طول الحصار يضع تعز على طريق سراييفو ولينينغراد

تقرير يسلط الضوء على معاناة المدينة اليمنية خلال الأعوام الثلاثة الماضية

TT

طول الحصار يضع تعز على طريق سراييفو ولينينغراد

سلّط تقرير صادر عن مركز حقوقي يمني الضوء عن الحصار الذي تفرضه الميليشيات الحوثية على مدينة تعز من ثلاثة أعوام، مشيراً إلى أن هذا الحصار يدخل ضمن أطول أنواع الحصار الذي تعرضت له المدن على مستوى العالم.
وقال «مركز المعلومات والتأهيل لحقوق الإنسان»، وهو منظمة غير حكومية مقرها تعز، وحاصل على الصفة الاستشارية في الأمم المتحدة، إن «حصار تعز من قبل الحوثيين سيدخل موسوعة الأرقام القياسية ضمن أطول أنواع الحصار الذي تعرضت له مدن في حروب مختلفة بعد حصار سراييفو وحصار غزة وحصار لينينغراد في الحرب العالمية الثانية، حيث تكمل تعز عامها الثالث على التوالي وهي في حصار دام». وأوضح أنه «منذ إحكام الحصار في اجتياح تعز في 21 مارس (آذار) 2015 من قبل قوات الحوثي وحليفهم علي عبد الله صالح آنذاك، وتعز تعاني من استمرار الحصار الخانق الذي يمنع حركة المواطنين وكل أنواع الغذاء والدواء ومستلزمات الحياة»، ومن «قتل المدنيين بسبب تردي الحياة المعيشية».
وأوضح التقرير الذي حمل عنوان «تعز... ألف ومائة يوم من الحصار والقتل المستمر» أن الانتهاكات في تعز خلال الفترة الممتدة من 21 مارس 2015 إلى 31 مارس 2018، خلفت 3 آلاف قتيل مدني، بينهم 680 طفلاً و371 امرأة، ونحو 16 ألف مصاب مدني، بينهم 1655 طفلاً و2449 امرأة.
ويشير التقرير إلى أن عشرات آلاف الألغام التي زرعتها ميليشيات الحوثي تسببت في مقتل 714 مدنياً، بينهم 32 طفلاً و14 امرأة، وإصابة 1100 مدني، بينهم 38 طفلاً و17 امرأة. وتابع أن «تعز عانت من حالات مصادرة حريات بلغت 197 حالة اختطاف و167 حالة إخفاء قسري، و792 حالة احتجاز تعسفي، و87 حالة تعذيب أفضت العديد منها للموت أو الإعاقة الدائمة والشلل التام عن الحركة أو الجنون والحالة النفسية»، إضافة إلى «تهجير ونزوح نحو 2800 أسرة، فيما بلغ إجمالي الممتلكات العامة التي طالها الانتهاك 452 ممتلكاً؛ تم تفجير 9 مبان وتدمير 83 مبنى ومنشأة منها، ولحق الضرر كلياً بـ50 منشأة ومبنى، وجزئياً بـ288 أخرى، وتضررت 22 مركبة عامة، وبلغ إجمالي الممتلكات الخاصة التي طالها الانتهاك 1868؛ تتوزع بين تفجير 95 منزلاً وتدمير 159 منزلاً ومنشأة خاصة وإلحاق الضرر بـ111 منشأة ومنزلاً».
تأتي هذه الأرقام الخاصة بالانتهاكات والقتل وغيرها عقب اجتياح ميليشيات جماعة الحوثي المدعومة من قبل الجيش المؤيد لعلي عبد الله صالح، الذي كان متحالفاً معها آنذاك تعز، ثالث أكبر مدينة في اليمن، حيث كان في 22 مارس (آذار) 2015، ولم تكن هناك مقاومة مسلحة، بل احتجاجات سلمية ودعوات مدنية لمنع القتل، رغم إطلاق الحوثيين النار على متظاهرين لتفريق الاحتجاجات، مما أدى لقتل متظاهر وإصابة خمسة آخرين، لم يرفع المدنيون السلاح حينها.
وأوضح المركز الحقوقي أنه «خلال مظاهرة ضد وجود الحوثيين في تعز في 24 مارس (آذار) قتل 5 متظاهرين على يد الحوثيين، وأصيب 80 آخرون، بينما في مدينة التربة (80 كم جنوب غربي تعز)، قتل 3 متظاهرين وأصيب 12 آخرون. وبعد أسبوع من القتال سيطر الحوثيون على مديرية المخاء بالمحافظة».
ونتيجة القصف المستمرة والهسيتري من قبل ميليشيات الحوثي الانقلابية تُعد مدينة تعز أكبر مدينة سقط فيه ضحايا مدنيون، حيث عمدت هذه القوات على إحكام حصار قاتل يمنع الغذاء والدواء وانتقال المواطنين ومصادرة كل أنواع الإغاثة واعتقال المواطنين العزل عن أبناء مدينة تعز. وفي أوائل أكتوبر (تشرين الأول) (2015) تصاعدت حدة الحصار على مدينة تعز، حيث تُصادر القوات الموالية للحوثيين وصالح الذي كان معهم يومها عند نقاط التفتيش المياه والأطعمة وأنابيب غاز الطهي من المدنيين الذين يحاولون نقل هذه المئون إلى أحياء داخل مدينة تعز لا يسيطرون عليها، في حين صادر الحوثيون 3 شاحنات عقاقير طبية أرسلتها «منظمة الصحة العالمية» إلى تعز في أكتوبر 2015. وذكر مركز المعلومات أن ميليشيات الحوثي الانقلابية استولت على «الأدوية التي كانت وجهتها مستشفيات في مناطق لا تخضع لسيطرتهم، ولم يأذنوا لمكاتب وزارة الصحة بدعم المستشفيات والمستوصفات الطبية في المدينة».
وكانت منظمات دولية قد حذرت من استمرار حصار تعز، إذ ذكرت اللجنة الدولية للصليب الأحمر في أكتوبر 2015 أن نحو نصف مستشفيات تعز كفت عن العمل بسبب نقص الإمدادات أو الوقود، أو جراء تضرر المرافق أثناء القتال، وطالبت في حينها «الأطراف المسيطرة بالتصريح بتسليم الأدوية المُلحة والضرورية، التي مُنعت على مدار 5 أسابيع، إلى مستشفى الثورة».


