عباس يعزز نفوذه بعد «الوطني»... ويفتح الباب «واسعاً» أمام «حماس»

اختيار تنفيذية جديدة للمنظمة بالإجماع وإعطاء «المركزي» صلاحيات أكبر

الرئيس عباس عزز نفوذه بعد انتخابه مرة أخرى من طرف المجلس الوطني رئيسا للدولة (إ.ب.أ)
الرئيس عباس عزز نفوذه بعد انتخابه مرة أخرى من طرف المجلس الوطني رئيسا للدولة (إ.ب.أ)
TT

عباس يعزز نفوذه بعد «الوطني»... ويفتح الباب «واسعاً» أمام «حماس»

الرئيس عباس عزز نفوذه بعد انتخابه مرة أخرى من طرف المجلس الوطني رئيسا للدولة (إ.ب.أ)
الرئيس عباس عزز نفوذه بعد انتخابه مرة أخرى من طرف المجلس الوطني رئيسا للدولة (إ.ب.أ)

عزز الرئيس الفلسطيني محمود عباس نفوذه، وحصل على شرعية جديدة بانتخابه مرة أخرى من طرف المجلس الوطني الفلسطيني، أعلى هيئة تشريعية فلسطينية، رئيساً للدولة الفلسطينية، ورئيساً كذلك للجنة التنفيذية الجديدة لمنظمة التحرير.
وبدأ عباس أمس حقبة جديدة على رأس السلطة، مجدِّداً «الشرعيات» بالطريقة التي أرادها إلى حد كبير، على الرغم من معارضة فصائل رئيسية، وعبر إعطاء «المجلس المركزي الفلسطيني» صلاحيات «المجلس الوطني»، بما يضمن جمعه في أي وقت واتخاذ قرارات أسرع، بخلاف الوطني المعقد، وهي الخطوة التي قرأها كثير من المراقبين على أنها قد تكون نهاية «المجلس الوطني» للأبد.
ولم يغير عباس أياً من توجهاته السياسية على الصعيدين الخارجي والداخلي، لكنه فتح باباً أوسع أمام حركة «حماس» للانضمام لمنظمة التحرير الفلسطينية، معلناً أنه ترك لـ«حماس» ولـ«الجهاد الإسلامي» و«الجبهة الشعبية» ثلاثة مقاعد في اللجنة التنفيذية الجديدة للمنظمة، التي تكونت من 15 عضواً، بدل 18.
وكان عباس قد عرض هذه القائمة للتصويت، وحصل على موافقة شبه جماعية عليها، متجاهلاً أصواتاً طالبت بإجراء الانتخابات وكانت تنوي الترشح للمنظمة.
وحظي بعضوية اللجنة التنفيذية الجديدة كل من الرئيس عباس نفسه، وصائب عريقات (عضو قديم)، وعزام الأحمد (جديد)، وهم ممثلون لحركة فتح في المنظمة، وبسام الصالحي عن حزب الشعب (جديد)، وتيسير خالد عن الجبهة الديمقراطية (قديم)، وواصل أبو يوسف عن جبهة التحرير الفلسطينية (قديم)، وصالح رأفت عن الاتحاد الديمقراطي «فدا» (قديم)، وأحمد مجدلاني عن جبهة النضال الشعبي (قديم)، وحنان عشراوي (مستقلة)، وأحمد بيوض التميمي (جديد)، بالإضافة إلى فيصل عرنكي (جديد)، وعلي أبو زهري (جديد)، وأحمد بيوض التميمي (جديد)، إلى جانب أحمد أبو هولي (جديد)، وزياد أبو عمرو (جديد).
وفور اختيار أعضاء اللجنة، انتخبت هذه الأخيرة عباس رئيساً لها بعد قليل من إعادة انتخاب المجلس الوطني له رئيساً لدولة فلسطين. وقد فرض عباس القائمة التي أعلنها بعد «صراع مرير»، كما قال للتصويت، وطلب من المعترضين السكوت.
وانتقد نبيل عمرو، الذي كان مصرّاً على ترشيح نفسه، إلغاء الانتخابات في «المجلس الوطني»، وقال إنه كان يرغب في أن يرى صندوق الاقتراع هو الذي يقرر في المجلس الوطني وفي الوطن كله، وليس «التصفيق».
فيما رفض رئيس الجلسة سليم الزعنون إجراء الانتخابات في هذا الوقت، وطلب تصويتاً على القائمة.
وصوتت الأغلبية بـ«نعم» للقائمة التي عرضها الرئيس عباس، ورفضها أربعة فقط. وقال عباس إنه اختار 15، وأبقى ثلاثة مقاعد، لأنه لا يريد أن يبقى أحد خارج الوحدة الوطنية. مضيفاً: «إننا لا نحب الإقصاء. فهناك الجبهة الشعبية و(حماس) إن قبلت بالوحدة الوطنية، وهناك (الجهاد الإسلامي)، وهناك الإخوة في المبادرة الوطنية، والعربية الفلسطينية. وهذه المقاعد لهؤلاء الأشخاص. وإذا احتجنا لأكثر بسبب الوحدة الوطنية فسنخترع المقاعد اللازمة لهم».
