«حماس» لا تسعى إلى مواجهة مع إسرائيل و«لن تخوض حرباً بالوكالة»

تركز على المظاهرات «السلمية» وتدرك أن ظروف القطاع الصعبة لا تسمح

TT

«حماس» لا تسعى إلى مواجهة مع إسرائيل و«لن تخوض حرباً بالوكالة»

قالت مصادر في حركة حماس، إن الحركة لا تسعى إلى مواجهة جديدة مع إسرائيل، ولن تنجر إلى مثل هذه المواجهة بالوكالة.
وأضافت المصادر لـ«الشرق الأوسط»: «قرار الحرب تتخذه الحركة بالتشاور مع فصائل المقاومة، وتحدده ظروف الفلسطينيين وحدهم».
وكان المصدر يرد على سؤال حول إمكانية أن تشارك «حماس» في مواجهة قد تندلع بين إيران وإسرائيل.
وأكد المصدر أن الحركة تركز الآن على دعم وإنجاح المسيرات السلمية على حدود قطاع غزة، وتستعد لمسيرة منتصف مايو (أيار) المقبل الذي يصادف ذكرى النكبة الفلسطينية.
وبحسب المصدر، يجري التركيز الآن على توسيع هذه المسيرات السلمية إلى الضفة الغربية والداخل.
وجاءت هذه التأكيدات فيما تستعد إسرائيل لاحتمال مواجهة مع إيران، بعد قتلها إيرانيين في ضربات على سوريا. ويسود الاعتقاد في إسرائيل بأن إيران قد تلجأ إلى رد مباشر من سوريا؛ لكن استخدامها أذرعاً أخرى في المنطقة، مثل «حزب الله» احتمال وارد.
وهددت إسرائيل بأن أي هجوم من أي جهة سيكون ثمنه باهظا.
ولا تريد «حماس» أن تكون جزءا من هذه المواجهة لعدة أسباب: أولها أنها لا تريد أن تخوض حربا بالوكالة، وثانيها، هو الوضع الراهن في قطاع غزة الذي لا يحتمل مواجهة جديدة في هذه الظروف. لكن الحرب قد تكون خيارا ممكنا إذا فرضتها إسرائيل أو وصلت غزة إلى طريق مسدود.
والشهر الماضي، أعلنت «كتائب القسام» الاستنفار. وقال الناطق العسكري باسمها، أبو عبيدة، في تصريحٍ مقتضب، إن الكتائب رفعت درجة الاستنفار في صفوفها «لحماية شعبنا والرد على أي عدوان إسرائيلي»؛ وذلك نظرا للأحداث التي يشهدها شمال فلسطين المحتلة. وهو التصريح الذي فسر على أنه استعداد حمساوي لمساندة إيران في أي حرب ممكنة.
وعزز هذا التوجه إعلان أكثر من مسؤول في «حماس»، من بينهم زعيم الحركة في قطاع غزة يحيى السنوار، أن أي انفجار قادم سيكون في وجه إسرائيل.
وقال السنوار في خضم مسيرات العودة على الحدود: «غزة لن تجوع، ولن تتخلى عن المشروع الوطني، وإذا انفجرنا فسوف ننفجر في وجه الاحتلال الإسرائيلي». لكن المصادر نفت ذلك، وقالت إن القسام أرادت إرسال رسائل تحذيرية لإسرائيل، بألا تحول المواجهة إلى قطاع غزة «أي ألا تهرب من الشمال لمواجهة في القطاع».
وأضافت: «(القسام) أرادت القول إن أي مغامرة في غزة سيكون لها ثمن كبير. هذه هي الرسالة».
أما عن رسالة السنوار، فأوضحت المصادر أنها كانت رسالة داخلية، مفادها: «لن ننفجر في وجه السلطة، ولن نخرب المصالحة».
وتابعت: «السنوار أراد إرسال رسالة أخرى، بأن الضغط المتصاعد ضد غزة قد يولد انفجارا؛ لكن لا نية للمواجهة في هذه المرحلة».
ويمكن فهم هذه التوجه من تصريحات أخرى للقيادي في الحركة محمود الزهار، الذي هدد بضرب المستوطنات الإسرائيلية إذا ضربت إسرائيل عمق غزة، قائلا: «الرسالة واضحة، العين بالعين، إذا ضرب العمق سنضرب عمق المستوطنات». وأضاف: «خرجنا من دون سلاح ولدينا سلاح، وخرجنا من دون صواريخ ولدينا صواريخ، لنقول إن أرضنا لا نتنازل عنها».
وقالت مصادر مطلعة في القطاع: «الحركة لا تريد مواجهة، ولن تسمح لأحد بافتعال هذه المواجهة لا داخليا ولا خارجيا».
وحسم رئيس المكتب السياسي لـ«حماس»، إسماعيل هنية، الجدل أمس، بقوله: «إن مسيرة العودة وكسر الحصار هي أحد أهم أشكال النضال الشعبي، وأنها ماضية بعزم لا تعرف التردد ولا تقبل المساومة».



