نزوح آلاف العوائل المسيحية من سهل نينوى إلى أربيل

هربا من قصف «داعش» والظروف الحياتية الصعبة

«ثوار العشائر العراقية» لـ «الشرق الأوسط»: «داعش» صنيعة إيرانية
«ثوار العشائر العراقية» لـ «الشرق الأوسط»: «داعش» صنيعة إيرانية
TT

نزوح آلاف العوائل المسيحية من سهل نينوى إلى أربيل

«ثوار العشائر العراقية» لـ «الشرق الأوسط»: «داعش» صنيعة إيرانية
«ثوار العشائر العراقية» لـ «الشرق الأوسط»: «داعش» صنيعة إيرانية

شهدت منطقة قرقوش التابعة لقضاء الحمدانية في سهل نينوى أمس الخميس نزوح أكثر من 5 آلاف مسيحي، بسبب قصف مدفعي تعرضت له المنطقة من قبل مسلحي الدولة الإسلامية في العراق والشام (داعش)، فيما بين النازحون أن الخوف من قدوم «داعش» إلى مناطقهم والنقص الحاد في الكهرباء والماء دفعا بهم إلى النزوح نحو مناطق إقليم كردستان.
وقالت المواطنة سلفانا بطرس، في حديث لـ«الشرق الأوسط» عن كيفية نزوحهم من قرقوش «حدث انفجار قوي لا أعلم نوعه، فنحن كنا نائمين واستيقظنا على دويه، فقط أعرف أننا ومن الخوف ركبنا السيارة وجئنا إلى أربيل. نخشى من إعادة أحداث الموصل. (داعش) هددتنا مرارا، ونحن خرجنا من المحافظة لكي لا نتعرض لهجومهم».
ماريا متى، مسيحية أخرى كانت جالسة على مجموعة مما استطاعت أن تجلبه معها من حاجيات ضرورية، تحدثت لـ«الشرق الأوسط»: «أكثر من 10 أيام ونحن محرومون من الماء والكهرباء. لدي ابنان يعملان في الشرطة عادا منتصف الليل هاربين من واجباتهما خوفا، وأخبرانا بأن الأوضاع تدهورت في قرقوش، ثم بدأ قصف قوي على القضاء، فتوجهنا على أثره إلى إقليم كردستان».
من جهته، قال المواطن المسيحي سالم اشور إن «(داعش) وصلت إلى القرى المحيطة بالحمدانية، ومنها بدأت تقصف المناطق ذات الغالبية المسيحية في سهل نينوى بالمدافع والهاونات، فلم يبق أي شخص في قرقوش. العوائل كلها هربت والنزوح مستمر لحد الآن»، مشيرا إلى أن مناطقهم تشهد حاليا قتالا عنيفا بين «داعش» والبيشمركة.
يوسف روميو، مواطن آخر جاء مع عائلته المكونة من 11 شخصا إلى أربيل، حيث خصصت حكومة الإقليم بالتعاون مع الكنيسة الكلدانية مركزا لإيواء هذه العوائل في منطقة عينكاوا التي تسكنها غالبية مسيحية في أربيل. وقال يوسف لـ«الشرق الأوسط» لم «نستطع البارحة النوم، حيث بدأ قصف شديد من منتصف الليل على المدينة، من القرى المجاورة ومن منطقة الحاوي - طريق الموصل باتجاهنا، فجئنا إلى أربيل هربا من المصير المجهول».
ودعا روميو الحكومة العراقية إلى بذل ما في وسعها من أجل استتباب الأمن والاستقرار في الموصل، متوقعا زيادة عدد النازحين في الساعات القليلة المقبلة مع شدة القصف والمعارك العنيفة التي تشهدها قرقوش بين قوات البيشمركة و«داعش».
بدوره، كشف القس ريان بولص، من أبرشية الكنيسة الكلدانية بعينكاوا، لـ«الشرق الأوسط»، أن «الكنيسة بدأت منذ أول لحظة لبدء عملية النزوح في فتح المركز الأول في المدارس بمنطقة عينكاوا لإيواء النازحين، والآن وصل عدد المراكز المخصصة لهم إلى خمسة مراكز امتلأت كاملة بالنازحين».
وتابع بولص أن عدد النازحين المسيحيين وصل إلى أكثر من خمسة آلاف نازح، وقدمنا لهم الطعام والماء والمبيت المريح، ووفرت حكومة الإقليم الخدمات الصحية للمراكز، لأن هنا مرضى في صفوف النازحين، وهناك دعم من المنظمات الدولية أيضا.
وشدد القس بولص على أنهم يتواصلون في تقديم الخدمات والحاجيات الضرورية للنازحين، معربا عن تمنياته بانتهاء هذه الظروف وبسط الأمن والأمان وعودة هؤلاء النازحين إلى ديارهم.
وناشد القس بولص حكومة الإقليم بحماية حياة المسيحيين ومنطقته قرقوش من هجمات «داعش»، مشيرا إلى أن المواجهات العسكرية مستمرة الآن في قرقوش بين البيشمركة وتنظيم داعش الذي يريد دخول المنطقة.
يذكر أن مدينة الموصل مركز محافظة نينوى شهدت في 10 يونيو (حزيران) الحالي انهيارا امنيا، حيث انسحب الجيش العراقي منها تاركا وراءه كميات كبيرة من الأسلحة والأعتدة ليسيطر عليها تنظيم الدولة الإسلامية في العراق والشام (داعش). وذكر شهود عيان لـ«الشرق الأوسط» أن «داعش» بدأت باستخدام هذه الأسلحة في معاركها في المناطق الأخرى من العراق لفرض سيطرتها عليها.



