مكتب العبادي يتحدث عن ضغط على ناخبي كردستان

الحزب الديمقراطي الكردستاني نفى... والمعارضة الكردية أكدت

TT

مكتب العبادي يتحدث عن ضغط على ناخبي كردستان

تعليقاً على الأنباء التي تحدثت عن وجود «ضغوط» على منتسبي القوات الأمنية والموظفين في إقليم كردستان، بهدف إرغامهم على التصويت لصالح جهات معينة، اعتبر المتحدث باسم مكتب رئيس الوزراء سعد الحديثي ذلك «مخالفة خطيرة للقوانين، وأن القائمين عليها سيتعرضون للمساءلة القانونية»، وفيما نفى «الحزب الديمقراطي الكردستاني» تلك الأنباء، تؤكد جهات كردية معارضة ممارسة بعض الجهات في الإقليم ضغوطاً من هذا النوع على الناخبين.
وكان مكتب رئيس الوزراء أصدر أمس، بياناً قال فيه «تتوارد أنباء عن وجود ضغوط يتعرض لها منتسبو القوات الأمنية وموظفو الدولة في إقليم كردستان من قبل أطراف في الأحزاب الحاكمة، وتخويفهم بإنزال عقوبات بحقهم، كالنقل والفصل، وذلك لإرغامهم على التصويت باتجاه معين». وأكد المتحدث باسم المكتب سعد الحديثي، أن «هذه الإجراءات إن صحت فإنها مخالفة خطيرة للقوانين، وأن القائمين عليها سيتعرضون للمساءلة القانونية. فواجب أجهزة الدولة ضمان نزاهة الانتخابات واحترام حرية وسرية اقتراع الناخبين»، داعياً المواطنين في الإقليم إلى «عدم الاكتراث لمثل هذه التهديدات، وأننا سنقف معهم، ونساندهم في ممارسة حقهم الانتخابي بكل حرية وحسب قناعة كل منهم».
بدورها، قالت النائبة عن الحزب الديمقراطي الكردستاني، نجيبة نجيب، إنه «ليس من حق الحديثي توجيه الاتهامات بهذه الطريقة من دون دليل، خصوصاً أنه متحدث باسم الحكومة، وليس منافساً في السباق الانتخابي في كردستان». وأكدت: «لا توجد أي ضغوط على الناخبين في الإقليم مع وجود نظام العد الإلكتروني والتصويت السري، وذلك كفيل برد الاتهامات من أي جهة، كما أننا أمام أسبوع كامل للذهاب إلى الانتخاب، فكيف حدثت عملية الضغط على الناخبين».
وترى نجيب أن «وجود قائمة انتخابية لرئيس الوزراء العبادي في محافظات الإقليم تؤكد عدم وجود ضغوط، ومساحة التسامح التي يتمتع بها الإقليم»، مضيفة: «لو كان الحزب الديمقراطي يضغط على الناخبين بهدف الحصول على أصوات الناخبين، لحصدنا جميع الأصوات».
وحول الاتهامات التي توجهها بعض القوى الكردية المعارضة للحزب الديمقراطي بشأن الضغط على الناخبين، تلفت نجيبة نجيب إلى أن «مشكلة المعارضة الكردية أنها تركز على استراتيجية مهاجمة الحزب الديمقراطي بدلاً عن تقديم برامج انتخابية واقعية تخدم الإقليم ومواطنيه».
