تحطم «سوخوي 30» يجدد النقاش حول خسائر روسيا

TT

تحطم «سوخوي 30» يجدد النقاش حول خسائر روسيا

جدد إعلان وزارة الدفاع الروسية، أمس، تحطم مقاتلة من طراز «سوخوي30» بعد دقائق على إقلاعها من قاعدة «حميميم»، السجال حول الحجم الحقيقي للخسائر الروسية بعد مرور عامين ونصف العام على التدخل العسكري الروسي المباشر في الحرب السورية. وأشارت معطيات أولية نشرتها الوزارة، إلى أن المقاتلة تحطمت قبالة سواحل مدينة جبلة السورية بسبب اصطدامها بطائر؛ ما أسفر عن تعطل أحد محركيها، وأكدت أنها لن تتعرض لنيران أرضية. لكن هذه الفرضية قوبلت بتشكيك خبراء روس، ونشرت صحيفة «موسكوفسكي كومسوموليتس» الواسعة الانتشار تعليقاً لخبيرين تطابقت وجهات نظريهما في أن تعطل أحد محركي الطائرة ليس سبباً كافياً لفقدان الطاقم السيطرة عليها ما يجعلها تهوي وتتحطم. علماً بأن وزارة الدفاع أشارت في بيانها، إلى أن قائدي المقاتلة اللذين لقيا مصرعهما في الحادث «حاولا إنقاذ الطائرة حتى اللحظة الأخيرة».
وبتحطم «سوخوي30» تكون الخسائر الروسية على صعيد سلاح الطيران بلغت سبعة مقاتلات من طرازات «سوخوي» و«ميغ»، بالإضافة إلى عدد مماثل من المروحيات ذات الاستخدامات المتعددة، وبينها مروحيات «مي 24» الهجومية، ومروحيات النقل والإمداد والإنقاذ.
ويعد تحطم «سوخوي» أمس ثالث حادث تتعرض له الطائرات الروسية منذ نهاية العام الماضي، وكانت أسوأ خسارة منيت بها موسكو على هذا الصعيد الشهر الماضي، عندما أدى خلل فني إلى تحطم طائرة نقل عسكرية من طراز «أنطونوف26»؛ ما أسفر عن مقتل 39 شخصاً كانوا على متنها، بينهم ضباط من رتب رفيعة.
وخسرت موسكو نهاية العام الماضي مروحية من طراز «مي24» ولقي طاقمها المؤلف من شخصين مصرعه.
لكن الأرقام المعلنة رسمياً لا تعكس الحجم الحقيقي لخسائر موسكو في سوريا. وتتهم وسائل إعلام روسية مستقلة السلطات بالتكتم على الخسائر في الحالات التي يكون من الصعب كشف تفاصيل عنها من جانب جهات مستقلة.
ووفقاً لصحيفة «آر بي كا» التي استندت إلى مصادر عسكرية لن تعلن هويتها، فإن روسيا خسرت عشر طائرات أخرى على الأقل لم يتم الإعلان عنها. وأشارت مصادر روسية إلى أن جزءاً من هذه الخسائر وقع في نهاية العام الماضي عندما تعرضت قاعدة «حميميم» لهجوم بطائرات مسيرة. وتشير المصادر إلى أن 8 طائرات على الأقل أصيبت بأضرار كبيرة، بينها طائرتان تعطلتا نهائياً.
ولا تذكر الأوساط الروسية الخسائر الأخرى، مثل العربات والآليات والتقنيات المختلفة، لكن الأرقام المتوافرة حتى سبتمبر (أيلول) الماضي، أي بعد مرور عامين كاملين على التدخل العسكري المباشر في سوريا، تشير إلى أن روسيا أنفقت نحو 140 مليار روبل (2.5 مليار دولار) تقريباً على عمليتها العسكرية في سوريا.
وهذه الأرقام لا تقتصر على الخسائر، بل تشمل كذلك الإمكانات والبنى التحتية التي أقامتها موسكو في قاعدتي حميميم وطرطوس. وكذلك عمليات النقل والإمداد النشطة التي تمت خلال عامين منذ بدء العملية في 30 سبتمبر 2015.