​انخفاض صادرات العسل في اليمن بنسبة 50 %‎

نحّال يمني بمحافظة تعز حيث تسبب حصار الحوثيين في تراجع إنتاج العسل (أ.ف.ب)
نحّال يمني بمحافظة تعز حيث تسبب حصار الحوثيين في تراجع إنتاج العسل (أ.ف.ب)
TT

​انخفاض صادرات العسل في اليمن بنسبة 50 %‎

نحّال يمني بمحافظة تعز حيث تسبب حصار الحوثيين في تراجع إنتاج العسل (أ.ف.ب)
نحّال يمني بمحافظة تعز حيث تسبب حصار الحوثيين في تراجع إنتاج العسل (أ.ف.ب)

انخفض إنتاج وتصدير العسل في اليمن خلال السنوات الخمس الأخيرة بنسبة تصل إلى 50 في المائة بسبب تغيرات المناخ، وارتفاع درجة الحرارة، إلى جانب آثار الحرب التي أشعلها الحوثيون، وذلك طبقاً لما جاء في دراسة دولية حديثة.

وأظهرت الدراسة التي نُفّذت لصالح اللجنة الدولية للصليب الأحمر أنه خلال السنوات الخمس الماضية، وفي المناطق ذات الطقس الحار، انخفض تعداد مستعمرات النحل بنسبة 10 - 15 في المائة في حين تسبب الصراع أيضاً في انخفاض إنتاج العسل وصادراته بأكثر من 50 في المائة، إذ تركت سنوات من الصراع المسلح والعنف والصعوبات الاقتصادية سكان البلاد يكافحون من أجل التكيف، مما دفع الخدمات الأساسية إلى حافة الانهيار.

100 ألف أسرة يمنية تعتمد في معيشتها على عائدات بيع العسل (إعلام محلي)

ومع تأكيد معدّي الدراسة أن تربية النحل ليست حيوية للأمن الغذائي في اليمن فحسب، بل إنها أيضاً مصدر دخل لنحو 100 ألف أسرة، أوضحوا أن تغير المناخ يؤثر بشدة على تربية النحل، مما يتسبب في زيادة الإجهاد الحراري، وتقليل إنتاج العسل.

وأشارت الدراسة إلى أن هطول الأمطار غير المنتظمة والحرارة الشديدة تؤثران سلباً على مستعمرات النحل، مما يؤدي إلى انخفاض البحث عن الرحيق وتعطيل دورات الإزهار، وأن هذه التغييرات أدت إلى انخفاض إنتاج العسل في المناطق الأكثر حرارة، وأدت إلى إجهاد سبل عيش مربي النحل.

