كيف ترى المصارف العالمية تأثير عقوبات إيران على سوق النفط؟

مسؤول سابق في إدارة أوباما يرى أن المستهلك الأميركي سيدفع الثمن

كيف ترى المصارف العالمية تأثير عقوبات إيران على سوق النفط؟
TT

كيف ترى المصارف العالمية تأثير عقوبات إيران على سوق النفط؟

كيف ترى المصارف العالمية تأثير عقوبات إيران على سوق النفط؟

يبدو أنه من المستبعد أن تتأثر سوق النفط بـ«صورة فورية» في حالة تمت إعادة الحظر على النفط الإيراني، إلا أن هذا لا يعني أن الأثر لن يكون ملحوظاً خلال الأشهر القادمة.
وهناك انقسام حول فاعلية العقوبات التي ينوي الرئيس الأميركي دونالد ترمب فرضها على إيران على خلفية برنامجها النووي. إذ قلل مسؤول أميركي سابق -كان من ضمن الفريق المسؤول عن برنامج الحظر على النفط الإيراني في فترة الرئيس السابق باراك أوباما- من الأثر الحقيقي للحظر.
وقال أموس هوتشستاين، وهو مبعوث أميركي سابق مختص بقضايا الطاقة الدولية، في تغريدات، أمس، إن أسعار النفط سترتفع، وبالتالي أسعار المنتجات البترولية والغذاء والبلاستيك، وسيدفع المواطن الأميركي هذه التكلفة... بينما سيستفيد النظام الإيراني والروسي من الأسعار العالية.
وأضاف هوتشستاين، والذي يعمل حالياً في قطاع الغاز الطبيعي المسال في الولايات المتحدة، أن الحظر لن يضيف شيئاً سوى المزيد من الدولارات للنظام الإيراني، وأن الحظر السابق تحت الرئيس أوباما حقق تراجعاً بنسبة 50% في صادرات إيران النفطية، ولكنّ هذا كان شاقاً وتطلب تعاوناً كاملاً من الاتحاد الأوروبي وآسيا. وأوضح أن الحظر النفطي المتوقع لن يمنع إيران من مواصلة برنامجها النووي، إذ إن خروج إيران من الاتفاق الحالي يعني أنه لا يمكن إيقافها إلا عن طريق الحرب وليس الحظر النفطي.
وبدوره، حذّر محمد باركيندو، الأمين العام لمنظمة «أوبك»، من قرار الرئيس الأميركي الانسحاب من الاتفاق النووي مع إيران، مشيراً إلى أن قراراً مثل هذا سوف يضر الاقتصاد العالمي. وفي حوار لـ«سي إن إن موني»، قال باركيندو إن «أي عامل سيقيّد المرونة في صناعة النفط لن يكون في صالح الاقتصاد العالمي».
وأضاف باركيندو، أنه «مهما كان العامل الغريب المؤثر على العرض أو الطلب، فإنه ليس لديه شكوك في تعرض السوق لاختلال في التوازن، وهو أمر ليس في صالح المنتجين أو المستهلكين».
ووسط التحذيرات والمخاوف، أصدرت المصارف العالمية تعليقات حول آثار قرار الرئيس الأميركي المرتقب على أسعار النفط والأسواق العالمية، وفي ما يلي ملخص بأبرز ما ذكرته...
غولدمان ساكس
يقول المصرف الأميركي في مذكرة صادرة، أمس، إن نقص إنتاج إيران من النفط بمقدار 250 ألف برميل يومياً لمدة 6 أشهر ربما يدعم أسعار الخام بنحو 3.5 دولار للبرميل؛ ما لم يتحرك أعضاء آخرون في منظمة «أوبك» ويقوموا بتعويض الفاقد.
ويضيف أن التوترات في دول رئيسية منتجة توجد مخاطر بفقد إنتاج إضافي، وهو ما قد يميل بتوقعاته لسعر برميل خام برنت في الصيف البالغ 82.5 دولار نحو الصعود.
ويقول المصرف إنه إذا انسحبت الولايات المتحدة من اتفاقية إيران، وأُعيد فرض عقوبات ثانوية، فإن تأثير ذلك على سوق النفط قد لا يكون فورياً، وربما لا يؤدي إلى فقد صادرات بنحو مليون برميل يومياً، مثلما حدث بين 2012 و2015.
ويتوقع المصرف أن إعادة التوازن إلى السوق ستواجه مخاطر جيوسياسية في الأشهر القادمة، وهو ما يعزز الاعتقاد بأن تقلبات أسعار النفط ستستمر في التزايد. ولا يتوقع المصرف هبوط الأسعار بشكل كبير إذا ما لم يتخذ ترمب قراراً بفرض الحظر على نفط إيران، نظراً إلى أن العوامل الأساسية في السوق هي المحرك وراء ارتفاع الأسعار الأخير.
بنك أوف أميركا
قال مصرف «بنك أوف أميركا»، أمس، إن مخاطر فرض حظر على صادرات النفط الإيراني مجدداً، إضافة إلى تراجع إنتاج فنزويلا من النفط الخام، سيقللان المعروض من النفط متوسط الكثافة والثقيل خلال الأشهر الثلاثة القادمة.
وقال المصرف إن سوق العقود الآجلة لا تبدو أنها أضافت لأسعار النفط على مدى الأشهر الثلاثة القادمة، والتي يتم تداول عقودها حالياً، أيّ علاوة مخاطر جيوسياسية تتناسب مع الانقطاعات المتوقعة من إيران.
وأضاف المصرف أنه نظراً إلى شح المعروض من النفط الثقيل، فإن الفجوة السعرية سوف تقل بين نفط برنت الخفيف ونفط دبي المتوسط الكثافة، والذي يمثل النفط الثقيل والمتوسط من منطقة الخليج.
وقال البنك إن الفجوة السعرية سوف تتقلص بنحو دولار إلى دولارين. ولم يستبعد المصرف أن يظل تصدير النفط الأميركي الخفيف في زيادة خلال المستقبل المنظور.
سيتي غروب
أما مصرف «سيتي غروب» الأميركي، فإنه يرى أن التوتر بشأن الحظر على النفط الإيراني ساهم في رفع أسعار النفط بنحو 5 دولارات مؤخراً، ولكن ما إن يتم اتخاذ قرار بالحظر فإن العلاوة السعرية سوف تزيد على هذا.
ولا يستبعد المصرف، الذي تحدث رئيس قسم السلع فيه إدوارد مورس، أمس، لقناة «بلومبيرغ»، أن تجتمع منظمة البلدان المصدّرة للبترول (أوبك) لمناقشة كيفية رفع الإنتاج لسد النقص جراء خفض النفط الإيراني.
وتوقع مورس أن الرئيس ترمب سوف يخرج بصورة قوية؛ ليس لفرض حظر على النفط الإيراني، بل لإعطاء قادة أوروبا المزيد من الوقت من أجل مراجعة أنفسهم والانضمام إلى الحظر على نفط إيران.
وتضررت إيران في الحظر السابق، ليس من تقليص صادراتها النفطية، بقدر ما تضررت من انسحاب شركات الاتحاد الأوروبي من التأمين على ناقلات النفط الإيرانية، وهو ما أدى إلى هبوط الشحنات بشكل كبير.



