مفوضية الانتخابات في العراق تقطع الطريق أمام العودة للعد اليدوي

أجرت تجربة أكدت تطابقه مع البديل الإلكتروني

TT

مفوضية الانتخابات في العراق تقطع الطريق أمام العودة للعد اليدوي

قطعت المفوضية العليا المستقلة للانتخابات في العراق الطريق أمام مساعي العودة إلى العد والفرز اليدوي الذي ميز الانتخابات العراقية في دوراتها الثلاث الماضية (2006 و201 و2014) التي شهدت عمليات تزوير واسعة باعتراف الجميع.
وكانت انطلقت خلال الأيام الماضية دعوات تشكك في أجهزة العد والفرز الإلكتروني عن طريق الوسط الناقل عبر القمر الصناعي الذي ينقل النتائج إلى مقر الشركة في دولة الإمارات العربية المتحدة. وكان من بين أبرز المشككين نائبا رئيس الجمهورية نوري المالكي (زعيم ائتلاف دولة القانون) وإياد علاوي زعيم ائتلاف الوطنية.
المفوضية العليا المستقلة للانتخابات أعلنت في بيان لها أمس تطابق نتائج العد والفرز الإلكتروني بنسبة مائة في المائة. وقال البيان الذي تلقت «الشرق الأوسط» نسخة منه إنه «تم فحص جميع أجهزة العد والفرز الإلكتروني بواقع (60) ألف جهاز من الناحية اللوجستية وفي كل أنحاء العراق وتم تجهيز مكاتب المحافظات جميعاً للعمل في يوم الاقتراع»، مبينة أن «المفوضية عملت على إجراء محاكاة لغرض فحص عمل البرنامج الخاص بتلك الأجهزة، وتم ذلك من خلال إجراء عمليتين للمحاكاة استخدمت فيها (1000) محطة على مستوى محطة واحدة لكل مركز تسجيل وفي جميع المحافظات العراقية حيث كانت محاكاة حقيقية استخدمت فيها أجهزة تحقق إلكترونية وبطاقات ناخب إلكترونية حقيقية لأغراض التدريب وأوراق اقتراع حقيقية كنموذج تدريبي معدة لأغراض التدريب فضلاً عن أجهزة العد والفرز الإلكترونية على مستوى المحطة».
ولفت البيان إلى أن «عملية التصويت تمت بشكل سلس وبوجود خبراء ومراقبة فريق الأمم المتحدة وعند الانتهاء من عملية الاقتراع أنجزت العملية بالكامل وتم إعطاء تقرير ورقي من قبل الجهاز بنتائج التصويت». وأوضح البيان أنه «ومن أجل الاطمئنان بشكل أكبر فقد تم الإيعاز إلى الموظفين المختصين بإجراء عملية عد وفرز يدوي للمقارنة في النتائج وتمت عملية العد والفرز اليدوي وجاءت النتائج مطابقة 100 في المائة لنتائج العد والفرز الإلكتروني وهذا يدل على كفاءة عمل الأجهزة من كل النواحي الفنية واللوجستية والإلكترونية».
وفي هذا السياق أكد تحالف القرار العراقي الذي يتزعمه أسامة النجيفي تأييده الكامل لعملية العد والفرز الإلكتروني. وقال الدكتور ظافر العاني الناطق الرسمي باسم التحالف والمرشح عنه على محافظة بغداد في تصريح لـ«الشرق الأوسط» إن «تحالف القرار كان رأيه منذ البداية بأهمية اعتماد التقنية الحديثة في الانتخابات من خلال العد والفرز الإلكتروني لأنه يقطع الطريق من الناحية العملية أمام محاولات التزوير التي اعتادت على إتباعها كيانات وكتل بسبب قدرتها على التزوير». وأضاف العاني أن «تحالفنا يؤيد ذلك وبقوة وكنا قد طالبنا بعدم العودة إلى ذلك الأسلوب الذي كنا قد دفعنا ثمن سيطرة قوى وأحزاب على مقاليد الأمور بحيث أدى إلى حصول خلل في المقاعد والأوزان»، مبينا أن «العملية يجب أن تتم طبقا لما تم الاتفاق عليه وسوف نراقب عملية العد والفرز الإلكتروني من خلال مراقبينا وفي حال وجدنا أي خلل سوف لن نسكت».
من جانبه أكد الدكتور قحطان الجبوري، الناطق الرسمي باسم تحالف «سائرون» المدعوم من قبل زعيم التيار الصدري مقتدى الصدر، في تصريح لـ«الشرق الأوسط» أن «تحالف سائرون يؤيد وبقوة إجراءات المفوضية العليا المستقلة لإجراء عملية العد والفرز الإلكتروني بوصفه الضمانة الوحيدة على نزاهة الانتخابات». وأضاف الجبوري أن «محاولات التشكيك بالعد والفرز الإلكتروني والعودة إلى العد والفرز اليدوي تطالب بها جهات أدركت أنها لم تعد قادرة على المنافسة بالأساليب السليمة، ومنها استخدام التقنية الحديثة، وأن الطريق الوحيد الذي يتيح لها إمكانية الحصول على أصوات أكثر هو اعتماد الطريقة القديمة التي طالما صبت في صالح طرف معين لكن تضررت منها الأطراف الأخرى والعملية السياسية بكاملها، وذلك بعدم التعامل وفق السياق الطبيعي الذي من شأنه أن يجعل كل كيان أو حزب يحصل على وزنه الحقيقي عبر التنافس الشريف»، مبينا أن «المطلوب من كل الكتل السياسية دعم إجراءات المفوضية وعدم التدخل في شؤونها الخاصة».
في السياق نفسه أكدت الجبهة التركمانية تأييدها لإجراءات المفوضية باستخدام طريقة العد والفرز الإلكتروني. وقال حسن توران، النائب في البرلمان العراقي ونائب رئيس الجبهة، إن «قانون الانتخابات الذي صوت عليه البرلمان العراقي يلزم المفوضية باعتماد العد والفرز الإلكتروني» مبينا: «إننا نؤيد إجراءات المفوضية لأنها تعمل وفقا للقانون».



