مصر تُغلق 20 ألف «زاوية» استغلها متطرفون

حذرت الخطباء والأئمة من التحريض في المساجد

TT

مصر تُغلق 20 ألف «زاوية» استغلها متطرفون

دخلت «الزوايا» أو المساجد الأهلية الصغيرة في مصر مرمى الاتهامات من جديد، وكشفت وزارة الأوقاف، وهي المسؤولة عن المساجد، أمس، عن أنها «أغلقت 20 ألف (زاوية) كانت أوكاراً للمتطرفين والإرهابيين». وقالت مصادر في الأوقاف، إن «بعض (الزوايا) تسلل إليها عناصر من جماعة (الإخوان) التي تصنفها الحكومة (إرهابية)، وغيرها من التنظيمات الإرهابية».
وحذرت الأوقاف، أمس، الأئمة والخطباء من ذكر أي مؤسسات أو أشخاص أو أحزاب تحت أي مسمى، من على المنابر في المساجد الكبرى أو خلال الدروس الدينية، وذلك لتخليص المساجد من أي تناول يثير جدلاً سياسياً، والتركيز في دعوتها الدينية.
وسبق أن وضعت الدولة المصرية إجراءات مشددة على المساجد، منذ سقوط حكم «الإخوان» عام 2013، وقصرت الخطب والدروس على الأزهريين، ووحدت موضوع خطبة الجمعة، وراقبت صناديق التبرعات؛ لكن مراقبين رجحوا «وجود بعض الدعاة المتشددين ما زالوا يعتلون بعض منابر المساجد و(الزوايا)».
وقال الشيخ جابر طايع، رئيس القطاع الديني، المتحدث باسم الأوقاف أمس، إنه «تم إلغاء كلمة (مسجد أهلي)، (أي زاوية) من قاموس الوزارة؛ لأن (الزوايا) كانت تستغل من قبل (أهل الشر) و(المتطرفين)؛ خاصة في الأحياء الشعبية، والأماكن المكتظة بالسكان، وتصبح خارج السيطرة».
قرارات الأوقاف بغلق «الزوايا» تأتي وسط مطالبات شعبية برفض إغلاق بعضها؛ واقتراح ترخيص «الزوايا» وتحسين مستوى المرافق والمباني بها، وتعيين مشايخ ينشرون الفكر الوسطي للخطابة فيها، واختيار من يقومون على شؤونها، ليكونوا مسؤولين أمام الحكومة، وفقاً للضوابط القانونية.
وسبق إغلاق «الزوايا» تصريحات لوزير الأوقاف الدكتور محمد مختار جمعة، أكد فيها أن «الزوايا» استغلت خلال العقود الماضية، إما لتعيين عمال بها، أو بعضها استخدمته الجماعات الإرهابية لنشر الأفكار المتطرفة... وأنه لن يسمح ببناء «الزوايا» مستقبلاً.
وفي مارس (آذار) عام 2016، قضت محكمة مصرية بأحقية الأوقاف في ضم جميع المساجد الأهلية الصغيرة والإشراف عليها، لإبعادها عن السياسة ونشر الفكر المتشدد.
وأشارت المحكمة المصرية في حكمها، إلى التجارب المريرة التي عاشتها مصر من جراء استخدام «الزوايا» في استغلال الشباب والبسطاء والفقر والجهل لجذب المؤيدين للتيارات الدينية المختلفة، مما نجم عنه بث روح الفتنة والفرقة بين أبناء الوطن الواحد، التي أدت إلى التنابز اللفظي والعنف المادي. وأكدت المحكمة في حيثيات حكمها أنه «لا يجوز مطلقاً استخدام منابر (الزوايا) لتحقيق أهداف سياسية أو حزبية أو طائفية، لإثارة الفتن في مصر».
من جهتها، قالت المصادر في الأوقاف، إن «الهدف من قرار إغلاق (الزوايا) الأخير، حماية الشباب والأطفال من الفكر المتشدد والجماعات المتطرفة التي تستغل حاجة الأسر الفقيرة لنشر فكرها». وألمحت المصادر إلى أن «هناك عدداً آخر من (الزوايا) سيتم إغلاقه قريباً».
وسبق أن قرر وزير الأوقاف في عام 2014 حظر إقامة صلاة الجمعة في «الزوايا» وقصرها فقط على المساجد الكبرى؛ لكن المصادر في الأوقاف نفسها قالت إن «حظر عدم إقامة صلاة الجمعة في (الزوايا) لم ينفذ على أرض الواقع لصعوبة حصرها»، لافتة إلى أن «كثيراً من (الزوايا) تقيم صلاة الجمعة، ولم يتم غلقها، لسيطرة الدعوة السلفية والجماعة الإسلامية والجمعية الشرعية على بعض هذه الزوايا، فضلاً عن أنصار جماعة الإخوان».
ويشار إلى أنه لا يوجد حصر رسمي لهذه «الزوايا» والمساجد الأهلية الصغيرة؛ لكن هناك إحصائيات غير رسمية تُقدرها بنحو 120 ألف مسجد صغير و«زاوية»، لا تتبع وزارة الأوقاف؛ لكنها تخضع أغلبها لإشراف الأهالي أو تيارات الإسلام السياسي. ويومياً قد تتم إقامة زاوية أسفل بنايات في القاهرة والمحافظات، وتُدار بلا رقيب.