بين الدمار والضغوط المالية... تداعيات اقتصادية كارثية تضرب لبنان وإسرائيل

دخان يتصاعد فوق جنوب لبنان بعد الغارات الإسرائيلية (رويترز)
دخان يتصاعد فوق جنوب لبنان بعد الغارات الإسرائيلية (رويترز)
TT

بين الدمار والضغوط المالية... تداعيات اقتصادية كارثية تضرب لبنان وإسرائيل

دخان يتصاعد فوق جنوب لبنان بعد الغارات الإسرائيلية (رويترز)
دخان يتصاعد فوق جنوب لبنان بعد الغارات الإسرائيلية (رويترز)

شكَّل النزاع بين إسرائيل و«حزب الله» محطةً فاصلة؛ حملت في طيّاتها تداعيات اقتصادية وإنسانية عميقة على كلٍّ من لبنان وإسرائيل؛ إذ خلّفت الأعمال العدائية الممتدة لأكثر من عام آثاراً كارثية على البنى التحتية، ورفعت معدلات النزوح، وأدّت إلى شلل واسع في القطاعات الحيوية. وفي حين تحمل لبنان العبء الأكبر من الدمار والخسائر الاقتصادية، فإن إسرائيل لم تكن بمنأى عن الأضرار، خصوصاً مع مواجهتها تحديات اقتصادية ناتجة عن الحرب المتزامنة في غزة.

منظومة القبة الحديدية الإسرائيلية تعترض صواريخ أطلقت من قطاع غزة (رويترز)

وفيما يلي استعراض لأبرز تكاليف هذا الصراع، الذي شهد تصعيداً حادّاً خلال الشهرين الماضيين، بعد التوصل إلى اتفاق وقف إطلاق النار، وفق «رويترز».

التأثير الاقتصادي

قدَّر البنك الدولي الأضرار والخسائر الأولية في لبنان بنحو 8.5 مليار دولار، وذلك في تقرير أصدره في 14 نوفمبر (تشرين الثاني). ومن المتوقع أن يشهد الناتج المحلي الإجمالي اللبناني انكماشاً بنسبة 5.7 في المائة في عام 2024، مقارنةً بتوقعات النمو السابقة التي كانت تشير إلى 0.9 في المائة.

