واشنطن تطالب السودان بقطع علاقته مع كوريا الشمالية قبل أي مفاوضات

كشرط لإزالة اسمه من قائمة الدول الراعية للإرهاب

واشنطن تطالب السودان بقطع علاقته مع كوريا الشمالية قبل أي مفاوضات
TT

واشنطن تطالب السودان بقطع علاقته مع كوريا الشمالية قبل أي مفاوضات

واشنطن تطالب السودان بقطع علاقته مع كوريا الشمالية قبل أي مفاوضات

طلبت الولايات المتحدة من السودان إنهاء علاقاته التجارية مع كوريا الشمالية شرطا لإخراجه من قائمة الدول الراعية للإرهاب.
ونقلت وكالة الصحافة الفرنسية، أمس، عن مسؤول أميركي كبير، قوله إن «على الخرطوم إنهاء أي علاقة تجارية لها مع كوريا الشمالية قبل بدء مفاوضات لإزالة اسم السودان، عن اللائحة الأميركية للدول الراعية للإرهاب». وعلى الرغم من عدم وجود علاقات دبلوماسية بين السودان وكوريا الشمالية، فإن منظمات حقوقية تؤكد تعاونا عسكريا بين الدولتين.
وأعلن السودان أكثر من مرة قطع علاقته مع كوريا الشمالية، لكن واشنطن ما تزال تطالبه بإعطاء ضمانة كافية بقطع علاقاته بشكل كامل مع بيونغ يانغ، ووقف أي علاقات تجارية له معها. ونقلت الوكالة عن المسؤول الذي لم تكشف عن اسمه قوله: «لا تعاملات بعد الآن، نقطة على السطر، أعطونا الدليل أنكم أوقفتم ذلك فعلياً، هذا ما يجب أن يقوموا به».
وأكدت الخارجية السودانية في بيان الأحد الماضي، التزام السودان بجميع المواثيق الإقليمية والدولية لدعم السلم والأمن الدوليين «من أجل عالم خال من أسلحة الدمار الشامل»، والتزامه بالعقوبات الصادرة عن مجلس الأمن الدولي المفروضة على جمهورية كوريا الشمالية.
ويأتي هذا التصعيد بعد أشهر من رفع الحكومة الأميركية عقوبات اقتصادية وحظراً تجارياً كانت تفرضه على السودان منذ عام 1997. بيد أنها أبقت على اسمه ضمن لائحة وزارة الخارجية للدول «الراعية للإرهاب». ويأمل السودان في إزالة اسمه من تلك القائمة في المرحلة الثانية من المفاوضات السودانية الأميركية، لأن وجوده ضمنها يعيق العلاقات التجارية مع المصارف العالمية والسودانية، يؤثر على اقتصاد البلاد الذي يعيش أزمة نقد أجنبي وتضخم في الأسعار، ويحول دون استفادته من مبادرات إعفاء الديون.
وتعرض الاقتصاد السوداني بالمجمل إلى ضربة قاسية بعدما انفصل الجنوب عن الشمال في 2011 آخذا معه نحو 75 في المائة من عائدات النفط السوداني. ومع بلوغ الدين الأجنبي أكثر من 50 مليار دولار وهبوط الجنيه السوداني مقابل الدولار إثر النقص الحاد في العملة الأجنبية، لم يتحقق الانتعاش الاقتصادي السريع الذي انتظره السودان بعد رفع العقوبات.
وقال المسؤول الأميركي: «عليهم تحقيق تقدم بشأن القلق المرتبط بلائحة الدول الراعية للإرهاب لإفساح الطريق من أجل (التعامل مع) جميع المشكلات المالية وتلك المتعلقة بالديون التي يواجهونها». وقال المسؤول إن رفع العقوبات يمكن المصارف السودانية حاليا من إقامة علاقات مصرفية مع الولايات المتحدة.
لكنه أوضح أن المصارف الأميركية ستقرر من جهتها ما إذا كانت ستتعامل مع البنوك السودانية بناء على معطيات من بينها إن كان السودان لا يزال على لائحة الدول الراعية للإرهاب، أو مدى فعالية الخرطوم في منع غسل الأموال. وأضاف: «لكن بإمكاني القول إن الباب مفتوح الآن. هناك فرصة لإعادة العلاقات المصرفية».