مقالات ذات صلة

مقتل ثلاثة أشخاص بانفجار قنبلة خلال مهرجان في تايلاند

آسيا تُظهر هذه الصورة مشهداً لموقع تم فيه إلقاء عبوة ناسفة على حشد خلال مهرجان سنوي في تايلاند... الجمعة 13 ديسمبر 2024 (أ.ب)

مقتل ثلاثة أشخاص بانفجار قنبلة خلال مهرجان في تايلاند

أعلنت الشرطة التايلاندية السبت اعتقال شخصين بعد انفجار قنبلة الجمعة خلال إحياء مهرجان بالقرب من الحدود مع بورما؛ ما أدى إلى مقتل ثلاثة أشخاص.

«الشرق الأوسط» (بانكوك)
المشرق العربي جانب من لقاء وزير الدفاع التركي الأحد مع ممثلي وسائل الإعلام (وزارة الدفاع التركية)

تركيا مستعدة لدعم السلطة السورية الجديدة... وأولويتها تصفية «الوحدات الكردية»

أكدت تركيا استعدادها لتقديم الدعم العسكري للإدارة الجديدة في سوريا إذا طلبت ذلك وشددت على أن سحب قواتها من هناك يمكن أن يتم تقييمه على ضوء التطورات الجديدة

سعيد عبد الرازق (أنقرة)
شؤون إقليمية جانب من الدمار الذي خلفه الهجوم المزدوج في ريحانلي عام 2013 (أرشيفية)

تركيا: القبض على مطلوب متورط في هجوم إرهابي وقع عام 2013

أُلقي القبض على أحد المسؤولين عن التفجير الإرهابي المزدوج، بسيارتين ملغومتين، الذي وقع في بلدة ريحانلي (الريحانية)، التابعة لولاية هطاي جنوب تركيا، عام 2013

سعيد عبد الرازق (أنقرة)
أفريقيا أسلحة ومعدات كانت بحوزة إرهابيين في بوركينا فاسو (صحافة محلية)

بوركينا فاسو تعلن القضاء على 100 إرهابي وفتح 2500 مدرسة

تصاعدت المواجهات بين جيوش دول الساحل المدعومة من روسيا (مالي، والنيجر، وبوركينا فاسو)، والجماعات المسلحة الموالية لتنظيمَي «القاعدة» و«داعش».

الشيخ محمد (نواكشوط)
آسيا الملا عثمان جوهري في جولة بين التلال بولاية نورستان قال: «لم تكن هنا طالبان هنا عندما بدأت الحرب» (نيويورك تايمز)

الملا عثمان جوهري يستذكر العمليات ضد الأميركيين

قاد الملا عثمان جوهري واحدة من أعنف الهجمات على القوات الأميركية في أفغانستان، وهي معركة «ونت» التي باتت رمزاً للحرب ذاتها.

عزام أحمد (إسلام آباد - كابل)

ملاهي سوريا وحاناتها تعيد فتح أبوابها بحذر بعد انتصار فصائل المعارضة

سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)
سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)
TT

ملاهي سوريا وحاناتها تعيد فتح أبوابها بحذر بعد انتصار فصائل المعارضة

سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)
سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)

احتفل سكان دمشق بسقوط نظام بشار الأسد بعد حرب وحشية استمرت 13 عاماً، لكن أصحاب أماكن السهر في المدينة اعتراهم القلق وهم يعيدون فتح أبواب حاناتهم وملاهيهم.

فقد قادت «هيئة تحرير الشام» فصائل المعارضة التي أطاحت بنظام الأسد، وكانت هناك خشية لدى بعض الناس من أن تمنع الهيئة شرب الكحول.

ظلت حانات دمشق ومحلات بيع الخمور فيها مغلقة لأربعة أيام بعد دخول مقاتلي «هيئة تحرير الشام» المدينة، دون فرضهم أي إجراءات صارمة، والآن أعيد فتح هذه الأماكن مؤقتاً.

ما يريده صافي، صاحب «بابا بار» في أزقة المدينة القديمة، من الجميع أن يهدأوا ويستمتعوا بموسم عيد الميلاد الذي يشهد إقبالاً عادة.