كما تكبّد القطاع الزراعي اللبناني خسائر فادحة، تجاوزت 1.1 مليار دولار، شملت تدمير المحاصيل والماشية، إضافة إلى نزوح المزارعين. وفي الوقت نفسه، عانى قطاع السياحة والضيافة -الذي يُعد من الركائز الأساسية للاقتصاد اللبناني- من خسائر مشابهة، ما يزيد من تعقيد التحديات الاقتصادية في البلاد.

أما في إسرائيل، فقد أدّت الحرب مع «حزب الله» إلى تفاقم التداعيات الاقتصادية الناجمة عن النزاع المستمر في غزة، ما زاد من الضغط على المالية العامة للدولة. وقد ارتفع العجز في الموازنة إلى نحو 8 في المائة من الناتج المحلي الإجمالي، ما دفع وكالات التصنيف الائتماني الكبرى إلى خفض تصنيف إسرائيل.

كما أسهمت الاضطرابات في سلاسل الإمداد في رفع معدل التضخم إلى 3.5 في المائة، متجاوزاً النطاق المستهدف للبنك المركزي الإسرائيلي (1-3 في المائة). وفي ظل هذه الظروف، أبقى البنك المركزي أسعار الفائدة مرتفعة بهدف مكافحة التضخم، وهو ما زاد من الأعباء المالية على الأسر، من خلال ارتفاع تكاليف الرهون العقارية.

ورغم هذه التحديات العميقة، أظهر الاقتصاد الإسرائيلي تعافياً نسبياً في الربع الثالث من العام؛ بعدما سجل نمواً بنسبة 3.8 في المائة على أساس سنوي، عقب انكماش في الربع الثاني، وفقاً للتقديرات الأولية للحكومة.

حطام سيارات في موقع متضرر جراء الغارات الإسرائيلية على الضاحية الجنوبية لبيروت (رويترز)

الدمار

في لبنان، تُقدر تكلفة الأضرار التي لحقت بالمساكن بنحو 2.8 مليار دولار؛ حيث دُمّر أو تضرر أكثر من 99 ألف وحدة سكنية، وذلك وفقاً لتقرير البنك الدولي. وفي الضاحية الجنوبية لبيروت، معقل «حزب الله»، دُمر 262 مبنى على الأقل نتيجة الضربات الإسرائيلية، وفق مختبر جامعة بيروت الأميركية.

كما تسببت العمليات العسكرية الإسرائيلية في أضرار جسيمة في القرى والبلدات في جنوب لبنان وسهل البقاع، وهما منطقتان تُهيمن عليهما جماعة «حزب الله». وقد أسفرت هذه الضربات عن تدمير واسع للمرافق والبنية التحتية، ما يزيد من تعقيد الأزمة الاقتصادية والإنسانية في تلك المناطق.

في المقابل، في إسرائيل، قُدِّرت الأضرار العقارية بنحو 1 مليار شيقل (ما يعادل 273 مليون دولار)، إذ دُمرت أو تضررت آلاف المنازل والمزارع والمنشآت التجارية جراء التصعيد العسكري. علاوة على ذلك، أُتلف نحو 55 ألف فدان من الغابات والمحميات الطبيعية والأراضي المفتوحة في شمال إسرائيل ومرتفعات الجولان.

النزوح

ونتيجة تصاعد العمليات العسكرية، نزح نحو 886 ألف شخص داخل لبنان بحلول نوفمبر 2023، وفقاً لتقارير المنظمة الدولية للهجرة، والمفوضية السامية للأمم المتحدة لشؤون اللاجئين، في حين فرّ أكثر من 540 ألف شخص إلى سوريا هرباً من النزاع. وفي إسرائيل، تم إجلاء نحو 60 ألف شخص من المناطق الشمالية.

الخسائر البشرية

وأسفرت العمليات العسكرية عن سقوط آلاف الضحايا في كلا الجانبين. ففي لبنان، قُتل ما لا يقل عن 3768 شخصاً، وأصيب أكثر من 15 ألفاً و699 منذ أكتوبر (تشرين الأول) 2023، وفقاً لوزارة الصحة اللبنانية. تشمل هذه الأرقام المدنيين والمقاتلين على حد سواء؛ حيث كانت الغالبية نتيجة الهجمات الإسرائيلية التي اشتدت في سبتمبر (أيلول). أما في إسرائيل، فقد تسببت ضربات «حزب الله» في مقتل 45 مدنياً و73 جندياً، وفقاً لبيانات رسمية إسرائيلية.