اغتيال مرشح في الانتخابات العراقية يسلّط الضوء على التحديات الأمنية عشية الاقتراع

علاوي يطالب بتحقيق عاجل... و«داعش» يتبنى

لافتة لمرشحة في الانتخابات النيابية في بغداد أمس (رويترز)
لافتة لمرشحة في الانتخابات النيابية في بغداد أمس (رويترز)
TT

اغتيال مرشح في الانتخابات العراقية يسلّط الضوء على التحديات الأمنية عشية الاقتراع

لافتة لمرشحة في الانتخابات النيابية في بغداد أمس (رويترز)
لافتة لمرشحة في الانتخابات النيابية في بغداد أمس (رويترز)

تبنى تنظيم داعش، أمس الاثنين، اغتيال أحد مرشحي «ائتلاف الوطنية» الذي يتزعمه رئيس الوزراء السابق إياد علاوي في مدينة الموصل (400 كلم شمال بغداد)، في حادث جديد يسلّط الضوء على التحديات الأمنية التي يواجهها العراق قبل أيام فقط من بدء عمليات الاقتراع في الانتخابات النيابية. وعلى الرغم من إعلان «داعش» مسؤوليته عن عملية الاغتيال، فإن مصادر اعتبرت الجريمة جزءاً من الصراع السياسي المحتدم في هذه المحافظة التي بقيت ترزح تحت احتلال «داعش» لمدة ثلاثة أعوام (2014 - 2017).
وأعلن «داعش»، في بيان مقتضب عبر حساباته على تطبيق «تلغرام» أمس، مسؤوليته عن اغتيال الدكتور فاروق زرزور الجبوري المرشح عن قائمة «التجمع المدني للإصلاح» الذي يتزعمه رئيس البرلمان سليم الجبوري والمتحالف مع «ائتلاف الوطنية» بزعامة إياد علاوي. وصدر إعلان التبني في وقت أوضح صالح الجبوري، مدير ناحية القيارة في محافظة الموصل، إن مسلحين اغتالوا فجر الاثنين فاروق زرزور الجبوري بإطلاق الرصاص عليه بعدما داهموا منزله في ناحية اللزاكة، بمنطقة القيارة، على بعد 70 كيلومتراً جنوب الموصل.
وطالب زعيم «ائتلاف الوطنية» إياد علاوي الحكومة بإجراء تحقيق فوري في هذا الحادث لمعرفة ملابسات الجريمة ومن يقف خلفها. وقال مكتب علاوي، في بيان، إن «عصابات الإرهاب والتطرف تواصل تصعيدها لتضيف جريمة شنيعة أخرى إلى سجل جرائمها الملطخ بدماء الأبرياء من أبناء شعبنا الأبي، بعد أن أقدمت وبطريقة بشعة على اغتيال فاروق الزرزور المرشح عن ائتلاف الوطنية في محافظة نينوى». وأضاف البيان أن «لا شك أن هذه الجريمة النكراء تأتي ضمن مسلسل ممنهج»، مبيّناً أن «العملية الانتخابية والسياسية بوجود هذه الفوضى وصلت إلى مستوى متدن من الابتذال والحملات المشبوهة التي تقوم على الرياء والكذب، وصولاً إلى عمليات الاستهداف المتكررة». وأكد بيان علاوي أن «مقتل المرشح فاروق الجبوري والاعتداءات ومحاولات الاغتيال الأخرى، لن يزيدنا إلا عزماً وإصراراً على مواصلة مسيرة الإصلاح»، مطالباً بـ«إجراء تحقيق عاجل لمعرفة ملابسات الجريمة ومن يقف خلفها، وكذلك المحاولات التي استهدفت مرشحين آخرين وناشطين والتي قدّمنا معلومات عنها إلى الأجهزة الأمنية».
في المقابل، قال الدكتور طارق الكسار أستاذ العلوم السياسية في جامعة الموصل وزميل المغدور إن عملية الاغتيال «لا تخرج عن سياق الصراع السياسي المحتدم في الموصل بشكل لم يسبق له مثيل». وأضاف الكسار لـ«الشرق الأوسط» أن «عدد المقاعد في محافظة نينوى 31 مقعداً يتنافس عليها 907 مرشحين، وهذا عدد كبير جداً يشير إلى وجود صراع سياسي عنيف لا تحمد عواقبه». وحول تبني «داعش» الاغتيال، قال الكسار إن هذا التنظيم «هو في أضعف حالاته في مناطق جنوب الموصل، بما في ذلك القرية التي تمت فيها عملية اغتيال الدكتور فاروق»، معتبراً أن «(داعش) يمكن أن يستغل الجو السياسي لكن لا يمكنه أن يؤذي خلاياه النائمة في المنطقة نظراً لما يمكن أن يترتب على ذلك من انتقام يمكن أن يلي عملية الاغتيال».
وفي الإطار ذاته، أفادت «رويترز» بأن مسؤولين أمنيين قالوا إنهم يشككون في إعلان التبني الصادر عن «داعش» وبأنهم يتعاملون مع الواقعة باعتبارها اغتيالاً سياسيا. وأضافوا أن شقيق زرزور وثمانية أشخاص آخرين اعتقلوا للاشتباه في تورطهم في الأمر. وأشارت «رويترز» إلى أن زرزور كان مستشاراً لرئيس البرلمان سليم الجبوري، مضيفة أن مسلحي «داعش» هددوا من قبل بشن هجمات قبل الانتخابات وحذّروا العرب السنة من المشاركة فيها. لكنها أشارت، في الوقت ذاته، إلى أن مسلحي التنظيم أعلنوا من قبل المسؤولية عن عدة هجمات لم تحدث أصلاً.
من جهتها، أكدت ميسون الدملوجي، عضو البرلمان العراقي والقيادية البارزة في «ائتلاف الوطنية»، لـ«الشرق الأوسط» أن «عملية الاغتيال هذه ليست الأولى التي يتعرض لها مرشحون ينتمون إلى ائتلاف الوطنية أو الكتل المؤتلفة معها»، مبيّنة أن «مثل هذه الممارسات تؤكد ما كنّا نقوله دائماً بشأن أهمية أن تتحمل الحكومة بالدرجة الأولى المسؤولية الأساسية في توفير البيئة الآمنة لإجراء الانتخابات بيد أن هذا الأمر لم يتحقق بكل أسف سواء في هذه الانتخابات التي شهدت اغتيال مرشح الوطنية والتجمع المدني للإصلاح في الموصل أو الانتخابات الماضية حيث كان نصيب الوطنية هو الأبرز في عملية الاستهدافات». وأوضحت الدملوجي أنه «بصرف النظر عما إذا كان الفاعل ينتمي إلى التنظيمات الإرهابية، ومنها تنظيم داعش، أو عصابات الجريمة المنظمة، فإن النتيجة واحدة وهي وجود ضعف وتراخ من قبل الأجهزة المعنية في حماية الشخصيات السياسية ومنهم المرشحون للانتخابات». وأشارت إلى أن «مشروع الوطنية العابر للعرقية والطائفية يمثّل خطراً على كل من لا يروق له ذلك سواء كان تنظيماً إرهابياً أم عصابات منفلتة تحمل السلاح خارج إطار الدولة».
وأعلن رئيس الوزراء العراقي حيدر العبادي النصر على تنظيم داعش في ديسمبر (كانون الأول) الماضي، بعد خمسة أشهر من استعادة قواته السيطرة على مدينة الموصل ثاني أكبر مدن العراق بعد معركة طويلة ضد المسلحين المتشددين.



