اتهامات لكبار المسؤولين العراقيين بتوظيف موارد الدولة انتخابياً

TT

اتهامات لكبار المسؤولين العراقيين بتوظيف موارد الدولة انتخابياً

في 8 مارس (آذار) الماضي وقبل أكثر من شهر على انطلاق الحملات الانتخابية في 14 أبريل (نيسان) الماضي، وجه وزير التعليم العالي والبحث العلمي، عبد الرزاق العيسى، الجامعات بمنع مرشحي الانتخابات من ارتياد المؤسسات الأكاديمية، ذلك أن «خصوصية الجامعات تقتضي الحفاظ على هويتها العلمية والأكاديمية»، كما ذكر حينها. ثم عاد الوزير العيسى في 5 أبريل الماضي، أي قبل 9 أيام من انطلاق الحملات الدعائية ووجه بـ«سحب يد أي موظف مرشح يمارس ترويجاً انتخابياً في الجامعات».
الحزم الذي أبدته وزارة التعليم كانت نتيجته تجنب أغلب الائتلافات الانتخابية الترويج لحملاتها داخل المؤسسات التابعة للوزارة وعلى رأسها الجامعات الأكاديمية. غير أن رئيس الوزراء المنتهية ولايته حيدر العبادي خرق بنظر البعض ما يشبه «القاعدة» وأقام حفل الترويج لتحالفه الانتخابي «النصر» في جامعة ديالى السبت الماضي، الأمر الذي أثار حفيظة جهات سياسية ونشطاء وبعض المراقبين، متهمين العبادي والمسؤولين الكبار في الدولة باستثمار موارد الدولة المختلفة في الترويج لحملاتهم الانتخابية.
لكن حسين العادلي، المتحدث باسم تحالف «النصر»، الذي يتزعمه العبادي، يرى أن الأخير «لا يستغل موارد الدولة». ويقول العادلي لـ«الشرق الأوسط»: «الاتهامات باستغلال المنصب جزء من التنافس الانتخابي، وأغلب زياراته الأخيرة إلى المحافظات حملت طابعا رسميا»، مشيرا إلى أن «الاحتفال الذي أقيم في جامعة ديالى، لم يكن استثمارا للحرم الجامعي، إنما استثمار للمكان فقط، عبر تأجير إحدى قاعات الجامعة الكبيرة، وذلك حدث في يوم السبت وهو عطلة رسمية ولا وجود للطلبة فيه».
لكن الصحافي والناشط قاسم السنجري المعروف بانتقاداته اللاذعة للشخصيات السياسية كتب على صفحته الشخصية في «فيسبوك»: «الإصلاح شعار العبادي الانتخابي، وهو يستغل سيارات الدولة وطائراتها لحملته الانتخابية، وحوّل موظفي مكتب رئيس الوزراء الحكومي إلى جيش إلكتروني».
بدوره، يؤكد المتحدث باسم وزارة التعليم العالي والبحث العلمي حيدر العبودي أن «موقف (التعليم العالي) ثابت بشأن عدم السماح بالنشاطات السياسية في الحرم الجامعي». وقال إن «تأجير القاعات الكبرى أيام العطلات الرسمية للجهات المختلفة لإحياء المناسبات الاجتماعية وغيرها، أمر مسموح به قبل بدء الحملات الانتخابية». ولم يعلق العبودي على امتناع بقية الائتلافات والكتل السياسية عن تأجير قاعات الاحتفال في الجامعات العراقية بخلاف ما فعله رئيس الوزراء العبادي، مشيرا إلى أن «ذلك عائد إليهم وليس لدي تفسير لذلك».
من جانبه، يرى الناطق الرسمي باسم «تيار الحكمة الوطني» محمد جميل المياحي أن «جميع المسؤولين في الدولة، ومنهم رئيس الوزراء، يستغلون إمكانات الدولة ومواردها في خدمة حملاتهم الانتخابية».
ويرى المياحي في حديث لـ«الشرق الأوسط» أن «مفوضية الانتخابات لم تضع معايير محددة وواضحة للحيلولة دون استثمار المسؤولين مناصبهم في الحملات الانتخابية»، مضيفا: «لدينا اليوم 14 وزيرا مرشحا، إضافة إلى عشرات المسؤولين ووكلاء الوزارات، وجميعهم يستغلون مواقع في الحملات الانتخابية، نتيجة عدم وجود معايير صارمة تحول دون ذلك».
ويشير المياحي إلى «عدم وجود تكافؤ في الفرص بين المرشحين، فالمسؤول المرشح يستطيع التحرك والترويج بسهولة، لكن المرشح العادي يصعب عليه ذلك، وبعضهم لا يملك حتى سيارة خاصة».



أوضاع متردية يعيشها الطلبة في معاقل الحوثيين

طلبة يمنيون في مناطق سيطرة الحوثيين يتعرضون للشمس والبرد والمطر (الأمم المتحدة)
طلبة يمنيون في مناطق سيطرة الحوثيين يتعرضون للشمس والبرد والمطر (الأمم المتحدة)
TT

أوضاع متردية يعيشها الطلبة في معاقل الحوثيين

طلبة يمنيون في مناطق سيطرة الحوثيين يتعرضون للشمس والبرد والمطر (الأمم المتحدة)
طلبة يمنيون في مناطق سيطرة الحوثيين يتعرضون للشمس والبرد والمطر (الأمم المتحدة)

قدَّم تقرير أممي حديث عن أوضاع التعليم في مديرية رازح اليمنية التابعة لمحافظة صعدة؛ حيثُ المعقل الرئيسي للحوثيين شمالي اليمن، صورة بائسة حول الوضع الذي يعيش فيه مئات من الطلاب وهم يقاومون من أجل الاستمرار في التعليم، من دون مبانٍ ولا تجهيزات مدرسية، بينما يستخدم الحوثيون كل عائدات الدولة لخدمة قادتهم ومقاتليهم.

