محمد عبده يطرب بألحان الموسيقار السعودي طلال... وأنغام تغني لـ«نجاة الصغيرة»
في دار الأوبرا المصرية ومن كلمات لكبار الشعراء العرب
محمد عبده على مسرح دار الأوبرا
جدة:«الشرق الأوسط»
TT
جدة:«الشرق الأوسط»
TT
محمد عبده يطرب بألحان الموسيقار السعودي طلال... وأنغام تغني لـ«نجاة الصغيرة»
محمد عبده على مسرح دار الأوبرا
أحيا فنان العرب محمد عبده والفنانة أنغام حفلاً غنائياً مبهراً بكل المقاييس، على مسرح دار الأوبرا في مصر، فقد غنّى محمد عبده أغاني ألبومه الجديد الذي لحنه الموسيقار السعودي طلال، ومن كلمات عدد من كبار الشعراء العرب، وهم الأمير بدر بن عبد المحسن، الشيخ عيسى بن راشد آل خليفة، ثريا قابل، فهد عافت، طارش قطن، فائق عبد الجليل، أحمد المري، إضافة إلى قصيدة جميلة من قصائد الشاعر الراحل نزار قبّاني.
كما قدّمت الفنانة أنغام مجموعة أغنيات من ألحان الموسيقار طلال، ومن كلمات علي الغامدي، مبارك الحديبي، عمر النعيمي، وأغنية من كلمات الشاعر المصري الراحل مأمون الشنّاوي. كما شدت أنغام بأغنية «كل الكلام» التي لحنها الموسيقار طلال للفنانة نجاة الصغيرة، من كلمات الشاعر الراحل عبد الرحمن الأبنودي.
السهرة الفنية كانت مختلفة عن كل الحفلات السابقة، وكان أبرز ما فيها، هي الفرقة الموسيقية التي قدّمت مع صوتي محمد عبده وأنغام وألحان طلال، موسيقى عزفتها ببراعة مبهرة فرقة مكونة من نحو 165 عازفاً بقيادة المايسترو هاني فرحات، وأخرج هذه السهرة الفنية المخرج وليد ناصيف.
لم تكن الفرقة والموسيقية مجرّد عازفين محترفين، بل كانت حالة أذهلت كل الذين سمعوا وانتشوا بهذه الألحان الجميلة، والمتنوّعة التي صاغها طلال بذكاء وموهبة مختلفة الألوان. فقد غنّى محمد عبده أغاني ألبومه «عمري نهر»، واكتشف الذين لم يسمعوا كل الأغاني من قبل، أن الألحان تنوّعت بين الخليجي السعودي، والطربي الشرقي. ومع فرقة بهذا الحجم، استمع الحاضرون إلى موسيقى وصلت إليهم كما لو كانت مسجّلة في الاستوديو؛ لأن الإتقان كان حاداً جداً.
وبين أغاني محمد عبده وأغاني أنغام، أصابت الحاضرين حالة من النشوة الموسيقية الطربية، أولاً لجمال الألحان، وثانياً للإتقان في التنفيذ الموسيقي، وثالثاً للإبهار بالتقنيات المساعدة، من ديكورات وإضاءة ومؤثّرات. كل هذا التنظيم وهذا الإعداد المبهر، والذي حظي بإعجاب كبير من مختلف الفنانين والنقّاد والصحافيين والضيوف، كان من تنظيم خالد أبو منذر، المدير التنفيذي لمختلف أعمال الموسيقار طلال الموسيقية والفنّية.
رغم تمتع بعض متسابقي برامج اكتشاف المواهب الغنائية العربية بشهرة واسعة خلال عرض حلقاتها المتتابعة، فإن تلك الشهرة لم تصمد طويلاً وتوارت بفعل اختفاء بعض المواهب الصاعدة من الشاشات عقب انتهاء مواسم تلك البرامج، وفق موسيقيين تحدثوا إلى «الشرق الأوسط» وأثاروا تساؤلات بشأن أسباب تعثر خطوات المواهب الصغيرة والشابة وانطلاقها بشكل احترافي في عالم الغناء.
الناقد الفني المصري أحمد السماحي الذي كان مسؤولاً في أحد هذه البرامج أكد أن «الغرض من هذه البرامج هو الربح المادي وليس الاكتشاف الفني»، ويضيف لـ«الشرق الأوسط»: «بعض القنوات تستغل طموحات الشباب الباحثين عن الشهرة لتحقيق مكاسب دون إضافة حقيقية للفن، والدليل أن كثيراً من المواهب التي ظهرت من خلال هذه البرامج، وصوّت لها الملايين في أنحاء العالم العربي تعثرت بل واختفت في ظروف غامضة».
وتعددت برامج اكتشاف المواهب الغنائية عبر الفضائيات العربية خلال الألفية الجديدة ومنها «سوبر ستار»، و«ستار أكاديمي»، و«أراب أيدول»، و«ذا فويس»، و«ذا إكس فاكتور»، و«ستار ميكر».