دعوات حكومية ودولية لتكثيف الاستجابة الإنسانية في اليمن

زيادة كبيرة في حجم احتياجات الاستجابة الإنسانية في اليمن يقابلها نقص في التمويل (الأمم المتحدة)
زيادة كبيرة في حجم احتياجات الاستجابة الإنسانية في اليمن يقابلها نقص في التمويل (الأمم المتحدة)
TT

دعوات حكومية ودولية لتكثيف الاستجابة الإنسانية في اليمن

زيادة كبيرة في حجم احتياجات الاستجابة الإنسانية في اليمن يقابلها نقص في التمويل (الأمم المتحدة)
زيادة كبيرة في حجم احتياجات الاستجابة الإنسانية في اليمن يقابلها نقص في التمويل (الأمم المتحدة)

مع توجّه الحكومة اليمنية بطلب إلى الأمم المتحدة لعقد مؤتمر للمانحين لجهة دعم خطة الاستجابة الإنسانية في البلاد، بعد تزايد الاحتياجات الإنسانية الملحَّة، جددت منظمات دولية وأممية الدعوة إلى زيادة التمويل والتعاون الأكبر بين الجهات الفاعلة الوطنية والدولية لتقديم المساعدات الأساسية.

وفي حين تواصل الجماعة الحوثية إعاقة جهود الإغاثة في البلاد، ذكر الإعلام الرسمي أن سفير اليمن لدى الأمم المتحدة، عبد الله السعدي، أكد على ضرورة أن تظل الأزمة الإنسانية في اليمن على رأس أولويات الأمم المتحدة والمجتمع الدولي للحد من المعاناة المتزايدة، داعياً إلى تكثيف الجهود للإفراج الفوري وغير المشروط عن جميع المختطَفين والمعتقَلين، ومحاسبة المسؤولين عن مختلف الانتهاكات، في إشارة إلى الجماعة الحوثية.

وفي بيان اليمن أمام الجمعية العامة للأمم المتحدة، خلال الجلسة الخاصة بتعزيز تنسيق المساعدات الإنسانية والإغاثية، حذَّر السعدي المجتمع الدولي من خطورة تجاهل الانتهاكات التي ترتكبها الجماعة الحوثية لخدمة أجندتها السياسية، بما في ذلك استخدام المساعدات الإنسانية لخدمة أهدافها العسكرية وتحويل المناطق الخاضعة لسيطرتها إلى سجون لمن يعارضونها.

أكثر من 19 مليون يمني بحاجة إلى المساعدات خلال العام المقبل حسب تقديرات أممية (الأمم المتحدة)

وأعاد البيان اليمني التذكير بأهمية نقل مقرات الوكالات الأممية والمنظمات الدولية إلى العاصمة المؤقتة عدن لضمان سلامة العاملين في المجال الإنساني، وتوفير بيئة آمنة للعمل بعيداً عن التدخلات؛ ما يساهم في تحسين القدرة على إيصال المساعدات إلى الفئات المحتاجة في مختلف المناطق. وتتهم الحكومة اليمنية وأوساط إغاثية وحقوقية محلية وأممية ودولية الجماعة الحوثية بالاستمرار في اختطاف العاملين بالمجال الإغاثي، وتبني حملات إعلامية مسيئة للعمل الإنساني، ورفض الاستجابة لطلبات عائلات المختطفين بالسماح بزيارتهم والاطمئنان على صحتهم الجسدية والنفسية، وتقديم الرعاية لهم.

سوء التنظيم والتخطيط

وجدَّدت الحكومة اليمنية التذكير بالأضرار الكبيرة التي تسببت بها الفيضانات والسيول التي ضربت عدة مناطق يمنية هذا العام، إلى جانب مختلف التطرفات المناخية التي ضاعفت من الآثار الناجمة عن الحرب في مفاقمة الأوضاع الإنسانية والاقتصادية؛ ما زاد من أهمية وضرورة تكثيف دعم المجتمع الدولي لليمن في مواجهة هذه التحديات.

جهات دولية تتهم الجماعة الحوثية بإعاقة أعمال الإغاثة بعد اختطاف موظفي المنظمات (رويترز)

ولا يتوقع جمال بلفقيه رئيس اللجنة العليا للإغاثة في الحكومة اليمنية أن يكون الدعم كبيراً أو كافياً لمواجهة مختلف المتطلبات والاحتياجات، مشيراً إلى أن عملية حشد الأموال لا بد أن تقترن بكيفية تنظيم إدارة العمل الإنساني والإغاثي، وخلق شراكة حقيقية بين الحكومة اليمنية والقطاع الخاص، والمنظمات المحلية والجهات الإغاثية الحالية، لإيصال المساعدات.

وفي حديثه لـ«الشرق الأوسط»، يصف بلفقيه الأزمة الإنسانية في بلاده بالأشد قسوة؛ ما يجعل من غير الممكن على اليمنيين الصمود أمام متطلبات معيشتهم، في ظل استمرارها وتصاعدها، منوهاً بأن حجم الأموال التي يمكن الحصول عليها ليس مهماً إذا لم يتم تنظيم عمليات الإغاثة للوصول بكفاءة إلى كل المستحقين.

