ملتقى «نساء أفريقيا والفلاحة» بمراكش يبرز مساهمة المرأة في التنمية

دورته الثانية تناقش «الأمن والسيادة الغذائية»

عيساتو إيسوفو السيدة الأولى بدولة النيجر خلال كلمتها بملتقى «نساء أفريقيا والفلاحة» بمراكش
عيساتو إيسوفو السيدة الأولى بدولة النيجر خلال كلمتها بملتقى «نساء أفريقيا والفلاحة» بمراكش
TT

ملتقى «نساء أفريقيا والفلاحة» بمراكش يبرز مساهمة المرأة في التنمية

عيساتو إيسوفو السيدة الأولى بدولة النيجر خلال كلمتها بملتقى «نساء أفريقيا والفلاحة» بمراكش
عيساتو إيسوفو السيدة الأولى بدولة النيجر خلال كلمتها بملتقى «نساء أفريقيا والفلاحة» بمراكش

شكل افتتاح الدورة الثانية من منتدى «نساء أفريقيا والفلاحة»، أمس في مدينة مراكش المغربية، فرصة لرصد واقع النساء في القارة السمراء، وإبراز أهمية مساهمتهن في تنمية بلدانهن.
وتميز افتتاح هذه الدورة، التي تنظمها جمعية «لنثق في أفريقيا» التي تترأسها أنجيل كويمو، بمشاركة نوعية من المغرب وعدد من بلدان القارة الأفريقية، شملت عيساتو إيسوفو، السيدة الأولى بدولة النيجر، التي استعرضت في كلمتها مجموعة معطيات أبرزت أهمية الأدوار التي تقوم بها النساء في سبيل بلوغ أهداف التنمية المستدامة، مشيرة إلى أن التوقعات الديموغرافية تتحدث عن تطور استثنائي بالنسبة لسكان العالم في أفق 2050، حيث سيبلغ 9 مليارات و200 مليون نسمة على الصعيد العالمي، وملياري و300 مليون نسمة بالنسبة لقارة أفريقيا، التي يعاني فيها اليوم نحو 240 مليونا من نقص في التغذية.
وشددت إيسوفو، راعية الملتقى، قائلة: «إذا أردنا أن نضمن الأمن الغذائي للساكنة، فإن علينا أن نعترف بالدور المهم الذي تلعبه المرأة، لبلوغ الأهداف الأولوية للتنمية المستدامة».
واستحضرت إيسوفو في هذا السياق جملة من التقارير التي عممتها المنظمة العالمية للزراعة (فاو)، والتي تشدد على أنه إذا أمكن للنساء العاملات في المجال الفلاحي الولوج إلى متطلبات العمل الفلاحي إسوة بالرجال، فإن بإمكانهن الرفع من الإنتاجية بنسبة 20 إلى 30 في المائة، وتطوير الإنتاج الفلاحي لبلدانهن على مستوى التنمية بنسبة تصل إلى 4 في المائة، وبالتالي تقليص أعداد الأشخاص الذين يعانون من نقص التغذية بنسب تتراوح بين 12 و17 في المائة.
ودعت إيسوفو في ختام كلمتها إلى رفع الاستثمار العام والخاص لصالح النساء الفلاحات، واقتراح برامج تمويل لصالحهن، والولوج إلى الموارد المائية، وتقوية قدراتهن على المستوى التقنيات الفلاحية، وتمدرس الفتيات ومحاربة الأمية بالنسبة للمرأة القروية، فضلاً عن الولوج إلى خدمات الترويج والتوزيع لمنتجاتهن بطريقة عادلة ومتساوية أسوة بالرجال.
من جهتها، شددت نديرة الكرماعي، العاملة (المحافظة) المنسقة الوطنية للمبادرة الوطنية للتنمية البشرية في المغرب، على أهمية موضوع الملتقى عبر ربطه بالسياق الدولي الحالي، الذي صار يؤكد على أهمية دور النساء في تحقيق التنمية بشكل عام، بقدر تشديده على ضمان الحقوق الاقتصادية والاجتماعية للجميع.
وتوسعت الكرماعي في إبراز أهمية المبادرة الوطنية للتنمية البشرية في المغرب، التي يتم هذا الشهر تخليد ذكراها الـ13، خصوصاً على مستوى محاربة الهشاشة والفقر والإقصاء الاجتماعي والعزلة. واستعرضت في هذا السياق جملة معطيات وأرقام، تبرز أهمية قيمة المساهمة التي وفرتها هذه المبادرة التي كان أطلقها العاهل المغربي الملك محمد السادس يوم 18 مايو (أيار) 2005.
ويسعى منظمو الملتقى إلى أن يصير حواراً سنوياً على أعلى مستوى، يجمع مسؤولين قياديين أفارقة ومن باقي مناطق العالم، بشكل يقوي دور النساء في تنمية الفلاحة بالقارة السمراء، التي ستجد نفسها في أفق 2050 وقد تضاعف عدد سكانها، الشيء الذي يتطلب منها مضاعفة إنتاجها الفلاحي بثلاث مرات لأجل ضمان أمنها الغذائي.
ويشدد المنظمون على أن موضوع الملتقى يبقى على درجة كبيرة من الأهمية، وذلك أخذاً بعين الاعتبار أعداد النساء العاملات في المجال الفلاحي، وأهمية الإنتاج الفلاحي بالنسبة للأمن والاستقرار والسلم داخل القارة السمراء؛ لذلك اعتبروا الملتقى فرصة جيدة للاحتفاء بالوحدة الأفريقية وإبراز دور النساء في التحولات التي تشهدها القارة.
وتظهر معطيات خاصة بالقطاع الفلاحي داخل القارة أن نسبة مساهمة النساء تمثل 60 في المائة على مستوى النشاط الفلاحي، غير أنهن ينتجن 30 في المائة أقل من الرجال، كما أنهن يتوجهن عادة إلى الإنتاج المعاشي والتسوق المنزلي، مع إنتاج مواد أقل قيمة في مساحات زراعية ضيقة، مع ولوج محدود للرأسمال وسوق العمل والمداخل الفلاحية المتطورة والتقنيات الفلاحية على مستوى الميكنة والري.
ويتوزع برنامج الملتقى الذي يتواصل على مدى يومين، على ست جلسات، تتناول «تغذية أفريقيا وتغذية العالم: تحقيق أهداف التنمية المستدامة»، و«الاستثمار في الفلاحة»، و«التغيرات المناخية: التأقلم، النوع واستقلالية النساء»، و«من الأمن الغذائي إلى السيادة الغذائية»، و«تطوير التنافسية»، و«تحرير الولوج إلى القروض والتمويل».