مخاوف بسبب وسائل التواصل

وفي حديث مع «وكالة الصحافة الفرنسية» في حانته، اشتكى صافي، الذي لم يذكر اسم عائلته حتى لا يكشف عن انتمائه الطائفي، من حالة الذعر التي أحدثتها وسائل التواصل الاجتماعي.

فبعدما انتشرت شائعات أن المسلحين المسيطرين على الحي يعتزمون شن حملة على الحانات، توجه إلى مركز الشرطة الذي بات في أيدي الفصائل في ساحة باب توما.

وقال صافي بينما كان يقف وخلفه زجاجات الخمور: «أخبرتهم أنني أملك حانة وأود أن أقيم حفلاً أقدم فيه مشروبات كحولية».

وأضاف أنهم أجابوه: «افتحوا المكان، لا مشكلة. لديكم الحق أن تعملوا وتعيشوا حياتكم الطبيعية كما كانت من قبل»، فيما كانت الموسيقى تصدح في المكان.

ولم تصدر الحكومة، التي تقودها «هيئة تحرير الشام» أي بيان رسمي بشأن الكحول، وقد أغلق العديد من الأشخاص حاناتهم ومطاعمهم بعد سقوط العاصمة.

لكن الحكومة الجديدة أكدت أيضاً أنها إدارة مؤقتة وستكون متسامحة مع كل الفئات الاجتماعية والدينية في سوريا.

وقال مصدر في «هيئة تحرير الشام»، لـ«وكالة الصحافة الفرنسية»، طلب عدم كشف هويته، إن «الحديث عن منع الكحول غير صحيح». وبعد الإلحاح عليه بالسؤال شعر بالغضب، مشدداً على أن الحكومة لديها «قضايا أكبر للتعامل معها».

وأعيد فتح «بابا بار» وعدد قليل من الحانات القريبة، لكن العمل محدود ويأمل صافي من الحكومة أن تطمئنهم ببيان يكون أكثر وضوحاً وقوة إلى أنهم آمنون.

في ليلة إعادة الافتتاح، أقام حفلة حتى وقت متأخر حضرها نحو 20 شخصاً، ولكن في الليلة الثانية كانت الأمور أكثر هدوءاً.

وقال إن «الأشخاص الذين حضروا كانوا في حالة من الخوف، كانوا يسهرون لكنهم في الوقت نفسه لم يكونوا سعداء».

وأضاف: «ولكن إذا كانت هناك تطمينات (...) ستجد الجميع قد فتحوا ويقيمون حفلات والناس مسرورون، لأننا الآن في شهر عيد الميلاد، شهر الاحتفالات».

وفي سوريا أقلية مسيحية كبيرة تحتفل بعيد الميلاد، مع تعليق الزينات في دمشق.

في مطعم العلية القريب، كان أحد المغنين يقدم عرضاً بينما يستمتع الحاضرون بأطباق من المقبلات والعرق والبيرة.

لم تكن القاعة ممتلئة، لكن الدكتور محسن أحمد، صاحب الشخصية المرحة والأنيقة، كان مصمماً على قضاء وقت ممتع.

وقال لـ«وكالة الصحافة الفرنسية»: «كنا نتوقع فوضى عارمة في الموقف»، فيما كانت الأضواء تنعكس على ديكورات المطعم، مضيفاً: «لكننا عدنا سريعاً إلى حياتنا، حياتنا الليلية، وحقوقنا».

حفلة مع مغنٍ

وقال مدير المطعم يزن شلش إن مقاتلي «هيئة تحرير الشام» حضروا في ليلة إعادة الافتتاح ولم يغلقوا المكان.

وأضاف: «بدأنا العمل أمس. كانت الأمور جيدة جداً. كانت هناك حفلة مع مغنٍ. بدأ الناس بالتوافد، وفي وسط الحفلة حضر عناصر من (هيئة تحرير الشام)»، وأشار إلى أنهم «دخلوا بكل أدب واحترام وتركوا أسلحتهم في الخارج».

وبدلاً من مداهمة المكان، كانت عناصر الهيئة حريصين على طمأنة الجميع أن العمل يمكن أن يستمر.

وتابع: «قالوا للناس: لم نأتِ إلى هنا لنخيف أو نرهب أحداً. جئنا إلى هنا للعيش معاً في سوريا بسلام وحرية كنا ننتظرهما منذ فترة طويلة».

وتابع شلش: «عاملونا بشكل حسن البارحة، نحن حالياً مرتاحون مبدئياً لكنني أخشى أن يكون هذا الأمر آنياً ولا يستمر».

ستمارس الحكومة الانتقالية الجديدة في سوريا بقيادة «هيئة تحرير الشام» عملها حتى الأول من مارس (آذار). بعد ذلك، لا يعرف أصحاب الحانات ماذا يتوقعون.