15 شهراً على {حكومة التسوية}... استقرار سياسي وإخفاق اقتصادي

عقدت 70 جلسة وشهدت أزمة استقالة رئيسها على خلفية «النأي بالنفس»

الاجتماع قبل الأخير للحكومة اللبنانية بحضور رئيس الدولة ورئيس الحكومة (دالاتي ونهرا)
الاجتماع قبل الأخير للحكومة اللبنانية بحضور رئيس الدولة ورئيس الحكومة (دالاتي ونهرا)
TT

15 شهراً على {حكومة التسوية}... استقرار سياسي وإخفاق اقتصادي

الاجتماع قبل الأخير للحكومة اللبنانية بحضور رئيس الدولة ورئيس الحكومة (دالاتي ونهرا)
الاجتماع قبل الأخير للحكومة اللبنانية بحضور رئيس الدولة ورئيس الحكومة (دالاتي ونهرا)

تنتهي في 20 مايو (أيار) المقبل، وفق القانون، ولاية حكومة الرئيس سعد الحريري، وذلك بعد أكثر من عام على تشكيلها، بحيث من المفترض أن تعقد الأسبوع المقبل جلستها الأخيرة بعد الجلسة التي عقدتها يوم أمس.
وبعد 15 شهراً من الحكم اتّسم بكثير من الأحداث الداخلية والخارجية، تختلف المقاربة حيال مسيرة هذه الحكومة التي يؤكد أطرافها والمسؤولون فيها، بأنهم حققوا إنجازات، في حين يرى آخرون أنها لا تعدو كونها إخفاقات، أو إنجازات مشوّهة في أحسن الأحوال. الأمر الوحيد الذي يحظى بالإجماع هو أن الحكومة التي أتت نتيجة التسوية السياسية وانتخاب رئيس الجمهورية ميشال عون، أسهمت في إرساء الاستقرار الأمني إلى حد كبير، وأسقطت الاصطفافات السياسية التي كانت لسنوات عدّة متمثلة بفريقي 14 و8 آذار، ما أسهم في تحريك عمل المؤسسات الذي كان متوقفاً، خصوصاً خلال عامين ونصف العام من الفراغ في رئاسة الجمهورية، لكن من دون أن يخرج عن المنظومة اللبنانية التي تتسم بالفساد والمحاصصة السياسية والطائفية.
ومع إقراره ببعض الأخطاء يعتبر وزير الاقتصاد والتجارة رائد خوري، أن الحكومة حققت الكثير من الإنجازات، وبدأت في مسيرة الإصلاح وإعداد الخطط التي على الحكومة المقبلة أن تقوم بتنفيذها واستكمالها، وهو الأمر الذي لا يرى فيه مدير معهد الشرق الأوسط للشؤون الاستراتيجية سامي نادر، إلا إنجازات منقوصة ومشوّهة.
ويلفت خوري إلى أن الحكومة عقدت 70 جلسة، ما يدل على «جديتها في العمل»، معدداً في تصريح لـ«الشرق الأوسط»، أبرز إنجازاتها، «وهي: إقرار موازنة 2017 و2018 للمرة الأولى منذ عام 2005، وإقرار قانون للانتخابات النيابية، في وقت لم تتجرأ فيه أي حكومة سابقة على القيام بهذه الخطوة، إضافة إلى تعيينات دبلوماسية وقضائية وإقرار سلسلة الرتب والرواتب للقطاع العام بعد سنوات من الجمود، وبدء العمل على الخطة الاقتصادية التي يفترض أن تستكملها الحكومة المقبلة ويتم الإعلان عنها بعد أشهر قليلة من تشكيلها. كذلك القيام بمعركة فجر الجرود التي أسهمت في دحر التنظيمات الإرهابية من جرود عرسال في شهر أغسطس (آب) الماضي». ويرى خوري أن التوافق بين رئيسي الجمهورية والحكومة، أسهم إلى حد كبير في تسهيل عمل هذه الحكومة وفي عودة العمل إلى المؤسسات الحكومية، بعد فراغ سنتين ونصف السنة في رئاسة الجمهورية.
