إيران تهجّر سكان كفريا والفوعة مقابل «النصرة» في اليرموك

انطلاق الحافلات لإجلاء 1500 من البلدتين

صورة وزعها نشطاء سوريون لحافلات تنتظر إخراج محاصرين من بلدة الفوعة في ريف إدلب
صورة وزعها نشطاء سوريون لحافلات تنتظر إخراج محاصرين من بلدة الفوعة في ريف إدلب
TT

إيران تهجّر سكان كفريا والفوعة مقابل «النصرة» في اليرموك

صورة وزعها نشطاء سوريون لحافلات تنتظر إخراج محاصرين من بلدة الفوعة في ريف إدلب
صورة وزعها نشطاء سوريون لحافلات تنتظر إخراج محاصرين من بلدة الفوعة في ريف إدلب

دخل الاتفاق الذي تم توقيعه الأحد الماضي بين «هيئة تحرير الشام» من جهة والنظام السوري والطرفين الإيراني والروسي من جهة أخرى، حيز التنفيذ، مع انطلاق الحافلات لإجلاء 1500 من المحاصرين في بلدتي كفريا والفوعة بريف إدلب، أكثريتهم من الطائفة الشيعية، مقابل إخراج مقاتلي الهيئة التي تشكل «جبهة النصرة» عمودها الفقري، من الأطراف الشمالية لمخيم اليرموك بالقسم الجنوبي للعاصمة دمشق.
وفيما تحدث المرصد السوري لحقوق الإنسان عن بدء تنفيذ المرحلة الأولى من الاتفاق بين «هيئة تحرير الشام» من جهة، والنظام والروس من جهة أخرى، بعد إتمام عملية تجهيز الحافلات والصعود إليها تمهيداً لإخراج نحو 1200 شخص من الفوعة وكفريا نحو حلب، وإخراج دفعة من مقاتلي الهيئة وعوائلهم نحو إدلب وقسم آخر نحو جرابلس والقسم المتبقي نحو درعا، أفادت وكالة «سانا» أن 22 حافلة توجهت فجر الاثنين من حلب إلى بلدتي كفريا والفوعة بريف إدلب «لتحرير المحاصرين فيهما»، لافتة إلى أنه «من المقرر أن تنقل الحافلات 1500 من الأهالي المحاصرين ضمن المرحلة الأولى للاتفاق باتجاه معبر العيس، ومن ثم باتجاه مركز جبرين للإقامة المؤقتة على الأطراف الشرقية لمدينة حلب الذي جهزته الجهات المعنية بجميع المستلزمات الأساسية». وأشارت الوكالة الرسمية إلى أن «دخول الحافلات عبر معبر العيس سيتم بالتوازي مع إخراج الحافلات التي تقل الإرهابيين من مخيم اليرموك باتجاه إدلب».
ورغم حديث المرصد عن أن الاتفاق تم بين الهيئة والجانب الروسي، أكدت وكالة «إباء» التابعة لـ«تحرير الشام»، أن الاتفاق جرى بشكل مباشر مع الجانب الإيراني. ونقلت الوكالة عن عضو المكتب الأمني في «الهيئة» خالد الحمصي، قوله إن «الميليشيات الإيرانية اتبعت أسلوب الضغط على أهالي المخيم بغية أسرهم والتفاوض عليهم لإخراج كامل سكان ومقاتلي بلدتي الفوعة وكفريا»، وقال: «بعد رفضنا القاطع للخضوع لهذه الضغوط ومع استمرار الحملة الشرسة على المخيم دون تقدم يُذكر، توصلنا لاتفاق مع العدو الإيراني ضمن شروط». ويضمن الاتفاق إخراج ألف شخص من بلدتي الفوعة وكفريا (ضمنهم عدد من المسلحين)، وفق الحمصي، مقابل إخراج جميع المحاصرين من مخيم اليرموك مع عوائلهم، إلى جانب إطلاق سراح نصف أسرى قرية اشتبرق، أي 40 شخصاً، باعتبار أن «تحرير الشام» أسرت قبل ثلاث سنوات 85 شخصاً من قرية اشتبرق في ريف إدلب.