وبذلك يدخل إلى التنفيذية سبعة أعضاء جدد، فيما احتفظ ثمانية بمقاعدهم، أما أبرز المغادرين فهم ياسر عبد ربه، وأحمد قريع، وفاروق القدومي، وعلي إسحق، وعبد الرحيم ملوح وزكريا الأغا، وحنا عميرة.
وجرى اختيار الأعضاء بعد جدل واسع تسبب في تأخير جلسة المجلس حتى فجر أمس، وذلك بسبب رغبة الرئيس عباس في الدفع بمرشحين عارضتهم اللجنة المركزية لحركة فتح، وأبرزهم رئيس الوزراء رامي الحمد الله، وبسبب إصرار مرشحين آخرين من فتح لم تخترهم اللجنة المركزية، على الترشح. وطلب مصطفى البرغوثي أمين عام المبادرة الفلسطينية، أن يكون حزبه ممثلاً في «التنفيذية» بعد اعتماده في المنظمة، وهو الطلب الذي تم رفضه وأشعل خلافات أخرى. وبعد حوار صعب وطويل وحاد، استمر أكثر من خمس ساعات، اضطر عباس للقدوم إلى القاعة من أجل حسم الخلافات، وطلب طرح قائمة توافقية للتصويت، بغض النظر عن آراء المعترضين. ووبخ عباس بعض المعترضين على قراره وقال لأحدهم: «بإمكانك المغادرة إذا لم يعجبك الأمر». كما رفض عباس اتهامه بفرض عقوبات على غزة، وقال إنه لا يمكن له أن يعاقب شعبه.
وتابع موضحاً: «لا أقبل كلمة إجراءات عقابية أو عقوبات، فلا يوجد من يعاقب شعبه، وإنما هي إجراءات فنية»، مبرزاً أن الحكومة «لم تتمكن من دفع رواتب الموظفين في قطاع غزة لأسباب فنية، وليس عقاباً كما يدعي البعض... وهذه الرواتب ستُصرَف فوراً».
وتعد اللجنة التنفيذية الجديدة منسجمة إلى حد كبير مع توجهات عباس. وقد تم انتخابها فيما أكد «الوطني» على النهج السياسي المعروف للرئيس عباس.
وأدان المجلس الوطني قرار الرئيس الأميركي دونالد ترمب، باعتبار القدس عاصمة لإسرائيل، ونقل سفارة بلاده من تل أبيب إلى القدس، وطالب بالعمل على إسقاط هذا القرار، مؤكداً أن الإدارة الأميركية فقدت أهليتها كوسيط وراعٍ لعملية السلام، مشدداً على رفض أي مشروع أو أفكار لحل الصراع سيطرحها ترمب. كما رفض «الوطني» جميع الحلول المرحلية، والدولة ذات الحدود المؤقتة، ودولة غزة، مع رفض إسقاط ملف القدس واللاجئين والمستوطنات والحدود، وغيرها من القضايا الجوهرية تحت أي مسمى.
في سياق ذلك، أعاد «الوطني» الإعلان عن أن اتفاقات أوسلو والقاهرة وواشنطن، بما انطوت عليه من التزامات، لم تعد قائمة، موضحاً أن الهدف المباشر هو استقلال دولة فلسطين، ما يتطلب الانتقال من مرحلة سلطة الحكم الذاتي إلى مرحلة الدولة، وبدء تجسيد سيادة الدولة.
وكلف الوطني اللجنة التنفيذية بتعليق الاعتراف بإسرائيل إلى حين اعترافها بدولة فلسطين، وأعاد طلبه بوقف التنسيق الأمني بكل أشكاله، والتحرر من علاقة التبعية الاقتصادية التي كرسها «بروتوكول باريس». كما أيَّد الوطني خطة عباس للسلام، والتمسك بمبادرة السلام العربية، والاحتفاظ بأولوياتها ورفض أي محاولات لتغييرها أو تحريفها. وبالإضافة إلى هذه القرارات، ثمن الوطني قرارات قمة الظهران العربية، ورفض التدخل الأجنبي في الدول العربية، والدعوة إلى حل الأزمات الداخلية بحوار سياسي، مشدداً على أن الأولوية هي «إنجاز إنهاء الانقسام البغيض»، وطالب بتسليم حكومة الوفاق الوطني كامل صلاحياتها في إدارة قطاع غزة على الفور. وبذلك ينهي المجلس الوطني دورته الـ23، وسط جدل كبير ومعارضة ومقاطعة فصائل فلسطينية.
وكانت «حماس» إلى جانب الجهاد الإسلامي وكذلك الجبهة الشعبية المنضوية تحت إطار منظمة التحرير، قاطعوا جلسة الوطني.
وقالت الفصائل الثلاثة إنها ترفض عقد الوطني بشكله الحالي لأنه يعزز الانقسام.
كما أعلنت حركة «حماس»، أمس، رفضها الاعتراف بالمخرجات التي نتجت عن عقد المجلس الوطني الفلسطيني في رام الله. إذ وصف فوزي برهوم، الناطق باسم الحركة، في تغريدات له عبر «تويتر»، المجلس الوطني بـ«الانفصالي»، مؤكدا أن «حماس»... «لا تعترف بتلك المخرجات ولا تمثل الشعب الفلسطيني».



