«حماس» تستعد لـ«أكبر زحف بشري» على الحدود... وإسرائيل تعلن الاستنفار

مخاوف من اندلاع حرب تتسبب بسقوط مئات القتلى

«كتائب القسام» خلال تشييع جثامين 6 عناصر من حركة «حماس» في دير البلح وسط تكهنات بتفجر الوضع مجدداً في غزة (إ.ب.أ)
«كتائب القسام» خلال تشييع جثامين 6 عناصر من حركة «حماس» في دير البلح وسط تكهنات بتفجر الوضع مجدداً في غزة (إ.ب.أ)
TT

«حماس» تستعد لـ«أكبر زحف بشري» على الحدود... وإسرائيل تعلن الاستنفار

«كتائب القسام» خلال تشييع جثامين 6 عناصر من حركة «حماس» في دير البلح وسط تكهنات بتفجر الوضع مجدداً في غزة (إ.ب.أ)
«كتائب القسام» خلال تشييع جثامين 6 عناصر من حركة «حماس» في دير البلح وسط تكهنات بتفجر الوضع مجدداً في غزة (إ.ب.أ)

تستعد حركة حماس، وفصائل فلسطينية أخرى تساندها، لتنظيم ما أطلق عليه «أكبر زحف بشري سلمي» على طول الحدود بين قطاع غزة والمناطق الإسرائيلية، في منتصف الشهر الحالي، وذلك ضمن فعاليات «مسيرة العودة الكبرى»، التي بدأت في الثلاثين من مارس (آذار) الماضي، وقتل خلالها الجيش الإسرائيلي أكثر من 45 فلسطينياً، وأصاب أكثر من 5 آلاف آخرين.
وقال عبد اللطيف القانوع، الناطق باسم حركة حماس، في تصريح صحافي، إن منتصف مايو (أيار) الحالي سيشهد أكبر زحف بشري سلمي لا مثيل له، معتبراً أن هذا الزحف سيشكل يوماً فارقاً في تاريخ الشعب الفلسطيني، وله ما بعده، حسب تعبيره.
وأوضح القانوع أن الشعب الفلسطيني «لم يعد يتحمل مزيداً من الضغط والحصار، واستمرار حالة الغضب والغليان ستتحول لانفجار شعبي في وجه الاحتلال، لتحقيق حياة كريمة وعودة عزيزة».
وتأتي هذه التصريحات بعد أيام من تصريحات أطلقها إسماعيل هنية، رئيس المكتب السياسي لحركة حماس، أكد فيها الاستمرار في تلك المسيرات حتى تحقيق أهدافها، خصوصاً كسر الحصار عن غزة.
ودعت الهيئة الوطنية العليا لمسيرة العودة وكسر الحصار إلى اعتبار الرابع عشر من الشهر الحالي يوماً عالمياً لرفض نقل السفارة الأميركية من تل أبيب إلى القدس، مشددة على ضرورة التأكيد على أن هذا التاريخ سيكون يوماً فارقاً في مسيرات العودة لمواجهة الاحتلال، وتصعيد الغضب الفلسطيني والعربي والإسلامي.
من جهته، شدد خالد البطش، القيادي في حركة الجهاد الإسلامي أحد المسؤولين في تلك الهيئة، خلال مؤتمر صحافي حضره قيادات من حماس وفصائل أخرى، على ضرورة مواصلة مواجهة كل محاولات الاحتلال لوقف التحركات الشعبية، ومحاولاته لإفشال المسيرات من خلال تخويف وترويع الجماهير، داعياً إلى المشاركة الفاعلة الجمعة المقبلة، التي ستحمل اسم «جمعة الإعداد والنذير»، وذلك استعداداً للحشد الكبير في الرابع عشر من الشهر الحالي، وأكد على مواصلة المسيرات حتى تحقيق أهدافها بالحرية وكسر الحصار عن غزة.
وتتزامن هذه التصريحات مع رفع حالة التأهب الإسرائيلي لمواجهة المسيرات الحدودية مع الذكرى السبعين للنكبة الفلسطينية منتصف الشهر الحالي. وقالت صحيفة «هآرتس» العبرية إن الجيش يستعد لمواجهة مزيد من التوتر على الحدود.
ووفقاً للصحيفة، فإن الجيش يستعد لاحتمال أن تجلب «حماس» نحو 100 ألف متظاهر، والتخطيط لعمليات تسلل جماعي من الحدود من قبل مئات الأشخاص، مشيرةً إلى وجود تقديرات لدى الجيش بأن العشرات من الفلسطينيين العزل قد يقتلون في حال تم اختراق السياج.
