إسرائيل تشكو عباس إلى مجلس الأمن احتجاجاً على تصريحاته

عريقات قال إن أبو مازن لا ينكر المحرقة... وبريطانيا تعتبر أقواله {مقلقة بشدة}

عباس خلال اجتماعات المجلس الوطني في رام الله (رويترز)
عباس خلال اجتماعات المجلس الوطني في رام الله (رويترز)
TT

إسرائيل تشكو عباس إلى مجلس الأمن احتجاجاً على تصريحاته

عباس خلال اجتماعات المجلس الوطني في رام الله (رويترز)
عباس خلال اجتماعات المجلس الوطني في رام الله (رويترز)

وسط حملة تحريض غير مسبوقة داخل الإعلام العبري والأوساط السياسية، قدمت إسرائيل شكوى رسمية إلى مجلس الأمن الدولي بشأن تصريحات الرئيس الفلسطيني محمود عباس حول «الهولوكوست»، ووجهت إليه اتهامات بالعداء للسامية، وإنكار المحرقة النازية لليهود.
وتوجه داني دانون، سفير إسرائيل الدائم في الأمم المتحدة، بشكوى مساء أول من أمس إلى مجلس الأمن، مطالباً بـ«إدانة» ما اعتبره «تعليقات معادية للسامية من قبل الرئيس الفلسطيني؛ ولذلك ينبغي ألا يقف المجلس مكتوف الأيدي إزاءها... لأنها تنطوي على إنكار حق إسرائيل في الوجود». كما ادعى دانون في رسالته أن «مثل هذا الخطاب البغيض ضد شعب خضع لآلاف السنين من الاضطهاد الذي لا يطاق، غير مقبول على الإطلاق». ودعا «جميع القادة إلى إدانة هذه الملاحظات البغيضة المتكررة، والمطالبة باعتذار كامل ومخلص من عباس».
وكان عباس قد تحدث في كلمته خلال افتتاح المجلس الوطني في رام الله عن «الهولوكوست»، وقال: إن «اليهود الذي انتقلوا لأوروبا الشرقية والغربية كانوا يتعرضون كل 10 أو 15 سنة لمذبحة من دولة ما، وذلك منذ القرن الحادي عشر حتى حدوث (الهولوكوست). فلماذا كانت تحصل هذه المذابح؟ هم يقولون لأننا يهود، وأنا أريد استحضار ثلاثة يهود، ومنهم جوزيف ستالين، وأبراهام وإسحاق نوتشرد، الذين يقولون: إن الكراهية لليهود ليست بسبب دينهم، بل بسبب وظيفتهم الاجتماعية».
وزعم السفير الإسرائيلي أن ما جاء في خطاب عباس «محاولة خطيرة لإعادة كتابة التاريخ، وادعاء أن الحركة الصهيونية كانت نتيجة لمؤامرة أوروبية». مشدداً على أن «لتحقيق تقدم حقيقي نحو السلام في منطقتنا، سيحتاج الفلسطينيون إلى قادة ملتزمين بتعزيز الأمل والسعي إلى مستقبل أفضل».
كما انتقد بعض قادة اليمين الحاكم، وقادة أحزاب الوسط، والصحافة الرئيس عباس على هذه التصريحات، موضحين أنه يقوم بتشويه الحقائق.
في المقابل، قال صائب عريقات، أمين سر اللجنة التنفيذية لمنظمة التحرير، إن «تصريحات الرئيس عباس الأخيرة حول المحرقة تعرضت للتحريف»؛ لأنه كان ينقل آراء بعض المؤرخين.
وأضاف عريقات مدافعاً عن عباس في وجه هجوم إسرائيلي - أميركي شديد وانتقادات أوروبية، إن «الرئيس لم ينف المذابح التي تعرض لها اليهود، بما فيها المحرقة. وهو يؤمن بالسلام والمفاوضات، وبإقامة دولتين تعيشان بسلام وأمن وحسن جوار، حسب رؤيته للسلام التي طرحها أمام مجلس الأمن في فبراير (شباط) الماضي». مشدداً على أن الرئيس محمود عباس «أكد مراراً احترامه للديانة اليهودية، ومشكلتنا مع من يحتل أرضنا».
وتواصلت أمس الانتقادات ضد الرئيس عباس، حيث هاجمه مارفين هير، وأبراهام كوبر، من مركز «سايمون فيزنتال» المعني بحقوق اليهود، الذي يوجد مقره في الولايات المتحدة، وقالا في بيان، إن كلمة عباس في رام الله «نموذج لفكر شخص معادٍ للسامية».
كما انتقد نيكولاي ملادينوف، مبعوث الأمم المتحدة للشرق الأوسط، تصريحات عباس وقال: إنها «مزعجة جداً... وعلى الزعماء الالتزام بمواجهة معاداة السامية دائماً وفي كل مكان، لا الترويج لنظريات المؤامرة التي تؤججها».
في حين قال الاتحاد الأوروبي، إن تصريحات عباس «غير مقبولة»، كما رفضها وزير الخارجية الألماني هايكو ماس، قائلاً: إن ألمانيا لا تقبل أي تشكيك. أما في بريطانيا، فقد قال وزير الدولة بوزارة الخارجية البريطانية، إن تصريحات عباس بشأن المحرقة «مقلقة بشدة»
وأمس، ردت حركة فتح على المنتقدين برفضها قبول تهمة اللاسامية ضد عباس، قائلة: إن التهمة «لا تعبر عن أخلاقيتها وثقافة مؤيديها وقيادتها»، مشددة على أن رفضها نابع من «صميم برنامجها وفلسفتها السياسية».
وقال جمال نزال، المتحدث باسم حركة فتح: «إن جمهور حركة فتح والمستمعين لخطاب الرئيس يعون تماماً أن الخطاب دعوة للتسامح ورفض استغلال الدين لإشعال النزاع... وحسب فهمنا، قد جاءت أقوال الرئيس في إطار سعيه الدائم لدحض التبريرات الدينية للنزاع دحضاً، يلبي ضرورات قطع الطريق على إساءة استخدام الدين لأجل النزاع، أو تعميقه بتبريرات دينية لا تشكل منطلقاً لفكرة حركتنا القائمة على الاستقلال، ورفض العنصرية والبغضاء».
كما دعت «فتح» إلى ترجمة خطاب الرئيس «ترجمة منصفة ومهنية غير صادرة عن إسرائيل، التي يدعو قادتها ليل نهار لقتل مدنينا العزل، ويصفون شعبنا أوصافاً نابعة من رؤية وممارسات عنصرية قوامها التحريض».
واتهمت حركة فتح إسرائيل بتعمد الخلط بين ما قاله الرئيس كاقتباسات لمؤلفين معروفين وما قاله على لسانه.