اللاجئون الفلسطينيون يعودون إلى مخيم «اليرموك» في سوريا

اللاجئ الفلسطيني خالد خليفة يدعو لابنه المدفون في مقبرة مخيم اليرموك المدمرة (أ.ف.ب)
اللاجئ الفلسطيني خالد خليفة يدعو لابنه المدفون في مقبرة مخيم اليرموك المدمرة (أ.ف.ب)
TT

اللاجئون الفلسطينيون يعودون إلى مخيم «اليرموك» في سوريا

اللاجئ الفلسطيني خالد خليفة يدعو لابنه المدفون في مقبرة مخيم اليرموك المدمرة (أ.ف.ب)
اللاجئ الفلسطيني خالد خليفة يدعو لابنه المدفون في مقبرة مخيم اليرموك المدمرة (أ.ف.ب)

كان مخيم اليرموك للاجئين في سوريا، الذي يقع خارج دمشق، يُعدّ عاصمة الشتات الفلسطيني قبل أن تؤدي الحرب إلى تقليصه لمجموعة من المباني المدمرة.

سيطر على المخيم، وفقاً لوكالة «أسوشييتد برس»، مجموعة من الجماعات المسلحة ثم تعرض للقصف من الجو، وأصبح خالياً تقريباً منذ عام 2018، والمباني التي لم تدمرها القنابل هدمت أو نهبها اللصوص.

رويداً رويداً، بدأ سكان المخيم في العودة إليه، وبعد سقوط الرئيس السوري السابق بشار الأسد في 8 ديسمبر (كانون الأول)، يأمل الكثيرون في أن يتمكنوا من العودة.

في الوقت نفسه، لا يزال اللاجئون الفلسطينيون في سوريا، الذين يبلغ عددهم نحو 450 ألف شخص، غير متأكدين من وضعهم في النظام الجديد.

أطفال يلعبون أمام منازل مدمرة بمخيم اليرموك للاجئين في سوريا (أ.ف.ب)

وتساءل السفير الفلسطيني لدى سوريا، سمير الرفاعي: «كيف ستتعامل القيادة السورية الجديدة مع القضية الفلسطينية؟»، وتابع: «ليس لدينا أي فكرة لأننا لم نتواصل مع بعضنا بعضاً حتى الآن».

بعد أيام من انهيار حكومة الأسد، مشت النساء في مجموعات عبر شوارع اليرموك، بينما كان الأطفال يلعبون بين الأنقاض. مرت الدراجات النارية والدراجات الهوائية والسيارات أحياناً بين المباني المدمرة. في إحدى المناطق الأقل تضرراً، كان سوق الفواكه والخضراوات يعمل بكثافة.

عاد بعض الأشخاص لأول مرة منذ سنوات للتحقق من منازلهم. آخرون كانوا قد عادوا سابقاً ولكنهم يفكرون الآن فقط في إعادة البناء والعودة بشكل دائم.

غادر أحمد الحسين المخيم في عام 2011، بعد فترة وجيزة من بداية الانتفاضة ضد الحكومة التي تحولت إلى حرب أهلية، وقبل بضعة أشهر، عاد للإقامة مع أقاربه في جزء غير مدمر من المخيم بسبب ارتفاع الإيجارات في أماكن أخرى، والآن يأمل في إعادة بناء منزله.

هيكل إحدى ألعاب الملاهي في مخيم اليرموك بسوريا (أ.ف.ب)

قال الحسين: «تحت حكم الأسد، لم يكن من السهل الحصول على إذن من الأجهزة الأمنية لدخول المخيم. كان عليك الجلوس على طاولة والإجابة عن أسئلة مثل: مَن هي والدتك؟ مَن هو والدك؟ مَن في عائلتك تم اعتقاله؟ عشرون ألف سؤال للحصول على الموافقة».