مقالات ذات صلة

الحوثيون يواجهون مخاوفهم من مصير الأسد بالقمع والتحشيد

العالم العربي مقاتلون حوثيون جدد جرى تدريبهم وإعدادهم أخيراً بمزاعم مناصرة قطاع غزة (إعلام حوثي)

الحوثيون يواجهون مخاوفهم من مصير الأسد بالقمع والتحشيد

لجأت الجماعة الحوثية إلى مواجهة مخاوفها من مصير نظام الأسد في سوريا بأعمال اختطاف وتصعيد لعمليات استقطاب وتطييف واسعة وحشد مقاتلين

وضاح الجليل (عدن)
المشرق العربي عضو مجلس القيادة الرئاسي اليمني طارق صالح خلال الاجتماع (سبأ)

طارق صالح يدعو إلى تجاوز الخلافات والاستعداد ليوم الخلاص الوطني

دعا عضو مجلس القيادة الرئاسي اليمني طارق صالح إلى ما أسماه «وحدة المعركة»، والجاهزية الكاملة والاستعداد لتحرير العاصمة اليمنية صنعاء من قبضة الميليشيات الحوثية.

عبد الهادي حبتور (الرياض)
المشرق العربي جانب من اجتماع سابق في عمّان بين ممثلي الحكومة اليمنية والحوثيين خاص بملف الأسرى والمحتجزين (مكتب المبعوث الأممي)

واشنطن تفرض عقوبات على عبد القادر المرتضى واللجنة الحوثية لشؤون السجناء

تعهَّدت واشنطن بمواصلة تعزيز جهود مساءلة مرتكبي الانتهاكات الجسيمة لحقوق الإنسان في اليمن، بمَن فيهم «مسؤولو الحوثيين».

عبد الهادي حبتور (الرياض)
العالم العربي من عرض عسكري ألزم الحوثيون طلبة جامعيين على المشاركة فيه (إعلام حوثي)

حملة حوثية لتطييف التعليم في الجامعات الخاصة

بدأت الجماعة الحوثية فرض نفوذها العقائدي على التعليم الجامعي الخاص بإلزامه بمقررات طائفية، وإجبار أكاديمييه على المشاركة في فعاليات مذهبية، وتجنيد طلابه للتجسس.

وضاح الجليل (عدن)
المشرق العربي وزير الإعلام والثقافة والسياحة اليمني معمر الإرياني (سبأ)

​وزير الإعلام اليمني: الأيام المقبلة مليئة بالمفاجآت

عقب التطورات السورية يرى وزير الإعلام والثقافة والسياحة اليمني معمر الإرياني أن المنطقة مقبلة على مرحلة جديدة تحمل الأمل والحرية

عبد الهادي حبتور (الرياض)

تنديد يمني بتصفية الحوثيين أحد المعتقلين في تعز

مسلحون حوثيون خلال تجمع في صنعاء دعا إليه زعيمهم (رويترز)
مسلحون حوثيون خلال تجمع في صنعاء دعا إليه زعيمهم (رويترز)
TT

تنديد يمني بتصفية الحوثيين أحد المعتقلين في تعز

مسلحون حوثيون خلال تجمع في صنعاء دعا إليه زعيمهم (رويترز)
مسلحون حوثيون خلال تجمع في صنعاء دعا إليه زعيمهم (رويترز)

نددت الحكومة اليمنية بتصفية الحوثيين أحد المعتقلين المدنيين في أحد السجون الواقعة شرق مدينة تعز، واتهمت الجماعة بالتورط في قتل 350 معتقلاً تحت التعذيب خلال السنوات الماضية.