من جانبه، يتفق النائب عن «الجماعة الإسلامية» الكردستانية زانا سعيد بشأن «الضغوط» التي تمارس على الناخبين في الإقليم، ويقول لـ«الشرق الأوسط»: «قوات البيشمركة وحرس الحدود والأسايش مغلقة في أربيل للحزب الديمقراطي، وفي السليمانية لحزب الاتحاد، وأفراد هذه القوات لا يملكون حرية الاختيار». ويذهب زانا، وهو من أبرز الوجوه الكردية المعارضة لحكومة أربيل والحزب الديمقراطي، بعيداً في انتقادات السلطات في كردستان، ويؤكد أن «أفراد الأمن في الإقليم عموماً يهددون بالفصل وإجراءات صارمة أخرى في حال لم يصوتوا لجهات أخرى، وفي بعض الأحيان تطالبهم الجهات النافذة بالتقاط صور عبر الهاتف الجوَّال الخاص لإثبات نتيجة التصويت». ويلفت إلى أن «بعض منتسبي الجهات الأمنية يتعاطفون مع أحزاب المعارضة، لكنهم غير قادرين على التصويت لها خوفاً من العقوبة. المفارقة أن قوات الأمن في الحكومة المركزية تُوقع على تعهد على عدم انتمائها لأي جهة حزبية، فيما قوات الأمن في الإقليم يشترط بها الانتماء لهذا الحزب أو ذاك».
وعن حظوظ القوائم العربية الانتخابية، ومنها تحالف «النصر» الذي يقوده رئيس الوزراء العبادي في محافظات الإقليم، يعتقد زانا سعيد أن «لا حظوظ تذكر للقوائم العربية والقوائم الكردية الصغيرة»، ويرى أن «أصوات الناخبين في كردستان ستتوزع على الحزبين (الديمقراطي) و(الاتحاد) و(حركة التغيير)، إضافة إلى (الجماعة الإسلامية) و(الاتحاد الإسلامي) وقائمة (الجيل الجديد)».
من جهة أخرى، كشفت مفوضية الانتخابات المستقلة، أمس، عن أن عناصر «الحشد الشعبي» سيشاركون ضمن التصويت العام وليس الخاص، شأن نظرائهم في القوات الأمنية الأخرى الذين يقترعون قبل يومين من موعد التصويت المقرر يوم السبت المقبل. وقال عضو مجلس المفوضين، معتمد الموسوي، في تصريحات: «بعد أن حددت المفوضية بياناتها بايومترياً، ومن ضمنها منتسبي القوات الأمنية، فاتحت المفوضية هيئة الحشد منذ وقت مبكر وطالبتها بإرسال كافة البيانات الخاصة بمنتسبي الهيئة، ولكن المفوضية لم تصلها أي إجابة بهذا الصدد».
وتقول مصادر خاصة لـ«الشرق الأوسط»، إن «عدم إرسال هيئة الحشد أسماء منتسبيها ربما يرتبط بمشكلة الأسماء الوهمية الكثيرة الموجودة ضمن لوائحها، وقد تحدث عنها رئيس الوزراء العبادي علناً قبل أيام».
وكان العبادي ذكر الأسبوع الماضي، خلال مؤتمر انتخابي في محافظة كربلاء، أن «أسماء تأخذ رواتب باسم (الحشد) وهي ليست في (الحشد)، فاسدون يأخذون أموال المقاتلين ظلماً وعدواناً، ويعارضون التدقيق (في قوائم المقاتلين)».