«الرئاسي اليمني» يُطلق حرباً على الفساد في المؤسسات الحكومية

مجلس القيادة الرئاسي في اليمن يبدأ حملة واسعة لمكافحة الفساد وحماية المال العام (سبأ)
مجلس القيادة الرئاسي في اليمن يبدأ حملة واسعة لمكافحة الفساد وحماية المال العام (سبأ)
TT

«الرئاسي اليمني» يُطلق حرباً على الفساد في المؤسسات الحكومية

مجلس القيادة الرئاسي في اليمن يبدأ حملة واسعة لمكافحة الفساد وحماية المال العام (سبأ)
مجلس القيادة الرئاسي في اليمن يبدأ حملة واسعة لمكافحة الفساد وحماية المال العام (سبأ)

في خطوة غير مسبوقة تهدف إلى مواجهة الفساد المستشري في المؤسسات الحكومية وحماية المال العام، أعلن مجلس القيادة الرئاسي في اليمن حزمة من الإجراءات المنسقة لمكافحة الفساد وغسل الأموال وتمويل الإرهاب، وتعزيز المركز القانوني للدولة، وذلك بعد تلقي المجلس تقارير من الأجهزة الرقابية والقضائية حول قضايا فساد كبرى وقعت في الأعوام الأخيرة.

وأفاد الإعلام الرسمي بأنه، بناءً على توصيات من رئيس مجلس القيادة الرئاسي رشاد العليمي، صدرت توجيهات مستعجلة لاستكمال إجراءات التحقيق في القضايا قيد النظر، مع متابعة الجهات المتخلفة عن التعاون مع الأجهزة الرقابية.

وشدد مجلس الحكم اليمني على إحالة القضايا المتعلقة بالفساد إلى السلطة القضائية، مع توجيهات صريحة بملاحقة المتهمين داخل البلاد وخارجها عبر «الإنتربول» الدولي.

رئيس مجلس القيادة الرئاسي في اليمن رشاد العليمي (سبأ)

وأمر العليمي -حسب المصادر الرسمية- بتشكيل فريق لتقييم أداء هيئة أراضي الدولة وعقاراتها، التي تواجه اتهامات بتسهيل الاستيلاء على أراضيها من قِبل شخصيات نافذة. كما شدد على إلغاء جميع التصرفات المخالفة للقانون وملاحقة المتورطين.