تفاقم معاناة القطاع المصرفي تحت سيطرة الحوثيين

عاملة في البنك المركزي اليمني في صنعاء الخاضع لسيطرة الجماعة الحوثية (أ.ف.ب)
عاملة في البنك المركزي اليمني في صنعاء الخاضع لسيطرة الجماعة الحوثية (أ.ف.ب)
TT

تفاقم معاناة القطاع المصرفي تحت سيطرة الحوثيين

عاملة في البنك المركزي اليمني في صنعاء الخاضع لسيطرة الجماعة الحوثية (أ.ف.ب)
عاملة في البنك المركزي اليمني في صنعاء الخاضع لسيطرة الجماعة الحوثية (أ.ف.ب)

تراجعت أنشطة بنوك يمنية بشكل حاد، ويشتكي مودعون من حالة تذمر إزاء عدم قدرتهم على سحب أموالهم، وسط إجراءات وقرارات حوثية.

تلك البنوك تقع بمناطق سيطرة الحوثيين، ويشتكي السكان من إجراءات الجماعة المدعومة من إيران، من عجزها عن تقديم خدمات بنكية.

ودفعت المعاناة البنوك إلى مزاولة أنشطة خارج اختصاصاتها، والاعتماد على فروعها بالمناطق اليمنية المحررة، وتحت سيطرة الحكومة لتغطية خسائرها، في حين تطالبها الجماعة بجبايات عن أنشطة تلك الفروع.

في الأثناء، اشتبك عدد من المودعين مع أفراد أمن أحد البنوك، على خلفية مطالبتهم بمبالغ من ودائعهم في صنعاء قبل أيام، وفقاً لمصادر قالت لـ«الشرق الأوسط» إن بعض الموظفين أيضاً يخشون خسارة مصدر دخلهم بسبب موجة تقليص وظيفي لمواجهة تراجع الإيرادات وهواجس الإفلاس الذي يهددها.

بوابة البنك المركزي اليمني في صنعاء الخاضع لسيطرة الجماعة الحوثية (أ.ف.ب)

وأوضحت المصادر أن المودعين اعتصموا داخل مقر البنك بعد رفض إدارته منحهم مبالغ من ودائعهم، ما دفعهم للاحتجاج بالاعتصام، قبل أن ينشب عراك بينهم وبين رجال الأمن، وتطورت الأحداث بقدوم مسلحين من أقارب بعض المودعين، حاولوا اقتحام البنك بالقوة، وتبادلوا إطلاق النار لبعض الوقت، قبل أن تتدخل قوة من شرطة الجماعة الحوثية، وتوقف الاشتباكات. لجأ البنك إلى تخفيض رواتب الموظفين العاملين في إدارته وفروعه، بنسبة 20 في المائة، بسبب أزمة السيولة النقدية التي يواجهها منذ أشهر، بعدما حجزت الجماعة أمواله في البنك المركزي الحوثي بصنعاء، ما اضطر عدداً من الموظفين إلى التوقف عن العمل احتجاجاً على خفض رواتبهم، أو للبحث عن فرص عمل أخرى. ويواجه سكان مناطق سيطرة الحوثيين أوضاعاً معيشية معقدة بسبب الحرب وسيطرة الجماعة على مؤسسات الدولة ووقف رواتب الموظفين العموميين.

أزمة نقدية

تُمْنَى البنوك اليمنية وفروعها الموجودة في مناطق سيطرة الجماعة الحوثية بخسائر كبيرة، وتواجه أزمات نقدية حادة، وباتت غالبيتها غير قادرة على دفع مرتبات موظفيها أو تغطية مصاريفها الشهرية.