بيانات أممية: غرق 500 مهاجر أفريقي إلى اليمن خلال عام

رغم المخاطر وسوء المعاملة يواصل المهاجرون التدفق إلى الأراضي اليمنية (الأمم المتحدة)
رغم المخاطر وسوء المعاملة يواصل المهاجرون التدفق إلى الأراضي اليمنية (الأمم المتحدة)
TT

بيانات أممية: غرق 500 مهاجر أفريقي إلى اليمن خلال عام

رغم المخاطر وسوء المعاملة يواصل المهاجرون التدفق إلى الأراضي اليمنية (الأمم المتحدة)
رغم المخاطر وسوء المعاملة يواصل المهاجرون التدفق إلى الأراضي اليمنية (الأمم المتحدة)

على الرغم من ابتلاع مياه البحر نحو 500 مهاجر من القرن الأفريقي باتجاه السواحل اليمنية، أظهرت بيانات أممية حديثة وصول آلاف المهاجرين شهرياً، غير آبهين لما يتعرضون له من مخاطر في البحر أو استغلال وسوء معاملة عند وصولهم.

ووسط دعوات أممية لزيادة تمويل رحلات العودة الطوعية من اليمن إلى القرن الأفريقي، أفادت بيانات المنظمة الدولية بأن ضحايا الهجرة غير الشرعية بلغوا أكثر من 500 شخص لقوا حتفهم في رحلات الموت بين سواحل جيبوتي والسواحل اليمنية خلال العام الحالي، حيث يعد اليمن نقطة عبور رئيسية لمهاجري دول القرن الأفريقي، خاصة من إثيوبيا والصومال، الذين يسعون غالباً إلى الانتقال إلى دول الخليج.

وذكرت منظمة الهجرة الدولية أنها ساعدت ما يقرب من 5 آلاف مهاجر عالق في اليمن على العودة إلى بلدانهم في القرن الأفريقي منذ بداية العام الحالي، وقالت إن 462 مهاجراً لقوا حتفهم أو فُقدوا خلال رحلتهم بين اليمن وجيبوتي، كما تم توثيق 90 حالة وفاة أخرى للمهاجرين على الطريق الشرقي في سواحل محافظة شبوة منذ بداية العام، وأكدت أن حالات كثيرة قد تظل مفقودة وغير موثقة.

المهاجرون الأفارقة عرضة للإساءة والاستغلال والعنف القائم على النوع الاجتماعي (الأمم المتحدة)

ورأت المنظمة في عودة 4.800 مهاجر تقطعت بهم السبل في اليمن فرصة لتوفير بداية جديدة لإعادة بناء حياتهم بعد تحمل ظروف صعبة للغاية. وبينت أنها استأجرت لهذا الغرض 30 رحلة طيران ضمن برنامج العودة الإنسانية الطوعية، بما في ذلك رحلة واحدة في 5 ديسمبر (كانون الأول) الحالي من عدن، والتي نقلت 175 مهاجراً إلى إثيوبيا.