ففي أعماق الجبال المرتفعة في المديرية، لا يزال الأطفال في المجتمعات الصغيرة يواجهون التأثير طويل الأمد للصراعات المتكررة في المحافظة، والتي بدأت منتصف عام 2004 بإعلان الحوثيين التمرد على السلطة المركزية؛ إذ استمر حتى عام 2010، ومن بعده فجَّروا الحرب الأخيرة التي لا تزال قائمة حتى الآن.

الطلاب اليمنيون يساعدون أسرهم في المزارع وجلب المياه من بعيد (الأمم المتحدة)

وفي المنطقة التي لا يمكن الوصول إليها إلا من خلال رحلة برية تستغرق ما يقرب من 7 ساعات من مدينة صعدة (مركز المحافظة)، تظل عمليات تسليم المساعدات والوصول إلى الخدمات الأساسية محدودة، وفقاً لتقرير حديث وزعته منظمة الأمم المتحدة للطفولة (يونيسيف)؛ إذ بينت المنظمة فيه كيف يتحمل الأطفال بشكل خاص وطأة الفرص التعليمية المحدودة، والمرافق المدرسية المدمرة.

مدرسة من دون سقف

وأورد التقرير الأممي مدرسة «الهادي» في رازح باعتبارها «مثالاً صارخاً» لتلك الأوضاع، والتي لا تزال تخدم مئات الطلاب على الرغم من الدمار الذي تعرضت له أثناء المواجهات بين القوات الحكومية والحوثيين، أثناء التمرد على السلطة المركزية؛ حيث تُركت هياكل خرسانية من دون سقف أو جدران.

ويؤكد مدير المدرسة -وفق تقرير «اليونيسيف»- أنها منذ أن أصيبت ظلت على هذه الحال، من ذلك الوقت وحتى الآن. ويقول إنهم كانوا يأملون أن يتم بناء هذه المدرسة من أجل مستقبل أفضل للطلاب، ولكن دون جدوى؛ مشيراً إلى أن بعض الطلاب تركوا الدراسة أو توقفوا عن التعليم تماماً.

مدرسة دُمّرت قبل 15 سنة أثناء تمرد الحوثيين على السلطة المركزية (الأمم المتحدة)

ويجلس الطلاب على أرضيات خرسانية من دون طاولات أو كراسي أو حتى سبورة، ويؤدون الامتحانات على الأرض التي غالباً ما تكون مبللة بالمطر. كما تتدلى الأعمدة المكسورة والأسلاك المكشوفة على الهيكل الهش، مما يثير مخاوف من الانهيار.

وينقل التقرير عن أحد الطلاب في الصف الثامن قوله إنهم معرضون للشمس والبرد والمطر، والأوساخ والحجارة في كل مكان.

ويشرح الطالب كيف أنه عندما تسقط الأمطار الغزيرة يتوقفون عن الدراسة. ويذكر أن والديه يشعران بالقلق عليه حتى يعود إلى المنزل، خشية سقوط أحد الأعمدة في المدرسة.

ويقع هذا التجمع السكاني في منطقة جبلية في حي مركز مديرية رازح أقصى غربي محافظة صعدة، ولديه مصادر محدودة لكسب الرزق؛ حيث تعمل أغلب الأسر القريبة من المدرسة في الزراعة أو الرعي. والأطفال -بمن فيهم الطلاب- يشاركون عائلاتهم العمل، أو يقضون ساعات في جلب المياه من بعيد، بسبب نقص مصادر المياه الآمنة والمستدامة القريبة، وهو ما يشكل عبئاً إضافياً على الطلاب.

تأثير عميق

حسب التقرير الأممي، فإنه على الرغم من التحديات والمخاوف المتعلقة بالسلامة، يأتي نحو 500 طالب إلى المدرسة كل يوم، ويحافظون على رغبتهم القوية في الدراسة، في حين حاول الآباء وأفراد المجتمع تحسين ظروف المدرسة، بإضافة كتل خرسانية في أحد الفصول الدراسية، ومع ذلك، فإن الدمار هائل لدرجة أن هناك حاجة إلى دعم أكثر شمولاً، لتجديد بيئة التعلم وإنشاء مساحة مواتية وآمنة.

واحد من كل 4 أطفال يمنيين في سن التعليم خارج المدرسة (الأمم المتحدة)

ويشير تقرير «يونيسيف»، إلى أن للصراع وانهيار أنظمة التعليم تأثيراً عميقاً على بيئة التعلم للأطفال في اليمن؛ حيث تضررت 2426 مدرسة جزئياً أو كلياً، أو لم تعد تعمل، مع وجود واحد من كل أربعة طلاب في سن التعليم لا يذهبون إلى المدرسة، كما يضطر الذين يستطيعون الذهاب للمدرسة إلى التعامل مع المرافق غير المجهزة والمعلمين المثقلين بالأعباء، والذين غالباً لا يتلقون رواتبهم بشكل منتظم.

وتدعم المنظمة الأممية إعادة تأهيل وبناء 891 مدرسة في مختلف أنحاء اليمن، كما تقدم حوافز لأكثر من 39 ألف معلم لمواصلة تقديم التعليم الجيد، ونبهت إلى أنه من أجل ترميم أو بناء بيئة مدرسية أكثر أماناً للأطفال، هناك حاجة إلى مزيد من الموارد.