مصر: «كشك باب النصر» يعيد الجدل بشأن «التعدي» على الآثار

مطالب بإعادة النظر في الصورة الجمالية للقاهرة التاريخية (تصوير: عبد الفتاح فرج)
مطالب بإعادة النظر في الصورة الجمالية للقاهرة التاريخية (تصوير: عبد الفتاح فرج)
TT

مصر: «كشك باب النصر» يعيد الجدل بشأن «التعدي» على الآثار

مطالب بإعادة النظر في الصورة الجمالية للقاهرة التاريخية (تصوير: عبد الفتاح فرج)
مطالب بإعادة النظر في الصورة الجمالية للقاهرة التاريخية (تصوير: عبد الفتاح فرج)

جدد بناء «كشك نور» بالطوب الأحمر، في مكان بارز بمنطقة الجمالية الأثرية في مصر، مطالب خبراء أثريين بتشديد الرقابة على المناطق الأثرية وحمايتها من الاعتداء بالاستناد إلى قانون حماية الآثار.

ويرى الخبير الأثري الدكتور محمد حمزة أن واقعة بناء كشك كهرباء داخل «حرم موقع أثري»، صورة من أوجه مختلفة للاعتداء على الآثار في مصر، حسبما يقول لـ«الشرق الأوسط»، ويضيف: «يمثل هذا الكشك مثالاً لحالات البناء العشوائي التي لا تراعي خصوصية المناطق الأثرية، وتشويهاً معمارياً مثل الذي شهدته بنفسي أخيراً ببناء عمارة سكنية في مواجهة جامع «الحاكِم» الأثري في نهاية شارع المعز التاريخي، بما لا يتلاءم مع طراز المنطقة، وأخيراً أيضاً فوجئنا بقرار بناء مسرح في حرم منطقة سور مجرى العيون الأثرية، وهناك العديد من الأمثلة الأخيرة الخاصة بهدم آثار كالتعدي على قبة الشيخ عبد الله بمنطقة عرب اليسار أسفل قلعة صلاح الدين الأيوبي، وتلك جميعها صور من الاعتداء التي تتجاهل تماماً قوانين حماية الآثار».