وانتقد بلفقيه، وهو أيضاً مستشار وزير الإدارة المحلية، التوجهات الأممية الموسمية لزيادة التمويل، عند نهاية عام وبداية عام جديد، مع غياب التخطيط والتنظيم الفاعلين، وعدم مراعاة الاحتياجات المحلية للمتضررين من الأزمة الإنسانية في كل محافظة.

فيضانات الصيف الماضي في اليمن فاقمت من الأزمة الإنسانية وزادت من احتياجات الإغاثة (الأمم المتحدة)

من جهتها، أكدت منظمة «هيومن رايتس ووتش» أن اليمن أصبح يعيش «واحدة من أكبر الأزمات الإنسانية في العالم»، وفقاً لبيانات الأمم المتحدة؛ ما يزيد من احتياجات التمويل والتعاون الأكبر بين الجهات الفاعلة الوطنية والدولية لتقديم المساعدات الأساسية، بما فيها الغذاء والمياه والإمدادات الطبية.

واتهمت المنظمة، في بيان حديث لها، الجماعة الحوثية، باحتجاز وإخفاء 17 شخصاً على الأقل من موظفي الأمم المتحدة، بالإضافة إلى عشرات الموظفين من المنظمات غير الحكومية ومنظمات المجتمع المدني والشركات الخاصة، ومواصلة احتجازهم دون تهم.

إيقاف التمويل

نقلت «هيومن رايتس ووتش» عن الأمم المتحدة، أن 24.1 مليون يمني، أي ما يساوي 80 في المائة من السكان، بحاجة إلى المساعدات الإنسانية والحماية».

ونبهت المنظمة الدولية إلى أن الحكومة السويدية أقرَّت، أواخر الشهر الماضي، «الإنهاء التدريجي» لمساعداتها الإنمائية لليمن، على خلفية الإجراءات التدميرية المتزايدة للجماعة الحوثية في الأجزاء الشمالية من اليمن، ومنها اختطاف موظفي الأمم المتحدة.

كما دعت الأمم المتحدة والمجتمع الدولي تصعيد مطالبة الحوثيين بالإفراج عن المعتقلين، وتنسيق جهودهما بشكل أفضل في هذا الهدف المشترك. وقالت: «يجب أن تضاعف وكالات الأمم المتحدة الجهود لحماية ودعم موظفيها المتبقين في اليمن».

رغم تراجع تمويل الإغاثة في اليمن لا تزال وكالات أممية تقدم مساعدات للنازحين والمحتاجين (الأمم المتحدة)

ويتفق الباحث الاقتصادي، عادل السامعي، مع مسؤول الإغاثة اليمني، بلفقيه، حول سوء إدارة أموال الإغاثة في اليمن، وتسبب ذلك في حلول جزئية ومؤقتة للأزمة الإنسانية في البلاد. ويوضح السامعي لـ«الشرق الأوسط» أن هناك تراجعاً ملحوظاً في تمويل خطة الاستجابة الإنسانية في اليمن بسبب «الفساد» الذي أضر بالعملية الإغاثية وتجيير كثير من أوجه الدعم والمساعدات لصالح الجماعة الحوثية.

ويلفت إلى أن هناك تراكماً للفجوات بين الاحتياجات التي تفرضها الأزمة الإنسانية في اليمن والتمويل الموجَّه لها؛ فبعد أن كانت متطلبات الاستجابة الإنسانية خلال الـ12 عاماً الماضية تزيد على 33 مليار دولار، جرى تحصيل أقل من 20 مليار دولار فقط.

وخلال الأسبوع الماضي، كشفت الأمم المتحدة عن حاجتها إلى 2.5 مليار دولار لدعم خطة الاستجابة الإنسانية في اليمن خلال العام المقبل (2025).

بسبب اختطاف الجماعة الحوثية موظفي الإغاثة في اليمن تراجعت عدد من الدول عن تمويل الاستجابة الإنسانية (أ.ف.ب)

وحذَّر «مكتب الأمم المتحدة لتنسيق الشؤون الإنسانية (أوتشا)»، في بيان له، من أن الظروف المعيشية لمعظم اليمنيين ستظل مزرية في عام 2025. ومن المتوقَّع أن تؤدي فرص كسب العيش المحدودة وانخفاض القدرة الشرائية إلى تعميق عدم الاستقرار الاجتماعي والاقتصادي.

ووفقاً للمكتب الأممي، فإن 19.54 مليون شخص في اليمن بحاجة إلى المساعدة خلال العام المقبل، من بينهم 17 مليون شخص (49 في المائة من السكان) سيواجهون انعدام الأمن الغذائي الشديد، مع معاناة 5 ملايين شخص من ظروف «الطوارئ». بينما يؤثر سوء التغذية الحاد على نحو 3.5 مليون شخص، بمن في ذلك أكثر من 500 ألف شخص يعانون من سوء التغذية الحاد الشديد.