستُوزّع على فروع الفن التشكيلي من تصوير، ونحت، وغرافيك، وخزف، وتصوير فوتوغرافي وغيرها، وستُعلن خلال حفل خاص في موعد لاحق يحدده الأتيليه. مشيراً إلى أن هذه النسخة تتميّز بزخم كبير في المشاركة، وتطوّر مهم في المستوى الفني للشباب. ومن اللافت أيضاً في هذه النسخة، تناول الفنانين للقضية الفلسطينية ومعاناة سكان غزة من خلال أعمالهم، من دون اتفاق مسبق.

عمل للفنان مصطفى سنوسي (الشرق الأوسط)

وبرؤية رومانسية قدّمت الفنانة المصرية الشابة نورهان إبراهيم علاجاً لصراعات العالم وأزماته الطاحنة، وهي التمسك بالحب وتوفير الطفولة السعيدة للأبناء، وذلك من خلال لوحتها الزيتية المشاركة بها في المهرجان، التي تغلب عليها أجواء السحر والدهشة وعالم الطفولة.

وتقول نورهان، لـ«الشرق الأوسط»، إن «براءة الأطفال هي بذرة الإبداع التي ستعالج العالم كله»، وتتابع: «أحب الأطفال، وأتعلم كثيراً منهم. وأدركت أن معظم المشكلات التي تواجه العالم اليوم من الجرائم الصغيرة إلى الحروب الكبيرة والإرهاب والسجون الممتلئة لدينا، إنما هي نتيجة أن صانعي هذه الأحداث كانوا ذات يومٍ أطفالاً سُرقت منهم طفولتهم».

«بين أنياب الأحزان» هو عنوان لوحة التشكيلي الشاب أدهم محمد السيد، الذي يبرز تأثر الإنسان بالأجواء المحيطة به، ويقول لـ«الشرق الأوسط»: «حين يشعر المرء بالحزن، يبدأ في الاندماج مع الطبيعة الصامتة، ويتحوّلان إلى كيان واحد حزين. وحين يسيطر الاكتئاب على الإنسان ينجح في إخفائه تدريجياً».

لوحة للتشكيلية المصرية مروة جمال (الشرق الأوسط)

وتقدم مروة جمال 4 لوحات من الوسائط المتعددة، من أبرزها لوحة لبناية قديمة في حي شعبي بالقاهرة، كما تشارك مارلين ميشيل فخري المُعيدة في المعهد العالي للفنون التطبيقية بعملٍ خزفي، وتشارك عنان حسني كمال بعمل نحت خزفي ملون، في حين تقدّم سلمى طلعت محروس لوحة عنوانها «روح» تناقش فلسفة الحياة والرحيل وفق رؤيتها.