ويكفي للتدليل على كثافة التحركات العسكرية الروسية الإشارة إلى أن قيادة وزارة الدفاع كانت أعلنت خلال اجتماع عسكري، أن 84 في المائة من التشكيلات الجوية والبحرية والبرية الروسية مرت بفترات تدريب عملي وتأهيل على مواجهة ظروف الحرب الحقيقية في سوريا خلال هذه الفترة. على الصعيد البشري تقر موسكو بمقتل أكثر بقليل من 100 عسكري في سوريا، لكن الأوساط الروسية تتحدث عن خسائر بشرية تبلغ «عدة أضعاف هذا الرقم»، ناهيك عن الخسائر التي مُنيت بها وحدات «المرتزقة الروس»، وهي تبلغ مئات القتلى أيضاً، وترفض موسكو الإقرار بوجود تشكيلات غير نظامية من روسيا رغم أنها اضطرت بعد قيام طائرات أميركية بتوجيه ضربة قوية لوحدات المرتزقة الروس في فبراير (شباط) الماضي، إلى الاعتراف جزئياً بوقوع خسائر «في صفوف مواطنين يتواجدون في سوريا من دون علم السلطات الروسية».
والمفارقة أن الجزء الأضخم من الإنفاق العسكري الروسي انصب على تجهيز وتوسيع قاعدة حميميم لتحويلها إلى مركز وجود دائم لروسيا، لكن هذه القاعدة شهدت الجزء الأكبر من الخسائر العسكرية رغم أن موسكو زجت فيها إمكانات دفاعية هائلة، اشتملت على شبكة معقدة من أنظمة الدفاع الجوي التي كان يفترض أن تشكل قبة دفاعية متينة، مبنية على أساس أنظمة الدفاع الأكثر تطوراً «إس400» وطرازات عدة من الصواريخ المتوسطة والقصيرة المدى، بينها «بوك» و«بانتسير» و«أوسا».
وعلى رغم أن هذه المظلة الدفاعية القوية نجحت في إحباط أكثر من هجوم على القاعدة باستخدام طائرات مسيرة أو قذائف محمولة على أجسام يدوية الصنع، لكن عدداً من الاجسام ضرب القاعدة مرات عدة خلال الشهور الماضية، كما أن اللافت أن غالبية حوادث سقوط الطائرات العسكرية جرت أثناء إقلاعها أو عند محاولة هبوطها إلى القاعدة.
وكان الاتفاق على تسليم «حميميم» للروس، وقع في 26 أغسطس (آب) 2015، ونص على أن روسيا يحق لها استخدام المطار العسكري والأراضي التي تحتاج إليها حوله إلى أجل غير محدد، واشتملت الاتفاقية على بنود تمنح العسكريين الروس صلاحيات واسعة للتحرك من دون قيود، وتحميهم من المساءلة إذا ارتكبوا انتهاكات للقوانين السورية، كما تمنحهم مع أفراد عائلاتهم حصانة من كل أنواع التفتيش أو القيود الجمركية، بالإضافة إلى إعفائهم من قوانين التأشيرات للتنقل إلى سوريا أو عند مغادرتها.
ومنذ عام 2015، واصلت موسكو إمداد القاعدة بتقنيات مختلفة نقلت جواً أو على متن السفن الحربية، إلى طرطوس. ورغم أن الرئيس فلاديمير بوتين أعلن نهاية العام الماضي تقليص الوجود العسكري في سوريا، لكن مصادر روسية أكدت أكثر من مرة أن الجزء الرئيسي من العتاد والوحدات المتمركزة في حميميم لم تخضع لعمليات تقليص، بل بالعكس من ذلك استمرت عمليات الشحن والإمداد إليها.
وأعلن، أمس، عن توجه سفينة إنزال روسية جديدة إلى المنطقة، ونقلت وسائل إعلام عن مصادر تركية، أن سفينة الإنزال «آزوف» التابعة للقوات البحرية الروسية عبرت أمس مضيقي البوسفور والدردنيل ودخلت البحر المتوسط. ونشرت مواقع إلكترونية صوراً لسفينة تابعة للأسطول الروسي في البحر الأسود، وهي في طريقها إلى ميناء طرطوس السوري، مشيرة إلى أن هذه هي الرحلة الرابعة لهذه السفينة إلى سوريا منذ بداية العام الحالي.
وفي أبريل (نيسان) الماضي كانت قد مرت خلال مضيقي البحر الأسود سفينة الإنزال الكبيرة «مينسك» وسفينة الإنزال الكبيرة الأخرى «نيكولاي فيلتشينكوف» وسفينة «أورسك».
ومنذ بداية العام الحالي قامت سفن الإنزال «آزوف» و«ألكساندر أوتراكوفسكي» و«مينسك» و«نيكولاي فيلتشينكوف» و«أورسك» وسفينة النقل «كيزيل60» بنقل شحنات إلى سوريا.