وأشار إلى إن الناس الذين كانوا مترددين يرغبون في العودة الآن، ومن بينهم ابنه الذي هرب إلى ألمانيا.

جاءت تغريد حلاوي مع امرأتين أخريين، يوم الخميس، للتحقق من منازلهن. وتحدثن بحسرة عن الأيام التي كانت فيها شوارع المخيم تعج بالحياة حتى الساعة الثالثة أو الرابعة صباحاً.

قالت تغريد: «أشعر بأن فلسطين هنا، حتى لو كنت بعيدة عنها»، مضيفة: «حتى مع كل هذا الدمار، أشعر وكأنها الجنة. آمل أن يعود الجميع، جميع الذين غادروا البلاد أو يعيشون في مناطق أخرى».

بني مخيم اليرموك في عام 1957 للاجئين الفلسطينيين، لكنه تطور ليصبح ضاحية نابضة بالحياة حيث استقر العديد من السوريين من الطبقة العاملة به. قبل الحرب، كان يعيش فيه نحو 1.2 مليون شخص، بما في ذلك 160 ألف فلسطيني، وفقاً لوكالة الأمم المتحدة للاجئين الفلسطينيين (الأونروا). اليوم، يضم المخيم نحو 8 آلاف لاجئ فلسطيني ممن بقوا أو عادوا.

لا يحصل اللاجئون الفلسطينيون في سوريا على الجنسية، للحفاظ على حقهم في العودة إلى مدنهم وقراهم التي أُجبروا على مغادرتها في فلسطين عام 1948.

لكن، على عكس لبنان المجاورة، حيث يُمنع الفلسطينيون من التملك أو العمل في العديد من المهن، كان للفلسطينيين في سوريا تاريخياً جميع حقوق المواطنين باستثناء حق التصويت والترشح للمناصب.

في الوقت نفسه، كانت للفصائل الفلسطينية علاقة معقدة مع السلطات السورية. كان الرئيس السوري الأسبق حافظ الأسد وزعيم «منظمة التحرير الفلسطينية»، ياسر عرفات، خصمين. وسُجن العديد من الفلسطينيين بسبب انتمائهم لحركة «فتح» التابعة لعرفات.

قال محمود دخنوس، معلم متقاعد عاد إلى «اليرموك» للتحقق من منزله، إنه كان يُستدعى كثيراً للاستجواب من قبل أجهزة الاستخبارات السورية.

وأضاف متحدثاً عن عائلة الأسد: «على الرغم من ادعاءاتهم بأنهم مع (المقاومة) الفلسطينية، في الإعلام كانوا كذلك، لكن على الأرض كانت الحقيقة شيئاً آخر».

وبالنسبة لحكام البلاد الجدد، قال: «نحتاج إلى مزيد من الوقت للحكم على موقفهم تجاه الفلسطينيين في سوريا. لكن العلامات حتى الآن خلال هذا الأسبوع، المواقف والمقترحات التي يتم طرحها من قبل الحكومة الجديدة جيدة للشعب والمواطنين».

حاولت الفصائل الفلسطينية في اليرموك البقاء محايدة عندما اندلع الصراع في سوريا، ولكن بحلول أواخر 2012، انجر المخيم إلى الصراع ووقفت فصائل مختلفة على جوانب متعارضة.

عرفات في حديث مع حافظ الأسد خلال احتفالات ذكرى الثورة الليبية في طرابلس عام 1989 (أ.ف.ب)

منذ سقوط الأسد، كانت الفصائل تسعى لتوطيد علاقتها مع الحكومة الجديدة. قالت مجموعة من الفصائل الفلسطينية، في بيان يوم الأربعاء، إنها شكلت هيئة برئاسة السفير الفلسطيني لإدارة العلاقات مع السلطات الجديدة في سوريا.

ولم تعلق القيادة الجديدة، التي ترأسها «هيئة تحرير الشام»، رسمياً على وضع اللاجئين الفلسطينيين.

قدمت الحكومة السورية المؤقتة، الجمعة، شكوى إلى مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة تدين دخول القوات الإسرائيلية للأراضي السورية في مرتفعات الجولان وقصفها لعدة مناطق في سوريا.

لكن زعيم «هيئة تحرير الشام»، أحمد الشرع، المعروف سابقاً باسم «أبو محمد الجولاني»، قال إن الإدارة الجديدة لا تسعى إلى صراع مع إسرائيل.

وقال الرفاعي إن قوات الأمن الحكومية الجديدة دخلت مكاتب ثلاث فصائل فلسطينية وأزالت الأسلحة الموجودة هناك، لكن لم يتضح ما إذا كان هناك قرار رسمي لنزع سلاح الجماعات الفلسطينية.