وبحسب الصحيفة ذاتها، فإن «حماس» تريد الحفاظ على طبيعة المواجهات، كمظاهرة شعبية، لكي يلقي المجتمع الدولي باللوم على إسرائيل في سبب سقوط الضحايا. كما أشارت إلى أنه سيتم خلال نهاية الأسبوع الحالي تعزيز قوات الجيش على طول السياج مع وصول المظاهرات إلى ذروتها.
من جانبها، قالت صحيفة «يديعوت أحرونوت» إن الأحداث قد تشهد تصعيداً عسكرياً، في حال وقع عدد كبير من الضحايا في ذروة مسيرات النكبة، حيث من المتوقع أن يقتحم المئات السياج الأمني، وأضافت أن الجيش رسم سيناريوهين مختلفين للأحداث: الأول، أن يخلق عدد الخسائر وضعاً تفقد فيه «حماس» المزيد من القدرة على كبح جماح جناحها العسكري، وخوض مواجهة عسكرية، ما سيدفع الأمور إلى حرب جديدة. والثاني، هو أنه بعد أحداث 15 مايو، الذي لم يعد من الممكن منعه، ستظهر مبادرة سياسية واقتصادية في الساحة توفر حلاً للحصار، وهذا هو الأساس في تنفيذ الخطة الإسرائيلية - الدولية، التي طرحت سابقاً لتحسين الوضع بغزة بعيداً عن السلطة.
وتتخوف إسرائيل منذ أيام من إطلاق طائرات ورقية، تحمل مواد متفجرة من غزة إلى مستوطنات غلاف القطاع، وهو ما دفع الجيش الإسرائيلي إلى إطلاق تحذير لسكان تلك المستوطنات، طالبهم فيها بعدم الاقتراب من أي طائرة ورقية، خشية أن تكون محملة بالمتفجرات.
وفي هذا السياق، أثيرت أول من أمس شكوك حول أحد الأطباق الورقية التي سقطت في النقب الغربي بأنها تحمل متفجرات، ما دفع الجيش لتسيير روبوت عسكري لفحص الطبق، قبل أن يتبين أنه يحمل زجاجة حارقة.
وشبت أمس حرائق في الأحراش الزراعية الإسرائيلية المحاذية لمستوطنات قطاع غزة، جراء تسيير طائرات ورقية تحمل زجاجات حارقة من غزة تجاه تلك المناطق، فيما أصيب 3 شبان فلسطينيين برصاص الاحتلال عند الحدود.
من جهة ثانية، قررت اللجنة المشتركة للاجئين في قطاع غزة إغلاق مكاتب رؤساء المناطق الخمس في محافظات القطاع الخميس المقبل، احتجاجاً على تقليص «الأونروا» لخدماتها التي تقدمها للاجئين الفلسطينيين، بحجة عدم توفر الدعم اللازم.
وقال محمود خلف، منسق اللجنة، في مؤتمر صحافي، خلال اعتصام نظمته اللجنة بمشاركة العشرات من اللاجئين، إن إغلاق المكاتب سيعتبر بمثابة رسالة تحذيرية لإدارة «الأونروا» من أجل الكف عن وقف الخدمات، وفتح باب التوظيف وتثبيت العقود، وتفعيل مشاريع البطالة، وعدم المساس بالخدمات الإغاثية مطلقاً، وحل الأزمة المالية بعيداً عن الخدمات المقدمة للاجئين.
وطالب خلف «الأونروا» بالإفصاح الفوري عن المبالغ المتراكمة التي تم التبرع بها، مشيراً إلى أن عدداً من الدول تبرعت بمبالغ مهمة لتغطية العجز المالي الذي تعاني منه الأونروا نتيجة وقف الدعم الأميركي، معرباً عن استغرابه من تلويح المسؤولين في الإدارة باستمرار الأزمة، والإشارة إلى أن العام الدراسي الجديد لن يفتح، إلى جانب وقف التوظيف في قطاع التعليم، رغم التبرعات التي حصلت عليها.
كما شدد خلف على ضرورة أن تتوقف «الأونروا» عن تقليص دعمها وخدماتها للاجئين، وأن تجد حلولاً لجميع القضايا، محذراً إدارتها من الاستمرار في هذه السياسة التي تعتبر محاولة لإفساح المجال لشطب كثير من الخدمات، على حد قوله.