في المقابل، لا ينفي نادر أن انتخاب رئيس للجمهورية وتشكيل الحكومة أسهما في تأمين الحد الأدنى من الاستقرار الأمني والسياسي نتيجة الاتفاق بين فريقي رئيسي الجمهورية والحكومة، مع تأكيده أن الإخفاق كان في قضايا عدّة، وعلى رأسها في السياستين الخارجية والاقتصادية.
ويصف إدارة الحكومة للملف الاقتصادي بـ«الفشل الذريع»، ويقول لـ«الشرق الأوسط»: «كله بقي واقفاً أمام شعارات الإصلاح ومحاربة الفساد من دون أي خطوات عملية، وما يعتبرونه إنجازات لم تكن إلا مشاريع منقوصة ومشوهة يشوبها الفساد، حتى إن الوزراء أنفسهم كانوا يتبادلون الاتهامات بالفساد، ما يدلّ على طبيعة العمل الذي كان سائداً على طاولة مجلس الوزراء».
ويضيف: «يقولون إنهم أنجزوا الموازنة، وأقروا سلسلة الرتب والرواتب، لكن المهم ليس في إقرار هذه القوانين إنما في كيفية إقرارها، فالموازنة أنجزت بزيادة في العجز إلى 28 في المائة والسلسلة زادت على حساب المواطنين بزيادة الضرائب بدل توفير النفقات التي ارتفعت بدورها إلى 22 في المائة، في حين لا يزال ملف الكهرباء القضية الأبرز والأهم من دون حل أو خطة واضحة، التي وإن كانت موجودة فهي لا تتعدى الاعتماد على البواخر».
وفي السياسة الخارجية، يرى نادر، أن أبرز وأهم إخفاق كان في الخروج عن سياسة الناي بالنفس التي أدّت بعد نحو سنة من تشكيل الحكومة إلى استقالة رئيسها، وما نتج عنها من انعكاسات سلبية داخلياً وخارجياً قبل أن يتم احتواؤها عبر إعلان العودة إلى التزام هذه السياسة، وتراجع الحريري عن استقالته»، ويضيف: «لكن هذا الأمر لم يتجسّد بشكل واضح من صاحب العلاقة الأساس، أي (حزب الله)، الذي لا يزال يتمسك بسلاحه، بل تولى المهمة حلفاؤه عبر القول إنه سيتم البحث في الاستراتيجية الدفاعية في الحكومة المقبلة».
لكن وزير الاقتصاد يرفض القول إن الحكومة أخفقت في عملها، من دون أن ينفي حصول بعض الثغرات والأخطاء، مؤكداً أن مسيرة الإصلاح بدأت بالمحاسبة وستستكمل وستكون أكثر فعالية في الحكومة المقبلة. ويبدي تحفظه على بعض القرارات التي اتخذتها الحكومة، منها سلسلة الرتب والرواتب التي يرى أنها كانت تتطلب المزيد من البحث، إضافة إلى إقرار تعيينات كثيرة لأسباب شعبوية قبل موسم الانتخابات، وهو الأمر الذي لا بد أن يخضع لدراسة وخطة لتوقيفها إلا في بعض الحالات الخاصة.
ويتفّق كل من خوري ونادر على أن أولوية الحكومة المقبلة لا بد أن تكون خطّة الكهرباء والملف الاقتصادي. وفي حين يؤكد وزير الاقتصاد أن إقرارها سيكون بعد ثلاثة أشهر على تشكيل مجلس الوزراء، يبدي نادر أمله في تحقيق هذا الأمر مع تأكيده على أهمية ضبط الهدر والفساد بالدرجة الأولى، إضافة إلى تطبيق الإصلاحات المطلوبة بناء على مؤتمر سيدر كي يحصل لبنان على المساعدات التي وعد بها وإلا فسيكون الوضع أكثر سوءاً.



