البرلمان المصري يتهم «العفو الدولية» بالانحياز ويكذب تقريراً عن السجون

بسبب مزاعمها تعرض موقوفين لانتهاكات في «الحبس الانفرادي»

TT

البرلمان المصري يتهم «العفو الدولية» بالانحياز ويكذب تقريراً عن السجون

بعد أيام من تقرير مثير للجدل أصدرته منظمة «العفو الدولية»، زعم تعرض السجناء بمصر لانتهاكات داخل «الحبس الانفرادي» بالسجون، اتهم مجلس النواب (البرلمان) المصري المنظمة بالانحياز. وقال النائب صلاح حسب الله، المتحدث الرسمي باسم مجلس النواب أمس، إن «جميع تقارير المنظمة بشأن الأوضاع السياسية داخل مصر خاصة فيما يتعلق بالأوضاع داخل السجون افتراءات لا أساس لها من الصحة، وتقاريرها عن أوضاع حقوق الإنسان بمصر تفتقد إلى المصداقية وتنحاز بشكل كبير لروايات أعضاء الجماعات الإرهابية وذويهم».
في حين قالت النائبة مارجريت عازر، وكيل لجنة حقوق الإنسان بالبرلمان لـ«الشرق الأوسط»، إن «لجنة حقوق الإنسان بمجلس النواب تزور أماكن الاحتجاز بانتظام، وتأكدت من عدم وجود التجاوزات التي ذكرتها المنظمة وغيرها، بحق المحتجزين».
وزعمت منظمة «العفو الدولية» في تقريرها الأخير، بعنوان «سحق الإنسانية»، أن السلطات تستخدم السجن الانفرادي لتعذيب السجناء. وحسب المنظمة، فإن «هناك سجناء بتهم - ادعت أنها ذات دوافع سياسية - يُحتجزون رهن (الحبس الانفرادي) المطول وإلى أجل غير مُسمى، وفي بعض الحالات استمر هذا الحبس عدة سنوات، وهو الأمر الذي يعد في حد ذاته نوعا من التعذيب».
وأضافت المنظمة أن «عشرات المحتجزين في (الحبس الانفرادي) من نشطاء حقوق الإنسان والصحافيين وأعضاء جماعات المعارضة، يتعرضون عمداً - على حد وصفها - لإيذاء بدني، بما في ذلك الضرب على أيدي حراس السجون، وإجبارهم على غمر رؤوسهم مراراً في أوعية ملوثة، وتؤدي المعاناة النفسية والبدنية التي تُفرض عليهم عمداً إلى إصابتهم بأعراض من قبيل نوبات الهلع، والارتياب، وفرط الحساسية للمؤثرات الخارجية، بالإضافة إلى صعوبات في التركيز».
وأكد المتحدث الرسمي باسم مجلس النواب في بيان له أمس، أن «تقرير المنظمة تضمن إساءة لاستخدام (الحبس الانفرادي) في السجون المصرية، وهو تقرير به معلومات مغلوطة، ويخلط بشكل كبير بين (الحبس الانفرادي) كعقوبة، وبين تخصيص زنزانة لكل سجين بما يتفق والقواعد النموذجية لمعاملة السجناء الصادرة من الأمم المتحدة... هذا فضلاً عن أن عقوبة (الحبس الانفرادي) في قانون تنظيم السجون المصري تخضع لإجراءات وضمانات متعددة تضمن عدم انتهاك حق السجين، وتخضع لإشراف مأمور السجن وبحد أقصى 30 يوماً فقط وبعد ثبوت ارتكابه مخالفة للوائح السجن، ويلتزم طبيب السجن بتفقده يوميا في زنزانته».
وأضاف متحدث البرلمان أن «أوضاع السجناء في مصر فيها التزام كامل بالدستور والقوانين وحقوق الإنسان، وتخضع لتفتيش مفاجئ من القضاء المصري، وأيضاً من مجلس النواب المصري من لجنة حقوق الإنسان، التي قامت بكثير من الزيارات للسجون المصرية»، وأكدت في بياناتها الصادرة عن هذه الزيارات أن هناك التزاماً كاملاً من أجهزة الأمن بالدستور، والقوانين بالحفاظ التام على حقوق المسجونين داخل السجون، بمن فيهم جميع المتهمين بالأعمال الإرهابية من جماعة «الإخوان». مؤكداً رفض البرلمان بشكل قاطع لتقرير المنظمة.
من جهته، قال النائب سلامة الجوهري، وكيل لجنة الدفاع بالبرلمان، إن «تقرير المنظمة مليء بالمعلومات المغلوطة كغيره من التقارير التي أصدرتها المنظمة بشأن الأوضاع داخل مصر». مضيفاً أن «أسباب صدور التقرير هو ضرب الاستقرار المصري بعد النجاحات التي حققتها القيادة السياسية سواء على مستوى التنمية الداخلية أو الانفتاح الخارجي، فضلاً عن تقدم مصر في ملف مكافحة الإرهاب».
لافتاً إلى أن هذا التقرير ليس الأول من نوعه، فقد سبق أن أصدرت المنظمة تقريراً غير حقيقي عن الاختفاء القسري داخل مصر، ليتبين بعد ذلك خطأ هذا التقرير، وأن الأسماء الواردة به كانت تحارب بالخارج ضمن صفوف تنظيم داعش الإرهابي في سوريا والعراق.
وأكد النائب علاء عابد، رئيس لجنة حقوق الإنسان بمجلس النواب، أن «تقرير المنظمة غير مهني بالمرة، وكلام مرسل، واعتمد على لغة مطاطة، وعبارات مرسلة». مطالباً المنظمة بالتزام منهجية البحث، واستقاء المعلومات من مصادر متنوعة ومحايدة، وعدم الاعتماد على أقوال المنحازين، مشدداً على أنه «يتعين على المنظمة تحرى المصداقية في تقاريرها، إذا كانت تريد بالفعل حماية حقوق الإنسان، على حد قوله».
في غضون ذلك، قالت مصادر أمنية إن «التقرير يعد حلقة ضمن سلسلة تقارير دولية تحرض ضد الدولة المصرية، وتستهدف تشويه سمعتها الخارجية». مؤكدة أن «وزارة الداخلية تعمل بجدية على تحسين أوضاع السجناء، في إطار احترام قيم وحقوق الإنسان... وأن الوزارة ارتقت بالفعل بأوضاع النزلاء في المجالات الاجتماعية والثقافية والنفسية والصحية».
ويشار إلى أن منظمة «هيومن رايتس ووتش» الأميركية، أصدرت في سبتمبر (أيلول) الماضي، تقريراً زعمت فيه تعرض سجناء لانتهاكات داخل السجون... واتهمت وزارة الخارجية المصرية، المنظمة حينها، بأنها «منحازة وتعبر عن مصالح جهات ودول تمولها».
وكانت لجنة حقوق الإنسان بالبرلمان، قد شكلت في سبتمبر الماضي، لجنة مصغرة من 7 نواب، لزيارة السجون وأقسام الشرطة بمختلف محافظات مصر، ونقل صورة صحيحة من داخل السجون، والرد على جميع الادعاءات والتقارير التي تصدر في هذا الشأن.
في هذا الصدد، قالت مارجريت عازر، إن «لجنة حقوق الإنسان تزور السجون بشكل مستمر، ولم ترصد هذه المزاعم التي ادعتها المنظمة»، لافتة إلى أن «تقرير المنظمة مُنحاز، وليس به أي أدلة واضحة أو تقارير طبية، تثبت ادعاءات تعرض المساجين للتعذيب؛ بل تم الاعتماد على روايات لأقارب المساجين أو محاميهم».