التصريحات اليمنية التي جاءت على لسان وزير الإعلام، معمر الإرياني، كانت بعد أيام من فرض الولايات المتحدة عقوبات على قيادي حوثي يدير المؤسسة الخاصة بملف الأسرى في مناطق سيطرة الجماعة.

معمر الإرياني وزير الإعلام والثقافة والسياحة في الحكومة اليمنية (سبأ)

ووصف الإرياني إقدام الحوثيين على تصفية المواطن أحمد طاهر أحمد جميل الشرعبي، في أحد معتقلاتهم السرية في منطقة الحوبان شرق تعز، بأنها «جريمة بشعة» تُضاف إلى سجل الجماعة الحافل بالانتهاكات والجرائم ضد الإنسانية، وتعكس طبيعتها الوحشية وعدم التزامها بأي قانون أو معايير إنسانية، وفق تعبيره.

وأوضح الوزير اليمني في تصريح رسمي أن الحوثيين اختطفوا الضحية أحمد الشرعبي، واحتجزوه قسرياً في ظروف غير إنسانية، قبل أن يطلبوا من أسرته، في 11 ديسمبر (كانون الأول) الحالي، الحضور لاستلام جثته بعد وفاته تحت التعذيب.

وقال إن هذا العمل الوحشي من قِبَل الحوثيين يظهر اللامبالاة بأرواح اليمنيين، ويعيد التذكير باستمرار مأساة الآلاف من المحتجزين والمخفيين قسراً في معتقلات الجماعة بما في ذلك النساء والأطفال.

وأشار وزير الإعلام اليمني إلى تقارير حكومية وثقت أكثر من 350 حالة قتل تحت التعذيب في سجون الحوثيين من بين 1635 حالة تعذيب، كما وثقت المنظمات الحقوقية -بحسب الوزير- تعرض 32 مختطفاً للتصفية الجسدية، بينما لقي آخرون حتفهم نتيجة الانتحار هرباً من قسوة التعذيب، و31 حالة وفاة بسبب الإهمال الطبي، وقال إن هذه الإحصاءات تعكس العنف الممنهج الذي تمارسه الميليشيا بحق المعتقلين وحجم المعاناة التي يعيشونها.

ترهيب المجتمع

اتهم الإرياني الحوثيين باستخدام المعتقلات أداة لترهيب المجتمع المدني وإسكات الأصوات المناهضة لهم، حيث يتم تعذيب المعتقلين بشكل جماعي وتعريضهم لأساليب قاسية تهدف إلى تدمير إرادتهم، ونشر حالة من الخوف والذعر بين المدنيين.

وطالب وزير الإعلام في الحكومة اليمنية المجتمع الدولي والأمم المتحدة ومنظمات حقوق الإنسان بمغادرة ما وصفه بـ«مربع الصمت المخزي»، وإدانة الجرائم الوحشية الحوثية التي تمثل انتهاكاً صارخاً للقانون الدولي والإنساني.

الحوثيون يتعمدون ترهيب المجتمع بالاعتقالات والتعذيب في السجون (رويترز)

ودعا الوزير إلى «ممارسة ضغط حقيقي على ميليشيا الحوثي» لإطلاق صراح كل المحتجزين والمخفيين قسرياً دون قيد أو شرط، وفرض عقوبات صارمة على قيادات الجماعة وتصنيفها «منظمة إرهابية عالمية».

وكانت الولايات المتحدة فرضت قبل أيام عقوبات على ما تسمى «لجنة شؤون الأسرى» التابعة للحوثيين، ورئيسها القيادي عبد القادر حسن يحيى المرتضى، بسبب الارتباط بانتهاكات جسيمة لحقوق الإنسان في اليمن.

وتقول الحكومة اليمنية إن هذه المؤسسة الحوثية من أكبر منتهكي حقوق الإنسان وخصوصاً رئيسها المرتضى الذي مارس خلال السنوات الماضية جرائم الإخفاء القسري بحق آلاف من المدنيين المحميين بموجب القوانين المحلية والقانون الدولي الإنساني.