قتال عنيف في منبج... وتوتر في حمص والساحل

رجال موقوفون في إطار حملة على خلايا موالية للنظام السابق في حمص الجمعة (أ.ب)
رجال موقوفون في إطار حملة على خلايا موالية للنظام السابق في حمص الجمعة (أ.ب)
TT

قتال عنيف في منبج... وتوتر في حمص والساحل

رجال موقوفون في إطار حملة على خلايا موالية للنظام السابق في حمص الجمعة (أ.ب)
رجال موقوفون في إطار حملة على خلايا موالية للنظام السابق في حمص الجمعة (أ.ب)

بينما واصلت السلطات السورية الجديدة حملاتها لملاحقة خلايا تتبع النظام السابق في أحياء علوية بمدينة حمص وفي الساحل السوري، أفاد «المرصد السوري لحقوق الإنسان»، الجمعة، بأن قتالاً عنيفاً يدور بين الفصائل المدعومة من تركيا وقوات سوريا الديمقراطية (قسد) التي يقودها الأكراد في منطقة منبج شمال سوريا.

وأشار «المرصد السوري» الذي يتخذ من بريطانيا مقراً له، إلى مقتل ما لا يقل عن 28 عنصراً من الفصائل الموالية لتركيا في الاشتباكات في محيط مدينة منبج. وذكر «المرصد» أيضاً أن الجيش التركي قصف بعنف مناطق تسيطر عليها «قسد».

وجاء ذلك في وقت قالت فيه «قوات سوريا الديمقراطية» إن القوات الموالية لتركيا شنّت هجوماً واسع النطاق على عدة قرى جنوب منبج وشرقها، مؤكدة أنها نجحت في التصدي للمهاجمين الذين يحاولون منذ أيام السيطرة على المنطقة المحيطة بسد تشرين على نهر الفرات.

جانب من تشييع مقاتلَيْن كرديين قُتلا في معارك منبج ودُفنا في القامشلي بشمال شرقي سوريا يوم الخميس (أ.ف.ب)

وتريد تركيا طرد «وحدات حماية الشعب» الكردية التي تشكّل عماد «قوات سوريا الديمقراطية» من المنطقة؛ بحجة أنها فرع سوري لـ«حزب العمال الكردستاني» المصنّف إرهابياً.

إلى ذلك، في حين كان التوتر يتصاعد في الأحياء ذات الغالبية العلوية في حمص خلال عمليات دهم بحثاً عن عناصر من النظام السابق وتصل ارتداداته إلى الساحل السوري، اجتمع نحو خمسين شخصية من المجتمع الأهلي بصفتهم ممثلين عن طوائف دينية وشرائح اجتماعية في محافظة طرطوس مع ممثلين سياسيين من إدارة العمليات العسكرية (التي تولت السلطة في البلاد الآن بعد إطاحة نظام الرئيس السابق بشار الأسد). وعلى مدى أربع ساعات، طرح المشاركون بصراحة مخاوف المناطق الساحلية؛ حيث تتركز الغالبية الموالية للنظام السابق، وتم التركيز على السلم الأهلي والتماسك المجتمعي في سوريا عموماً والساحل السوري خصوصاً، بعد تقديم إحاطة سياسية حول الوضع في الداخل السوري والوضع الدولي، والتطورات الحالية وتأثيرها في الواقع السوري.

قوات أمنية خلال عمليات التمشيط في حمص الجمعة (أ.ب)

قالت ميسّرة الجلسة الصحافية، لارا عيزوقي، لـ«الشرق الأوسط»، إن المشاركين في الجلسة التي نظّمتها «وحدة دعم الاستقرار» (s.s.u) مثّلوا أطيافاً واسعة من المجتمع المحلي، من مختلف الطوائف الدينية، والشرائح الاجتماعية، بالإضافة إلى مشاركة ممثلين سياسيين من إدارة العمليات. وأكدت لارا عيزوقي أن أبرز مطلب للوفد الأهلي كان ضرورة إرساء الأمن، مشيرة إلى تقديم اقتراح بتفعيل لجان حماية محلية؛ بحيث تتولى كل منطقة حماية نفسها في المرحلة الراهنة لمنع الفوضى، مع الاستعداد لتسليم المطلوبين، على أن تُمنح ضمانات فعلية لمنع الانتقامات.

معتقلون يُشتبه بأنهم من النظام السابق في حمص الجمعة (أ.ب)

وتابعت لارا عيزوقي أن الافتقار إلى الأمن، وحالة الانفلات على الطرقات، أديا إلى إحجام كثير من الأهالي عن إرسال أولادهم إلى المدارس والجامعات، وبالتالي حرمانهم من التعليم. وأشارت إلى أن الجلسة الحوارية تضمّنت مطالبات بالإفراج عن المجندين الإلزاميين الذين كانوا في جيش النظام السابق رغماً عنهم، وجرى اعتقالهم من قِبل إدارة العمليات.

ولفتت إلى أن الوفد الأهلي شدد أيضاً على ضرورة وضع حد لتجاوزات تحدث، مضيفة أنه جرت مناقشة مطولة لما جرى في قرية خربة معزة؛ حيث أقر الأهالي بخطأ حماية المطلوبين، وأن ذلك لا يبرر التجاوزات التي حصلت أثناء المداهمات.