كشك كهرباء باب النصر (حساب د. محمد حمزة على فيسبوك)

وحسب الدكتور محمد عبد المقصود، الأمين العام الأسبق للمجلس الأعلى للآثار، فإن بناء هذا الكشك «هو حالة متكررة لمخالفة قانون حماية الآثار بشكل واضح»، حسبما يقول لـ«الشرق الأوسط»، مضيفاً: «يجب أن تتم إزالته، فهو يؤثر بشكل واضح على بانوراما المكان الأثري، علاوة على أنه كيان قبيح ولا يليق أن يتم وضعه في موقع أثري، ويتسبب هذا الكشك في قطع خطوط الرؤية في تلك المنطقة الأثرية المهمة».

ويضيف عبد المقصود: «المؤسف أن وزارة السياحة والآثار لم تعلق على هذا الأمر بعد، مثلما لم تعلق على العديد من وقائع الاعتداء على مواقع أثرية سواء بالبناء العشوائي أو الهدم قبل ذلك، رغم أن الأمر يقع في نطاق مسؤوليتهم».

قانون الآثار المصري يمنع بناء مبان أعلى من المنشآت الأثرية (تصوير: عبد الفتاح فرج)

وأثار تشويه بعض نقوش مقبرة مريروكا الأثرية في منطقة سقارة بالجيزة (غرب القاهرة) ضجة واسعة في نوفمبر (تشرين الثاني) الماضي، وسط دعوات بضرورة تطبيق قانون حماية الآثار الذي تنص المادة 45 منه رقم 117 لسنة 1983 وتعديلاته، على أنه «يعاقَب كل من وضع إعلانات أو لوحات للدعاية أو كتب أو نقش أو وضع دهانات على الأثر أو شوّه أو أتلف بطريق الخطأ أثراً عقارياً أو منقولاً أو فصل جزءاً منه بالحبس مدة لا تقل عن سنة وغرامة لا تقل عن 10 آلاف جنية ولا تزيد على 500 ألف جنيه أو إحدى هاتين العقوبتين».

الآثار الإسلامية تتوسط غابة من الكتل الخرسانية (تصوير: عبد الفتاح فرج)

وترى الدكتورة سهير حواس، أستاذة العمارة والتصميم العمراني بقسم الهندسة المعمارية بجامعة القاهرة، أن منطقة القاهرة التاريخية مسجلة وفقاً لقانون 119 لسنة 2008، باعتبارها منطقة أثرية لها اشتراطات حماية خاصة، وتقول في حديثها لـ«الشرق الأوسط»: «تشمل تلك الحماية القيام بعمل ارتفاعات أو تغيير أشكال الواجهات، وأي تفاصيل خاصة باستغلال الفراغ العام، التي يجب أن تخضع للجهاز القومي للتنظيم الحضاري ووزارة الثقافة».

شكاوى من تشويه صور الآثار الإسلامية بالقاهرة (تصوير: عبد الفتاح فرج)

وحسب القانون يجب أن يتم أخذ الموافقة على وضع أي كيان مادي في هذا الفراغ بما فيها شكل أحواض الزرع والدكك، وأعمدة الإضاءة والأكشاك، سواء لأغراض تجميلية أو وظيفية؛ لذلك فمن غير المفهوم كيف تم بناء هذا الكشك بهذه الصورة في منطقة لها حماية خاصة وفقاً للقانون.

ويرى الخبير الأثري الدكتور حسين عبد البصير أنه «لا بد من مراعاة طبيعة البيئة الأثرية، خاصة أن هناك العديد من الطرق التي يمكن بها تطويع مثل تلك الضرورات كتوسيع الطرق أو البنية التحتية أو إدخال تطويرات كهربائية بطريقة جمالية تلائم النسيج الجمالي والبصري للأماكن الأثرية».