15 ألف طالب يمني في تعز تسربوا خلال فصل دراسي واحد

المعلمون في تعز يواصلون احتجاجاتهم المطالبة بزيادة الأجور (إعلام محلي)
المعلمون في تعز يواصلون احتجاجاتهم المطالبة بزيادة الأجور (إعلام محلي)
TT

15 ألف طالب يمني في تعز تسربوا خلال فصل دراسي واحد

المعلمون في تعز يواصلون احتجاجاتهم المطالبة بزيادة الأجور (إعلام محلي)
المعلمون في تعز يواصلون احتجاجاتهم المطالبة بزيادة الأجور (إعلام محلي)

في حين يواصل المعلمون في محافظة تعز اليمنية (جنوب غرب) الإضراب الشامل للمطالبة بزيادة رواتبهم، كشفت إحصائية حديثة أن أكثر من 15 ألف طالب تسربوا من مراحل التعليم المختلفة في هذه المحافظة خلال النصف الأول من العام الدراسي الحالي.

وعلى الرغم من قيام الحكومة بصرف الرواتب المتأخرة للمعلمين عن شهري نوفمبر (تشرين الثاني) وديسمبر (كانون الأول)، فإن العملية التعليمية لا تزال متوقفة في عاصمة المحافظة والمناطق الريفية الخاضعة لسيطرة الحكومة الشرعية بسبب الإضراب.

ويطالب المعلمون بإعادة النظر في رواتبهم، التي تساوي حالياً أقل من 50 دولاراً، حيث يُراعى في ذلك الزيادة الكبيرة في أسعار السلع، وتراجع قيمة العملة المحلية أمام الدولار. كما يطالبون بصرف بدل الغلاء الذي صُرف في بعض المحافظات.