ضربات في صعدة... والحوثيون يطلقون صاروخاً اعترضته إسرائيل

عناصر حوثيون يحملون صاروخاً وهمياً خلال مظاهرة في صنعاء ضد الولايات المتحدة وإسرائيل (أ.ب)
عناصر حوثيون يحملون صاروخاً وهمياً خلال مظاهرة في صنعاء ضد الولايات المتحدة وإسرائيل (أ.ب)
TT

ضربات في صعدة... والحوثيون يطلقون صاروخاً اعترضته إسرائيل

عناصر حوثيون يحملون صاروخاً وهمياً خلال مظاهرة في صنعاء ضد الولايات المتحدة وإسرائيل (أ.ب)
عناصر حوثيون يحملون صاروخاً وهمياً خلال مظاهرة في صنعاء ضد الولايات المتحدة وإسرائيل (أ.ب)

تبنّت الجماعة الحوثية إطلاق صاروخ باليستي فرط صوتي، زعمت أنها استهدفت به محطة كهرباء إسرائيلية، الأحد، وذلك بعد ساعات من اعترافها بتلقي ثلاث غارات وصفتها بالأميركية والبريطانية على موقع شرق مدينة صعدة؛ حيث معقلها الرئيسي شمال اليمن.

وفي حين أعلن الجيش الإسرائيلي اعتراض الصاروخ الحوثي، يُعد الهجوم هو الثاني في السنة الجديدة، حيث تُواصل الجماعة، المدعومة من إيران، عملياتها التصعيدية منذ نحو 14 شهراً تحت مزاعم نصرة الفلسطينيين في غزة.

وادعى يحيى سريع، المتحدث العسكري باسم الجماعة الحوثية، في بيان مُتَلفز، أن جماعته استهدفت بصاروخ فرط صوتي من نوع «فلسطين 2» محطة كهرباء «أوروت رابين» جنوب تل أبيب، مع زعمه أن العملية حققت هدفها.

من جهته، أعلن الجيش الإسرائيلي، في بيان، أنه «بعد انطلاق صفارات الإنذار في تلمي اليعازر، جرى اعتراض صاروخ أُطلق من اليمن قبل عبوره إلى المناطق الإسرائيلية».

ويوم الجمعة الماضي، كان الجيش الإسرائيلي قد أفاد، في بيان، بأنه اعترض صاروخاً حوثياً وطائرة مُسيّرة أطلقتها الجماعة دون تسجيل أي أضرار، باستثناء ما أعلنت خدمة الإسعاف الإسرائيلية من تقديم المساعدة لبعض الأشخاص الذين أصيبوا بشكل طفيف خلال هروعهم نحو الملاجئ المحصَّنة.

وجاءت عملية تبنِّي إطلاق الصاروخ وإعلان اعتراضه، عقب اعتراف الجماعة الحوثية باستقبال ثلاث غارات وصفتها بـ«الأميركية البريطانية»، قالت إنها استهدفت موقعاً شرق مدينة صعدة، دون إيراد أي تفاصيل بخصوص نوعية المكان المستهدَف أو الأضرار الناجمة عن الضربات.

مقاتلة أميركية على متن حاملة طائرات في البحر الأحمر (أ.ب)

وإذ لم يُعلق الجيش الأميركي على الفور، بخصوص هذه الضربات، التي تُعد الأولى في السنة الجديدة، كان قد ختتم السنة المنصرمة في 31 ديسمبر (كانون الأول) الماضي، باستهداف منشآت عسكرية خاضعة للحوثيين في صنعاء بـ12 ضربة.

وذكرت وسائل الإعلام الحوثية حينها أن الضربات استهدفت «مجمع العرضي»؛ حيث مباني وزارة الدفاع اليمنية الخاضعة للجماعة في صنعاء، و«مجمع 22 مايو» العسكري؛ والمعروف شعبياً بـ«معسكر الصيانة».

106 قتلى

مع ادعاء الجماعة الحوثية أنها تشن هجماتها ضد السفن في البحر الأحمر وخليج عدن وباتجاه إسرائيل، ابتداء من 19 نوفمبر (تشرين الثاني) 2023، في سياق مناصرتها للفلسطينيين في غزة، كان زعيمها عبد الملك الحوثي قد اعترف، في آخِر خُطبه الأسبوعية، الخميس الماضي، باستقبال 931 غارة جوية وقصفاً بحرياً، خلال عام من التدخل الأميركي، وأن ذلك أدى إلى مقتل 106 أشخاص، وإصابة 314 آخرين.

