بوتين يناقش مع نتنياهو «الوضع الحاد» في المنطقة

بحث مع مجلس الأمن الروسي ضربات إسرائيل على مواقع إيرانية في سوريا

بوتين ونتنياهو في الكرملين أمس (رويترز)
بوتين ونتنياهو في الكرملين أمس (رويترز)
TT

بوتين يناقش مع نتنياهو «الوضع الحاد» في المنطقة

بوتين ونتنياهو في الكرملين أمس (رويترز)
بوتين ونتنياهو في الكرملين أمس (رويترز)

أجرى الرئيس الروسي فلاديمير بوتين جولة محادثات، أمس، مع رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، تركزت على ملفي النووي الإيراني والوضع في سوريا على خلفية استياء روسي متصاعد بسبب الضربات الإسرائيلية على مواقع في سوريا.
ورغم أن الكرملين تكتم على نتائج المحادثات ولَم يصدر، خلافاً لعادته في زيارات مماثلة، بياناً يوضح تفاصيل المناقشات، فإن مؤشرات برزت إلى أن الطرفين بحثا ملفات خلافية، وأن موسكو نقلت إلى الجانب الإسرائيلي استياءها بسبب تكرار الضربات الجوية على مواقع في سوريا.
وبدا ذلك واضحاً في مستهل اللقاء؛ إذ تعمد بوتين، الإشارة في شكل غير مباشر إلى تزايد الملفات الخلافية بين الطرفين وخاطب ضيفه بعبارة: «سنستفيد من زيارتكم اليوم لبحث العلاقات الثنائية والقضايا في المنطقة، التي تمر، للأسف، بأوضاع حرجة»، مضيفاً أنه يأمل «في أن نتمكن ليس فقط من مناقشة الموقف، وإنما أيضاً البحث عن حلول تؤدي إلى تخفيف حدة الوضع». وزاد بوتين: إن على الأطراف تكثيف جهودها لإيجاد تسويات سياسية للأزمات التي تعصف بالشرق الأوسط.
وأكد نتنياهو رغبته في «التفكير سوية في الخطوات الصحيحة التي يمكن أن نتخذها لإزالة التهديدات الحالية في المنطقة، بصورة مسؤولة وعقلانية». وبدا واضحاً أن نتنياهو سعى إلى عدم منح الحوار عن سوريا صفة علنية؛ فهو تعمد في الجزء المخصص لحضور الصحافيين أن يقتصر في حديثه على إيران، وقال لبوتين: «إن هذا الأمر من الصعب التصديق به، لكن بعد مرور 73 عاماً على المحرقة يوجد في الشرق الأوسط بلد، هو إيران، يدعو علنا لتدمير دولة إسرائيل». وأشار إلى ضرورة «التصدي للآيديولوجيات الفتاكة في وقت مناسب»، في إشارة إلى سياسة السلطات الإيرانية.
لكن مصدراً قريباً من الكرملين، قال في وقت لاحق، إن الجزء الأكبر من الحوار ركز على الوضع في سوريا و«مساعي إيران تعزيز وجود واسع ونشر أسلحة فتاكة تهدد إسرائيل». وزاد أن الطرفين لفتا إلى أهمية تعزيز التنسيق بهدف عدم وقوع حوادث غير مقصودة. وحملت هذه العبارة مغزى لافتاً؛ لأن التنسيق لم ينقطع بين الطرفين في سوريا، وفقاً لمصدر عسكري؛ ما يعني أن المقصود منها ضرورة إجراء مراجعة لآليات التنسيق بعدما زاد امتعاض روسيا من التحركات الإسرائيلية أخيراً.
وقالت مصادر دبلوماسية غربية لـ«الشرق الأوسط»، إن نتنياهو سعى لدى بوتين لضمان «حرية الحركة» وضرب أهداف إيرانية في سوريا لمنع تثبت وجودها وإقامة قواعد أو مصانع صواريخ أو تسليم صواريخ إلى «حزب الله»؛ ذلك من دون الاصطدام بالجيش الروسي الذي يتحكم من قاعدة حميميم بالمنظومة الجوية السورية. ويعتقد أن موضوع صواريخ «إس300» طرح في الاجتماع؛ لأن روسيا شحنت المنظومة إلى قاعدة حميميم، لكنها لم تسلمها بعد إلى دمشق، علماً بأن تل أبيب تعترض على ذلك. وكان لافتاً أيضاً، أن بوتين استبق لقاءه مع نتنياهو بعقد اجتماع لمجلس الأمن القومي الروسي، كرّس جزءاً منه لمناقشة الضربات الإسرائيلية على سوريا. وقال الناطق باسم الكرملين ديمتري بيسكوف، إن أعضاء مجلس الأمن «ناقشوا بإسهاب جوانب هذا الموضوع قبل لقاء بوتين مع نتنياهو». وزاد: إن الرئيس الروسي وأعضاء مجلس الأمن قاموا بـ«التبادل المفصل للآراء حول هذه القضية». وكان نتنياهو استبق زيارته بتأكيد أنها «تحمل رسالة خاصة، على ضوء ما يجري الآن بسوريا، علينا ضمان مواصلة التنسيق الأمني الجاري بين الجيش الروسي وجيش الدفاع الإسرائيلي».
في تل أبيب، قال السفير الإسرائيلي الأسبق في موسكو والخبير في الشؤون الروسية، تسفي مغين، الأربعاء، إن الهجمات التي تشنها إسرائيل على سوريا ليست بالضرورة سيئة بالنسبة للروس، ويبدو أنها تخدم مصالحهم. وأضاف مغين في حديث إذاعي: إن «روسيا تحتفل اليوم، التاسع من مايو (أيار)، بذكرى الانتصار على النازية عام 1945، وهو يوم رمزي ومعقد. فبوتين يجري الاحتفالات وهو يواجه الأزمات في أوروبا وكذلك في سوريا. فصحيح أن إيران وروسيا حليفتان في سوريا، لكن يوجد خلافات بينهما بشأن السيطرة المستقبلية في هذا البلد، ومن يحصل على غنائم أكثر». ورداً على سؤال حول حقيقة أن الهجمات الإسرائيلية في سوريا تخدم روسيا، أجاب مغين «يبدو أن الأمر كذلك، فليس بالضرورة أن يكون ذلك سيئاً بالنسبة لها». وأضاف: إن «الإيرانيين ليسوا في وضع جيد اليوم، فهم في وضع حساس، ولا يعرفون كيف يتصرفون، وبخاصة إزاء إسرائيل».
وقال مغين، إنه يعتقد أن محادثات نتنياهو وبوتين «محاولة لخلق تسوية مستقبلية مع الإيرانيين في سوريا. اللاعبون الإسرائيليون والروس والإيرانيون سيضطرون إلى التفاهم بينهم، ومناقشة مستقبل سوريا؛ ولذلك يجري اللقاء من أجل محاولة تحقيق تقدم في مبادرة بوتين». وعن إصرار بوتين في أن يشاهد نتنياهو، معه، العرض العسكري، اليوم، قال مغين: إن «بوتين يواجه ضغوطاً، اليوم؛ فهو منبوذ، وفرضت عليه عقوبات شديدة بسبب أوكرانيا وسوريا. الغرب لا يجري محادثات معه، والآن يأتي إليه زعيم معروف (نتنياهو) في العالم الغربي ويحترمه، وهذا أمر مهم بالنسبة له».