تغيرات المناخ

في حين تتفاقم الأزمة الإنسانية في اليمن، ويعتمد 70 في المائة من السكان على المساعدات، ويعيش أكثر من 80 في المائة تحت خط الفقر، توقعت الدراسة أن يؤدي تغير المناخ إلى ارتفاع درجات الحرارة في هذا البلد بمقدار 1.2 - 3.3 درجة مئوية بحلول عام 2060، وأن تزداد درجات الحرارة القصوى، حيث ستصبح الأيام الأكثر سخونة بحلول نهاية هذا القرن بمقدار 3 - 7 درجات مئوية عما هي عليه اليوم.

شابة يمنية تروج لأحد أنواع العسل في مهرجان بصنعاء (إعلام محلي)

وإذ ينبه معدّو الدراسة إلى أن اليمن سيشهد أحداثاً جوية أكثر شدة، بما في ذلك الفيضانات الشديدة، والجفاف، وزيادة وتيرة العواصف؛ وفق ما ذكر مركز المناخ، ذكروا أنه بالنسبة لمربي النحل في اليمن، أصبحت حالات الجفاف وانخفاض مستويات هطول الأمطار شائعة بشكل زائد. وقد أدى هذا إلى زيادة ندرة المياه، التي يقول مربو النحل إنها التحدي المحلي الرئيس لأي إنتاج زراعي، بما في ذلك تربية النحل.

ووفق بيانات الدراسة، تبع ذلك الوضع اتجاه هبوطي مماثل فيما يتعلق بتوفر الغذاء للنحل، إذ يعتمد مربو النحل على النباتات البرية بصفتها مصدراً للغذاء، والتي أصبحت نادرة بشكل زائد في السنوات العشر الماضية، ولم يعد النحل يجد الكمية نفسها أو الجودة من الرحيق في الأزهار.

وبسبب تدهور مصادر المياه والغذاء المحلية، يساور القلق - بحسب الدراسة - من اضطرار النحل إلى إنفاق مزيد من الطاقة والوقت في البحث عن هذين المصدرين اللذين يدعمان الحياة.

وبحسب هذه النتائج، فإن قيام النحل بمفرده بالبحث عن الماء والطعام والطيران لفترات أطول من الزمن وإلى مسافات أبعد يؤدي إلى قلة الإنتاج.

وذكرت الدراسة أنه من ناحية أخرى، فإن زيادة حجم الأمطار بسبب تغير المناخ تؤدي إلى حدوث فيضانات عنيفة بشكل متكرر. وقد أدى هذا إلى تدمير مستعمرات النحل بأكملها، وترك النحّالين من دون مستعمرة واحدة في بعض المحافظات، مثل حضرموت وشبوة.

برنامج للدعم

لأن تأثيرات تغير المناخ على المجتمعات المتضررة من الصراع في اليمن تشكل تحدياً عاجلاً وحاسماً لعمل اللجنة الدولية للصليب الأحمر الإنساني، أفادت اللجنة بأنها اتخذت منذ عام 2021 خطوات لتوسيع نطاق سبل العيش القائمة على الزراعة للنازحين داخلياً المتضررين من النزاع، والعائدين والأسر المضيفة لمعالجة دعم الدخل، وتنويع سبل العيش، ومن بينها مشروع تربية النحل المتكامل.

الأمطار الغزيرة تؤدي إلى تدمير مستعمرات النحل في اليمن (إعلام محلي)

ويقدم البرنامج فرصة لدمج الأنشطة الخاصة بالمناخ التي تدعم المجتمعات لتكون أكثر قدرة على الصمود في مواجهة تغير المناخ، ومعالجة تأثير الصراع أيضاً. ومن ضمنها معلومات عن تغير المناخ وتأثيراته، وبعض الأمثلة على تدابير التكيف لتربية النحل، مثل استخدام الظل لحماية خلايا النحل من أشعة الشمس، وزيادة وعي النحالين بتغير المناخ مع المساعدة في تحديث مهاراتهم.

واستجابة لارتفاع درجات الحرارة الناجم عن تغير المناخ، وزيادة حالات الجفاف التي أسهمت في إزالة الغابات والتصحر، نفذت اللجنة الدولية للصليب الأحمر أيضاً برنامجاً لتعزيز قدرة المؤسسات المحلية على تحسين شبكة مشاتل أنشطة التشجير في خمس محافظات، لإنتاج وتوزيع أكثر من 600 ألف شتلة لتوفير العلف على مدار العام للنحل.