وأشار عضو المكتب الأمني إلى أن الاتفاق تم بعد التواصل مع بقية الفصائل ووضعهم بصورة الأمر، مشددا على أن «مفاوضات ستجري حول إخراج أسرى من سجون النظام مقابل إجلاء الدفعة الثانية بالتشاور والتباحث مع بقية الفصائل الثورية في المنطقة».
ونقلت وكالة الأنباء الألمانية عما قالت بأنه مصدر في محافظة دمشق التابعة للمعارضة السورية، أن «عددا من الفصائل العاملة في جنوب دمشق سلمت نقاط رباطها مع حي الحجر الأسود الذي يسيطر عليه تنظيم داعش، وتمتد من شارع بيروت في بلدة يلدا وصولاً إلى المستشفى الياباني جنوب شرقي البلدة، سلمتها للقوات الروسية، عدا فصيل الأبابيل لم يسلم نقاطه مع تنظيم داعش، على أن يتم تسليم جميع تلك النقاط للقوات الحكومية والروسية».
وأكد المصدر أن «عملية التسليم هي في إطار الاتفاق، الذي أعلن عنه الأحد، وينص على خروج من يرغب من مسلحي بلدات يلدا وببيلا وبيت سحم جنوب العاصمة دمشق إلى شمال سوريا، وتسوية وضع من يرغب في البقاء مع قوات النظام. ويترافق ذلك مع دخول مؤسسات الحكومة السورية الخدمية إلى البلدات». وأشار المصدر إلى أن «تسليم تلك البلدات للشرطة الروسية ومنها للنظام، سوف يكون بشكل منظم خوفاً من انفلات أمني في المنطقة التي كانت تحت سيطرة الفصائل، على أن يتم تحديد موعد خروج من يرغب إلى الشمال السوري في وقت لاحق».
وبحسب «سانا»، يقضي الاتفاق بإخلاء أهالي كفريا والفوعة على مرحلتين، ويقارب عددهم خمسة آلاف شخص، إلى جانب تحرير مخطوفي اشتبرق على مرحلتين وعددهم 85 شخصاً، على أن يبدأ الاتفاق يوم أمس الاثنين، وتُستكمل جميع بنوده قبل بداية شهر رمضان.
ويشير الباحث السوري أحمد أبا زيد إلى أن الاتفاق الأخير الذي لحظ «هيئة تحرير الشام» في اليرموك ومقاتلي وأهالي الفوعة وكفريا «يأتي نتيجة مفاوضات قديمة مستمرة منذ أكثر من سنتين بين «الهيئة» والإيرانيين، باعتبار أن ملف الفوعة وكفريا يحظى باهتمام استثنائي من قبل طهران، لأن سكانهما من الشيعة»، لافتا في تصريح لـ«الشرق الأوسط»، إلى أن «الاجتماع الثلاثي الذي عُقد في موسكو نهاية الأسبوع الماضي وضم وزراء خارجية إيران وروسيا وتركيا كان له دور أساسي في تحريك الملف والتوصل إلى اتفاق». ويوضح أبا زيد أن «هذا الاتفاق سيتم تنفيذه على مراحل، فلا يخرج كل المتواجدين في الفوعة وكفريا دفعة واحدة، مع ترجيح دخول قوات تركية إلى البلدتين كما حصل في حلب الشرقية التي دخلتها بحينها قوات روسية».