يُشار إلى أن اشتباكات حصلت في طرطوس في 25 ديسمبر (كانون الأول) الماضي لدى ملاحقة قوى الأمن الضابط في جيش النظام السابق محمد حسن كنجو الملقب بـ«سفاح سجن صيدنايا»، وهو رئيس محكمة الميدان العسكري التي تُتهم بأنها السبب في مقتل آلاف المعتقلين.

ومما طرحه أهالي طرطوس، في الجلسة، مطلب صدور عفو عام، إذ إن هناك مئات من الشباب المتعلم اضطرهم الفقر إلى العمل في الأجهزة الأمنية والعسكرية التابعة للنظام. ويريد ممثلو الأهالي بحث إمكانية ضم هؤلاء إلى وزارة الدفاع مجدداً، لتجنّب الانعكاسات السلبية لكونهم عاطلين عن العمل. وحسب لارا عيزوقي، كشف ممثل الإدارة الجديدة عن نية «إدارة العمليات» إصدار عفو عام يستثني المتورطين بشكل مباشر في جرائم النظام السابق.

مواطنون في حمص خلال قيام قوات أمن الحكم الجديد بعمليات دهم الجمعة بحثاً عن عناصر من النظام السابق (أ.ب)

ولفتت لارا عيزوقي إلى وجود ممثلين عن شباب بأعمار تتراوح بين 20 و30 سنة، وقالت إنهم يعتبرون أنفسهم ينتمون الى سوريا، لا إلى طائفة معينة ولا يريدون الهجرة ويتطلعون الى لعب دور في مستقبل سوريا، متسائلين عن كيف يمكن أن يحصل ذلك إذا تمّ تأطيرهم داخل مكوّن طائفي.

وحول تسريح الموظفين، عبّر مشاركون عن مخاوف من تسريح آلاف الموظفين لا سيما النساء من ذوي قتلى النظام واللواتي تعلن عائلاتهن -مع لفت النظر إلى اتساع رقعة الفقر وتعمّقها في الساحل خلال سنوات الحرب- حالة الإفقار الممنهجة التي طالت محافظة طرطوس بصفتها محافظة زراعية تدهورت زراعتها في السنوات الماضية.

أطفال في شاحنة بمدينة حمص الجمعة (أ.ب)

وشهدت مدينة طرطوس، بين مساء الخميس وصباح الجمعة، حالة توتر مع توارد أنباء عن جريمة قتل وقعت قرب «شاليهات الأحلام» حيث تستقر مجموعات من «فصائل إدارة العمليات». وحسب المعلومات، أقدم مجهولون على إطلاق نار على شخصين، مما أدى إلى مقتل أحدهما وإصابة الآخر. وقال «المرصد السوري لحقوق الإنسان» إن الأهالي طالبوا «هيئة تحرير الشام» التي تقود إدارة العمليات العسكرية، «بوضع حد للاعتداءات والانتهاكات التي تُسهم في زعزعة الاستقرار وضرب السلم الأهلي الذي تعيشه المنطقة».

وأشار «المرصد» إلى أن ملثمين مسلحين أعدموا أحد أبناء حي الغمقة الشرقية في مدينة طرطوس، وهو شقيق شخص مطلوب بقضايا جنائية، وذلك خلال تفقد القتيل شاليهاً يملكه في منطقة «شاليهات الأحلام».

وتشهد مناطق تركز العلويين في محافظات حمص وطرطوس واللاذقية انفلاتاً أمنياً بسبب انتشار السلاح، وتحصّن مطلوبين من عناصر النظام السابق في أحياء وقرى، مما يثير مخاوف من تأجيج نزاع مناطقي.

يُشار إلى أن «إدارة العمليات العسكرية» استكملت، الجمعة، حملة التمشيط التي بدأتها في حمص يوم الخميس، وشملت أحياء العباسية والسبيل والزهراء والمهاجرين، بحثاً عن فلول ميليشيات النظام السابق. وأفيد باعتقال عشرات الأشخاص بينهم من أُفرج عنهم بعد ساعات فقط.