بسبب الإجراءات الحوثية تحوّلت غالبية البنوك إلى أنشطة غير مصرفية (غيتي)

يرى الباحث الاقتصادي رشيد الآنسي، أن مصير البنوك والقطاع المصرفي في مناطق سيطرة الجماعة الحوثية بشكل عام أصبح في مهب الريح، بعد الدخول في مرحلة شبه إفلاس منذ أصدرت الجماعة قانوناً يمنع الفائدة، ما أجهز تماماً على ما تبقى من إمكانية تحقيق إيرادات للبنوك في ظل الكساد الاقتصادي الذي تعاني منه تلك المناطق. ويبين الآنسي لـ«الشرق الأوسط» أنه، إضافة الى لجوء الناس، وخاصة رجال الأعمال والتجار، إلى الاعتماد على شركات الصرافة، فإن البنوك أضحت خاوية من العملاء تقريباً، باستثناء تلك البنوك التي تحولت إلى ما يشبه محلات صرافة لتسليم المعونات الإغاثية أو مرتبات شركات القطاع الخاص. وفي سبتمبر (أيلول) الماضي، فرضت الجماعة الحوثية على البنوك جبايات جديدة تحت مسمى دعم وإسناد قطاع غزة، وطالبتها بمبالغ ما بين 75 ألفاً، و131 ألف دولار (ما بين 40 مليوناً و70 مليون ريال يمني، حيث تفرض الجماعة سعراً ثابتاً للدولار في مناطق سيطرتها بـ534 ريالاً).

وطبقاً لمصادر تحدثت لـ«الشرق الأوسط»، فإن البنوك في مناطق سيطرة الحوثيين لجأت إلى مزاولة أنشطة وأعمال تجارية ليست من اختصاصها لمواجهة حالة الركود وشبح الإفلاس اللذين يحيطان بها، ومن ذلك الوساطة بين المستهلكين والشركات التجارية والمحلات التجارية ومحال البقالة للحصول على عمولات يتحملها المستهلكون.

البنوك اليمنية تعرضت لاستحواذ الجماعة الحوثية على سيولتها النقدية المتوفرة لصالح المجهود الحربي (إكس)

ويتهم البنك المركزي اليمني الجماعة الحوثية بالاستحواذ على جزء كبير من المبالغ النقدية للبنوك التجارية في مناطق سيطرتها، وإجبارها على سحب السيولة النقدية المتوافرة في خزائن فروعها، ونقلها إلى مراكزها الرئيسية، ثم توريدها لحسابات الجماعة واستخدامها لدعم مجهودها الحربي، متسببة بعجز البنوك عن الوفاء بالتزاماتها، وفقدان ثقة العملاء بالقطاع المصرفي.

الاتكال على الفروع

يواجه عدد من البنوك في مناطق سيطرة الحوثيين الأزمات النقدية ببيع بطاقات الشراء من الإنترنت وبطاقات ركوب الحافلات وبيع الذهب، بعدما فقدت، بسبب الإجراءات والقرارات الحوثية، القدرة على ممارسة مهامها الأساسية وتقديم التمويلات الضخمة والمنتجات المصرفية. ووفقاً للآنسي، لجأت هذه البنوك إلى الاعتماد على فروعها في مناطق سيطرة الحكومة الشرعية التي تحقق أرباحاً كبيرة نتيجة دخولها في الدين العام وتحصيل فوائد تصل إلى 23 في المائة، إضافة إلى الحركة الاقتصادية في هذه المناطق، وتوجه رجال الأعمال والشركات التجارية للتعامل مع البنوك لسهولة الحركة بعيداً عن رقابة الجماعة الحوثية.

بنك في صنعاء تعرض للحجز التحفظي على أرصدة ملاكه قبل أعوام بأوامر من الحوثيين (إكس)

وتشترك فروع البنوك في مناطق سيطرة الحكومة في مزادات البنك المركزي، ما يحقق لها عائداً جيداً من خلال بيع العملات الأجنبية للتجار، أو من خلال فتح الاعتمادات الخاصة بالمزادات، وهو ما يتيح للبنوك في مناطق سيطرة الجماعة الحوثية التنفس برئة هذه الفروع. وينتقد الآنسي ما وصفه بتقاعس الحكومة اليمنية عن تحصيل ضرائب من إيرادات فروع البنوك في مناطق سيطرتها، بينما تضغط الجماعة الحوثية على إدارات البنوك في مناطق سيطرتها لإجبارها على دفع ضرائب على أرباح تلك الفروع، ما يمثل دعماً مالياً إضافياً للجماعة. وطالب الباحث اليمني البنك المركزي في عدن بعزل فروع البنوك في مناطق سيطرة الحكومة عن فروعها ومراكزها الرئيسية في مناطق سيطرة الجماعة الحوثية، تجنباً لتحول هذه الفروع إلى ممول للجماعة.