15 ألف طالب يمني في تعز تسربوا خلال فصل دراسي واحد

المعلمون في تعز يواصلون احتجاجاتهم المطالبة بزيادة الأجور (إعلام محلي)
المعلمون في تعز يواصلون احتجاجاتهم المطالبة بزيادة الأجور (إعلام محلي)
TT

15 ألف طالب يمني في تعز تسربوا خلال فصل دراسي واحد

المعلمون في تعز يواصلون احتجاجاتهم المطالبة بزيادة الأجور (إعلام محلي)
المعلمون في تعز يواصلون احتجاجاتهم المطالبة بزيادة الأجور (إعلام محلي)

في حين يواصل المعلمون في محافظة تعز اليمنية (جنوب غرب) الإضراب الشامل للمطالبة بزيادة رواتبهم، كشفت إحصائية حديثة أن أكثر من 15 ألف طالب تسربوا من مراحل التعليم المختلفة في هذه المحافظة خلال النصف الأول من العام الدراسي الحالي.

وعلى الرغم من قيام الحكومة بصرف الرواتب المتأخرة للمعلمين عن شهري نوفمبر (تشرين الثاني) وديسمبر (كانون الأول)، فإن العملية التعليمية لا تزال متوقفة في عاصمة المحافظة والمناطق الريفية الخاضعة لسيطرة الحكومة الشرعية بسبب الإضراب.

ويطالب المعلمون بإعادة النظر في رواتبهم، التي تساوي حالياً أقل من 50 دولاراً، حيث يُراعى في ذلك الزيادة الكبيرة في أسعار السلع، وتراجع قيمة العملة المحلية أمام الدولار. كما يطالبون بصرف بدل الغلاء الذي صُرف في بعض المحافظات.

الأحزاب السياسية في تعز أعلنت دعمها لمطالب المعلمين (إعلام محلي)

ووفق ما ذكرته مصادر عاملة في قطاع التعليم لـ«الشرق الأوسط»، فإن محافظتي عدن ومأرب أقرتا صرف حافز شهري لجميع المعلمين يقارب الراتب الشهري الذي يُصرف لهم، إلا أن هذه المبادرة لم تُعمم على محافظة تعز ولا بقية المحافظات التي لا تمتلك موارد محلية كافية، وهو أمر من شأنه - وفق مصادر نقابية - أن يعمق الأزمة بين الحكومة ونقابة التعليم في تلك المحافظات، وفي طليعتها محافظة تعز.