الإرياني يتهم الحوثي بالعيش في «غيبوبة سياسية» غداة تهديده المنادين بسيناريو سوريا

زعيم الحوثيين ظهر في أحدث خطبه متشنجاً وحاول طمأنة أتباعه (إ.ب.أ)
زعيم الحوثيين ظهر في أحدث خطبه متشنجاً وحاول طمأنة أتباعه (إ.ب.أ)
TT

الإرياني يتهم الحوثي بالعيش في «غيبوبة سياسية» غداة تهديده المنادين بسيناريو سوريا

زعيم الحوثيين ظهر في أحدث خطبه متشنجاً وحاول طمأنة أتباعه (إ.ب.أ)
زعيم الحوثيين ظهر في أحدث خطبه متشنجاً وحاول طمأنة أتباعه (إ.ب.أ)

تعليقاً على الخطبة الأخيرة لزعيم الحوثيين عبد الملك الحوثي، والتي حاول فيها ترهيب اليمنيين من الانتفاضة ضد انقلاب جماعته على غرار ما حدث في سوريا، بشّر وزير الإعلام اليمني معمر الإرياني باقتراب ساعة الخلاص من طغيان الانقلابيين في بلاده، وقال إن تلك الخطبة تؤكد أن الرجل «يعيش حالة من الغيبوبة السياسية، ولا يرى ما يحدث حوله».

وكان الحوثي حاول في أحدث خطبه، الخميس الماضي، أن يطمئن جماعته بأن الوضع في اليمن يختلف عن الوضع السوري، مراهناً على التسليح الإيراني، وعلى عدد المجندين الذين استقطبتهم جماعته خلال الأشهر الماضية تحت مزاعم محاربة أميركا وإسرائيل ومناصرة الفلسطينيين في غزة.

معمر الإرياني وزير الإعلام والثقافة والسياحة في الحكومة اليمنية (سبأ)

وقال الإرياني في تصريح رسمي: «إن المدعو عبد الملك الحوثي خرج من كهفه بخطاب باهت، مرتبك ومتشنج، في محاولة بائسة لترهيب اليمنيين، وتصوير ميليشياته الإيرانية كقوة لا تُقهر».

