برلمان أرمينيا ينتخب زعيم المعارضة رئيساً للوزراء

بدعم من الحزب الجمهوري الحاكم انتخب برلمان أرمينيا أمس زعيم الاحتجاجات نيكول باشينيان رئيسا للوزراء، وذلك بأغلبية 59 صوتا مؤيدا مقابل 42 صوتا معارضا، على الرغم من أن المعارضة لا تحظى بأكثرية برلمانية. ودعا باشينيان إلى إنهاء الاحتجاجات بعدما تعهد نواب الحزب الجمهوري الذي يملك أكثرية نيابية (58 مقعدا من أصل 105) بدعم محاولته الثانية للفوز بالمنصب. وقبل إجراء الانتخاب قال نائب عن الحزب الجمهوري لـ«رويترز» إن «الحزب سيقدم الدعم الإضافي المطلوب لانتخاب رئيس وزراء جديد في تصويت البرلمان اليوم (أمس) الثلاثاء».
والسياسي المعارض باشينيان كان المرشح الوحيد للمنصب، وفوزه جاء على الرغم من أن المعارضة لا تملك أكثرية برلمانية من أجل فرض مرشحها، لكن دعم الحزب الحاكم الذي واجه احتجاجات مستمرة منذ منتصف أبريل (نيسان) الماضي أدخلت البلاد في أزمة سياسية، نزع فتيل الأزمة، مما يشكل تحولا في المشهد السياسي في البلاد.
وجاء انتخاب باشينيان، العضو البرلماني من حزب معارض صغير، في محاولته الثانية بصفته مرشحا للمنصب. وكان باشينيان فشل في الحصول على غالبية الأصوات الأسبوع الماضي، مما أثار المخاوف من إمكانية دخول الدولة القوقازية في أخطر أزمة سياسية تواجهها منذ سنوات.
وقال زعيم الكتلة البرلمانية للحزب الجمهوري فاغرام باغداسريان إن حزبه دعم باشينيان «لضمان الاستقرار» في البلاد. وقال: «لم نغير موقفنا. نحن ضد ترشح نيكول باشينيان، لكن الأهم بالنسبة إلينا هو ضمان الاستقرار في البلاد».

وضمن الصحافي السابق كذلك دعم حزبين رئيسيين هما «أرمينيا المزدهرة» و«الطاشناق» أو «الاتحاد الثوري الأرمني» حيث كانا رشحاه للمنصب إلى جانب ائتلافه المعارض «إلك».
وقبيل جلسة التصويت، تجمع الآلاف من أنصار باشينيان في «ساحة الجمهورية» وسط يريفان حيث هتفوا: «نيكول رئيسا للوزراء». لكن المحللين السياسيين يستبعدون أن يضع انتخاب باشينيان حدا للأزمة السياسية حيث لا يزال الحزب الجمهوري يحافظ على الأغلبية في البرلمان وبالتالي بإمكانه عرقلة تمرير قراراته. وقال المحلل فيغن أكوبيان إن إجراء انتخابات مبكرة أمر لا مفر منه.
وكان من شأن عدم انتخاب أي مرشح للمنصب أن يتم حل البرلمان وإجراء انتخابات مبكرة. وقال باشينيان أمام البرلمان قبيل التصويت: «لن يكون هناك أشخاص يحظون بامتيازات في أرمينيا... نتيجة الانتخابات لن يتم تزويرها بعد الآن. لن يتم تقديم رشى». كما قال باشينيان في تعليقات نقلتها وكالة الأنباء الرسمية «أرمن برس» إن «القيادة لن تكون وسيلة لكسب المال.
سوف يتم القضاء على الفساد». وأضاف رئيس الوزراء الجديد البالغ من العمر 42 عاما، في تصريحات أوردتها وكالة الصحافة الفرنسية، أن العلاقات مع روسيا، التي سارعت لتهنئته، «ستبقى أولوية». وقال باشينيان إن «التعاون العسكري مع روسيا عامل مهم لضمان أمن بلادنا»، مشيرا إلى نزاع مستمر منذ عقدين بين بلاده وأذربيجان المجاورة. وأضاف: «سنطور كذلك العلاقات مع الدول الأوروبية والولايات المتحدة وإيران وجورجيا والصين والهند».
المحلل ستيبان سافاريان أشار في تصريحات لوكالة الصحافة الفرنسية، إلى أن أرمينيا تدخل الآن في «فترة اختلال للتوازن مثيرة للاهتمام». وأوضح أنه ريثما تجرى انتخابات جديدة «فسيكون على باشينيان المناورة بين رغبة الشعب والحزب البرلماني الحاكم الذي لا ينتمي إليه والذي لا يمكن أن يدعمه».
وضغط باشينيان، الذي يحظى بشعبية واسعة، خلال الأسابيع الأخيرة على الحزب الحاكم من خلال حملة عصيان مدني غير مسبوقة دفعت الزعيم المخضرم سيرج سركيسيان إلى الاستقالة بشكل مفاجئ بعد أسبوع فقط من عودته إلى منصب رئيس الوزراء الذي مُنِح صلاحيات واسعة مؤخرا بعدما بقي رئيسا للبلاد على مدى 10 سنوات. واتهمت حركة باشينيان الاحتجاجية سركيسيان بالتشبث بالحكم بشكل سافر. وأعرب مراقبون عن قلقهم من إمكانية زعزعة الأزمة الاستقرار في البلاد.
وفي ديسمبر (كانون الأول) 2015، تم إقرار تعديلات دستورية مثيرة للجدل أطلقها سركيسيان بعد استفتاء صوت 63 في المائة من المشاركين فيه لصالح تحول البلاد إلى جمهورية برلمانية تتركز كامل السلطات التنفيذية فيها بأيدي رئيس الوزراء. وقال مراقبون من «مجلس أوروبا» إن الاتهامات بعمليات واسعة لشراء الأصوات والتصويت عدة مرات وغيرها من التجاوزات خيمت على الاستفتاء. ويتهم المعارضون سركيسيان والجمهوريين بالفساد والخضوع لنفوذ الطبقة الثرية النافذة والفشل في معالجة أزمة الفقر.
وهنأ الرئيس الروسي فلاديمير بوتين والاتحاد الأوروبي نيكول باشينيان على توليه منصب رئاسة وزراء أرمينيا. ونقل الكرملين عن بوتين القول إنه على ثقة أن باشينيان سوف «يتمكن من تعزيز العلاقات الودية بين الدولتين». وقال بوتين في بيان نشره الكرملين: «آمل في أن يساهم عملك رئيس حكومة في تعزيز علاقات الصداقة والتحالف بين بلدينا بشكل إضافي».
وقال الاتحاد الأوروبي إنه يتطلع للعمل مع باشينيان لتنفيذ اتفاق الشراكة المعززة الذي تم توقيعه في نوفمبر (تشرين الثاني) الماضي، وذلك بحسب بيان صادر عن مكتب السياسة الخارجية بالتكتل الأوروبي.