عباس: ينبغي أن تمارس السلطة الفلسطينية ولايتها الكاملة في غزة بما في ذلك معبر رفح

الرئيس الفلسطيني محمود عباس على منبر الجمعية العامة للأمم المتحدة (رويترز)
الرئيس الفلسطيني محمود عباس على منبر الجمعية العامة للأمم المتحدة (رويترز)
TT

عباس: ينبغي أن تمارس السلطة الفلسطينية ولايتها الكاملة في غزة بما في ذلك معبر رفح

الرئيس الفلسطيني محمود عباس على منبر الجمعية العامة للأمم المتحدة (رويترز)
الرئيس الفلسطيني محمود عباس على منبر الجمعية العامة للأمم المتحدة (رويترز)

استحوذت حرب غزة والقضية الفلسطينية والأزمات المختلفة في عدد من البلدان العربية على حيز واسع من مجريات اليوم الثالث من أعمال الدورة السنوية الـ79 للجمعية العامة للأمم المتحدة في نيويورك؛ إذ صعد الرئيس الفلسطيني محمود عباس إلى منبرها للمطالبة بتجميد عضوية إسرائيل في المنظمة الدولية، ووقف تزويدها بالأسلحة، وإرغامها على تنفيذ التزاماتها وقرارات مجلس الأمن.

ودعا الرئيس الفلسطيني، الخميس، المجتمع الدولي إلى وقف تزويد إسرائيل بالأسلحة؛ لمنع إراقة الدماء في قطاع غزة والضفة الغربية المحتلة.

وقال عباس من منبر الجمعية العامة للأمم المتحدة: «أوقفوا هذه الجريمة، أوقفوها الآن، أوقفوا قتل الأطفال والنساء، أوقفوا حرب الإبادة، أوقفوا إرسال السلاح لإسرائيل».

وأضاف: «إسرائيل دمرت القطاع بالكامل تقريباً، ولم يعد صالحاً للحياة». وأوضح أمام الجمعية العامة التي تضم 193 عضواً: «لا يُمكن لهذا الجنون أن يستمر. إن العالم بأسره يتحمل المسؤولية إزاء ما يجري لشعبنا».

وعرض عباس رؤية لإنهاء الحرب في غزة؛ تتضمن بسط سلطة منظمة «التحرير الفلسطينية» على جميع الأراضي الفلسطينية بما في ذلك غزة. وطالب الرئيس الفلسطيني بأن تمارس السلطات الفلسطينية ولايتها الكاملة في غزة، بما في ذلك على معبر رفح، بوصفه جزءاً من خطة شاملة.

كما قال عباس إن إسرائيل «غير جديرة» بعضوية الأمم المتحدة، مشدداً على أن الدولة العبرية تحدت قرارات المنظمة الدولية ذات الصلة بالصراع.

وأضاف من منبر الجمعية العامة للأمم المتحدة: «إسرائيل التي ترفض تنفيذ قرارات الأمم المتحدة غير جديرة بعضوية هذه المنظمة الدولية»، معرباً عن أسفه لأن الولايات المتحدة استخدمت حق النقض في مجلس الأمن الدولي ضد إعطاء دولة فلسطين العضوية الكاملة في الأمم المتحدة.

وتابع: «يؤسفنا أن الإدارة الأميركية عطّلت 3 مرات مشاريع قرارات لمجلس الأمن تطالب إسرائيل بوقف إطلاق النار باستخدامها الفيتو، وفوق ذلك زوّدتها بالأسلحة الفتّاكة التي قتلت آلاف الأبرياء من الأطفال والنساء والشيوخ، وهو ما شجّع إسرائيل على مواصلة عدوانها». وخلص إلى القول «فلسطين سوف تتحرر».

وأعلنت إسرائيل، الخميس، الحصول على مساعدة عسكرية أميركية بقيمة 8.7 مليار دولار.