ظروف صعبة

وفق بيانات وزعتها مؤسسة «ألف» لدعم وحماية التعليم، فإنه وفي ظل الظروف الصعبة التي يمر بها قطاع التعليم في مدينة تعز وعموم مناطق سيطرة الحكومة الشرعية المعترف بها دولياً، ازدادت تداعيات انقطاع الرواتب والإضراب المفتوح الذي دعت إليه نقابة المعلمين، مع إحصاء تسرب أكثر من 15 ألفاً و300 حالة من المدارس خلال النصف الأول من العام الدراسي الحالي.

وقال نجيب الكمالي، رئيس المؤسسة، إن هذا الرقم سُجل قبل بدء الإضراب المفتوح في جميع المدارس، وتعذر استئناف الفصل الدراسي الثاني حتى اليوم، معلناً عن تنظيم فعالية خاصة لمناقشة هذه الأزمة بهدف إيجاد حلول عملية تسهم في استمرار العملية التعليمية، ودعم الكادر التربوي، حيث ستركز النقاشات في الفعالية على الأسباب الجذرية لانقطاع الرواتب، وتأثيرها على المعلمين والمؤسسات التعليمية، وتداعيات الإضراب على الطلاب، ومستقبل العملية التعليمية، ودور المجتمع المدني والمنظمات المحلية والدولية في دعم قطاع التعليم.

المعلمون في عدن يقودون وقفة احتجاجية للمطالبة بتحسين الأجور (إعلام محلي)

وإلى جانب ذلك، يتطلع القائمون على الفعالية إلى الخروج بحلول مستدامة لضمان استمرارية التعليم في ظل الأزمات، ومعالجة الأسباب التي تقف وراء تسرب الأطفال من المدارس.

ووجهت الدعوة إلى الأطراف المعنية كافة للمشاركة في هذه الفعالية، بما في ذلك نقابة المعلمين اليمنيين، والجهات الحكومية المعنية بقطاع التعليم، ومنظمات المجتمع المدني المحلية والدولية.

آثار مدمرة

كانت منظمة الأمم المتحدة للطفولة (اليونيسيف) قد ذكرت منتصف عام 2024، أن أكثر من 4.5 مليون طفل في اليمن خارج المدرسة بسبب تداعيات سنوات من الصراع المسلح. وأفادت بأن شركاء التعليم يعيدون تأهيل وبناء الفصول الدراسية، ويقدمون المساعدة التعليمية للملايين، ويعملون على إعادة الآخرين إلى المدارس، وعدّت أن الاستثمار في التعليم هو استثمار في مستقبل الأجيال.

وتقول المنظمة إنه منذ بداية الحرب عقب انقلاب الحوثيين على السلطة الشرعية، خلفت الهجمات التي تعرض لها أطفال المدارس والمعلمون والبنية التحتية التعليمية آثاراً مدمرة على النظام التعليمي في البلاد، وعلى فرص الملايين من الأطفال في الحصول على التعليم.

1.3 مليون طفل يمني يتلقون تعليمهم في فصول دراسية مكتظة (الأمم المتحدة)

وأكدت المنظمة الأممية أن للنزاع والتعطيل المستمر للعملية التعليمية في جميع أنحاء البلاد، وتجزئة نظام التعليم شبه المنهار أصلاً، تأثيراً بالغاً على التعلم والنمو الإدراكي والعاطفي العام والصحة العقلية للأطفال كافة في سن الدراسة البالغ عددهم 10.6 مليون طالب وطالبة في اليمن.

ووفق إحصاءات «اليونيسيف»، فإن 2,916 مدرسة (واحدة على الأقل من بين كل أربع مدارس) قد دمرت أو تضررت جزئياً أو تم استخدامها لأغراض غير تعليمية نتيجة سنوات من النزاع الذي شهده اليمن.

كما يواجه الهيكل التعليمي مزيداً من العوائق، تتمثل في عدم حصول أكثر من ثلثي المعلمين (ما يقرب من 172 ألف معلم ومعلمة) على رواتبهم بشكل غير منتظم منذ عام 2016، أو انقطاعهم عن التدريس بحثاً عن أنشطة أخرى مدرة للدخل.