ويوضح السماحي: «رغم أن كثيراً من هذه الأصوات رائعة، لكنها للأسف الشديد تجلس في البيوت، ولا تجد فرصة عمل، مثل المطرب الرائع الصوت محمود محيي الذي هاجر من مصر بعد حصوله على لقب (ستار أكاديمي) في الموسم التاسع عام 2014، حيث اضطر للتخلي عن حلمه بالغناء، متوجهاً للعمل موظفاً في إحدى الشركات».
ويؤكد الناقد الفني أن «هذه البرامج اكتشفت مواهب حقيقية، وسلطت الضوء على كثير من الأصوات الجيدة، لكن أين هم الآن في عالم النجوم؟».
ورغم أن «مسابقات الغناء كانت تركز على الدعاية والأنشطة التجارية، فإنها في الوقت نفسه قدمت فرصاً لكثيرين، فإن الحكم في النهاية يكون للكاريزما وحلاوة الصوت، ما يساعد على الانطلاق والمضي قدماً، وتحقيق جماهيرية بالاعتماد على النفس». وفق الشاعرة السورية راميا بدور.
وأوضحت بدور في حديثها لـ«الشرق الأوسط»، أن «هذه البرامج كانت النقطة المحورية التي ساعدت بعض المواهب على الانتشار، لكنها ليست منصفة أحياناً وكلما خاضت الموهبة منافسات أكبر واستمرت ذاع صيتها، ولكن بالنهاية أين هم حاملو الألقاب؟».
في المقابل، يشدد الملحن المصري وليد منير على أن برامج مسابقات الغناء تسلط الضوء على المواهب وتمنحهم فرصة الظهور، لكن النجومية تأتي عقب الشهرة المبدئية. ويضيف لـ«الشرق الأوسط»: «صناعة قاعدة جماهيرية للمواهب أمر صعب، ويبقى الاعتماد على اجتهاد المطرب من خلال (السوشيال ميديا) لاستكمال الطريق بمفرده». وحققت كلٌّ من جويرية حمدي ولين الحايك ونور وسام وأشرقت، شهرة على مستوى العالم العربي عبر برنامج «ذا فويس كيدز»، لكن الأضواء توارت عن معظمهن.
ويرى الناقد الفني اللبناني جمال فياض أن «جيل ما قبل الألفية الجديدة حقق علامة بارزة من خلال برامج اكتشاف المواهب في لبنان»، ويضيف لـ«الشرق الأوسط»: «هناك نجوم كثر خرجوا من هذه البرامج وأصبحوا نجوماً حتى اليوم، لكن البرامج التي أنتجت خلال الألفية الجديدة لم تؤثر مواهبها في الساحة باستثناء حالات نادرة». وأوضح فياض أن «سيمون أسمر صاحب برنامج (استوديو الفن) كان يرعى النجم فنياً بشكل شامل، ويقيم حفلات كبيرة لتفعيل علاقاته بالإعلام»، وأشار إلى أن «بعض المواهب هي اكتشافات ولدت ميتة، وقبل ذلك تركت بلا ظل ولا رعاية، لذلك لا بد أن يعي المشاركون أن نهاية البرنامج هي بداية المشوار بعد الشهرة والضجة».
وساهمت هذه البرامج في بروز أسماء فنية على الساحة خلال العقود الماضية، من بينها وليد توفيق، ماجدة الرومي، وائل كفوري، راغب علامة، غسان صليبا، نوال الزغبي، ديانا حداد، ميريام فارس، رامي عياش، علاء زلزلي، وائل جسار، إليسا، وإبراهيم الحكمي، وديانا كرزون، و ملحم زين، شادي أسود، رويدا عطية، شهد برمدا، سعود بن سلطان، سعد المجرد، وكارمن سليمان، ومحمد عساف، دنيا بطمة، ونداء شرارة، ومحمد عطية، هشام عبد الرحمن، جوزيف عطية، شذى حسون، نادر قيراط، عبد العزيز عبد الرحمن، ناصيف زيتون، نسمة محجوب، وفادي أندراوس، وأماني السويسي.
لكن موسيقيين يفرقون بين برامج الألفية القديمة التي كانت تعتني بالمواهب وتدعمها حتى تكون قادرة على المنافسة، وبرامج الألفية الجديدة التي كانت تهتم بـ«الشو» على حساب دعم المواهب.
ويؤكد الناقد الفني المصري أمجد مصطفى أن «سيمون أسمر عندما قدم برنامجه (استوديو الفن)، كان الأوحد في العالم العربي، وكانت نتائجه واضحة، لكن عندما انتشرت برامج أخرى لم يكن هدفها اكتشاف أصوات بل التجارة». على حد تعبيره.
ويرى مصطفى أن «(السوشيال ميديا) سحبت البساط من برامج المسابقات التي يعدها (موضة) انتهت». فيما يرهن الملحن المصري يحيى الموجي نجاح برامج اكتشاف المواهب بوجود شركة إنتاج تدعمها أو إنتاج ذاتي لاستكمال المشوار، مضيفاً لـ«الشرق الأوسط»: «هذه البرامج إذا كانت جادة فعليها أن تتبنى المواهب وتنتج لهم أغانيّ، لكن ذلك لم يحدث مطلقاً، والنتيجة تعثرهم وعدم وجودهم على الساحة».