مصر: «كشك باب النصر» يعيد الجدل بشأن «التعدي» على الآثار

مطالب بإعادة النظر في الصورة الجمالية للقاهرة التاريخية (تصوير: عبد الفتاح فرج)
مطالب بإعادة النظر في الصورة الجمالية للقاهرة التاريخية (تصوير: عبد الفتاح فرج)
TT

مصر: «كشك باب النصر» يعيد الجدل بشأن «التعدي» على الآثار

مطالب بإعادة النظر في الصورة الجمالية للقاهرة التاريخية (تصوير: عبد الفتاح فرج)
مطالب بإعادة النظر في الصورة الجمالية للقاهرة التاريخية (تصوير: عبد الفتاح فرج)

جدد بناء «كشك نور» بالطوب الأحمر، في مكان بارز بمنطقة الجمالية الأثرية في مصر، مطالب خبراء أثريين بتشديد الرقابة على المناطق الأثرية وحمايتها من الاعتداء بالاستناد إلى قانون حماية الآثار.

ويرى الخبير الأثري الدكتور محمد حمزة أن واقعة بناء كشك كهرباء داخل «حرم موقع أثري»، صورة من أوجه مختلفة للاعتداء على الآثار في مصر، حسبما يقول لـ«الشرق الأوسط»، ويضيف: «يمثل هذا الكشك مثالاً لحالات البناء العشوائي التي لا تراعي خصوصية المناطق الأثرية، وتشويهاً معمارياً مثل الذي شهدته بنفسي أخيراً ببناء عمارة سكنية في مواجهة جامع «الحاكِم» الأثري في نهاية شارع المعز التاريخي، بما لا يتلاءم مع طراز المنطقة، وأخيراً أيضاً فوجئنا بقرار بناء مسرح في حرم منطقة سور مجرى العيون الأثرية، وهناك العديد من الأمثلة الأخيرة الخاصة بهدم آثار كالتعدي على قبة الشيخ عبد الله بمنطقة عرب اليسار أسفل قلعة صلاح الدين الأيوبي، وتلك جميعها صور من الاعتداء التي تتجاهل تماماً قوانين حماية الآثار».

كشك كهرباء باب النصر (حساب د. محمد حمزة على فيسبوك)

وحسب الدكتور محمد عبد المقصود، الأمين العام الأسبق للمجلس الأعلى للآثار، فإن بناء هذا الكشك «هو حالة متكررة لمخالفة قانون حماية الآثار بشكل واضح»، حسبما يقول لـ«الشرق الأوسط»، مضيفاً: «يجب أن تتم إزالته، فهو يؤثر بشكل واضح على بانوراما المكان الأثري، علاوة على أنه كيان قبيح ولا يليق أن يتم وضعه في موقع أثري، ويتسبب هذا الكشك في قطع خطوط الرؤية في تلك المنطقة الأثرية المهمة».

ويضيف عبد المقصود: «المؤسف أن وزارة السياحة والآثار لم تعلق على هذا الأمر بعد، مثلما لم تعلق على العديد من وقائع الاعتداء على مواقع أثرية سواء بالبناء العشوائي أو الهدم قبل ذلك، رغم أن الأمر يقع في نطاق مسؤوليتهم».

قانون الآثار المصري يمنع بناء مبان أعلى من المنشآت الأثرية (تصوير: عبد الفتاح فرج)

وأثار تشويه بعض نقوش مقبرة مريروكا الأثرية في منطقة سقارة بالجيزة (غرب القاهرة) ضجة واسعة في نوفمبر (تشرين الثاني) الماضي، وسط دعوات بضرورة تطبيق قانون حماية الآثار الذي تنص المادة 45 منه رقم 117 لسنة 1983 وتعديلاته، على أنه «يعاقَب كل من وضع إعلانات أو لوحات للدعاية أو كتب أو نقش أو وضع دهانات على الأثر أو شوّه أو أتلف بطريق الخطأ أثراً عقارياً أو منقولاً أو فصل جزءاً منه بالحبس مدة لا تقل عن سنة وغرامة لا تقل عن 10 آلاف جنية ولا تزيد على 500 ألف جنيه أو إحدى هاتين العقوبتين».

الآثار الإسلامية تتوسط غابة من الكتل الخرسانية (تصوير: عبد الفتاح فرج)

وترى الدكتورة سهير حواس، أستاذة العمارة والتصميم العمراني بقسم الهندسة المعمارية بجامعة القاهرة، أن منطقة القاهرة التاريخية مسجلة وفقاً لقانون 119 لسنة 2008، باعتبارها منطقة أثرية لها اشتراطات حماية خاصة، وتقول في حديثها لـ«الشرق الأوسط»: «تشمل تلك الحماية القيام بعمل ارتفاعات أو تغيير أشكال الواجهات، وأي تفاصيل خاصة باستغلال الفراغ العام، التي يجب أن تخضع للجهاز القومي للتنظيم الحضاري ووزارة الثقافة».

شكاوى من تشويه صور الآثار الإسلامية بالقاهرة (تصوير: عبد الفتاح فرج)

وحسب القانون يجب أن يتم أخذ الموافقة على وضع أي كيان مادي في هذا الفراغ بما فيها شكل أحواض الزرع والدكك، وأعمدة الإضاءة والأكشاك، سواء لأغراض تجميلية أو وظيفية؛ لذلك فمن غير المفهوم كيف تم بناء هذا الكشك بهذه الصورة في منطقة لها حماية خاصة وفقاً للقانون.

ويرى الخبير الأثري الدكتور حسين عبد البصير أنه «لا بد من مراعاة طبيعة البيئة الأثرية، خاصة أن هناك العديد من الطرق التي يمكن بها تطويع مثل تلك الضرورات كتوسيع الطرق أو البنية التحتية أو إدخال تطويرات كهربائية بطريقة جمالية تلائم النسيج الجمالي والبصري للأماكن الأثرية».