الهند تواجه تحديات اقتصادية كبيرة وسط تباطؤ النمو والتوترات العالمية

منظر عام للمنطقة المالية المركزية في مومباي (رويترز)
منظر عام للمنطقة المالية المركزية في مومباي (رويترز)
TT

الهند تواجه تحديات اقتصادية كبيرة وسط تباطؤ النمو والتوترات العالمية

منظر عام للمنطقة المالية المركزية في مومباي (رويترز)
منظر عام للمنطقة المالية المركزية في مومباي (رويترز)

بعد النمو الاقتصادي العالمي في العام الماضي، يبذل صناع السياسات في الهند جهوداً حثيثة لتجنّب تباطؤ حاد مع تفاقم الظروف العالمية وتراجع الثقة المحلية؛ مما أدى إلى محو ارتفاع سوق الأسهم مؤخراً.

ويوم الثلاثاء، توقّع ثالث أكبر اقتصاد في آسيا نمواً سنوياً بنسبة 6.4 في المائة في السنة المالية المنتهية في مارس (آذار)، وهو الأبطأ في أربع سنوات وأقل من التوقعات الأولية للحكومة، مثقلاً بضعف الاستثمار والتصنيع، وفق «رويترز».

ويأتي خفض التصنيف بعد مؤشرات اقتصادية مخيّبة للآمال وتباطؤ في أرباح الشركات في النصف الثاني من عام 2024؛ مما أجبر المستثمرين على إعادة التفكير في الأداء المتفوّق للبلاد في وقت سابق، وألقى الشكوك حول الأهداف الاقتصادية الطموحة لرئيس الوزراء ناريندرا مودي.

وتعمل المخاوف الجديدة على تكثيف الدعوات للسلطات إلى رفع المعنويات من خلال تخفيف الإعدادات النقدية وإبطاء وتيرة التشديد المالي، خصوصاً أن رئاسة دونالد ترمب الثانية الوشيكة تلقي مزيداً من عدم اليقين بشأن آفاق التجارة العالمية.

وقالت كبيرة خبراء الاقتصاد في شركة «إمكاي غلوبال فاينانشيال سيرفيسز»، مادهافي أرورا: «عليك إحياء روح الثقة والتفاؤل، وعليك أيضاً التأكد من انتعاش الاستهلاك. الأمر ليس بهذه السهولة»، مضيفة أن الهند يمكنها توسيع موازنتها المالية أو خفض أسعار الفائدة.

وتأتي مثل هذه الدعوات وسط سلسلة من الاجتماعات التي عقدها صنّاع السياسات الهنود مع الشركات التي تشعر بقلق متزايد بشأن تعثر الطلب. وعقدت وزيرة المالية، نيرمالا سيتارامان، سلسلة من الاجتماعات في ديسمبر (كانون الأول) الماضي، مع الصناعة والاقتصاديين، وهو أمر معتاد قبل الموازنة السنوية للهند التي من المقرر أن تصدر في الأول من فبراير (شباط) المقبل.

وتشمل بعض التدابير المقترحة في تلك المحادثات لتعزيز النمو وضع مزيد من الأموال في أيدي المستهلكين وخفض الضرائب والتعريفات الجمركية، وفقاً لمطالب الجمعيات التجارية والصناعية.