كذلك عرض الرئيس الفلسطيني أمام الجمعية العامة للأمم المتحدة رؤية لإنهاء الحرب في غزة، تتضمن بسط سلطة منظمة «التحرير الفلسطينية» على جميع الأراضي الفلسطينية، بما في ذلك غزة.

وطالب عباس بأن تمارس السلطات الفلسطينية ولايتها الكاملة في غزة، بما في ذلك معبر رفح، بصفته جزءاً من خطة شاملة، فالفلسطينيون يرفضون إقامة مناطق عازلة إسرائيلية، مشدداً: «لن نسمح لإسرائيل بأخذ سنتيمتر واحد من غزة».

اليمن ووكلاء إيران

من جهته، تحدّث رئيس مجلس القيادة الرئاسي اليمني، رشاد محمد العليمي، أولاً عن الوضع في بلاده، قائلاً: «إن تعافي اليمن ليس مجرد قضية وطنية، بل حاجة إقليمية وعالمية»، لأن «استقراره يعد أمراً حاسماً للحفاظ على السلام وأمن المنطقة، وطرق التجارة في البحرين الأحمر والعربي والممرات المائية المحيطة».

وأضاف: «أن الحكومة اليمنية تظل ملتزمة بنهج السلام الشامل والعادل، لكنه من الضروري في هذه الأثناء تعزيز موقفها لمواجهة أي خيارات أخرى، بالنظر إلى تصعيد الميليشيات الحوثية المتواصل على الصعيدين المحلي والإقليمي، وتهديد الملاحة الدولية، ولمنع تواصل توسع واستدامة هذا التصعيد».

ولفت إلى أن «هجمات الحوثيين المستمرة على حركة التجارة العالمية في البحر الأحمر والممرات المائية المحيطة تظهر أنها تُشكل تهديداً متزايداً ليس فقط للداخل اليمني، ولكن أيضاً لاستقرار المنطقة بأكملها».

وعن الوضع في بقية الشرق الأوسط، قال العليمي: «إن الحرب الإسرائيلية الوحشية على الشعب الفلسطيني يجب أن تتوقف على الفور، لأن ذلك هو مفتاح السلام المنشود، ومدخل لرفع الغطاء عن ذرائع إيران ووكلائها لتأزيم الأوضاع في المنطقة».

وتطرق إلى الوضع في لبنان، قائلاً: «إن السبيل الوحيدة لردع العدوان الإسرائيلي الغاشم على لبنان ستكون بموقف حازم من المجتمع الدولي، ووحدة اللبنانيين أنفسهم واستقلال قرارهم وعدم التدخل في شؤون بلدهم الداخلية، واستعادة الدولة اللبنانية لقرار السلم والحرب».

ليبيا نحو الانتخابات

وسبقه إلى المنبر رئيس المجلس الرئاسي الليبي محمد المنفي، الذي قال إن الليبيين هم الأقدر على تقرير مصيرهم من خلال «الاستفتاءات النزيهة وعقد انتخابات شاملة (...) لإنهاء أي انسداد سياسي»، مؤكداً أن «الحل السياسي الشامل في مساراته المالية والاقتصادية والأمنية، إضافة لمسار المصالحة الوطنية، هو السبيل الوحيدة لتوحيد المؤسسات وضمان الاستقرار وصولاً إلى الانتخابات، وتجديد الشرعية لجميع المؤسسات وتقرير الشعب الليبي لمصيره».

وشدد المنفي على أن ما يرتكبه «الاحتلال الإسرائيلي من جرائم إبادة وتطهير عرقي ضد الشعب الفلسطيني واللبناني يُمثل انتهاكاً صارخاً للقوانين الدولية».

وشدد على أن إبعاد «شبح نشوب حرب إقليمية» في المنطقة يكون من خلال معالجة الوضع في غزة، وإيقاف «الانتهاكات والاعتداءات الجسيمة» في فلسطين.