العودة الطوعية

مع تأكيد منظمة الهجرة الدولية أنها تعمل على توسيع نطاق برنامج العودة الإنسانية الطوعية من اليمن، مما يوفر للمهاجرين العالقين مساراً آمناً وكريماً للعودة إلى ديارهم، ذكرت أن أكثر من 6.300 مهاجر من القرن الأفريقي وصلوا إلى اليمن خلال أكتوبر (تشرين الأول) الماضي، وهو ما يشير إلى استمرار تدفق المهاجرين رغم تلك التحديات بغرض الوصول إلى دول الخليج.

وأوضح رئيس بعثة منظمة الهجرة في اليمن، عبد الستار إيسوييف، أن المهاجرين يعانون من الحرمان الشديد، مع محدودية الوصول إلى الغذاء والرعاية الصحية والمأوى الآمن. وقال إنه ومع الطلب المتزايد على خدمات العودة الإنسانية، فإن المنظمة بحاجة ماسة إلى التمويل لضمان استمرار هذه العمليات الأساسية دون انقطاع، وتوفير مسار آمن للمهاجرين الذين تقطعت بهم السبل في جميع أنحاء البلاد.

توقف رحلات العودة الطوعية من اليمن إلى القرن الأفريقي بسبب نقص التمويل (الأمم المتحدة)

ووفق مدير الهجرة الدولية، يعاني المهاجرون من الحرمان الشديد، مع محدودية الوصول إلى الغذاء، والرعاية الصحية، والمأوى الآمن. ويضطر الكثيرون منهم إلى العيش في مأوى مؤقت، أو النوم في الطرقات، واللجوء إلى التسول من أجل البقاء على قيد الحياة.

ونبه المسؤول الأممي إلى أن هذا الضعف الشديد يجعلهم عرضة للإساءة، والاستغلال، والعنف القائم على النوع الاجتماعي. وقال إن الرحلة إلى اليمن تشكل مخاطر إضافية، حيث يقع العديد من المهاجرين ضحية للمهربين الذين يقطعون لهم وعوداً برحلة آمنة، ولكنهم غالباً ما يعرضونهم لمخاطر جسيمة. وتستمر هذه المخاطر حتى بالنسبة لأولئك الذين يحاولون مغادرة اليمن.

دعم إضافي

ذكر المسؤول في منظمة الهجرة الدولية أنه ومع اقتراب العام من نهايته، فإن المنظمة تنادي بالحصول على تمويل إضافي عاجل لدعم برنامج العودة الإنسانية الطوعية للمهاجرين في اليمن.

وقال إنه دون هذا الدعم، سيستمر آلاف المهاجرين بالعيش في ضائقة شديدة مع خيارات محدودة للعودة الآمنة، مؤكداً أن التعاون بشكل أكبر من جانب المجتمع الدولي والسلطات ضروري للاستمرار في تنفيذ هذه التدخلات المنقذة للحياة، ومنع المزيد من الخسائر في الأرواح.

الظروف البائسة تدفع بالمهاجرين الأفارقة إلى المغامرة برحلات بحرية خطرة (الأمم المتحدة)

ويقدم برنامج العودة الإنسانية الطوعية، التابع للمنظمة الدولية للهجرة، الدعم الأساسي من خلال نقاط الاستجابة للمهاجرين ومرافق الرعاية المجتمعية، والفرق المتنقلة التي تعمل على طول طرق الهجرة الرئيسية للوصول إلى أولئك في المناطق النائية وشحيحة الخدمات.

وتتراوح الخدمات بين الرعاية الصحية وتوزيع الأغذية إلى تقديم المأوى للفئات الأكثر ضعفاً، وحقائب النظافة الأساسية، والمساعدة المتخصصة في الحماية، وإجراء الإحالات إلى المنظمات الشريكة عند الحاجة.

وعلى الرغم من هذه الجهود فإن منظمة الهجرة الدولية تؤكد أنه لا تزال هناك فجوات كبيرة في الخدمات، في ظل قلة الجهات الفاعلة القادرة على الاستجابة لحجم الاحتياجات.