مخاوف متزايدة

تسبّبت المخاوف بشأن اقتصاد الهند في انخفاض مؤشر «نيفتي 50» القياسي بنسبة 12 في المائة من أواخر سبتمبر (أيلول) إلى نوفمبر (تشرين الثاني). وقد استعاد السهم تلك الخسائر لينهي عام 2024 مرتفعاً بنسبة 8.7 في المائة، وهي مكاسب جيدة؛ لكنها بعيدة عن مكاسب العام السابق البالغة 20 في المائة.

ومع تراجع الثقة، يبدو أن الجهود السياسية الرامية إلى تحفيز النمو تتسع. وذكر التقرير الاقتصادي الشهري للهند الذي نُشر الشهر الماضي، أن السياسة النقدية المتشددة للبنك المركزي كانت مسؤولة جزئياً عن الضربة التي تلقاها الطلب.

وأجرى مودي بعض التغييرات البارزة مؤخراً التي من المتوقع أن ترفع النمو الاقتصادي بصفته أولوية على استقرار الأسعار.

في خطوة مفاجئة في ديسمبر، عيّن مودي سانغاي مالهوترا محافظاً جديداً للبنك المركزي، ليحل محل شاكتيكانتا داس، البيروقراطي الموثوق به الذي كان من المتوقع على نطاق واسع أن يحصل على فترة ولاية أخرى لمدة عام إلى عامين رئيساً، بعد أن أكمل ست سنوات على رأس البنك.

وجاء تعيين مالهوترا الذي قال مؤخراً إن البنك المركزي سيسعى جاهداً لدعم مسار نمو أعلى، فوراً بعد أن أظهرت البيانات تباطؤ نمو الربع الثالث من سبتمبر أكثر بكثير من المتوقع إلى 5.4 في المائة.

مواجهة الأزمات

خلال الوباء، سعى مودي إلى الحفاظ على نمو الاقتصاد من خلال زيادة الإنفاق على البنية التحتية والحد من الإنفاق الباهظ للحفاظ على المالية العامة للحكومة في حالة جيدة. وقد أدى ذلك إلى رفع نمو الناتج المحلي الإجمالي الرئيسي، لكنه لم يدعم الأجور أو يساعد الاستهلاك في الحفاظ على التوسع السنوي بأكثر من 7 في المائة على مدى السنوات الثلاث الماضية.

وقال الزميل الزائر في مركز التقدم الاجتماعي والاقتصادي، سانجاي كاثوريا، إنه في حين أن اقتصاد الهند قد لا يزال يتفوّق على الاقتصاد العالمي، فإن السؤال هو ما إذا كان بإمكانه الحفاظ على نمو يتراوح بين 6.5 في المائة و7.5 في المائة، أو التباطؤ إلى 5 في المائة و6 في المائة.

وقالت أرورا إن البلاد تعيش حالياً «حالة من الغموض»؛ حيث لا ينفق الأفراد. وتتوقع أن يستمر هذا إذا لم يتحسّن التوظيف، وظل نمو الأجور ضعيفاً.

التخفيضات الجمركية وخطة لمواجهة حروب ترمب

أفادت «رويترز» الشهر الماضي بأن الحكومة تخطّط لخفض الضرائب على بعض الأفراد، وتستعد لتقديم تخفيضات جمركية على بعض السلع الزراعية وغيرها من السلع المستوردة بشكل رئيسي من الولايات المتحدة، لإبرام صفقة مع ترمب.

ويقول خبراء الاقتصاد إن الحكومة ستضطر إلى إبطاء بعض تشديدها المالي لدعم النمو مع نجاح مثل هذه التدابير التي تعتمد على مدى التخفيضات.

وحول التجارة، يقول المحللون إن الهند بحاجة إلى خطة موثوقة لمحاربة حروب ترمب الجمركية. وقال خبراء اقتصاديون إنه إذا ظلّت الصين الهدف الرئيسي لرسوم ترمب الجمركية، فقد يمثّل ذلك فرصة للهند لتعزيز مكانتها التجارية، رغم أنها ستحتاج أيضاً إلى السماح للروبية بالهبوط أكثر لجعل صادراتها أكثر قدرة على المنافسة.

ووصلت الروبية إلى مستويات منخفضة متعددة في الأسابيع القليلة الماضية، وكان 2024 هو عامها السابع على التوالي من الانخفاض، ويرجع ذلك في الغالب إلى ارتفاع قيمة الدولار. ويوم الأربعاء، وصلت إلى أدنى مستوى لها على الإطلاق.

وقال كاثوريا، وهو أيضاً أستاذ مساعد في جامعة «جورج تاون»، إن الهند بحاجة إلى «تنفيذ ترشيد التعريفات الجمركية بجدية، للمساعدة في دمج نفسها بشكل أعمق في سلاسل القيمة العالمية».

وقد يشمل هذا تخفيضات التعريفات الجمركية، بهدف تجنّب الرسوم العقابية من البيت الأبيض في عهد ترمب بشكل استباقي.

وقال رئيس نظام الأبحاث والمعلومات للدول النامية ومقره نيودلهي، ساشين تشاتورفيدي: «يجب على الهند أن تعلن بعض التدابير الاستباقية للولايات المتحدة، لتقديم تنازلات لها، بدلاً من انتظار الإدارة الجديدة لإعلان خطواتها».