وبينما تشير هذه الخطوات الجادة من مجلس القيادة الرئاسي إلى التزام الحكومة اليمنية بمكافحة الفساد، وتحسين الأداء المؤسسي، وتعزيز الشفافية، يتطلّع الشارع اليمني إلى رؤية تأثير ملموس لهذه الإجراءات في بناء دولة القانون، وحماية موارد البلاد من العبث والاستغلال.

النيابة تحرّك 20 قضية

ووفقاً لتقرير النائب العام اليمني، تم تحريك الدعوى الجزائية في أكثر من 20 قضية تشمل جرائم الفساد المالي، وغسل الأموال، وتمويل الإرهاب، والتهرب الضريبي. ومن بين القضايا التي أُحيلت إلى محاكم الأموال العامة، هناك قضايا تتعلّق بعدم التزام بنوك وشركات صرافة بالقوانين المالية؛ مما أدى إلى إدانات قضائية وغرامات بملايين الريالات.

كما تناولت النيابة العامة ملفات فساد في عقود تنفيذ مشروعات حيوية، وعقود إيجار لتوليد الطاقة، والتعدي على أراضي الدولة، وقضايا تتعلق بمحاولة الاستيلاء على مشتقات نفطية بطرق غير مشروعة.

مبنى المجمع القضائي في العاصمة اليمنية المؤقتة عدن (سبأ)

ومع ذلك، اشتكت النيابة من عدم تجاوب بعض الجهات الحكومية مع طلبات توفير الأدلة والوثائق، مما أدى إلى تعثر التصرف في قضايا مهمة.

وأوردت النيابة العامة مثالاً على ذلك بقضية الإضرار بمصلحة الدولة والتهرب الجمركي من قبل محافظ سابق قالت إنه لا يزال يرفض المثول أمام القضاء حتى اليوم، بعد أن تمّ تجميد نحو 27 مليار ريال يمني من أرصدته مع استمرار ملاحقته لتوريد عشرات المليارات المختلسة من الأموال العامة. (الدولار يساوي نحو 2000 ريال في مناطق سيطرة الحكومة اليمنية).

وعلى صعيد التعاون الدولي، أوضحت النيابة العامة أنها تلقت طلبات لتجميد أرصدة أشخاص وكيانات متورطين في غسل الأموال وتمويل الإرهاب. وبينما أصدرت النيابة قرارات تجميد لبعض الحسابات المرتبطة بميليشيات الحوثي، طلبت أدلة إضافية من وزارة الخزانة الأميركية لتعزيز قراراتها.

تجاوزات مالية وإدارية

وكشف الجهاز المركزي اليمني للرقابة والمحاسبة، في تقريره المقدم إلى مجلس القيادة الرئاسي، عن خروقات جسيمة في أداء البنك المركزي منذ نقله إلى عدن في 2016 وحتى نهاية 2021. وتضمنت التجاوزات التلاعب في الموارد المالية، والتحصيل غير القانوني للرسوم القنصلية، وتوريد إيرادات غير مكتملة في القنصلية العامة بجدة وسفارتي اليمن في مصر والأردن.

وأفاد الجهاز الرقابي بأن التجاوزات في القنصلية اليمنية في جدة بلغت 156 مليون ريال سعودي، تم توريد 12 مليون ريال فقط منها إيرادات عامة، في حين استولت جهات أخرى على الفارق. أما في مصر فتم الكشف عن استيلاء موظفين في السفارة على 268 ألف دولار من إيرادات الدخل القنصلي باستخدام وثائق مزورة.

وفي قطاع الكهرباء، كشف تقرير الجهاز المركزي للرقابة والمحاسبة عن مخالفات جسيمة في عقود توفير المشتقات النفطية، تضمّنت تضخيم تكلفة التعاقدات وإهدار المال العام بقيمة تزيد على 285 مليون دولار. كما أشار التقرير إلى اختلالات في عقود السفينة العائمة لتوليد الطاقة التي تضمنت بنوداً مجحفة وإعفاءات ضريبية وجمركية للشركة المتعاقد معها.

وتحدّث الجهاز الرقابي اليمني عن اعتداءات ممنهجة على أراضي الدولة، تشمل مساحة تزيد على 476 مليون متر مربع، وقال إن هذه الاعتداءات نُفّذت بواسطة مجاميع مسلحة وشخصيات نافذة استغلّت ظروف الحرب لنهب ممتلكات الدولة. كما تم تسليم أراضٍ لمستثمرين غير جادين تحت ذرائع قانونية؛ مما تسبّب في إهدار أصول حكومية ضخمة.

وحسب التقارير الرقابية، تواجه شركة «بترومسيلة» التي أُنشئت لتشغيل قطاع 14 النفطي في حضرموت (شرق اليمن)، اتهامات بتجاوز نطاق عملها الأساسي نحو مشروعات أخرى دون شفافية، إلى جانب اتهامها بتحويل أكثر من مليار دولار إلى حساباتها الخارجية، مع غياب الرقابة من وزارة النفط والجهاز المركزي.