الأحزاب السياسية في تعز أعلنت دعمها لمطالب المعلمين (إعلام محلي)

ووفق ما ذكرته مصادر عاملة في قطاع التعليم لـ«الشرق الأوسط»، فإن محافظتي عدن ومأرب أقرتا صرف حافز شهري لجميع المعلمين يقارب الراتب الشهري الذي يُصرف لهم، إلا أن هذه المبادرة لم تُعمم على محافظة تعز ولا بقية المحافظات التي لا تمتلك موارد محلية كافية، وهو أمر من شأنه - وفق مصادر نقابية - أن يعمق الأزمة بين الحكومة ونقابة التعليم في تلك المحافظات، وفي طليعتها محافظة تعز.

ظروف صعبة

وفق بيانات وزعتها مؤسسة «ألف» لدعم وحماية التعليم، فإنه وفي ظل الظروف الصعبة التي يمر بها قطاع التعليم في مدينة تعز وعموم مناطق سيطرة الحكومة الشرعية المعترف بها دولياً، ازدادت تداعيات انقطاع الرواتب والإضراب المفتوح الذي دعت إليه نقابة المعلمين، مع إحصاء تسرب أكثر من 15 ألفاً و300 حالة من المدارس خلال النصف الأول من العام الدراسي الحالي.

وقال نجيب الكمالي، رئيس المؤسسة، إن هذا الرقم سُجل قبل بدء الإضراب المفتوح في جميع المدارس، وتعذر استئناف الفصل الدراسي الثاني حتى اليوم، معلناً عن تنظيم فعالية خاصة لمناقشة هذه الأزمة بهدف إيجاد حلول عملية تسهم في استمرار العملية التعليمية، ودعم الكادر التربوي، حيث ستركز النقاشات في الفعالية على الأسباب الجذرية لانقطاع الرواتب، وتأثيرها على المعلمين والمؤسسات التعليمية، وتداعيات الإضراب على الطلاب، ومستقبل العملية التعليمية، ودور المجتمع المدني والمنظمات المحلية والدولية في دعم قطاع التعليم.

المعلمون في عدن يقودون وقفة احتجاجية للمطالبة بتحسين الأجور (إعلام محلي)

وإلى جانب ذلك، يتطلع القائمون على الفعالية إلى الخروج بحلول مستدامة لضمان استمرارية التعليم في ظل الأزمات، ومعالجة الأسباب التي تقف وراء تسرب الأطفال من المدارس.

ووجهت الدعوة إلى الأطراف المعنية كافة للمشاركة في هذه الفعالية، بما في ذلك نقابة المعلمين اليمنيين، والجهات الحكومية المعنية بقطاع التعليم، ومنظمات المجتمع المدني المحلية والدولية.

آثار مدمرة

كانت منظمة الأمم المتحدة للطفولة (اليونيسيف) قد ذكرت منتصف عام 2024، أن أكثر من 4.5 مليون طفل في اليمن خارج المدرسة بسبب تداعيات سنوات من الصراع المسلح. وأفادت بأن شركاء التعليم يعيدون تأهيل وبناء الفصول الدراسية، ويقدمون المساعدة التعليمية للملايين، ويعملون على إعادة الآخرين إلى المدارس، وعدّت أن الاستثمار في التعليم هو استثمار في مستقبل الأجيال.

وتقول المنظمة إنه منذ بداية الحرب عقب انقلاب الحوثيين على السلطة الشرعية، خلفت الهجمات التي تعرض لها أطفال المدارس والمعلمون والبنية التحتية التعليمية آثاراً مدمرة على النظام التعليمي في البلاد، وعلى فرص الملايين من الأطفال في الحصول على التعليم.

1.3 مليون طفل يمني يتلقون تعليمهم في فصول دراسية مكتظة (الأمم المتحدة)

وأكدت المنظمة الأممية أن للنزاع والتعطيل المستمر للعملية التعليمية في جميع أنحاء البلاد، وتجزئة نظام التعليم شبه المنهار أصلاً، تأثيراً بالغاً على التعلم والنمو الإدراكي والعاطفي العام والصحة العقلية للأطفال كافة في سن الدراسة البالغ عددهم 10.6 مليون طالب وطالبة في اليمن.

ووفق إحصاءات «اليونيسيف»، فإن 2,916 مدرسة (واحدة على الأقل من بين كل أربع مدارس) قد دمرت أو تضررت جزئياً أو تم استخدامها لأغراض غير تعليمية نتيجة سنوات من النزاع الذي شهده اليمن.

كما يواجه الهيكل التعليمي مزيداً من العوائق، تتمثل في عدم حصول أكثر من ثلثي المعلمين (ما يقرب من 172 ألف معلم ومعلمة) على رواتبهم بشكل غير منتظم منذ عام 2016، أو انقطاعهم عن التدريس بحثاً عن أنشطة أخرى مدرة للدخل.