وكانت الولايات المتحدة قد أنشأت، في ديسمبر 2023، تحالفاً سمّته «حارس الازدهار»؛ ردّاً على هجمات الحوثيين ضد السفن في البحر الأحمر وخليج عدن، قبل أن تشنّ ضرباتها الجوية ابتداء من 12 يناير (كانون الثاني) 2024، بمشاركة بريطانيا في بعض المرات؛ أملاً في إضعاف قدرات الجماعة الهجومية.

دخان يتصاعد من موقع عسكري في صنعاء خاضع للحوثيين على أثر ضربة أميركية (أ.ف.ب)

واستهدفت الضربات مواقع في صنعاء وصعدة وإب وتعز وذمار، في حين استأثرت الحديدة الساحلية بأغلبية الضربات، كما لجأت واشنطن إلى استخدام القاذفات الشبحية، لأول مرة، لاستهداف المواقع الحوثية المحصَّنة، غير أن كل ذلك لم يمنع تصاعد عمليات الجماعة التي تبنّت مهاجمة أكثر من 211 سفينة منذ نوفمبر 2023.

وأدّت هجمات الحوثيين إلى إصابة عشرات السفن بأضرار، وغرق سفينتين، وقرصنة ثالثة، ومقتل 3 بحارة، فضلاً عن تقديرات بتراجع مرور السفن التجارية عبر باب المندب، بنسبة أعلى من 50 في المائة.

4 ضربات إسرائيلية

رداً على تصعيد الحوثيين، الذين شنوا مئات الهجمات بالصواريخ والطائرات المُسيرة باتجاه إسرائيل، ردّت الأخيرة بأربع موجات من الضربات الانتقامية حتى الآن، وهدد قادتها السياسيون والعسكريون الجماعة الحوثية بمصير مُشابه لحركة «حماس» و«حزب الله» اللبناني، مع الوعيد باستهداف البنية التحتية في مناطق سيطرة الجماعة.

ومع توقع أن تُواصل الجماعة الحوثية هجماتها، لا يستبعد المراقبون أن تُوسِّع إسرائيل ردها الانتقامي، على الرغم من أن الهجمات ضدها لم يكن لها أي تأثير هجومي ملموس، باستثناء مُسيَّرة قتلت شخصاً بعد انفجارها بشقة في تل أبيب يوم 19 يوليو (تموز) الماضي.

كذلك تضررت مدرسة إسرائيلية بشكل كبير، جراء انفجار رأس صاروخ، في 19 ديسمبر الماضي، وإصابة نحو 23 شخصاً جراء صاروخ آخر انفجر في 21 من الشهر نفسه.

زجاج متناثر في مطار صنعاء الدولي بعد الغارات الجوية الإسرائيلية (أ.ب)

واستدعت هذه الهجمات الحوثية من إسرائيل الرد، في 20 يوليو الماضي، مستهدفة مستودعات للوقود في ميناء الحديدة، ما أدى إلى مقتل 6 أشخاص، وإصابة نحو 80 آخرين.

وفي 29 سبتمبر (أيلول) الماضي، قصفت إسرائيل مستودعات للوقود في كل من الحديدة وميناء رأس عيسى، كما استهدفت محطتيْ توليد كهرباء في الحديدة، إضافة إلى مطار المدينة الخارج عن الخدمة منذ سنوات، وأسفرت هذه الغارات عن مقتل 4 أشخاص، وإصابة نحو 30 شخصاً.

وتكررت الضربات، في 19 ديسمبر الماضي؛ إذ شنّ الطيران الإسرائيلي نحو 14 غارة على مواني الحديدة الثلاثة، الخاضعة للحوثيين غرب اليمن، وعلى محطتين لتوليد الكهرباء في صنعاء؛ ما أدى إلى مقتل 9 أشخاص، وإصابة 3 آخرين.

وفي المرة الرابعة من الضربات الانتقامية في 26 ديسمبر الماضي، استهدفت تل أبيب، لأول مرة، مطار صنعاء، وضربت في المدينة محطة كهرباء للمرة الثانية، كما استهدفت محطة كهرباء في الحديدة وميناء رأس عيسى النفطي، وهي الضربات التي أدت إلى مقتل 6 أشخاص، وإصابة أكثر من 40، وفق ما اعترفت به السلطات الصحية الخاضعة للجماعة.