وأضاف أن تلك الخطبة «تؤكد مرة أخرى أن زعيم الميليشيا الحوثية يعيش حالة من الغيبوبة السياسية، لا يرى ما يحدث من حوله، ولا يدرك حجم الزلزال الذي ضرب المنطقة وأدى إلى سقوط المشروع التوسعي الإيراني، الذي سُخرت له على مدار أربعة عقود الإمكانات البشرية والسياسية والإعلامية والاقتصادية والعسكرية والدينية، وارتداداته القادمة على اليمن بكل تأكيد».

وأشار وزير الإعلام اليمني إلى أن الحوثي بدلاً من الاعتراف بأخطائه وخطاياه، والاعتذار والبحث عن مخرج له ولعصاباته، خرج ليهدد اليمنيين مجدداً بسفك دمائهم، مُكرراً مفردات التهديد والتخويف التي سبق أن استخدمها حسن نصر الله زعيم «حزب الله» ضد اللبنانيين والقوى السياسية اللبنانية.

وتساءل الإرياني بالقول: «ألم يردد حسن نصر الله، زعيم ميليشيا (حزب الله)، نفس الكلمات والوعيد؟ أين هو اليوم؟ وأين تلك (القوة العظيمة) التي وعد بها؟».

خطاب بائس

تحدث وزير الإعلام اليمني عن اقتراب ساعة الخلاص من الانقلاب، ووصف الخطاب الحوثي بـ«البائس»، وقال إنه يعكس واقعاً متجذراً في عقلية التطرف والعنف التي يُروج لها محور طهران، ويُظهر مدى تماهي الحوثي مع المشروع الإيراني المزعزع للأمن والاستقرار في المنطقة، وأضاف: «إن ما يمر به الحوثي اليوم هو مجرد صدى لما مر به نصر الله وغيره من زعماء الميليشيات المدعومة من إيران».

مسلح حوثي خلال تجمع في صنعاء (إ.ب.أ)

ونوّه الإرياني إلى أن البعض كان ينتظر من زعيم الميليشيا الحوثية، بعد سقوط المحور الفارسي والهزيمة المُذلة لإيران في سوريا، التي كانت تمثل العمود الفقري لمشروعها التوسعي في المنطقة، و«حزب الله» خط دفاعها الأول، أن يخرج بخطاب عقلاني يعتذر فيه لليمنيين عن الانقلاب الذي أشعل نار الحرب، وعن نهر الدماء والدمار والخراب الذي خلّفه، وعن الجرائم والانتهاكات التي ارتكبها بحقهم على مدى السنوات الماضية.

وتابع الوزير اليمني بالقول: «على عبد الملك الحوثي أن يعلم أن ساعة الخلاص قد اقتربت، فقد بات اليمنيون الذين عانوا الويلات منذ عقد من الزمان، وسُفكت دماؤهم ونهبت أموالهم، وهُتكت أعراضهم، وشهدوا بأم أعينهم أسوأ أنواع التعذيب والانتهاكات في المعتقلات السرية، أكثر إصراراً من أي وقت مضى على تحرير وطنهم من قبضة ميليشياته الفاشية، ولن يفوتوا هذه اللحظة التاريخية، وسيبذلون الغالي والنفيس لتحرير وطنهم والحفاظ على هويتهم الوطنية والعربية».

مفاجآت سارة

أكد الإرياني أن المستقبل يحمل النصر لليمنيين، وأن الأيام «حبلى بالمفاجآت السارة» - وفق تعبيره - وأن مصير الميليشيات الحوثية لن يكون مختلفاً عن باقي الميليشيات الإيرانية في المنطقة. وشدد الوزير على أن اليمن لن يكون إلا جزءاً من محيطه العربي، وسيظل يقاوم ويواجه الظلم والطغيان والتسلط حتى يستعيد حريته وسيادته، مهما كلف ذلك من تضحيات.

اليمنيون يأملون سقوطاً قريباً لانقلاب الجماعة الحوثية المدعومة من إيران (إ.ب.أ)

وأضاف الوزير بالقول: «الشعب اليمني، الذي دفع ولا يزال أثماناً باهظة في معركة البقاء، لن يتوانى عن دفع المزيد من التضحيات لإعادة وطنه حراً مستقلاً خالياً من النفوذ الإيراني التخريبي، وتحقيق النصر والتحرر والكرامة».

يشار إلى أن الأحداث المتسارعة في سوريا التي قادت إلى سقوط نظام بشار الأسد فتحت باب التطلّعات في اليمن نحو سيناريو مشابه يقود إلى إنهاء انقلاب الجماعة الحوثية المدعومة من إيران بأقل التكاليف، خصوصاً بعد الضربات التي تلقتها طهران في لبنان، وصولاً إلى طي صفحة هيمنتها على دمشق.